انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا، مقاطع فيديو يعرض فيها مقدّم برامج مكسيكي ومهتم بمجال الأجسام الطائرة مجهولة الهوية، يُدعى خايمي ماوسان، أمام برلمان بلاده مجسّمين قال إنّهما لبقايا مومياوين فضائيين عُثر عليهما في صحراء نازكا في البيرو عام 2017، وأن عمرهما نحو ألف عام، مستندًا إلى نتائج اختبار تأريخ بالكربون، قال إن باحثين أجروه من الجامعة الوطنية المستقلة في ميكسيكو. فما أصل وما حقيقة هذه الادعاءات؟
مزاعم بالعثور على بقايا مومياوات فضائية في صحراء البيرو
في عام 2017، نشرت شركة أميركية متخصصة في إنتاج الأفلام الوثائقية، مقطع فيديو ظهر فيه أشخاص قالت إنهم باحثون، إلى جانب الصحافي المكسيكي، خايمي ماوسان، قالوا إنهم قد عثروا على مومياوات فضائيين ممدودي الجمجمة وشبيهين بالبشر في صحراء نازكا في البيرو.
وذكر التقرير خصائص من بينها أن المومياوات مغطّاة بمسحوق أبيض اللون يمنع الجثة من التعفن ويسمح بتحنيطها، بالإضافة إلى عدم امتلاكها أذنين، وامتلاكها ثلاثة أصابع طويلة في اليد الواحدة.
وزارة الثقافة البيروفية تشكك في مزاعم العثور على مومياوات فضائية في صحراء نازكا
وقالت حينها مسؤولة المديرية العامة للدفاع عن التراث في وزارة الثقافة البيروفية، بلانكا ألفا، إن نتائج فحص المومياوات، رجّحت ألاّ تكون سابقة للعصر الإسباني (أي أنها ليست أقدم من القرن السادس عشر)، وأنّها نتاج أزمنة حديثة، كما رجّحت ألاّ تكون تراثًا أثريًا.
ونشر خلال الفترة ذاتها مكتب الاتصال والصورة المؤسساتية، التابع لوزارة الثقافة البيروفية، العديد من الوثائق التي تُفصّل نتائج البحث، الذي أجرته الوزارة لكشف حقيقة القطع المحنّطة المزعومة.
وجاء في الوثائق أن عمل الخبراء المسؤولين عن مراقبة المواقع الأثرية في نازكا وبالبا، قد خلُص إلى عدم إمكانية تحديد الطبيعة الأثرية أو غير الأثرية للموقع (بين محافظتي نازكا وبالبا) لأن الموقع الدقيق غير معروف.
كما لم يتمكّن الفريق من تحديد ما إذا كانت العيّنات أو الآثار الظاهرة في مقاطع الفيديو تمثّل دليلاً على وجود مخلوقات فضائية أو أنها ترتبط بدليل ذي طبيعة أثرية. وتلقت الوزارة في السياق ذاته بلاغًا تحذيريًا من أنّ الأشخاص الذين عثروا على المومياوات يستخدمون أسماء "زائفة أو مستعارة".
وقالت الوزارة حينها إن الحفريات المزعومة التي أجراها هؤلاء الباحثون محلُّ تحقيق من قبلها بشبهة ارتكاب "جريمة التعدي على معالم أثرية".
مزاعم العثور على مومياوات فضائية تُعرض أمام برلمان البيرو
وفي عام 2018، قدم فريق من الباحثين نتائج تحليل أجروه على مومياوات عُثر عليها في صحراء نازكا في بيرو. وأعلن هؤلاء الباحثون أنّ المومياوات ليست بشرية وأن أصلها من خارج كوكب الأرض. رغم أنّ تحليلًا أجري خلال الفترة ذاتها، نفى صحة تلك المزاعم.
ومرة أخرى كان الصحافي المكسيكي، خايمي ماوسان، وشركة غايا لإنتاج الأفلام الوثائقية من ضمن المروجين لتلك الادعاءات. وعرضت تلك المزاعم على البرلمان البيروفي بدعوة من نائب كان يعتزم إدخال تعديلات على القانون، على نحو يقنّن إجراء وتمويل البحوث حول المومياوات الفضائية المفترضة.
بقايا فضائيين أم بقايا معدّلة؟
وبالإضافة إلى الشكوك التي أثارتها وزارة الثقافة البيروفية عام 2017، حول كون المومياوات بقايا معدّلة، أجرى فريق من الباحثين من معهد الطب الشرعي وعلوم الأدلة الجنائية التابع للوزارة، تحليلًا للمومياوات الفضائية الغامضة التي عثر عليها داخل قبر قرب خطوط نازكا، خلال عام 2017.
وجاءت النتائج بعيدة عما قيل سابقًا في البرلمان، إذ أكّد المختصُّون أن المومياء شُكّلت انطلاقًا من جمجمة كلب، نُحتت كي تظهر بالشكل الكلاسيكي للمخلوقات الفضائية. وقال أحد الباحثين "المادة الأأمن التي يرجّح أن المومياء صُنعت منها هي فصيلة الكلبيات لكي ينحتوا هذا الرأس الممدود، كان عليهم إزالة الأنف والأسنان. ووضع جلد مزيف عليها".
وشرح الباحث أيضًا أن الشكل البشري المزعوم ليس لديه مثبّت، لأن العظام قُصّت ووضعت لتُشكّل الجسد، وأنّها دون مفاصل، وأن أصابع الأيدي الثلاثة، تعود لبشر أطفال وبالغين. قال أحد الباحثين “ليست هناك مفاصل ولا شيء يوحد الأجزاء. إنها مكشوفة على نحو فج".
ورجّح تقرير صدر في وقت سابقٍ أن تكون تلك المومياوات “نتيجة لنهب أجزاء من مومياوات بشرية والتلاعب بها، كما نقل عن أستاذ الأنتروبولوجيا في جامعة ويسترن أونتاريو الكندية قوله إنّ هدف طلائها بالأبيض هو تغطية آثار التلاعب.
وذكر أن باحثين آخرين يعتقدون أن أجزاء حقيقية من مومياوات بشرية استخدمت لتشكيل هذه المومياوات الزائفة، وأن أزيد من عشر باحثين بيروفيين، أصدروا بيانًا يستنكر تلك الممارسات التي "انتهكت العديد من المعايير الوطنية والدولية."
عصابات نهب الآثار في البيرو
وقال التقرير إن الصحفي المكسيكي كشف في وقت سابق عن تعاون بين الباحثين الذين زعموا اكتشاف مومياءات فضائية وبين ماريو، زعيم عصابة لنهب الآثار. وبحسب ماوسان فإن الباحثين دفعوا مبالغ للعصابة كي يتمكّنوا من معاينة المومياوات وأخذ عينات منها وتصويرها بالأشعة السينية والمقطعية.
وأضاف التقرير أن تاريخ اكتشاف تلك المومياوات يعود إلى عام 2015، على يد لصوص القبور الناشطين في منطقة نازكا، وتحديدًا جماعة صيّادي الكنوز الأثرية في مدينة بالبا.
جامعة ميكسيكو الوطنية المستقلة تتبرّأ من مزاعم ماوسان
عقب عرض ماوسان أمام البرلمان المكسيكي في 12 سبتمبر/أيلول الجاري، أصدر معهد الفيزياء في جامعة ميكسيكو الوطنية المستقلة بيانًا أوضح فيه أنّ باحثيه لم يعاينوا إطلاقًا المومياوات بأنفسهم وأنّهم اكتفوا بإجراء اختبار تأريخ بالكربون عام 2017، على عينات أرسلها أحد الزبائن. وأخلى مختبر الجامعة الذي أجرى الاختبار ذمته من أيِّ استخدام أو تأويل أو إساءة تأويل للنتائج التي قدّمها. وقال إنّه لا يقدّم أيّ استنتاجات بخصوص أصل تلك العيّنات.
من هو الباحث المسؤول عن مجموعة مكتشفي المومياوات الفضائية المزعومة؟
يدعى كونستنتين كوروتكوف، ويزعم أن للمومياوات 23 زوجًا من الصبغيات مثل البشر، لكن خصائصها التشريحية لا تُشبه خصائص البشر، مرجّحًا أن تكون من خارج الأرض أو أن تكون روبوتات بيولوجية. كما زعم أن التأريخ بالكربون 14 المشع، أظهر أنّها تعود إلى 1700 عام مضت، أي إلى عصور ازدهار حضارو نازكا.
وقُدّم كوروتكوف على أنّه باحث في جامعة سان بطرسبورغ في روسيا، غير أن موقع الجامعة لا يأتي على ذكره إطلاقًا. وقدّمته بعض وسائل الإعلام على أنّه باحث في الجامعة الوطنية للأبحاث في سان بطرسبورغ، قبل أن يتبيّن أن الجامعة غير موجودة أساسًا.
ويملك كوروتكوف موقعًا شخصيًا يبيع منتجات يزعم أن بوسعها رصد "النور البشري". لكن الموقع لا يذكر أيَّ شيء عن كون مالكه أستاذًا في جامعة سان بطرسبورغ في روسيا أو الجامعة الوطنية للأبحاث في سان بطرسبورغ.
اقرأ/ي أيضًا
هل يوجد تنسيق دولي في البحث عن مخلوقات فضائية؟