` `

مجزرة مستشفى المعمداني: رواية هشة تقدمها إسرائيل وأدلة تشير إلى مسؤوليتها

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
سياسة
19 أكتوبر 2023
مجزرة مستشفى المعمداني: رواية هشة تقدمها إسرائيل وأدلة تشير إلى مسؤوليتها
مسبار يجمع ويحلل المعطيات المرتبطة بقصف مستشفى المعمداني

إعداد: فراس دالاتي وإسلام عزيز

عقب قصف مستشفى الأهلي المعمداني في غزة، تبرأت إسرائيل من الحادثة، وحملت المسؤولية لفصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع. وادّعت وسائل إعلام وحسابات إسرائيلية، أنّ القصف سببه صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي وأصاب عن طريق الخطأ موقف سيارات تابع للمستشفى. كما زعمت أن ذلك جاء بعد إطلاق رشقة صاروخية من مقبرة قريبة منه، ما تسبب في المجزرة التي أودت بحياة 471 ضحية مرة واحدة.

صورة متعلقة توضيحية

 

فهل أُطلق الصاروخ من مقبرة وسقط عن طريق الخطأ في مستشفى المعمداني؟

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إنّ "الجيش أنهى مراجعة ما بعد العملية وأكد أن حركة الجهاد الإسلامي مسؤولة عن الضربة"، وأضاف "لقد أجرينا مراجعة فورية لجميع الفروع ذات الصلة في جيش الدفاع الإسرائيلي".

وبعد ذلك، قال إنّه "في الساعة 6:15 مساءً، أطلقت حماس وابلًا من الصواريخ على إسرائيل". وأضاف أنه في الساعة 6:59 مساءً، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي وابلًا من 10 صواريخ من مقبرة قريبة من المستشفى. ثمّ في الساعة 6:59 مساءً، وردت أنباء عن انفجار في المستشفى. 

وأضاف أنه "وفقًا لمعلوماتنا الاستخبارية، فإن حماس راجعت التقارير، وأدركت هي نفسها أن ذلك حدث بسبب فشل صاروخ الجهاد الإسلامي في إطلاقه، وقررت إطلاق حملة إعلامية عالمية لإخفاء ما حدث".

صورة متعلقة توضيحية

وأكد دانيال هاغاري أنّ صاروخ الجهاد الإسلامي أُطلق من مقبرة بجوار مستشفى المعمداني وأصاب موقف السيارات بجوار المستشفى، والذي من المحتمل حسب قوله أن يكون به ذخائر إرهابية، مما تسبب في مزيد من الأضرار. مدّعيًا أنه لم تكن هناك نيران إسرائيلية من البر أو البحر أو الجو يمكن أن تصيب المستشفى في ذلك الوقت.

بحث مسبار عبر خرائط جوجل عن المقابر المحيطة بمستشفى المعمداني الذي تعرض للقصف مساء الثلاثاء، وبالعودة إلى حديث المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ومقاطعته مع مضمون المقطع الصوتي المزعوم الذي قالت أحد الشخصيات فيه "المقبرة الي ورا المشفى"، تبيّن أن المقصود هو مقبرة الشيخ شعبان، التي تبعد عن المستشفى قراب 200 متر في شارع أم اليُمن.

صورة متعلقة توضيحية
موقع مستشفى المعمداني والمقابر (خرائط غوغل)

ووفقًا لعدد من التقارير العسكرية والإخبارية، فإن سرعة الصواريخ التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية تتراوح بين 300 إلى 800 متر في الثانية. وبما أن معظمها صواريخ محلية الصنع أو بدائية إلى حد ما مقارنةً مع ما وصلت إليه تكنولوجيا الصواريخ، فهي بعكس الصواريخ الحديثة التي تتزايد سرعتها، إذ تنطلق من مصدرها بسرعتها القصوى.

