` `

إسرائيل تستمر في عرض أدلة هشة حول وجود مسلحين في مستشفى الشفاء

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
سياسة
17 نوفمبر 2023
إسرائيل تستمر في عرض أدلة هشة حول وجود مسلحين في مستشفى الشفاء
لم يعرض جيش الاحتلال أدلة حاسمة حول مزاعم وجود مسلحين في مستشفى الشفاء (يوتيوب)

نشر الجيش الإسرائيلي بعد اقتحام مجمع الشفاء الطبي، يوم الأربعاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، سلسلة من مقاطع الفيديو قال فيها إنّه عثر على أسلحة وأدلة تشير إلى وجود سابق لمسلحين داخل المجمع. 

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس "وجدنا أسلحة ومواد استخبارية ومركز قيادة عملياتية وإمكانيات تكنولوجية تم نقلها لفحصها".

طريقة عرض المزاعم تثير شكوكاً حول رواية الجيش

وقال كونريكوس في بداية الفيديو إنه سيقوم بجولة داخل أجزاء من المستشفى بتصوير متواصل دون أي تعديل أو تقطيع، ولكن يظهر تقطيع واضح ضمن الفيديو عند الدقيقة 6:23، ما يشير إلى عملية تعديل حصلت على الفيديو، ويعكس شكوكًا حول دقة تصريح المتحدث. 

ويكشف تعدد التقارير وتعديلها عدة مرات إلى شكوك واضحة في مزاعم الجيش الإسرائيلي، ففي البداية عرضت صفحات الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو دون إخفاء لبعض اللقطات، ولكن في وقتٍ لاحق قامت صفحة الجيش الإسرائيلي بحذف المنشور، ونشر مقطع فيديو آخر مُعدل، أُخفيت به بعض الأجزاء من الفيديو السابق. 

صورة متعلقة توضيحية
صورة المنشور الأصلي ويظهر قيام الحساب بحذفه
A person pointing at a computer screen

Description automatically generated
لقطات من الفيديو الأصلي قبل حذفه وإخفاء أجزاء منه
A person in uniform standing in a room

Description automatically generated
لقطة لإخفاء بعض العناصر في فيديو نُشر بعد حذف الفيديو الأساسي

كما عرض المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي، صورًا لأسلحة زعم أن مسلحين قاموا بإخفائها داخل المستشفى، ولكن يظهر من الصور أن الأسلحة كانت موجودة داخل صندوق التحكم بالكهرباء. وهو مكان يسهل الوصول إليه من قبل أي شخص، خاصةً أنه يحتوي على عدة مفاتيح كهربائية تستخدم بشكل متكرر، وهذا ما يطرح سؤالًا حول حقيقة ومبرر إخفائها في هذا المكان تحديدًا.

A person in a military uniform

Description automatically generated

علاوة على ذلك عرض كونريكوس صورًا لأسلحة منظمة بشكلٍ دقيق، ضمن رفوف تحتوي على أدوية ومواد طبية، ويطرح السؤال هنا عن مبرر وضع هذه الأسلحة بشكلٍ واضح إلى جانب المعدات والأدوات الطبية، التي يمكن أيضًا أن تستخدم بشكل روتيني ضمن المستشفى، وأن تكون ظاهرة بشكلٍ واضح.

A group of weapons on a shelf

Description automatically generated

كما زعم كونريكوس، أن مسلحي حماس وضعوا شريطًا لاصقًا على كاميرات المستشفى، وذلك لإخفاء التسجيلات، إلا أن المتحدث باسم الجيش لم يقدم أي مبرر حول سبب وضع هذه الشرائط اللاصقة على الكاميرات بشكلٍ واضح بدلًا من تعطيل نظام الكاميرات بالكامل، أو تفريغ وحدات تخزينه أو حتى قطع الكهرباء عن شبكة الكاميرات.

تحليل التقنيات المعروضة

بعد مراجعتنا لأجزاء الفيديو السابقة قبل حذفه، لاحظ "مسبار" بعض المعطيات التي أثارت شكوكًا حول رواية الجيش الإسرائيلي. إذ على سبيل المثال، في الفيديو ظهر جهاز حاسوب من نوع Lenovo ThinkPad T490، بجانب مجموعة من الأقراص المضغوطة والتي قال المتحدث إنها تحتوي معلومات عسكرية مهمة، ولكن يظهر أن جهاز الكومبيوتر هذا لا يحتوي على وحدة لقراءة الأقراص المضغوطة. علاوة على ذلك، يُلاحظ أن الأقراص المضغوطة هي تقنية قديمة وغير آمنة لتخزين المعلومات الحساسة، حيث يمكن الوصول إليها بسهولة ونقلها وقراءتها من قبل أي شخص، وهنالك صعوبة في تشفيرها مقارنةً مع وحدات التخزين الأخرى، كما تعتبر هذه الأقراص حساسة للغاية للتلف، ولا يمكن تخزين الملفات عليها بشكل آمن.

الأقراص قد تكون خاصة بجهاز الرنين المغناطيسي

وهنالك تفسير أقرب لوجود هذه الأقراص المضغوطة حيث إنه وبالرغم من تطور التقنيات الطبية بقيت الأقراص المضغوطة تُستخدم بشكلٍ شائع ضمن المنشآت الصحية، وكانت منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، الوسيلة الأساسية لتبادل الصور الطبية والنتائج بين مقدمي الخدمة والمرضى. وذلك لسهولة وضعها داخل ملف كل مريض عند انتقاله من مكان إلى آخر. 

وبتفحص لجهاز الرنين المغناطيسي الذي كان ضمن الغرفة في مستشفى الشفاء تبين أنه كان من فئة Symphony Maestro وتصنيع شركة Siemens عام 1999 وتأكدنا بمراجعة مواصفات الجهاز أنه يتعامل مع أقراص DVD وCD لتصدير الصور ولذا هنالك مؤشرات قوية أن هذه الأقراص والمعدات تعود لأغراض طبية.

A close up of a text

Description automatically generated
صورة من الشركة المصنعة توّضح أن جهاز الرنين المغناطيسي يتميّز بتصديره للصور عن طريق الأقراص الليزرية المضغوطة

مؤشرات تدل على ارتباط الأدوات بخدمات المستشفى

من ناحية أخرى يمكن الملاحظة في الفيديو المحذوف أن شاحن الحاسوب المحمول كتب عليه حروف QI لتمييزه وبأي جهاز حاسوب يرتبط، ويرجح أن يكون هذا المصطلح الذي كتب على الشاحن مرتبطًا بالمجال الطبي، حيث كما وجدنا في المراجع أن مصطلح QI هو اختصار لـ Quantitative Imaging (التصوير الكموني)، وهو نوع من تقنيات تصوير الرنين المغناطيسي لقياس الخصائص الكمونية للأنسجة. أو ربما يكون متعلقًا كما وجدنا في مراجعة أخرى ببرنامج تحسين الجودة (QI) في خدمات الرنين المغناطيسي، الذي يهدف إلى تقليل الانتظار وتحسين الوصول إلى الخدمات الصحية.

A screenshot of a computer

Description automatically generated
A screenshot of a web page

Description automatically generated
A person pointing at a computer screen

Description automatically generated

تناقضات التقارير الإعلامية تثير الشكوك حول صحة الرواية الإسرائيلية

وسبق لـ"مسبار" أن قام بإجراء مراجعة حول كيفية تلاعب الجيش الإسرائيلي بوضع الأسلحة داخل مستشفى الشفاء، وذلك من خلال القيام بمقارنة تقرير نشرته شبكة فوكس نيوز مع تقرير الجيش الإسرائيلي، ما أظهر اختلافًا وتناقضات في المشاهد المعروضة، وأماكن وضع الأسلحة المزعم وجودها داخل المستشفى.

صورة متعلقة توضيحية

لا دلائل على وجود أسرى أو قاعدة عسكرية في مستشفى الشفاء

بالمحصلة لم يعرض الجيش الإسرائيلي، أي مقرات عسكرية واضحة ضمن مستشفى الشفاء فما تم عرضه في مقاطع الفيديو بضعة أسلحة قليلة خفيفة، وسترات عسكرية "حديثة" كتب عليها "كتائب القسام" وعدد من القنابل اليدوية وجهاز حاسوب محمول وأقراص CD. كما لم يصوّر الجيش في فيديو متواصل طريقة عثوره على هذه الأدلة وتجميعها أو مقطعًا عند اقتحامه المستشفى. وسبق أن عرض الجيش الاسرائيلي في 27 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، مزاعم قال إنها تستند إلى معلومات استخباراتية مؤكدة بوجود مقرات لحركة حماس داخل وتحت مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، ورسم الجيش الإسرائيلي حينها تصميمًا ثلاثي الأبعاد لقاعدة عسكرية ومقرات ضخمة زعم وجودها تحت المستشفى.

A video game screen capture

Description automatically generated
مزاعم سابقة بثها الجيش الإسرائيلي حول وجود قاعدة عسكرية تحت مجمع الشفاء الطبي

كما لم يعرض الجيش الإسرائيلي أي أدلة على وجود أسرى، بالرغم من أنّه ادّعى على مدى أسابيع وقبل اقتحام مجمع الشفاء وجود أسرى إسرائيليين فيه. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي بعد الاقتحام، إنّه "لا مؤشرات" على وجود أسرى إسرائيليين في مستشفى الشفاء. ووجه بعض المحللين انتقادات لإسرائيل بعدما روجت لفترة طويلة ادعاء وجود مسلحين وأسرى داخل المستشفى، ومن ثم لم تقدم أي دلائل مقنعة حول هذه الادعاءات. كما قالت هيومن رايتس ووتش إن إسرائيل لم تقدم أدلة على ادّعاءاتها بشأن مستشفى الشفاء.

حملة دعائية إسرائيلية تستهدف المستشفيات في غزة 

وسبق أن نشرت إسرائيل مزاعم حول توفير المستشفيات ملاذًا آمنًا لحركة حماس، منها ما عرضته مؤخرًا حول وجود مقرات لحماس تحت مستشفى الرنتيسي، والتي راجعها "مسبار" في تحقيق منفصل. وترافقت هذه المزاعم مع حملة دعائية إسرائيلية واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي استهدفت القطاع الطبي في قطاع غزة، إذ أُنشئت صفحات عديدة مزورة وموثقة تحمل اسم وزارة الصحة في غزة وجمعية مستشفيات غزة وتنتحل صفتها الرسمية، تقوم بمشاركة منشورات مضللة تدعم الرواية الإسرائيلية بوجود مقرات مسلحة ضمن المستشفيات.

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية

اقرأ/ي أيضًا

معطيات تُشكّك في رواية إسرائيل بوجود أنفاق لحماس أسفل مستشفى الرنتيسي

الفيديو ليس لدخول الجيش الإسرائيلي بعض أنفاق حماس في غزة

الأكثر قراءة