تتواصل الضربات العسكرية الأميركية-البريطانية ضد مواقع تقع تحت سيطرة الحوثيين في اليمن، ردًّا على اعتراض الجماعة سفنًا في البحر الأحمر وخليج عدن.
واعترض الحوثيون منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، ما يزيد عن 30 سفينة تجارية إسرائيلية و/أو متجهة إلى موانئ إسرائيل. وتأتي هذه العمليات، وفق يحيى سريع المتحدث باسم القوات اليمنية، بهدف رفع الحصار عن قطاع غزة وإدخال المساعدات الغذائية والأدوية، وإيقاف الحرب التي تشنها إسرائيل ضده، منذ السابع من الشهر ذاته.
وفي سياق متصل تداولت وسائل إعلام وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا، أنباء عن تهديدات حوثية محتملة باستهداف كابلات الإنترنت البحرية في مضيق باب المندب، الرابط بين خليج عدن والبحر الأحمر، ردًّا على هجمات التحالف الأميركي-البريطاني ضد اليمن.
أصل شائعة تهديد الحوثيين باستهداف الكابلات البحرية
بحث “مسبار” عن أصل الادّعاء ووجد أنّه يُنسب إلى قناتين على تطبيق تيليغرام، يُشتبه في صلة إحديهما بجماعة الحوثي اليمنية، وصلة الأخرى بحزب الله اللبناني.
ولم يتمكن مسبار من التحقّق بشكل مستقل من صلة القناتين المفترضة بالجهتين، بعدما حجب موقع معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط (ميمري)، الأميركي الداعم لإسرائيل الذي رصد القناتين، اسميهما.
ونشر الموقع، في 26 ديسمبر/كانون الأول 2023، لقطة شاشة تظهر فيها خريطة كابلات بحرية، قال إنّها من قناة تتبع الحوثيين. وجاء في النص المرافق للخريطة “يبدو أن اليمن جاء في موقع استراتيجي بحيث تمر بجانبه خطوط الإنترنت التي تُغذّي قارات وليس دولاً فقط”.
وجاء في منشور منسوب للقناة، ذات الصلة المفترضة بحزب الله، "هل تعلم أن كابلات الإنترنت التي تربط الشرق بالغرب تمر من باب المندب؟؟؟". وذكر منشور آخر منسوب للقناة ذاتها "في رسالة مبطّنة للتحالف الغربي. كابلات الإنترنت العالمي التي تمر من مضيق باب المندب تحت قبضتنا؟".
الحوثيون ينفون صحّة شائعة التهديد باستهداف الكابلات البحرية
نفت وزارة الاتصالات اليمنية التابعة لحكومة الحوثيين في بيان، نشرته يوم 26 ديسمبر الفائت، صحّة ما تداولته بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام وصفحات وصفتها بأنّها "محسوبة على العدو الصهيوني"، حول وجود تهديدات تجاه الكابلات البحرية المارة من باب المندب، مؤكّدة في السياق حرصها على تجنيب خطوط وكابلات الاتصالات وخدماتها أيّ أخطار.
وأشار البيان إلى أنّ قرار منع السفن الإسرائيلية من عبور البحر الأحمر لا يمسُّ السفن التابعة لشركات الاتصالات الدولية المرخص لها من طرف هيئة الشؤون البحرية اليمنية التابعة للحوثيين لتنفيذ أعمال الكابلات البحرية.
الحكومة اليمنية في عدن تدين التهديدات المنسوبة للحوثيين
وعادت الادعاءات إلى الواجهة ثانية في الرابع فبراير/شباط الجاري، عندما نقلت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، التابعة لحكومة عدن، خبرَ استنكار شركتين يمنيتين للاتصالات “تهديدات الحوثيين باستهداف الكابلات البحرية الدولية”.
وبحسب الوكالة، أدانت المؤسّسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية والشركة اليمنية للاتصالات الدولية (تيليمن) ما قالت إنّه “استمرار عسكرة للبحر الأحمر ومضيق المندب وجهود تعطيل الاقتصاد العالمي من خلال استهداف البنية التحتية للاتصالات الدولية”.
وأشار البيان إلى أنّ التحالفات الدولية للاتصالات، التي تدير الكابلات، تعاملت مع جماعة الحوثيين خلال السنوات الفائتة، وأنّ الجماعة كسبت بفضل سيطرتها على الكابلات، مليارات الدولارات.
وطالبت الشركتان في ختام البيان، شركات ومؤسّسات الاتصالات الدولية بوقف تعاملاتها مع الحوثيين والكيانات الخاضعة لسيطرتهم في صنعاء، داعية إيّاها إلى الانتقال المنتظم (إلى عدن) “لحماية خدمات الاتصالات الدولية في اليمن والعالم من التخريب”.
جمعية الإنترنت اليمنية تنفي تهديد الحوثيين باستهداف كابلات الإنترنت البحرية
حاول مسبار التحقّق من صحّة ما ذُكِر في البيان بالعودة إلى موقعي الشركتين، ووجد أنّ الموقع الإلكتروني للمؤسّسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية معطّل، في حين يخضع موقع الشركة اليمنية للاتصالات الدولية (تيليمن) وحسابها على موقع إكس لسيطرة الحوثيين.
وعلى الموقع الإلكتروني للشركة اليمنية للاتصالات (تيليمن)، عثر مسبار على بيان صحفي نُشر أول أمس الثلاثاء، ينفي فيه فرع اليمن من جمعية الإنترنت العالمية وجود أيّ تهديدات للكابلات البحرية، ويصف الادّعاءات على لسان مسؤول في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بـ "الأكاذيب المفبركة".
وقالت جمعية الإنترنت، في البيان ذاته، إنّها “لم تلمس أي عمل أو أيّ نيّة لمثل تلك الأعمال”، مبدية قلقها من أن يكون نشر الادعاءات تمهيدًا لاستهداف جهات خارجية الكابلات البحرية وإلصاق التهمة باليمنيين.
كابلات الإنترنت البحرية
توجد 17 في المئة من ألياف الإنترنت حول العالم في قاع البحر على بعد مئات الأمتار عن السطح. ويُعتقد، وفق هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، أنّ لدى الولايات المتحدة وروسيا القدرات البحرية لقطعها، باستخدام غواصات ومن ثمة مقصّات عملاقة لقطع الكابلات في قاع المحيط.
إقرأ/ي أيضًا
الصورة قديمة وليست من استهداف الحوثيين سفينة ستار ناسيا في البحر الأحمر
زيارة بن سلمان إلى حاملة طائرات أميركية عام 2015 وليست خلال قصف مواقع الحوثيين
