تواجه شبكة سي إن إن الإخبارية اتهامات بتلفيق تقاريرها الحربية القادمة من إسرائيل، خلال الحرب الأخيرة التي اندلعت بعد إعلان كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس عن عملية طوفان الأقصى، إذ قامت الشبكة ببث مشاهد اعتُبرت "استفزازية" ولا تنقل الحقيقة بشكلها الواقعي.
مشهد لمراسلة سي إن إن وهي تختبئ خلال القصف
وفي مقطع فيديو مثير للجدل بثته سي إن إن ضمن تقرير إخباري، يُظهر كبيرة مراسلي الشبكة الدوليين، الأميركية كلاريسا وارد، وطاقم تصويرها، وهم يحاولون الاختباء في خندق في منطقة مستوطنات أشكول الواقعة في غلاف غزة، لتتجنب التعرض لضربة مزعومة ووابل من الصواريخ في سماء المنطقة على طول الحدود بين إسرائيل وغزة، وتظهر وهي تحاول نقل ما يحدث حولها وتتنفس بصعوبة أثناء استمرارها في الحديث بينما كانت تختبئ في الخندق.
وعندما تمكنت وارد أخيرًا من النهوض، بدأت تصف مشهدًا فوضويًا حولها، وادعت أنه حدث بالقرب منها، وزعمت أن المسلحين أطلقوا النار على المركبات القريبة منها ومن طاقمها.
وتصف وارد المشهد قائلة "والآن أستطيع أن أريكم المشهد هنا، هذا هو المكان الذي جاء إليه هؤلاء المسلحون لأول مرة وفتحوا النار على كل هذه المركبات"، مضيفة "توجد عربة أطفال في الأسفل مقلوبة على جانبها أيضًا".
وتستمر وارد في الادعاء بأن الدخان المتصاعد على مسافة بعيدة منها في غزة، هو نتيجة للغارات الجوية و"الرد على النيران"، قبل أن تتساءل عما إذا كان ذلك ناتجًا عن قاذفات الصواريخ أم لا، وهي نفسها غير متأكدة.
وتقول "سامحوني، من الصعب بعض الشيء بعد أن كنت جاثمة في خندق أن أعرف بالضبط ما يحدث”، مع العلم أنها جلست في مكان الاختباء لحوالي دقيقتين فقط.
وعند استمرار وارد في وصف المشهد حولها، يظهر رجلان يرتديان ملابس مدنية وأحدهما كان يقوم بتدخين السجائر، ولم يبدو عليهما أيُّ قلق بشأن ضربات صاروخية مفترضة.
انتقادات بشأن مشاهد كلاريسا وارد
وانتقد العديد من المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي، شبكة سي إن إن، زاعمين أن مشاهد كلاريسا وارد مبالغ فيها ومشكوك في صحتها أو تحتوي على إثارة.
وقال حساب شارك المقطع "هذا المشهد يذكرني بمقاطع الفيديو الخاصة بالأعاصير حيث يميل الرجل نحو الريح، ثم يسير رجلان بشكل عرضي من خلال توضيح أن رجل الأرصاد الجوية يزيف ذلك". مضيفًا "في نهاية مقطع الفيديو الذي نشرته شبكة سي إن إن، هناك بعض الأشخاص يمرون بجانبهم بشكل عرضي. يجعلك تتساءل عن مدى تنظيم هذه المشاهد بغرض الدراما".
وقال آخر "من المريح تقريبًا معرفة أنه بغض النظر عما يحدث في العالم، يمكنك دائمًا أن تتوقع من قناة سي إن إن، أن تبرز أكثر البرامج المزيفة دراماتيكية التي رأيتها في حياتك. هذا بعض من أسوأ التمثيل الذي رأيته على الإطلاق".
مراسل سي إن إن ينقل الأحداث من منطقة هادئة وكأنه في حالة حرب
بثت شبكة سي إن إن أيضًا، مشاهد أخرى نقلها مراسلها للشؤون الدولية، نيك روبرتسون، من مستوطنة كفار عزة، قال إنها بعد أن استعاد الجيش الإسرائيلي السيطرة على البلدة من عناصر حركة حماس.
وفي حالة يسودها الهدوء حوله، ظهر روبرتسون خلال نقله للأحداث في محيطه وهو يجلس بوضعية غريبة وصوته يرتجف وكأنه وسط حرب، في حين يظهر جنود الجيش الإسرائيلي خلفه وهم يتحركون بشكل طبيعي ولا أثر لوجود اشتباكات أو قصف في المحيط.
وكان روبرتسون يتحدث في التقرير عن حجم جثث الإسرائيليين في المنطقة بعد المعارك التي دارت هناك على مدار يومين، زاعمًا أن القوات الإسرائيلية عثرت على "جثث رجال ونساء وأطفال مقيدين بأيديهم، مقتولين بالرصاص، معدومين، مقطوعة رؤوسهم في المكان".
وبعد نشر سي إن إن هذه المشاهد، أعادت بعض الحسابات مشاهد من تقارير قديمة بثتها الشبكة على مدار سنوات، وأشارت إلى أن تقاريرها الحربية "دائمًا ما تحتوي على فبركات وغيرها من الأعمال المثيرة للجدل".
هل تتعامل سي إن إن بحيادية مع الحرب الفلسطينية الإسرائيلية؟
بالعودة إلى التقارير الصحافية التي تنشرها سي إن إن عبر موقعها عن الحرب الجارية، يتبين أن اللغة التي تستخدمها في العديد من تقاريرها عن فلسطين غالبًا ما تكون غير دقيقة وتشوه بعض الحقائق الموضوعية.
وتحدثت سي إن إن، عن عملية "السيوف الحديدية"، التي أعلنت عنها إسرائيل ردًا على عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام الذراع السياسي لحركة حماس وضربت خلالها مستوطنات إسرائيلية، موضحة أن "الجيش الإسرائيلي ضرب خلال العملية أهدافًا مشتبه بها لحركة حماس والجهاد الإسلامي في غزة"، ونقلت عن وزارة الصحة الفلسطينية مقتل المئات.
وروجت الشبكة إلى الرواية الإسرائيلية القائلة إن الجيش الإسرائيلي "طلب من المدنيين في غزة مغادرة مناطقهم السكنية فورًا حفاظًا على سلامتهم مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف حماس". وهي رواية مضللة تنشرها وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وخلال العدوان الأخير، قصفت إسرائيل الكثير من المنازل التي تعود إلى مدنيين، كان العديد منها دون سابق تحذير. ووثقت وسائل إعلامية مشاهد لمناطق ومنازل قصفتها في الحرب الأخيرة، مثل السوق الشعبي في منطقة الترنس في مخيم جباليا، شماليّ قطاع غزة. وتُعرف هذه المنطقة بحيويتها واكتظاظها السكاني، وتسبب القصف في مقتل وإصابة العشرات ممن كانوا في المكان.
كما قصفت إسرائيل منزلًا يعود إلى عائلة شعبان، في حي النصر غربيّ مدينة غزة، وأدى ذلك إلى مقتل العائلة المكوّنة من الأب والأم وأربعة أبناء. وأكد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة، سلامة معروف، أن إسرائيل ارتكبت مجازر بحق 15 عائلة إلى الآن، جرّاء قصف منازلهم بشكل مباشر، ودون إنذار مسبق. وغير ذلك من عمليات القصف العشوائية على المدنيين.
وفي تغطيتها للحرب الجارية تصف شبكة سي إن إن الصراع التاريخي بين الفلسطينيين والإسرائيليين بـ"التوترات" بين الجانبين. متجاهلة حقيقة أن إسرائيل من الناحية القانونية والموضوعية دولة محتلة، كما تصف الأراضي بأنها متنازع عليها، كما لو أنه لا يوجد استعمار استيطاني غير قانوني في فلسطين، ويدفع الفلسطينيين إلى الخروج من أراضيهم.
واقعة سابقة: سي إن إن تنهي تعاقدها مع صحفي بعد خطاب انتقد فيه إسرائيل
وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018، أعلنت شبكة سي إن إن، وقف تعاونها مع الصحافي والأكاديمي الأميركي، تيمبل مارك لامونت هيل، بعد أن ألقى خطابًا في الأمم المتحدة انتقد فيه الاحتلال الإسرائيلي وانتهاك الحقوق الفلسطينية.
وكان هيل استند في خطابه إلى حد كبير على الحقائق، وأشار إلى القوانين الإسرائيلية التي تميز ضد الفلسطينيين، واستخدام العنف التعسفي من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية، واستخدام التعذيب ضد المعتقلين الفلسطينيين وحرمان الشعب الفلسطيني من الإجراءات القانونية الواجبة من قبل المحاكم الإسرائيلية، وجميع الانتهاكات التي تم توثيقها جيدًا وإدانتها من الأمم المتحدة وعدد لا يحصى من منظمات حقوق الإنسان.
وبعد أن أدانت المنظمات المؤيدة لإسرائيل خطاب تيمبل مارك لامونت هيل، سرعان ما قطعت سي إن إن علاقتها بالأخير. وبينما لم تعلن عن سبب اختيارها القيام بذلك، إلا أنَّ تقارير صحافية أشارت أن الشبكة استسلمت لضغوط الجماعات المؤيدة لإسرائيل التي رفضت خطاب هيل.
استمرار معارك طوفان الأقصى في يومها الخامس
يأتي ذلك مع دخول عملية طوفان الأقصى يومها الخامس على التوالي في ظل تواصل الاشتباكات بين فصائل المقاومة والقوات الإسرائيلية. وقد أعلنت هيئة البث الإسرائيلية ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين جراء العملية إلى 1200، فيما ارتفعت حصيلة المصابين إلى 2900، موضحة أن العدد مرشح للزيادة مع استمرار المعارك من جهة، واستمرار العثور على المزيد من الجثث في مستوطنات غلاف غزة.
بينما استشهد أكثر من ألف شخص، خلال العدوان الإسرائيلي الكثيف على قطاع غزة، وفي المقابل شنت المقاومة ضربات صاروخية على مناطق مختلفة من الأراضي المحتلة وخاصة عسقلان.
اقرأ/ي أيضًا
أوجه التضليل في المقارنة بين القوة العسكرية الإسرائيلية والفلسطينية
قناة i24 نيوز تضلّل وسائل الإعلام وتزعم مقتل 40 رضيعًا إسرائيليًا في اقتحام المستوطنات