نشرت قناة الحرة منشورًا ذكرت فيه أنّ الفوسفور الأبيض غير محظور "كسلاح كيماوي". وذلك في أعقاب اتهام إسرائيل باستخدامه في غزة، منذ العاشر من أكتوبر الجاري، خلال حربها على القطاع، والتي أعقبت عملية طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وبعد تعليقات انتقدت تعريف قناة الحرة لسلاح الفوسفور الأبيض وشرعية استخدامه، حذفت القناة الصورة، ونشرت صورة أخرى ورد فيها أن استخدام سلاح الفوسفور الأبيض "قانوني" في حالات معيّنة مثل وضع علامات أو حجب الرؤية.
كما نشرت القناة تقريرًا أشارت فيه إلى أن أسلحة الفوسفور الأبيض، يحظر استخدامها ضد المدنيين وتُستخدم في حالات عسكرية محددة.
استخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض في لبنان وغزة
راجع مسبار مقاطع الفيديو التي تم تداولها على وسائل الإعلام ومواقع التواصل، على أنها لاستخدام الجيش الإسرائيلي لأسلحة الفوسفور الأبيض في لبنان وغزة، والمقاطع الأخرى التي أظهرت استخدامه لها في المناطق المكتظة بالسكان شمال غربي مدينة غزة.
أشارت هيومن رايتس ووتش أن بعض مقاطع الفيديو المنشورة صُوّرت في ميناء مدينة غزة. ومن ثم تم تحديد الذخائر المستخدمة في الهجوم على أنها قذائف فوسفور أبيض مدفعية من عيار 155 مليمترًا وهي من النوع الذي ينفجر في الجو. وقالت المنظمة إنه من السمات المميزة للفوسفور الأبيض هو الدخان الكثيف ورائحة الثوم وهو ما لُوحظت آثاره خلال الهجمات.
من جهتها أشارت منظمة العفو الدولية أن مختبر أدلة الأزمات التابع لها وضّح أن الوحدات العسكرية الإسرائيلية التي تضرب غزة مجهزة بقذائف مدفعية تحتوي الفوسفور الأبيض.
هل الفوسفور الأبيض محظور دوليًا؟
فيما يتعلق بالقوانين الدولية، فإن استخدام الفوسفور الأبيض كسلاح يُنظّم بموجب البروتوكول الثالث لاتفاقية الأسلحة التقليدية. على الرغم من أن هذا البروتوكول لا يحظر استخدام الأسلحة الحارقة بشكل صريح، إلا أنه يُلزم الدول باتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لتجنب الضرر الناتج عن هذه الأسلحة على المدنيين.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن استخدام الفوسفور الأبيض في مناطق مثل غزة، التي تعدّ واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، يعرّض المدنيين لمخاطر كبيرة وينتهك القوانين الدولية التي تمنع تعريض المدنيين للخطر.
فيما قالت منظمة العفو الدولية التي تجري تحقيقًا حول الموضوع، بأنه لا يجوز أبدًا استخدام الفوسفور الأبيض في المناطق المدنية المكتظة بالسكان مثل غزة.
وبالبحث بالمصادر ذات الصلة، تبيّن أنّ الفوسفور الأبيض ليس سلاحًا كيميائيًا كما ورد في منشور قناة الحرة، بل هو مادة كيميائية تعمل أساسًا عن طريق الاشتعال وإنتاج حرارة ولهب عند تعرضه للهواء. يُستخدم في العمليات العسكرية لأغراض مثل إخفاء العمليات البرية وحجب الرؤية.
وعلى عكس الأسلحة الكيميائية التي تعتمد على التأثير السام لتحقيق أهدافها، يعتمد الفوسفور الأبيض بشكل رئيسي على التأثير الحراري واللهب. ولذلك لا يُصنّف عادة كسلاح كيميائي ولا يخضع للاتفاقيات التي تحظر الأسلحة الكيميائية. ومع ذلك، فإن استخدام الفوسفور الأبيض في بعض المناطق، مثل غزة، قد يتسبب في آثار بيئية وصحية خطيرة.
إنّ نشر أخبار غير دقيقة عن الفوسفور الأبيض وشروط استخدامه، قد يصب في سياق تبرير استخدامه ضمن التجمعات المدنية، ومن شأنه أيضًا التخفيف من حدة العنف االذي يتعرض له المدنيون من خلال عناوين أخبار معممة وغير تفصيلية. يُذكر أنّ الحرة ذكرت مسبقًا في تقرير لها بأنه "يُحظر استخدام الفوسفور الأبيض ضد المدنيين"، وذلك عند تغطيتها للحرب الروسية على أوكرانيا في مارس/آذار 2023.
ما هو الفوسفور الأبيض؟
الفوسفور الأبيض هو مادة كيميائية تُستخدم في الصراعات العسكرية لإخفاء العمليات البرية وتدمير الأهداف. يشتعل عند التعرض للأكسجين وينتج حرارة وضوء، ويمكن استخدامه لخلق ستار دخاني يعيق الرؤية وأنظمة الاستشعار.
يمكن أن يكون تأثيره ضارًا بالمدنيين في المناطق المكتظة بالسكان. والفوسفور الأبيض سلاح يسبب حروق شديدة لجسم الإنسان عادة ما تكون قاتلة، كما يمكن أيضًا أن يتسبب في أضرار تنفسية وفشل في وظيفة الأعضاء. كما يخلّف حرائق ينتج عنها تدمير للمباني والممتلكات المدنية.
إسرائيل والفوسفور الأبيض
يذكر أن إسرائيل استخدمت سلاح الفوسفور الأبيض في مرات عديدة، منها في الحرب التي شنتها على قطاع غزة أواخر عام 2008. كما استخدم الجيش الاسرائيلي القنابل الفوسفورية أيضًا أثناء اجتياحه للبنان عام 1982، وفي حرب تموز عام 2006.
كما استعمل الجيش الأميركي أيضًا القنابل الفوسفورية في حرب فيتنام، وتحدثت تقارير إعلامية عن أن القوات الأميركية استخدمتها كذلك في هجومها على مدينة الفلوجة العراقية في عام 2004. وفي سنة 1991 اتُّهم نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين باستخدام الفوسفور الأبيض ضد أهداف مدنية.
يُذكر أن القصف الإسرائيلي العنيف يتواصل على قطاع غزة مخلفًا نحو 2670 شهيدًا حتى الآن بينهم 614 طفلًا و370 امرأة، وأكثر من 9600 مصابًا. في ظل اتهامات للجيش الإسرائيلي باستخدام أسلحة الفوسفور الأبيض في مناطق مدنية، الأمر الذي نفاه جيش الاحتلال.
اقرأ/ي أيضًا
شبح الإلغاء: لماذا يخشى نجوم هوليوود مساندة الفلسطينيين؟
ما حقيقة ادعاءات قناة NBC حول مخطط لحماس لاستهداف الأطفال خلال طوفان الأقصى؟