` `

تقرير: اعتماد إسرائيل على برامج الذكاء الاصطناعي لافندر لتحديد الأهداف يضاعف عدد الضحايا المدنيين

محمود سمير حسنين محمود سمير حسنين
سياسة
21 أبريل 2024
تقرير: اعتماد إسرائيل على برامج الذكاء الاصطناعي لافندر لتحديد الأهداف يضاعف عدد الضحايا المدنيين
لافندر هو برنامج ذكاء اصطناعي تستخدمه إسرائيل لتحديد الأهداف العسكرية (Getty)

هذا المقال ترجمة بتصرف عن تقرير لمجلة 972+

في عام 2021، صدر كتاب باللغة الإنجليزية تحت اسم مستعار "Brigadier General Y.S"، بعنوان "فريق البشر والآلة: كيفية خلق تعاضد بين الذكاءين البشري والاصطناعي لإحداث ثورة في عالمنا"، يقدم فيه الكاتب، وهو القائد الحالي لوحدة المخابرات الإسرائيلية النخبة 8200، تصوّره لتصميم جهاز خاص يمكنه معالجة كميات ضخمة من البيانات بسرعة، لتوليد آلاف "الأهداف" المحتملة للغارات العسكرية خلال الحرب. وكتب قائلاً إنّ مثل هذه التقنية ستحل ما وصفه بـ"المأزق البشري المتمثل في تحديد أهداف جديدة وعملية اتخاذ القرار للموافقة على الأهداف".

كشف تحقيق جديد لمجلة 972+ و"لوكال كول"، أنّ مثل هذه الآلة موجودة بالفعل، وأنّ الجيش الإسرائيلي طوّر برنامجًا قائمًا على الذكاء الاصطناعي يُعرف باسم "لافندر". ووفقًا لستة ضباط استخبارات إسرائيليين، خدموا جميعًا في الجيش خلال الحرب الجارية على قطاع غزة وشاركوا بشكل مباشر في استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد أهداف للاغتيال، فإن لافندر قد لعب دورًا مركزيًا في القصف غير المسبوق على الفلسطينيين، خاصة خلال المراحل الأولى من العدوان. حيث كان تأثيره على عمليات جيش الاحتلال "كما لو كان قرارًا بشريًا"، وفقًا للمصادر ذاتها.

خلال المراحل المبكرة من الحرب، منح الجيش الإسرائيلي الضباط موافقة بالأغلبية، لاعتماد قوائم الاغتيال المولدة باستخدام لافندر، دون شرط التحقق بدقة من أسباب اتخاذ الآلة لتلك الخيارات، أو شرط فحص البيانات الاستخباراتية الخام التي استندت إليها. وذكر مصدر أنّ الطاقم البشري غالبًا ما كان مجرد "ختم مطاطي" لقرارات الآلة، مضيفًا أنّ الطواقم تخصص عادة نحو "20 ثانية" فقط للهدف الواحد، قبل الموافقة على القصف، للتأكّد من أن الهدف المُحدد بواسطة لافندر هو ذكر. وذلك على الرغم من علمهم بأنّ النظام يرتكب ما يُعدّ "أخطاءً" في قرابة 10 في المئة من الحالات، كما يُعرف عنه إدراج أفرادٍ بالكاد تربطهم صلة بالمجموعات المسلحة أو لا صلة لهم بها على الإطلاق ضمن أهدافه.

وكما أشارت المصادر، فإنّ النتيجة كانت أن آلاف الضحايا الفلسطينيين، معظمهم نساء وأطفال أو أشخاص لم يشاركوا في القتال، تم محوهم من الوجود بواسطة الضربات الجوية الإسرائيلية، خاصة خلال الأسابيع الأولى من الحرب، بسبب قرارات برنامج الذكاء الاصطناعي.

والجدير بالذكر أن نظام لافندر ينضم إلى نظام ذكاء اصطناعي آخر يُعرف باسم " The Gospel"، والذي كُشفت معلومات عنه ضمن تحقيق سابق لـ 972+ ولوكال كول، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بالاستناد إلى منشورات رسمية للجيش الإسرائيلي نفسه. يكمن أحد الفروق الأساسية بين النظامين في تعريف الهدف، ففي حين يُعلِّمُ ذا جوسبل المباني والهياكل التي يزعم الجيش الإسرائيلي أنّ المقاتلين ينشطون منها، يُحدّد لافندر الأشخاص ويضعهم على قوائم اغتيال.

خسائر بشرية فادحة بسبب اعتماد إسرائيل الأتمتة في الاستهداف العسكري

وفقًا لقواعد إدارة القانون الدولي العسكري في القوات الإسرائيلية، يشير مصطلح "هدف بشري" في الماضي إلى قائد عسكري برتبة عالية يمكن اغتياله في منزله الخاص، حتى إذا كان هناك مدنيون من حوله. إذ أفادت أيضًا مصادر استخباراتية أنه خلال حروب إسرائيل السابقة على غزة، كانت هذه الطريقة "وحشية" لقتل شخص ما، وغالبًا عن طريق قتل العائلة بأكملها مع الهدف، وقد تم تحديد الأهداف البشرية بهذه الطريقة، ليتم قصف القادة العسكريين الكبار فقط في منازلهم، لتنفيذ مبدأ التناسب بموجب القانون الدولي.

وعليه شكلت السياسة الجديدة مشكلة تقنية بالنسبة للاستخبارات الإسرائيلية، ففي الحروب السابقة، كان على الضابط أن يمر بعملية "إنجاز" معقدة وطويلة، وذلك من أجل التصريح باستهداف هدف بشري واحد، فوجب عليه التحقق من أن الشخص كان بالفعل عضوًا ذا فاعلية في الجناح العسكري لحماس، ومعرفة مكان إقامته، ومعلومات الاتصال الخاصة به، وأخيرًا معرفة موعد وصوله لمنزله، ولمّا كانت قائمة الأهداف مرقمة ببضع عشرات من كبار القادة، كان بإمكان أفراد الاستخبارات التنسيق بشكل فردي وتحديد مواقع الأهداف.

لكن، بمجرد توسيع القائمة لتشمل عشرات الآلاف من العملاء الأقل رتبة، قرر الجيش الإسرائيلي الاعتماد على البرمجيات الآلية والذكاء الاصطناعي. والنتيجة، كما تشير المصادر، هي أنه تم تحجيم دور الأفراد القائمين على استهداف الفلسطينيين باعتبارهم عناصر عسكرية، ليبقى الذكاء الاصطناعي هو المحدد الأساسي للأهداف. ووفقًا لأربعة من المصادر، فإن برنامج لافندر الذي تم تطويره لتحديد أهداف بشرية في الحرب الحالية، قد حدد ما يقرب من 37 ألف هدف فلسطيني باعتبارهم "أفراد تابعة لحماس"، معظمهم من صغار السن، (نفى المتحدث الرسمي وجود قائمة القتل هذه في تصريح لـ 972+ ولوكال كول).

ولكن من الناحية العملية، تشير مصادر استخدمت لافندر في الأشهر الأخيرة إلى أن اتخاذ الحيطة والدقة استبدلت بالفتك الشامل.

لم تتبع إسرائيل سياسات لتقليص حجم الخسائر البشرية 

ذكر أحد المصادر التي استخدمت لافندر أنه لم يطلب من الضباط مراجعة تقييمات نظام الذكاء الاصطناعي بشكل مستقل أثناء الحرب الحالية، وذلك من أجل توفير الوقت واستهداف أكبر قدر ممكن من الأهداف البشرية دون عوائق.

وتساءل أحد منتقدي دقة لافندر "ما مدى صلة القرابة من مواطن مدني لمقاتل تابع لحماس، الصلة التي عليها يبني الجهاز هدفه؟"، "إنها حدود غامضة، هل الشخص الذي لا يتلقى راتبًا من حماس، ولكنه يساعدها في جميع أنواع الأشياء، يعدّ فردًا تابعًا لحركة حماس؟ هل شخص كان عنصرًا من حماس في الماضي، ولكنه لم يعد موجودًا اليوم، يعدّ تابعًا لحماس؟ كل هذه الميزات التي من خلالها تقيس الآلة مدى القرابة ودرجة الخطورة، هي خصائص لا يعتمد عليها ومشبوهة في حد ذاتها". 

بل إن هناك مشاكل مشابهة تتعلق بقدرة الآلات لتقييم الهاتف الجوال الذي يستخدمه شخص محدد كهدف، إذ قال المصدر "في حالة الحرب، يغير الفلسطينيون الهواتف طوال الوقت"، مضيفًا "أن الناس يفقدون الاتصال بعائلاتهم، أو يمنحون هواتفهم لصديق أو زوجة، وربما يفقدونها، ولا توجد طريقة للاعتماد بنسبة 100% على الآلية التلقائية التي تحدد رقم الهاتف الذي ينتمي إليه".

وأوضح أنّ المنهج العشوائي في الاستهداف يزيد من عدد الضربات والمستهدفين، وأضاف آخر: "في ذروته، تمكن النظام من توليد 37 ألف هدف بشري محتمل، ولكن تتغير الأرقام طوال الوقت، لأنها تعتمد على تعريفك لفرد تابع لحماس أو غيره، فقد كانت هناك أوقات تم فيها تعريف مقاتلي حماس على نطاق أوسع، ثم بدأت الآلة في إضافة أفراد الدفاع المدني، وضباط الشرطة، الذين سيكون من الخطأ هدر القنابل عليهم، فهم يساعدون حكومة حماس، ولكنهم لا يعرضون الجنود للخطر"، حسب ما ذكر المصدر المصدر.

يكتفي لافندر بأن يكون الهدف ذكرًا ليكون هدفًا محتملًا

نفى المتحدث الرسمي باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل مبدئي، في تصريح له، استخدام الذكاء الاصطناعي في تحقيق أهداف عسكرية لإسرائيل، قائلًا إنها مجرد "أدوات ثانوية تساعد الضباط في عملية الاستهداف".

إلا أنّ المصادر أشارت إلى أن بروتوكول الإشراف البشري الوحيد المطبق قبل قصف منازل ذوي الرتب المنخفضة المشتبه بهم، والذين ميزهّم لافندر، كان لإجراء عملية تحقق واحدة وهي التأكد من أن الهدف الذي اختاره الذكاء الاصطناعي هو ذكر وليس أنثى، وكان الافتراض أنه إذا كان الهدف امرأة، فمن المحتمل أن تكون الآلة قد ارتكبت خطأً، لأنه لا توجد نساء في صفوف الأجنحة العسكرية لحماس.

فمن الناحية العملية، قالت مصادر إنّ هذا يعني أنه بالنسبة للرجال المدنيين الذين تم تحديدهم بالخطأ من قبل لافندر، لم تكن هناك آلية إشراف للكشف عن الخطأ، ووفقا لأحد المصادر، حدث خطأ شائع "إذا أعطى أحد أفراد حماس هاتفه لابنه أو أخيه الأكبر أو رجل عشوائي، سيتم قصف هذا الشخص في منزله مع عائلته، وقد حدث ذلك في كثير من الأحيان، وكانت هذه هي الأخطاء التي تسبب بها لافندر". 

نسبة "الخسائر الجانبية" تصل إلى عشرة أفراد أمام الهدف الواحد

أما الخطوة الثانية من عملية الاستهداف التي تقوم بها قوات الاحتلال، فهي تحديد مكان الأهداف التي يولدها لافندر. وفي تصريح خاص لمجلة 972+ ولوكال كول، قال المتحدث باسم قوات الاحتلال ردًّا على هذا التقرير الاستقصائي أن "قادة حماس يتموضعون بين أفراد عائلاتهم، وتستخدم بشكل منهجي السكان المدنيين كدروع بشرية، وتجري المعارك من داخل الهيئات المدنية، بما في ذلك المواقع الحساسة مثل المستشفيات والمساجد والمدارس ومرافق الأمم المتحدة. ويلتزم جيش الدفاع الإسرائيلي ويتصرف وفقًا للقانون الدولي، إذ يوجه هجماته  إلى الأهداف العسكرية وأفراد الفصائل العسكريين فقط".

وقالت المصادر لـ 972+ وللوكال كول، أنه بما أن كل فرد في غزة لديه منزل خاص يمكن تحديده، تستطيع أنظمة المراقبة حينئذ "ربط" الأفراد بمنازلهم الخاصة بسهولة وبشكل تلقائي، ومن أجل تحديد اللحظة التي يدخل فيها العملاء منازلهم، تم تطوير العديد من البرامج الآلية الإضافية، وتتبع هذه البرامج الآلاف من الأفراد في وقت واحد، وتحدد متى يكونون في المنزل، وترسل تنبيهًا تلقائيًا إلى المسؤول عن الاستهداف، الذي يحدد المنزل للقصف، ومن بين العديد من برامج التتبع هذه، التي تم الكشف عنها هنا لأول مرة، برنامج يسمى "where is daddy".

والدليل على هذه السياسة واضح أيضًا من البيانات، فخلال الشهر الأول من العدوان، كان أكثر من نصف الوفيات، أي ما يعادل 6,120 ضحية، ينتمون إلى 1,340 أسرة، وتم قتل العديد من الضحايا أثناء وجودهم داخل منازلهم، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة.

ووفقًا لهذا المصدر، فبعض القُصَّر اعتبرهم لافندر أهدافًا للقصف، وأنه "عادة ما يكون أفراد حماس فوق سن 17 سنة، ولكن هذا لم يكن شرطًا".

وقالت مصادر إن لافندر وأنظمة أخرى مثل where is daddy أدت إلى قتل عائلات بأكملها، من خلال إضافة اسم من القوائم التي يولدها لافندر إلى نظام تتبع المنزل.

يقول المصدر الأول "دعونا نقول إنك تحسب أن هناك عنصر من حماس بالإضافة إلى عشرة مدنيين في المنزل، عادة، سيكون هؤلاء العشرة من النساء والأطفال، فليس من الغريب أن معظم الأشخاص الذين سقطوا ضحايا كانوا من النساء والأطفال".

استخدمت إسرائيل أكثر الأسلحة فتكًا لتفادي الخسائر الاقتصادية

وكانت الخطوة الثالثة هي اختيار السلاح، فبمجرد أن يحدد لافندر هدفًا للاغتيال، تحقق أفراد من قوات الاحتلال من أنهم ذكور، وتبدأ برامج التتبع في العمل حتى وصول الهدف إلى المنزل، لتبقى مرحلة تالية هي انتقاء الذخيرة التي سيتم قصفهم بها.

إلا أن ثلاثة مصادر استخباراتية أخبرت 972+ ولوكال كول، بأن أفراد حماس ذوي الرتب المنخفضة أي الجنود الذين حددهم برنامج لافندر لم يُقتلوا إلا بأسلحة dumb bombs، وذلك بهدف توفير أسلحة أكثر تكلفة، وقد أوضح مصدر آخر أن الاحتلال لن يقصف هدفًا صغيرًا إذا قطن مبنىً مرتفعًا، لأنهم لم يرغبوا في إنفاق ما يسمى "floor bombs" المعروفة بدقتها وتكلفتها (مع تأثير جانبي محدود أكثر)، ولكن إذا كان مستهدَفًا هامشيًا يعيش في مبنى يحتوي على عدد قليل من الطوابق، فإن القوات مخولة بقتله هو وكل من في المبنى بال "dumb bombs". 

إسرائيل تسمح لقواتها بقتل أكبر عدد من المدنيين 

أحد المصادر صرح أنه عند مهاجمة أفراد المقاومة العاديين، بمن فيهم أولئك الذين حددتهم أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل لافندر، تم تحديد عدد المدنيين الذين سمح بقتلهم إلى جانب كل هدف خلال الأسابيع الأولى من الحرب حتى وصل عدد المتاح قتلهم إلى 20 شخصًا، وذكر مصدر آخر أن الرقم الثابت كاد يصل إلى 15 فردًا، وقد طبقت "درجات الضرر الجانبي" كما يطلق عليها الجيش، على نطاق واسع على جميع صغار أفراد المقاومة الفلسطينية، بغض النظر عن رتبتهم وأهميتهم العسكرية وعمرهم، ومع عدم إجراء فحص محدد لكل حالة على حدا لقياس الأهمية العسكرية التي يمثلها الهدف، مقابل الضرر الواقع على المدنيين.

وأردف أحد المصادر، بأن هذه هي السياسة السائدة في المدة التي خدم فيها، وفي وقت لاحق فقط قام الاحتلال بخفض درجة الضرر الجانبي. وأنه "وفقًا لهذه الحسابات، كان ليقتل 20 طفلًا أمام كل مقاتل، مؤكدًا أن الأمر لم يكن بهذا الشكل سابقًا، وردًّا على سؤال ما المنطق من وراء هذه السياسات الأمنية المطبقة حديثًا، قال: "الفتك".

معلومات مسبقة بقتل 300 مدني لاستهداف قيادي في حماس

أضافت مصادر أنه بسبب الضغط الأمريكي، لم تعد قوات الاحتلال تقصف هدفًا بشريًّا عاديًا في منزله، وحقيقة أن معظم المنازل في قطاع غزة تم تدميرها أو تضررت بالفعل، وأن جميع السكان تقريبًا قد نزحوا، أثّر سلبًا على قدرة الاحتلال من الاعتماد على قواعد البيانات الاستخباراتية وبرامج تحديد مواقع المنازل عبر البرمجيات الآلية.

ومع ذلك، لا تزال الضربات الجوية ضد كبار قادة حماس مستمرة، وقالت مصادر إنّ الاحتلال يسمح بقتل "مئات" المدنيين لكل هدف بالنسبة لهذه الهجمات، وهي سياسة رسمية لا توجد لها سابقة تاريخية في إسرائيل، أو حتى في العمليات العسكرية الأميركية الأخيرة.

وأضاف أحد المصادر أنه "في قصف استهدف قائد كتيبة الشجاعية، كنا نعرف أننا سنقتل أكثر من 100 مدني". من جانبه ذكر المتحدث باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي إن هذا القصف استهدف قتل وسام فرحات القيادي في حركة حماس. وقال المصدر معلّقًا على تصريح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي "بالنسبة لي، كان ذلك أمرًا غير معتاد، فقتل أكثر من 100 مدني، يتخطى بعض الخطوط الحمراء".

ونقلت مجلة 972+ عن مصادر استخباراتية أخرى تأكيدها المشاركة في ضربات أكثر فتكًا مما ذكر أعلاه، وأضافت أنه من أجل قتل أيمن نوفل، قائد لواء غزة المركزي لدى حماس، سمح الاحتلال بقتل ما يقرب من 300 ضحية من المدنيين، مما أدى إلى تدمير العديد من المباني إثر غارات جوية على مخيم البريج للاجئين في 17 أكتوبر/كانون الأول الفائت، وكان ذلك بناءً على تحديد دقيق لموقع أيمن نوفل القائد، حسب المصادر.  وبالنظر في لقطات الأقمار الصناعية نرى عددًا كبيرًا من المباني ذات الطوابق المتعددة الكبيرة المدمرة إثر القصف.

وأحد المصادر أحال أيضًا كلمة "انتقام" لوصف الجو داخل قوات الاحتلال من بعد السابع من أكتوبر، مضيفًا أنه "لم يفكر أحد فيما يجب فعله بعد انتهاء الحرب، أو كيف سيكون من الممكن العيش في غزة وماذا سيفعلون بها، لكن القادة قالوا لهم أن يفكروا في حماس، بغض النظر عن التكلفة، وأيًا كان ما يمكنهم فعله، فقط اقصف الهدف".

حسابات غير دقيقة لأعداد "الخسائر الجانبية"

بالنسبة للخطوة الخامسة، هي حسابات الخسائر الجانبية، فبحسب المصادر الاستخباراتية، حسبت القوات الإسرائيلية عدد المدنيين المتوقع قتلهم في كل منزل أمام كل هدف بمفرده، بمساعدة برامج آلية وغير دقيقة، أما في الحروب السابقة، كان أفراد الاستخبارات يقضون الكثير من الوقت في التحقق من عدد الأشخاص الذين كانوا في منزل ما سيتم قصفه، مع ذكر عدد المدنيين المعرضين للقتل كجزء من “ملف مستهدف”. ولكن بعد السابع من أكتوبر، تخلى الاحتلال عن هذا التدقيق المعلوماتي الشامل لصالح الأتمتة إلى حد كبير.

وفي شهر أكتوبر الفائت، أفادت مجلة ذا نيويورك تايمز عن نظام يعمل من قاعدة خاصة في جنوب إسرائيل يجمع معلومات من الهواتف النقالة في قطاع غزة، ثمّ يزود القوات الإسرائيلية بتقدير حي لعدد الفلسطينيين الذين نزحوا من شمال قطاع غزة جنوبًا. وقد أخبر العميد أودي بن محى مجلة ذا نيويورك تايمز أنه "ليس نظامًا مثاليًا بنسبة 100%، ولكنه يمنحك المعلومات التي تحتاج إليها لاتخاذ قرار"، ويعمل النظام وفقًا للألوان مثلًا مناطق بالعلامات الحمراء حيث يوجد اكتظاظ سكاني، ومناطق بالعلامات الخضراء والصفراء التي تم إخلاؤها نسبيًّا من السكان.

قتل عائلات فلسطينية بأكملها 

وفي الخطوة السادسة، يتم اختيار بيت ليتم قصفه، إذ أوضحت المصادر التي تحدثت مع المجلة أنه في بعض الأحيان كانت هناك فجوة كبيرة، بين لحظة تنبيه أنظمة التتبع مثل where is daddy أحد الضباط إلى أن هدفًا قد دخل منزله، وبين القصف نفسه، مما أدى إلى قتل أسر بأكملها حتى دون إصابة الهدف، مضيفًا أنه "حدث عدة مرات عندما هاجمنا منزلًا، ولكن الشخص لم يكن حتى في المنزل"، وقال مصدر آخر إن "النتيجة أنك قد تقتل أسرة كاملة دون سبب".

وأفادت ثلاثة مصادر استخباراتية إنّ قوات الاحتلال قصفت منزل الأسرة الخاص، وتبين لاحقًا أن الهدف المقصود من العملية لم يكن حتى داخل المنزل، بسبب عدم وجود أي تحقق مسبق لوجود الهدف من عدمه. 

اقرأ/ي أيضًا

شهادات ودلائل تدين الاحتلال في مجزرة دوار الكويت وتنافي الرواية الإسرائيلية

مستشفى الشفاء: أبرز ما طاولته المزاعم الإسرائيلية خلال الحرب على غزة

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة