` `

كيف تمارس إسرائيل الغسيل الوردي كغطاء على عدوانها في غزة؟

بيان حمدان بيان حمدان
أخبار
12 ديسمبر 2023
كيف تمارس إسرائيل الغسيل الوردي كغطاء على عدوانها في غزة؟
وصل عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى أكثر من 18 ألف فلسطينيًّا (Getty)

نشرت حسابات إسرائيلية رسمية يوم 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، منشورًا يظهر صورة شريكين مثليي الجنس، أحدهما يجثو على ركبته ويتقدم للزواج من شريكه الذي يظهر بلباس عسكري، مرفقة بنص يقول "توجه شموئيل إلى الحدود لرؤية شريكه دينيس، وهو جندي مقاتل وقائد سرية، ثم جثا على ركبة واحدة وعرض عليه الزواج، تقدم شموئيل بخاتم من مشروع "أدير دايموند" تخليدًا لذكرى أدير ميسيكا الذي قُتل في مهرجان نوفا للموسيقى بعد أن أنقذ سبعة أشخاص. قرر والد أدير تكريم ذكرى ابنه بتقديس الحياة من خلال الأزواج الذين سيبنون أسرهم".

فماهي دلالة الترويج لدعم المثلية الجنسية في الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل عدوانا على قطاع غزة؟

زواج المثليين في إسرائيل غير مشروع

يوحي المنشور المتداول لقارئيه أن زواج المثليين في إسرائيل مشروع، وقد روجت دولة الاحتلال لعاصمتها تل أبيب على أنها "عاصمة المثليين في الشرق الأوسط" ولكن الحقيقة أنه وعلى الرغم من تمتع المثليين في إسرائيل بحقوق غير موجودة في دول الشرق الأوسط، إلا أنه وحتى اللحظة لم تشرّع زواج المثليين فيها، ولا تعترف إلا بحالات الزواج المسجلة خارجها. 

وكانت إسرائيل قد اعترفت بزواج المثليين المسجل خارجها، عام 2006.

الدول التي تعترف بزواج المثليين في العالم
الدول التي تعترف بزواج المثليين في العالم

وحتى عام 2018، اعترض الكنيست الإسرائيلي على تمرير مشروع قانون يقنن زواج المثليين، الأمر الذي يعبّر بشكل ما عن عدم تقبّل كافة شرائح المجتمع المحلي للفكرة تمامًا، في حين تستمر الجهات الرسمية الإسرائيلية بالدفع باتجاه منح المثليين حقوقهم وخاصة الأزواج منهم. وحاليًا في إسرائيل يتمتع الأزواج المثليون بحقوق التبني وتأمين طرق بديلة للإنجاب. 

وبالنظر إلى التسلسل الزمني الذي مرت به إسرائيل في تشريع حقوق المثليين، نجد أن أول جمعية للمثليين تم تأسيسها عام 1975، وفي عام 1988 ومع بداية "ثورة المثليين"، ألغت إسرائيل تجريم المثلية دون الاعتراف بزيجات المثليين رسميًا، وألغت التمييز ضدهم في التوظيف عام 1992، وسمحت لهم بالالتحاق بالجيش عام 1993، فيما قضت المحكمة العليا بمنح المثليين مزايا الزوجية عام 1994، وفي عام 2002 تم انتخاب أول عضو مثلي الجنس بشكل علني في البرلمان الإسرائيلي، وتم منحهم حقوق التبني عام 2008، وأخيرًا في عام 2011 تم تعيين أول قاضٍ مثلي الجنس بشكل علني فيما استضافت إسرائيل في نفس العام، أكبر موكب فخر للمثليين في قارة آسيا بمشاركة أكثر من 100 ألف مشارك من جميع أنحاء العالم.

المثلية في إسرائيل
المثلية في إسرائيل

وعلى الرغم من أن الجهود التي تبذلها إسرائيل في هذا الجانب تأتي من منطلق الترويج إلى أنها الدولة الأكثر انفتاحًا على حقوق المثليين في الشرق الأوسط، مستغلةً تحفّظ المنطقة في هذا الصدد، إلا أنّها تحاول مؤخرًا “أنسنة” نفسها خاصة خلال الحرب الجارية على القطاع، ويحيلنا ذلك إلى ممارستها لما يعرف بالغسيل الوردي.

فما هو مفهوم الغسيل الوردي؟ وكيف تستغله إسرائيل حاليًا في التغطية على عدوانها؟

إسرائيل تمارس الغسيل الوردي خلال العدوان الجاري على غزة

الغسيل الوردي هو استخدام دول وشركات ومؤسسات وأحزاب، المواقف الداعمة لمجتمع المثليين من أجل تعزيز أو تبييض صورتها، والتغطية على جرائم أو انتهاكات لحقوق الإنسان.

وتمارس إسرائيل الغسيل الوردي للتغطية على كونها كيانًا محتلًا بالأساس، وخلال الحرب الجارية على القطاع، التي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال، تستمر دولة الاحتلال في الترويج لدعمها حقوق المثليين في محاولة لإخفاء عدونها على القطاع.

ففي يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، وقبل بدء الاحتلال الإسرائيلي عمليته البرية في قطاع غزة بيوم، نشر موقع بزنس إنسايدر، صورة جندي إسرائيلي يدعى يوآف أتزموني وهو بلباس عسكري ويحمل علم إسرائيل ممزوجًا بألوان علم المثلية الجنسية، وفي خلفية الصورة تظهر دبابات إسرائيلية.

وفي حديث أتزموني مع موقع بزنس إنسايدر الإخباري، قال إنه تم استدعاؤه للخدمة في الجيش الإسرائيلي بعد أحداث السابع من أكتوبر، وقد خطط لرفع علم المثلية الجنسية على دبابته أثناء قتاله ضد حماس، على الرغم من أن “ذلك قد يجعله هدفًا أكبر لهجمات المسلحين” بحسب تعبيره.

وقال أتزموني لموقع إنسايدر إنه يشعر بالقلق من "أن انتصار حماس يمكن أن يعيد التقدم الذي أحرزته إسرائيل في مجال حقوق المثليين إلى الوراء عدة عقود". مضيفًا "لن أسمح لهم بحبسي مجددًا".

صورة جندي إسرائيلي يدعى يوآف أتزموني يحمل علم إسرائيل وحدوده ملونة بعلم المثليين
صورة جندي إسرائيلي يدعى يوآف أتزموني يحمل علم إسرائيل وحدوده ملونة بعلم المثليين

انتشرت الصورة بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الحسابات الداعمة للاحتلال، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وحازت على ملايين المشاهدات.

ونشرت جمعية أغودا، الجمعية الإسرائيلية لحقوق للمثليين، مقطع فيديو أعادت مشاركته عدة حسابات إسرائيلية، يظهر ناشطة من مجتمع المثليين الإسرائيلي قالت فيه "علينا جميعًا أن نفرق بين الفلسطينيين البريئين وبين حماس، حماس ليست ضحية"، وأضافت أنها منظمة "إرهابية تعذب وتقتل المثليين وتضطهد النساء"، مشيرة إلى أن حركة حماس “لا تريد السلام أو الحرية أو الحقوق المتساوية لأي شخص، وخاصة المثليين”.

إلى جانب هذا، انتشرت صورة أخرى لنفس الجندي في نفس الشهر، على حسابات داعمة للاحتلال الإسرائيلي، ظهر فيها أتزموني وهو يحمل علم المثلية الجنسية وقد كُتب عليه عبارة "باسم الحب" باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والعبرية، وقالت إنها المرة الأولى التي يُرفع فيها علم المثليين في غزة. 

على صعيد آخر، طاولت الدعاية الإسرائيلية تعديلات على قانون زواج المثليين تقضي بمنح الأزواج من نفس الجنس حق الانتفاع بمزايا دعم أرامل الجنود، ففي السادس من نوفمبر الفائت، صادق الكنيست الإسرائيلي على تعديل المادة التي تحصر دعم الدولة لأرامل الجنود المتزوجين، لتشمل شركاء الجنود من نفس الجنس. وبحسب النائب الإسرائيلي يوراي لاهاف هيرتسانو من حزب يش عتيد الوسطي، يمكن لشركاء رهائن أو مفقودين الاستفادة منه أيضًا "بغض النظر عن جنسهم".

وجاء هذا القرار عقب مقتل جندي احتياط في وحدة إسرائيلية خاصة، يدعى ساغي غولان، يوم السابع من أكتوبر الفائت، في كيبوتس بئيري، خلال اليوم الأول من عملية طوفان الأقصى التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية، في مستوطنات غلاف غزة.

وبحسب ما أفادت به الصحف الإسرائيلية، فإن مقتل غولان، جاء قبل أسبوع من زواجه بشريكه عمر أوحانا، الذي سعى بعد وفاة شريكه إلى أن يحصل شركاء الجنود المثليين المتوفين على الحقوق نفسها التي يتمتع بها أي زوجين غير مثليين، وانتهى سعيه إلى إقرار هذا التعديل من قبل البرلمان الإسرائيلي، بعد شهر من وفاة غولان.

صورة متعلقة توضيحية

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، ارتفع عدد الضحايا الفلسطينيين إلى 18 ألفًا و412 شخصًا، فيما وصل عدد الجرحى إلى 50 ألفًا و100 جريح، قرابة 70% منهم من النساء والأطفال، وفقًا لآخر تحديثات وزارة الصحة الفلسطينية.

وأفاد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، الدكتور أشرف القدرة، أن الطواقم الصحية رصدت 326 ألف حالة مصابة بالأمراض المعدية وصلت للمراكز الصحية من مراكز الإيواء، منوهًا أن هذا العدد هو الذي استطاع الوصول للمراكز الصحية، ورجح أن يكون العدد أكثر بكثير.

كما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام الفائتة، ارتكب 19 مجزرة وإبادات جماعية في الأحياء السكنية وأماكن الإيواء في كافة المناطق بما فيها المناطق التي أعلنتها بأنها آمنة. 

وأشارت إلى أن الاحتلال الاسرائيلي تعمّد استهداف 137 مؤسسة وأخرج 22 مستشفى و46 مركزًا للرعاية الأولية عن الخدمة، وما زال يعتقل 36 من الكوادر الصحية.

اقرأ/ي أيضًا

الجيش الإسرائيلي ينشر إحصائيات مضللة لعدد مصابيه في الحرب على غزة

الحوثيون لم يعلنوا عن تدمير بارجة حربية إسرائيلية في مضيق باب المندب

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة