` `

هل يحمي الجيش الإسرائيلي النازحين المتجهين جنوبًا من حماس كما ادعت الصحافية الفرنسية سارة دانيال؟

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
سياسة
11 نوفمبر 2023
هل يحمي الجيش الإسرائيلي النازحين المتجهين جنوبًا من حماس كما ادعت الصحافية الفرنسية سارة دانيال؟
أكد نازحون تعرضهم للإذلال من قبل جيش الاحتلال في طريقهم نحو الجنوب (إكس)

قالت سارة دانيال الكاتبة الفرنسية وكبيرة المراسلين في شؤون الشرق الأوسط، لصالح مجلة لونوفيل أوبسرفاتور إنّ الجنود الإسرائيليين الذين ظهروا على جانبي شارع صلاح الدين في قطاع غزة، يحمون النازحين الفلسطينيين من حماس، خلال توجههم من شمال القطاع إلى جنوبه.

وأكدت دانيال في تصريح لها خلال حضورها في برنامج 24hPujadas على قناة LCI الفرنسية، إنّ “الإسرائيليين يرافقون النازحين في الممر الإنساني، إنّهم يحمونهم من حماس، رأينا هذا المشهد المذهل، لا أعرف في أي اتجاه كان ذلك، لكني رأيته”، وأضافت "كان هناك نازحون يحملون أعلامًا بيضاء تحميهم دبابات الجيش الإسرائيلي".

فهل كان الجيش الإسرائيلي يحمي الفلسطينيين في طريقهم إلى الجنوب؟

الجيش الإسرئيلي يجبر الناس على إخلاء شمالي قطاع غزة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في الرابع من نوفمبر الجاري، عن فتح ممر إنساني لعبور النازحين الفلسطينيين بين الساعة الواحدة بعد الظهر والساعة الرابعة مساء، على طول طريق صلاح الدين الذي يربط بين شمال قطاع غزة وجنوبه. ونشر أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش بيانات، لأيام على التوالي، يغيّر فيها التوقيت المخصص، من الساعة العاشرة صباحًا حتى الثانية أو الرابعة مساءً.

يأتي ذلك عقب التوغل البري لجيش الاحتلال في القطاع، الذي بدأ منذ نحو أسبوعين، وتخللته مواجهات مع المقاومة الفلسطينية. 

ووزعت إسرائيل منذ 13 أكتوبر الفائت، منشورات دعت فيها سكان شمالي غزة إلى مغادرة منازلهم والانتقال جنوبًا أو اعتبارهم من نشطاء حماس وبالتالي استهدافهم من قبل قواتها.

وفي 21 أكتوبر 2023، ألقى الجيش الإسرائيلي منشورات جديدة على شمالي غزة، تأمر السكان بإخلاء المنطقة على الفور. وحذرت المنشورات السكان بضرورة المغادرة فورًا، معلنة أن حياتهم معرضة للخطر، وذكرت صراحةً أن “كل من اختار أن لا يخلي من شمال القطاع إلى الجنوب من وادي غزة، من الممكن أن يتم تحديده على أنه شريك بتنظيم إرهابي".

وقالت دوناتيلا روفيرا، كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية، تعقيبًا على التحذير إنّه "لا يمكن اعتبار الرسائل الواردة في هذه المنشورات تحذيرًا فعالًا للمدنيين، بل تقدم بدلًا من ذلك دليلًا إضافيًا على أن إسرائيل تهدف إلى تهجير المدنيين في شمال غزة قسرًا".

بيان لمنظمة العفو الدولية حول دعوة إخلاء شمال غزة مؤخرًا
بيان لمنظمة العفو الدولية حول دعوة إخلاء شمال غزة مؤخرًا

وقد ترقى هذه التهديدات أيضًا، وفقها، إلى مستوى جريمة الحرب المتمثلة في العقاب الجماعي بسبب تحميلها مئات الآلاف من المدنيين المسؤولية عن أفعال لم يرتكبوها، وذلك فقط لأنهم يبقون في منازلهم عندما لا يكون لديهم مكان آمن يلجأون إليه وسط حملة قصف إسرائيلية لا هوادة فيها على امتداد قطاع غزة بأكمله".

وبتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، رصد صحافيون دخول دبابة إلى شارع صلاح الدين، ووثق المصور الفلسطيني يوسف الصيفي قصفها لمدنيين كانوا في سيارة بالقرب من مفترق نتساريم جنوبي مدينة غزة. 

كما أظهرت صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها صحيفة ذا نيويورك تايمز، أن القوات البرية الإسرائيلية وصلت إلى كامل عرض قطاع غزة، حيث طوقت أكبر مدينة في غزة وقطعت الطرق المؤدية إلى الجنوب، وذلك قبل يوم من تأكيد قوات الاحتلال بأنّها تحاصر مدينة غزة وتعمق عملياتها فيها.

واستمرت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة بالتزامن مع بدء الغزو البري الإسرائيلي وتقدم القوات إلى عمق المدينة، حيث استهدفت الغارات الجوية والبرية مواقع في جميع أنحاء القطاع منها التي تحوي آلاف النازحين، بما في ذلك المستشفيات والمدارس.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن الجنود الإسرائيليين "يعملون سيرًا على الأقدام، بمدرعات ودبابات من جميع الاتجاهات ولديهم هدف واحد: إرهابيو حماس في غزة، بنيتهم ​​التحتية، قادتهم، مخابئهم، غرف الاتصالات".

ووصف غالانت مدينة غزة بأنها "أكبر قاعدة إرهابية من صنع الإنسان"، مضيفًا أن أميالًا من الأنفاق تحت المدينة تضم مستودعات ذخيرة وغرف اتصالات ومخابئ للمقاتلين الفلسطينيين".

المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تحول الممر الإنساني إلى مصيدة قتل

وفق المرصد الأورو المتوسطي، فإنّ "إسرائيل تحول ممر النزوح الذي اقترحته إلى مصيدة لقتل واعتقال الفلسطينيين في غزة، فضلًا عن عمليات تنكيل ممنهجة وواسعة النطاق والأشكال".
وجمع فريق الأورومتوسطي شهادات لنازحين عبروا على مدار الأيام الثلاثة الفائتة الممر المعلن عنه وتحدثوا عن إفادات صادمة عن حوادث قتل واعتقال وإذلال متعمد لهم.

تقرير المرصد المتوسطي حول معاناة النازحين في طريقهم إلى جنوب القطاع
تقرير المرصد المتوسطي حول معاناة النازحين في طريقهم إلى جنوب القطاع 

وأبرز المرصد أنه حذر منذ صدور أمر الإخلاء الإسرائيلي من مخاوف قانونية وإنسانية خطيرة ومخاوف على سلامة المدنيين الفلسطينيين فضلًا عن كونه يشكل تهجيرًا قسريًّا وترانسفير ينتهك القانون الدولي الإنساني وقد يرتقي إلى جريمة حرب".

وقال إن "إسرائيل لا تكتفي بالتهجير القسري للمدنيين في غزة بل إنها لا توفر لهم ملجأ آمن أو وسيلة للنزوح بأمان، بل وتستهدفهم خلال ذلك لتخرق بشكل صريح قوانين الحرب التي تحظر أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساسا إلى بث الذعر بين السكان المدنيين".

ووفق وكالة أونروا اضطر ما بين 50 و80 ألف شخص، معظمهم مشيًا على الأقدام، إلى الانتقال من الشمال إلى الجنوب. وأوضحت الوكالة أنّ الناس أجبروا على المشي على الأقدام كيلومترات  عدة وكانوا منهكين ويعانون من الجفاف وسط درجات حرارة مرتفعة بشكل غير عادي.

وأعرب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في مؤتمر صحفي في العاشر من نوفمبر الجاري، عن "القلق البالغ بشأن مطالبة المدنيين في غزة بالانتقال إلى منطقة آمنة محددة من قبل القوات الإسرائيلية". وأوضح أنّ “ما تسمى بالمنطقة الآمنة، عندما يتم إنشاؤها من جانب واحد، يمكن أن تزيد من المخاطر التي يتعرض إليها المدنيون، وتثير تساؤلات حقيقية حول إمكانية ضمان الأمن على أرض الواقع”. 

وكان مسبار قد تحقق من مقطع فيديو نُشر في الثالث من نوفمبر الجاري، يُظهر قرابة عشر جثث مضرجة بالدماء، بعضها يظهر بإصابات شديدة أدت إلى نزيف شديد حول الجثة في شارع الرشيد جنوبي مدينة غزة، ووجد أنّ هناك مؤشرات تدل على أن ضحايا طريق الرشيد ماتوا جراء قصف مدفعي من آليات الاحتلال.

تحقق مسبار من استهداف نازحين في شارع الرشيد
تحقق مسبار من استهداف نازحين في شارع الرشيد

وفي الـ14 من أكتوبر الفائت، وعقب دعوات الجيش الإسرائيلي للتوجه نحو جنوبي القطاع، قصف قوافل النازحين على طريق صلاح الدين الرئيسي، ما أسفر عن وقوع 70 شخصًا إلى جانب إصابة 150 آخرين. كما استهدفت قوات الاحتلال مناطق عدة جنوبي القطاع كانت قد أعلنت أنّها "مناطق آمنة".

كما وثق مراسلون صحافيون، شهادات لنازحين من الشمال تحدثوا عن معاناتهم في التنقل نحو الجنوب، حيث اشترطت عليهم قوات الاحتلال رفع أيديهم وهوياتهم، وأجبروهم على رفع أعلام بيضاء خلال مرورهم.

وقالت إحدى النازحات لوكالة الأناضول "أثناء سيرنا طلبوا منا رفع الرايات البيضاء، بعد أن تم تجميعنا، واستهزؤوا بنا، وتعمدوا إذلالنا بعدما أطلقوا الرصاص نحونا، واعتقلوا عددًا من الشباب".

ووفق وزارة الصحة الفلسطينية فإنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي أوقعت حتى اليوم الـ36، من عدوانها على قطاع غزة، أكثر من 11 ألف مدنيًّا، منهم أكثر من 4500 طفل و3000 امرأة، و700 مسن، في حين وصل عدد الجرحى إلى أكثر من 27 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال.

اقرأ/ي أيضًا

مؤشرات تدل على مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي عن مجزرة شارع الرشيد

إسرائيل بالعربية تُحرّف حديث سيدة من غزة لتتهم حماس بعرقلة عمليات النزوح

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة