تحدث وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، في مقابلة له مع قناة روسيا اليوم، عن أسباب رفض استقبال تونس لوفد من لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، الذي كان من المقرر أن يصل تونس يوم 14 سبتمبر/أيلول الفائت.
وقال الوزير التونسي في المقابلة، التي بثت يوم 27 سبتمبر الفائت، خلال زيارة أجراها إلى موسكو، حينها، إنّه لم يكن هناك اتفاق بين تونس والوفد، حول الأعضاء الذين كان من المفترض أن يزوروا تونس، "لأن كل واحد منهم مشكوك فيه" وفق نبيل عمار.
وأوضح عمار "لدينا احترازات عليهم" مشيرًا إلى أنّ الوفد "قرر توقيت زيارته إلى تونس وعَقد لقاءات في البلاد دون أن يطلبوا لقاءً مع وزير الخارجية، رغم أنهم أعضاء لجنة الشؤون الخارجية".
وأكد الوزير التونسي أنّ أعضاء الوفد ربما يعرفونه منذ كان سفيرًا لذلك لم يتواصلوا معه، مضيفًا أنّه يعرفهم أيضًا ويعرف أنّ "أغراضهم غير بناءة".
كما أكد الوزير أنّه "تم إعلام الوفد بذلك قبل الرفض، لكنهم مهتمون بإثارة الجدل حول الأمر". وزاد "نحن رفضنا دخول هؤلاء الأعضاء ولم نرفض الحديث مع البرلمان الأوروبي".
تونس تعلن رفض زيارة وفد أوروبي إلى البلاد
أعلنت تونس رفضها زيارة وفد من البرلمان الأوروبي، مُكون من خمسة أعضاء، بقيادة النائب الألماني عن حزب الشعب الأوروبي والمقرر الدائم لشؤون تونس في لجنة الشؤون الخارجية، مايكل غاهلر، إلى جانب ديتمار كوستر وسليمة ينبع ومنير ستوري وإيمانويل موريل.
وجاء في الرسالة التي بعثت بها تونس للبرلمان الأوروبي أنّه "لن يُسمح لهذا الوفد بدخول الأراضي الوطنية".
واستنكر الوفد الأوروبي، "الإعلان الرسمي من السلطات التونسية برفض منح إذن زيارة الوفد التابع للجنة الخارجية للبرلمان الأوروبي".
وقال أعضاء الوفد في بيان، نُشر يوم 14 سبتمبر الفائت، "نحن متفاجئون بشدة من هذا القرار، بعد الزيارات العديدة التي تمت خلال الأشهر الأخيرة والتي سمحت بإقامة حوار صريح ومفتوح بين جميع المؤسسات الأوروبية والتونسية، بالإضافة إلى ممثلي المجتمع المدني".
هل كانت وزارة الخارجية خارج جدول لقاءات الوفد الأوروبي في تونس؟
عطفًا على تصريح وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، تواصل مسبار مع النائبة سليمة ينبع (عضوة في الوفد) للاستفسار حول الأطراف التي كان من المفترض أن يلتقي بها الوفد الأوروبي في تونس وما إذا كانت وزارة الخارجية التونسية غير مبرمجة ضمن اللقاءات.
وقالت في إجابتها “أردنا أن نلتقي جميع الأطراف في تونس: منها رئيس الوزراء وحكومته، (دون أن تحدد وزارة الخارجية) مجلس النواب التونسي، مكونات المجتمع المدني، النقابات مثل الاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT)، القطاع الخاص، بالإضافة إلى عائلات السجناء السياسيين”.
وحول ما إذا كان برنامج الزيارة تم من طرف واحد وهو الأوروبي، أكدت ينبع "المناقشات التمهيدية جرت لبعثتنا بنفس الطريقة التي تجرى بها المهام البرلمانية الأوروبية في البلدان غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".
ووفق صحيفة بوليتيكو، فإنّ الوفد طلب الاجتماع بمسؤولين في الحكومة التونسية، قبل الزيارة المقررة للمجموعة، لكن جدول الأعمال الرسمي اعتبارًا من يوم الأربعاء (13 سبتمبر) أظهر فقط التواصل مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وشخصيات من المعارضة.
وفي بيانه الصادر يوم 13 سبتمبر الفائت، الذي أعلن فيه عن الزيارة، أوضح وفد البرلمان الأوروبي، أنّها تهدف إلى دعم حوار وطني شامل بعد الانتخابات الأخيرة وتقييم مذكرة التفاهم بين الاتحاد الأوروبي وتونس الموقعة مؤخرًا، و"لفهم الوضع السياسي الحالي في البلاد بشكل أفضل".
ووفق البيان ذاته، كان من المفترض أن يلتقي الوفد، خلال إقامته في تونس، بمنظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية وقادة المعارضة وممثلي المؤسسات السياسية وكذلك ممثلي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وجاء في البيان أنّ الوفد “طلب مقابلة نظرائه التونسيين”.
احترازات تونس حول نواب الوفد الأوروبي تشمل عضوين فقط؟
خلال حديثه عن الاحترازات من نواب البرلمان الأوروبي ضمن الوفد الذي رفضت تونس زيارته، لم يوضح الوزير التونسي طبيعة هذه الاحترازات.
وبسؤال النائبة في البرلمان الأوروبي سليمة ينبع عن الموضوع، أكدت لمسبار أنّ "البيان الصادر عن السلطات التونسية الذي رفض دخول وفدنا إلى الأراضي التونسية لم يكن أكثر وضوحًا بشأن الاحترازات المطروحة"، وأشارت أنّها لا تملك مزيدًا من المعلومات بشأن هذا الأمر.
لكن وفق صحيفة ليبراسيون الفرنسية، “أوضحت تونس للاتحاد الأوروبي أن اثنين من المسؤولين الخمسة يطرحان مشكلة وهما: الديمقراطي المسيحي الألماني مايكل غاهلر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية، والنائب عن حزب الخضر منير ستوري”، اللذين أدانا، وفق الموقع "الحكم الاستبدادي لقيس سعيد" و"العودة بتونس إلى الوضع الذي كان سائدًا في عهد بن علي".
وبالبحث عن مواقف أعضاء وفد البرلمان الأوروبي وجد مسبار، أنّ المقرر الدائم المعني بتونس في لجنة الشؤون الخارجية مايكل غاهلر دعا إلى جانب كبار أعضاء البرلمان الأوروبي المهتمين بشؤون تونس، من بينهم المسؤول عن مجموعة دعم الديمقراطية وتنسيق الانتخابات، إيمانويل موريل، إلى الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين. وذلك في بيان نشر في إبريل/نيسان الفائت.
ودعا المسؤولون الأوروبيون السلطات التونسية، حينها، إلى "الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفيًا بسبب ممارستهم لحرية التعبير وتكوين الجمعيات، بما في ذلك المعارضين السياسيين والصحفيين والقضاة والمحامين والمسؤولين النقابيين في الاتحاد العام التونسي للشغل، واحترام حقوقهم وحرياتهم الأساسية".
كما وجد مسبار أنّ أعضاءً من البرلمان الأوروبي من مختلف الأطياف السياسية، من بينهم مايكل غاهلر والنائب عن حزب الخضر منير ستوري، أدانوا في يوليو/تموز الفائت، النهج الحذر الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي تجاه تونس، ودعوا إلى رد فعل أكثر صرامة على تراجع الديمقراطية في البلاد.
وشارك ستوري مواقف معارضة لتوجهات الرئيس التونسي وتعامله مع الملف الحقوقي في البلاد وملف الهجرة. وقال في منشور شاركه في حسابه على موقع إكس إنّ قيس سعيد برفضه دخول الوفد، “يُغلق الباب أمام البرلمان الأوروبي لعزل الديمقراطيين التونسيين”.
وكان ديتمار كوستر (أحد أعضاء الوفد)، من النواب الأوربيين الذين طرحوا سؤالًا حول مذكرة التفاهم بين الاتحاد الأوروبي وتونس، التي تم توقيعها في يوليو 2023، للاستيضاح حول غياب الدعوة للإفراج عن السجناء السياسيين والأساس القانوني والمشروطية الحقوقية له.
اقرأ/ي أيضًا
تصريح سعيّد بأنّ المنظمات الإنسانية لم تتدخل لمساعدة المهاجرين في صفاقس مضلل
مظاهر تحيز الرئيس التونسي في علاقته بمواقع التواصل الاجتماعي