وإذا اعتبرنا أن الصواريخ التي انطلقت من مقبرة الشيخ شعبان، بحسب الرواية الإسرائيلية، هي الأبطأ لدى المقاومة، وانطلقت بنصف سرعتها من قاعدة الإطلاق، فإنها ستحتاج أقل من ثانيتين لتحلّق في نقطة فوق مستشفى الأهلي المعمداني.

لكن، وبحسب المقاطع التي نُشرت على الإنترنت، أحدها الذي بثته قناة الجزيرة مباشر، للحظة حدوث القصف على المستشفى، فإن الصاروخ استغرق نحو 13 ثانية من التحليق في الهواء قبل أن ينفجر، ما يعني أنه قد قطع مسافة 4 كيلومترات على الأقل، وهي مسافة بعيدة نسبيًا عن محيط المستشفى.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التسجيل يوحي بأن الصاروخ كان متجهًا من يمين المشهد نحو اليسار (من الجنوب إلى الشمال)، وقبيل انفجاره في الهواء، يظهر خط دخان أبيض قريب منه وبالاتجاه المعاكس، ما يشير إلى اعتراضه من قبل صاروخ أرضي.

كما أن النار التي تشكّلت بفعل انفجار الصاروخ أخذت شكل مثلثٍ موجَّه نحو الأعلى، وباتجاه خط الدخان الأبيض المعاكس للصاروخ، بينما كانت ستنطلق في جميع الاتجاهات لو كان انفجارًا داخليًا، ما يضعف صدقية رواية "فشل الإطلاق" التي تبناها الجيش الإسرائيلي.

صورة متعلقة توضيحية
مشاهد من فيديو إطلاق الصاروخ

تضارب وشكوك حول المشاهد التي نشرتها إسرائيل

نشرت وسائل إعلامية وحسابات إسرائيلية مقطع فيديو آخر سجلته كاميرا مراقبة أحد الأبنية في مستوطنة ناتيف هاسآرا شمال قطاع غزة، على أنه يوثق رشقة صواريخ المقاومة التي فشل أحدها وسقط فوق المستشفى بحسب الرواية الإسرائيلية. لكن المقطع حمل تضاربات عدة مع الرواية الأصلية نفسها التي اعتمدها الجيش الإسرائيلي.

أولًا، يبدو من المقطع أنه التُقط عند غروب الشمس، إذ لا يزال ضوء الشمس واضحًا في الأفق أقصى يمين المشهد، أي بين الساعة 6 و 6:30 مساءً بتوقيت غزة، على اعتبار أن الشمس تغرب عند الساعة 6:04 مساءً، الوقت الذي كان يشهد فيه حي الشجاعية وسط القطاع، قصفًا عنيفًا قد يكون الظاهر في الصورة إحدى الغارات عليه. في المقابل فإنّ القصف على المستشفى المعمداني حصل بعد حلول المساء كليًا، عند الساعة 6:59. 

وثانيًا، وبحسب المقطع، فإن رشقة الصواريخ الظاهرة انطلقت من قاعدة إطلاق في غربي قطاع غزة متوجهة نحو المستوطنات في الشرق، بينما يحدث انفجار في وسط القطاع. لكن، وبالنظر إلى تموضع مستوطنة ناتيف هاسآرا -التي صُوّر فيها المقطع- على الخارطة بالنسبة لمستشفى المعمداني ومقبرة الشيخ شعبان التي زعم الاحتلال أن الصواريخ انطلقت منها، فإن الأخيرة تقع جنوب المستشفى بالنسبة للمستوطنة، ولا يمكن مشاهدة الصواريخ من المستوطنة وهي تقطع المشهد عرضيًا كما ظهر.

صورة متعلقة توضيحية
مستوطنة ناتيف هاسآرا (خرائط غوغل)

وبثت القناة 12 الإسرائيلية مقطعًا ادّعت أن كاميراتها التقطته في مدينة نيتيفوت شرقي قطاع غزة، وقدمت فيه ما وصفته "دليلًا" على أن عملية استهداف المستشفى تمت بواسطة صواريخ المقاومة الفلسطينية، وليست جراء غارة جوية إسرائيلية.

وبحسب المقطع، فإنه قد سُجّل بالفعل عند الساعة 6:59 مساءً، أي عند لحظة استهداف المستشفى، وفيه تظهر رشقات صاروخية تنطلق من أماكن عدة في قطاع غزة باتجاه الشمال. لكن لم يظهر على أي منها حدوث خلل أو تغير اتجاه أو سقوط في منتصف الطريق، بل مجرد تزامن مع حدوث انفجار في المستشفى.

صورة متعلقة توضيحية

لكن بالتدقيق في أعلى المشهد ذاته، وبجانب شعار القناة، لاحظ مسبار وجود ومضات بيضاء تتجه إلى الشمال أيضًا ونحو الأعلى، على ارتفاع أعلى بنحو ثلاثة أضعاف من الارتفاع الذي تصله صواريخ المقاومة، بالتزامن مع حدوث الانفجار في المستشفى.

صورة متعلقة توضيحية

وبمقارنة تلك الومضات مع مقاطع أخرى مشابهة، وجد مسبار أن هناك تفسيرين محتملين لها، إما أنها آثار ذيل الاحتراق الناتج عن محركات الطائرات المقاتلة عند توجهها نحو الأعلى بعد تنفيذ الغارات، بما فيها طائرات F-35 التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لقصف غزة، أو أنها ومضات تمويهية تطلقها الطائرات المقاتلة أيضًا، بهدف تشتيت مضادات الطيران الأرضية التي تتبّع الأهداف الحرارية.

الفارق في حجم الأضرار  التي تخلفها صواريخ المقاومة وأضرار المعمداني

راجع "مسبار" مقطع الفيديو الذي نُشر للحظة قصف مستشفى المعمداني بالقرب من المكان، وقارن مدى قوة وصوت الصاروخ الذي استهدف المستشفى بالصواريخ التي تستخدمها قوات الاحتلال في قصفها المستمر على غزة، وصواريخ أخرى أطلقتها المقاومة على مستوطنات ومدن إسرائيلية.

أولًا، وجد "مسبار" أن الصاروخ لم يُطلق من مكان قريب من المستشفى، ويمكن سماع صوت الصفير الشديد الذي عادةً ما يُسمع عند إطلاق الاحتلال صواريخه على غزة.

صورة متعلقة توضيحية
فيديو للحظة وقوع القصف على مستشفى المعمداني

وبالعودة إلى مقطع فيديو لقصف إسرائيلي ليلي على حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، يوم الثامن من أكتوبر الجاري، يظهر من خلاله كيف تظهر أصوات الصفير نفسها عند قصف الصواريخ.

واستهدف الاحتلال أحد المباني السكنية قرب مستشفى القدس في منطقة تل الهوى في غزة، يوم أمس الأربعاء، وظهر فيه صوت الصفير نفسه عند عملية القصف.

كما تبين أن المدة التي انطلق منها الصاروخ بعد سماع صوت الصفير، حتى نزوله على الأرض لا تتعدى ثوانٍ عدة.

وهو ما ظهر في مقطع فيديو قديم يعود إلى مايو/أيار 2021، عندما قصف الاحتلال، برج الشروق الكائن في الحي الروماني. وكان المبنى يضم العديد من مكاتب القنوات التلفزيونية. إذ يظهر بوضوح صوت الصفير قبل القصف بالإضافة إلى شدّة القصف نفسها.

وأوضح حساب نشر الفيديو أن جيش الاحتلال قصف مبنى الشروق حينها، باستخدام القنبلة الذكية الموجهة أو هو سلاح جو-أرض الموجه Dropping JDAM.

صورة متعلقة توضيحية
قصف قديم على مبنى الشروق في غزة 

ما هي صواريخ JDAM؟

وJDAM هو صاروخ جو-أرض مشترك، وعبارة عن مجموعة توجيهية تحول قنابل السقوط الحر غير الموجهة إلى ذخائر دقيقة وذكية، مع إضافة قسم توجيهي جديد يحتوي على نظام ملاحي بالقصور الذاتي، ووحدة تحكم في توجيه نظام تحديد المواقع العالمية. ويعمل JDAM على تحسين دقة القنابل غير الموجهة ذات الأغراض العامة في أي حالة جوية. 

ويتيح JDAM استخدام أسلحة جو-أرض دقيقة ضد الأهداف الثابتة والقابلة للنقل ذات الأولوية العالية من الطائرات المقاتلة والقاذفة. كما يتم تسهيل التوجيه من خلال نظام التحكم في الذيل ونظام INS بمساعدة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS). تتم تهيئة نظام الملاحة عن طريق محاذاة النقل من الطائرة التي توفر متجهات الموقع والسرعة من أنظمة الطائرة، وفقًا لموقع Military الحربي.

وطُوّرت صواريخ JDAM بشكل مشترك من قبل القوات الجوية الأميركية والبحرية، بعد أن تعرقلت حملة القصف الجوي التي نفّذتها القوات الجوية خلال حرب الخليج العربي في التسعينيات، بسبب تغيرات الطقس والغبار والدخان.

صورة متعلقة توضيحية

مقاطع قديمة للحظة إطلاق صواريخ JDAM

وخلال البحث عن قوة وأصوات صواريخ JDAM، عثر "مسبار" على مقاطع فيديو قديمة، تُظهر استخدام ذخيرة JDAM للهجوم المباشر، أثناء تدميرها مواقع لحركة طالبان في أفغانستان أثناء تبادل إطلاق النار سابقًا.

ويظهر في المقاطع صوت الصفير نفسه المسموع لحظة قصف مستشفى المعمداني، وتتضح قوته التدميرية الكبيرة.

صورة متعلقة توضيحية
إطلاق صواريخ JDAM

إسرائيل تستخدم قنابل JDAM في حربها على غزة

وكشفت تقارير إعلامية أن قنابل JDAM الذكية، تلعب دورًا رئيسيًا في الحرب على غزة، إذ تستخدمها إسرائيل بكثرة خلال غاراتها العنيفة التي تشنها على القطاع، وقد خلفت دمارًا واسعًا خلال العدوان الأخير.

واستخدمت إسرائيل هذه الصواريخ لضرب أهداف في غزة من الجو في السنوات السابقة أيضًا، كما حدث أثناء العدوان على غزة في مايو/أيار 2021. 

وطلبت إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى من الولايات المتحدة الحصول على أسلحة ومساعدات أميركية، بما في ذلك المزيد من صواريخ JDAM والصواريخ الاعتراضية للصواريخ القصيرة المدى، اللازمة لنظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية" .

صورة متعلقة توضيحية
إسرائيل تريد المزيد من قنابل JDAM

صواريخ فصائل المقاومة في غزة

يوجد تفاوت كبير في موازين القوى العسكرية بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، لكن على الرغم من ذلك، كشف الهجوم المفاجئ خلال طوفان الأقصى والذي نفذته كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس، يوم السبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عن مستوى جيد من التسليح والتدريب، وظهور أسلحة نوعية جديدة في يد المقاومة.

وعلى مدى نحو عقدين، طورت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة مثل كتائب القسام وسرايا القدس، ترسانة كبيرة من الصواريخ والقذائف "قادرة على ضرب أماكن في كافة أنحاء إسرائيل تقريبًا"، بحسب تقارير إخبارية. وتشمل هذه الترسانة صواريخ محلية الصُنع، محدودة ومتوسطة وبعيدة المدى.

وكان أول الصواريخ التي طورتها كتائب القسام عام 2001، هو صاروخ القسام المحلي الصنع والذي مرّ بمراحل تطوير عديدة حتى ظهرت منه 3 أجيال، وصل مدى آخرها إلى نحو 15 كيلومترًا، ويستهدف المستوطنات الواقعة قرب الحدود مع القطاع. 

وكشفت كتائب القسام عن صاروخ M-75 محلي الصنع عام 2014، يصل مداه إلى نحو 75 كيلومترًا، بالإضافة إلى صاروخ J-80 الذي يصل مداه إلى نحو 80 كيلومترًا. كما تضم الترسانة الصاروخية لفصائل المقاومة أيضًا، صاروخ M-302 سوري الصُنع، الذي يصل مداه إلى أكثر من 100 كيلومترًا.

صورة متعلقة توضيحية
صواريخ المقاومة الفلسطينية

وطورت سرايا القدس صاروخ "براق-120" محليًا، والذي يصل مداه إلى نحو 120 كيلومترًا. وصاروخ R-160 الذي طورته القسام ويصل مداه الطويل إلى 160 كليومترًا. وكشفت عنه كتائب القسام للمرة الأوى خلال الحرب على غزة عام 2014، مؤكدة قدرته على الوصول إلى تل أبيب.

وبعد عملية طوفان الأقصى أعلنت المقاومة عن منظومة "رجوم"، وهي صواريخ قصيرة المدى من عيار 114 ملم هدفها تأمين غطاء ناري للمقاومين. واستخدمت هذه المنظومة بداية العملية لعبور المقاومين إلى مستوطنات الغلاف والمواقع العسكرية الإسرائيلية. 

كما أعلن الإعلام الحربي التابع لفصيل سرايا القدس عن صاروخ "القاسم" المطور، مشيرًا إلى أن السرايا استخدمته، ضمن معركة طوفان الأقصى.

وعادةً ما تطلق المقاومة صواريخها من أماكن ثابتة بهدف إصابة الطائرات التي تقصف غزة أو لضرب بعض المواقع داخل الأراضي المحتلة، وليس لديها طائرات حربية تستطيع من خلالها الدخول إلى الأراضي المحتلة وضربها هناك. ونشرت سرايا القدس مقطع فيديو للصواريخ التي تستخدمها في هجماتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، خلال عملية طوفان الأقصى.

صورة متعلقة توضيحية
لحظة إطلاق سرايا القدس صواريخ خلال عملية طوفان الأقصى

كما نشرت سرايا القدس مقطع فيديو آخر للرشقات الصاروخية التي أطلقتها على تل أبيب خلال طوفان الأقصى، ويظهر منها صواريخ تسير بشكل عمودي وصوتها ليس كما المسموع في مشهد قصف مستشفى المعمداني.

وبمراجعة العديد من مقاطع الفيديو التي تكشف حجم الدمار الذي سببته صواريخ المقاومة بعد هبوطها على مواقع داخل الأراضي المحتلة، يتبين أنها لم تُسبب الأضرار ذاتها التي تسببها الصواريخ الإسرائيلية. 

إذ تُظهر الكثير من المشاهد أن غالبًا ما تسبب صواريخ المقاومة أضرارًا طفيفة مثل تدمير واجهات المباني وحرق السيارات ولا تُدمر البنية التحتية. بينما صواريخ الاحتلال تدمر مبانٍ ومنازل سكنية وبنية تحتية كاملة في ضربة واحدة، بسبب أنظمة صواريخها المتطورة.

صورة متعلقة توضيحية
منظر جوي للمباني المتضررة في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة (Getty)
صورة متعلقة توضيحية
أضرار لحقت بمبنى في عسقلان بعد قصف صاروخ من المقاومة في غزة Getty)

خبراء يؤكدون أن استهداف مستشفى المعمداني جاء نتيجة قصف إسرائيلي

وبعد تحليل لمشهد قصف المستشفى، أشار خبراء من بينهم مايك ميهايلوفيتش، المتخصص في تقنيات الدفاع وضابط سابق في القوات المسلحة الكندية، إلى أنه "من خلال الاستماع مرات عدة إلى الأصوات المختلفة، والمقارنة مع تلك التي تظهر ضربات صواريخ JADAM يظهر أن هناك نمط: ضوضاء بمستوى ثابت في الخلفية وصوت عالي الطبقة للقنبلة وهي سمة مميزة".

وأضاف في سلسلة تغريدات عبر حسابه على منصة إكس "هناك احتمال ثالث، وهو أن الإصابة تمت بصاروخ باليستي مثل LORA – الذي يحتوي على صوت مشابه عالي الطبقة لكن الرأس الحربي أصغر مقارنة بقنابل JDAM". موضحًا "سيكون صاروخ حماس في أسفل القائمة المشبوهة. كما هو الحال دائمًا، حتى يتم إثبات ذلك".

بينما أجرى سعيد إرسوي بيركيتلي أوغلو، مدير شركة Troy Technology Defense، التي تعمل على تقنيات إنتاج الرؤوس الحربية والصواريخ الصغيرة والمواد الكيميائية شديدة الانفجار، تقييمات حول المشاهد التي عُرضت لقصف مستشفى المعمداني وصوت القنبلة المستخدمة في القصف.

وقال بركيتلي أوغلو في تصريحات لوكالة الأناضول، إن علامات وصول الذخيرة إلى المستشفى وصوت الانفجار وشدته تشير إلى أنها قد تكون "قنبلة MK-84 بوزن 2000 رطل مجهزة بـ JDAM وليس صاروخًا".

وأوضح أن الذخيرة يمكن أن تكون مدمرة للغاية إذا وصلت إلى هدفها بالزاوية المناسبة"، مشيرًا إلى أنه يمكن تعبئة هذه الذخيرة بأنواع مختلفة من المتفجرات لزيادة فعاليتها، وأن قنبلة MK-84 التي تحتوي على مادة HMX لها تأثير اختراق ويمكنها تدمير المباني بسهولة".

وكشف بيركيتلي أوغلو أن الاحتمال الآخر هو أنها يمكن أن تكون قنبلة خارقة للتحصينات من طراز BLU-109، وتستخدم أيضًا MK-84، مؤكدًا أن كلتا القنبلتين موجودتان في مخزون الجيش الإسرائيلي.

صورة متعلقة توضيحية
حديث بيركيتلي أوغلو مع وكالة الأناضول

المقاومة تنفي مزاعم الاحتلال والصحة في غزة تؤكد حدوث إنذارات قبل القصف

اتهمت إسرائيل في البداية حركة حماس بالتسبب في مجزرة مستشفى المعمداني، قبل أن تغير وجهتها إلى الجهاد الإسلامي.

وأصدرت حركة المقاومة الإسلامية حماس، أمس الأربعاء، بيانًا تفنّد فيه الرواية الإسرائيلية التي اتهمت فصائل المقاومة بالتسبب بمجزرة مستشفى المعمداني. وأوضحت فيه أن الاحتلال الإسرائيلي اتصل بمدراء 21 مستشفى في غزة، كان المعمداني أحدها، طالبًا منهم الإخلاء الفوري باعتبار المستشفيات تقع في النطاق الجغرافي للعمليات العسكرية الإسرائيلية، وقد تحدث بذلك الناطقون الرسميون باسم الاحتلال، وعدد من مدراء المستشفيات في مقابلات على الهواء مباشرة عبر قناة الجزيرة.

وجاء في البيان أنه في يوم السبت الفائت، وفي تمام الساعة 8:30 مساءً أطلق الجيش الإسرائيلي قذيفتين باتجاه المستشفى المعمداني، وفي صباح اليوم التالي اتصل الجيش بمدير المستشفى الدكتور ماهر عيّاد يقول له "إننا حذرناكم مساء أمس بقذيفتين فلماذا لم تخلوا المستشفى حتى هذه اللحظة؟". ليتصل مدير المستشفى بمطران الكنيسة الإنجيلية في بريطانيا، ويخبره بما جرى، والذي قام بدوره بالاتصال بالمنظمات الدولية قبل أن يرسل للمستشفى رسالة اطمئنان أن باستطاعتهم البقاء في المستشفى، قبل أن تقع تلك المجزرة مساء الثلاثاء.

وأكدت حماس أن صواريخ المقاومة محلية الصُنع وليس لديها القدرة التدميرية التي تتسبب في مقتل المئات كصواريخ الاحتلال.

صورة متعلقة توضيحية
بيان حركة حماس الذي أوضحت فيه مزاعم الاحتلال بشأن قصف المستشفى

وأشار بيان حركة حماس إلى أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي سارع فور وقوع المجزرة إلى نشر تصريح عبر صفحته على منصتي إكس وتيليغرام الساعة 7:17، وجاء فيه "كنا قد أنذرنا بإخلاء مشفى المعمداني وخمسة مستشفيات أخريات كي لا تتخذها منظمة حماس الإرهابية ملاذا لها"، في ما وصفته حماس بـ "تبنّ واضح لهذه المجزرة"، إلا أنه سرعان ما حذف منشور التصريح عن الصفحة بعد مشاهدة حجم المجزرة المهول والعدد الكبير من الضحايا، وردّة الفعل العربية والإقليمية والدولية عليها والغضب الشعبي والرسمي، وما كان منه إلا أن نشر تصريحًا آخر ينفي فيه أنه أصدر التصريح الأول.

كما نفى مسؤول باسم الجهاد الإسلامي المزاعم الإسرائيلية واتهامات الاحتلال للحركة بضرب مستشفى المعمداني في غزة. وقال الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي، داود شهاب، إن مجزرة مستشفى المعمداني جريمة وحشية مكتملة الأركان، مؤكدًا أنها جريمة إسرائيلية.

وردًّا على الاتهامات الإسرائيلية لفصائل المقاومة بارتكاب المجزرة، قال شهاب إنه "ادعاء باطل، لأن إسرائيل بعد هذه الجريمة شعرت بأن هناك أزمة وانتفاضة عالمية ضد هذه السياسات العدوانية الوحشية التي ترتكبها"، مؤكدًا "إسرائيل مرة أخرى تستدعي الكذب للتضليل الإعلامي والتضليل الدولي التي تمارسه لاستمرار جريمتها".

من ناحية أخرى قالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، إن الاحتلال الإسرائيلي هدد مستشفى المعمداني مرات كباقي المستشفيات قبل القصف، مضيفة أن "مستشفى المعمداني تعرض للاستهداف قبل يومين من القصف العنيف كرسالة أولية".

تنصل إسرائيلي من التحقيق؟

وكان أفيخاي أدرعي قد تحدث إلى قناة العربية بشأن الحادثة يوم أمس الأربعاء، وقال إن "المعلومات الاستخباراتية أكدت للجيش الإسرائيلي منذ اللحظة الأولى أن الانفجار نجم عن إطلاق فاشل لصاروخ تابع للجهاد الإسلامي".

وعندما سأله المذيع عمّا إذا كانت إسرائيل تمانع بفتح لجنة دولية تحقيقًا بالحادثة ما دامت واثقة بأنها لم تقم بالغارة على المستشفى، لم يجبه أفيخاي بشكلٍ مباشر، بل قال إن الجيش الإسرائيلي يعتمد في روايته على أربعة عوامل، وهي "أنه لم يكن هناك غارة إسرائيلية برية أو بحرية أو جوية على محيط المستشفى في ذلك الوقت"، وقبل أن يكمل، قال إن المسؤول الوحيد عن المجزرة هي حماس.

وكرر عليه المذيع سؤاله بشأن فتح تحقيق دولي بالحادثة، فعاد أفيخاي وراوغ السؤال بقوله إن يحيى السنوار ومحمد الضيف هما من أوصلا غزة إلى ما وصلت إليه، مضيفًا أن "إسرائيل في حرب ضد الباطل". وقال إن ما يمنع من فتح تحقيق دولي هو أن "الحقيقة واضحة كنور الشمس".

اقرأ/ي أيضًا

الفيديو ليس لصاروخ تابع للمقاومة تسبّب في مجزرة مستشفى المعمداني

كوهين يسارع لاستخدام مشهد متداول لاتهام حماس بارتكاب مجزرة المعمداني

الأكثر قراءة