تضليل في تغطية الإعلام الغربي خبر إحراق الجندي الأميركي نفسه احتجاجًا على الإبادة الجماعية في غزة

في الخامس والعشرين من فبراير/شباط الجاري، أحرق الجندي الأميركي آرون بوشنيل نفسه أمام سفارة الاحتلال الإسرائيلي في العاصمة الأميركية واشنطن، خلال بث مباشر أجراها، ليهتف قبل حرق نفسه “الحرية لفلسطين”. وبعد دقائق بدأت قوات الأمن بالتوافد إلى مكان الحادث لإنقاذ الجندي، إلّا أنه توفي خلال نقلة بسيارة الإسعاف.

وقال بوشنيل قبل أن يضرم في نفسه النار "سوف أنفّذ احتجاجًا متطرفًا الآن، لا أستطيع التواطؤ مع إبادة جماعية بعد الآن، لكن بالمقارنة مع ما يعانيه الشعب الفلسطيني على يد محتليهم فهو ليس متطرفًا على الإطلاق". 

وآروت بوشنيل (25 عامًا)، هو جندي التحق بالقوات الجوية الأميركية عام 2020، وعمل في تكنولوجيا المعلومات، وكان قد عزم على ترك الجيش والعمل في مجال برمجة الكمبيوتر حسبما ذكر في صفحته على موقع لينكد إن للتوظيف. 

تضليل في تغطية وسائل الإعلام الغربية لإحراق الجندي الأميركي نفسه

بعد إقدام بوشنيل على إحراق نفسه احتجاجًا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تابع مسبار تغطية بعض أهم الصحف ووسائل الإعلام الغربية لما حصل، ولاحظ وجود تعتيم حول بعض جوانب الخبر وأسباب إقدام بوشتيل على إحراق نفسه، من خلال استخدام عناوين صحفية تتجنب الإشارة إلى سبب الاحتجاج، الذي هو اعتراض مباشر على ارتكاب إسرائيل الإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة.

تغطية قناة الحرة لإحراق الجندي الأميركي نفسه

ففي هذا التقرير الذي عرضته قناة الحرة الأميركية، يظهر الفيديو الأصلي للجندي وهو متجه إلى السفارة الإسرائيلية في واشنطن، لكن في الدقيقة 1:37 من الفيديو يتم تجنب عرض الجزء الذي يتهم فيه بوشنيل الاحتلال بارتكاب الإبادة الجماعية في غزة، وأنّ إحراقه لنفسه لا يعدّ أمرًا متطرفًا إذا ما قورن بالإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق سكان قطاع غزة.

ذا غارديان تتجنب ذكر سبب حرق الجندي الأميركي نفسه

انتقالًا لتغطية الصحيفة البريطانية ذا غارديان للحدث نفسه، ففي عنوان خبرها عن الحادثة، لا تذكر سبب إحراق الجندي الأميركي نفسه أمام سفارة الاحتلال الإسرائيلي. كذلك في متن الخبر لا تشير الصحيفة مباشرة إلى سبب ما فعله بوشنيل بنفسه، وتكتفي بالقول بأنه هتف "الحرية لفلسطين" قبل أن يحرق نفسه. هكذا أوحى خبر ذا غارديان، بعنوانه ومتنه، أن بوشنيل أحرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن، دعمًا لفلسطين فحسب، وليس اعتراضًا صريحًا على الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة على يد جيش الاحتلال.

ذا واشنطن بوست تشير إلى أنّ آرون بوشنيل لديه ميول آناركية

بدورها ذكرت صحيفة ذا واشنطن بوست، أن للجندي الأميركي آرون بوشنيل خلفية تربوية دينية، وأن له ميول آناركية، في إشارة إلى اعتناقه ذهنية متطرفة. لا تذكر أيضًا ذا واشنطن بوست ما قاله بوشنيل في المقطع، وتذكر آراء له شاركها مع أصدقائه سابقًا تتسم بالعداء للسياسات الأميركية خصوصًا عقب مقتل الشاب الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد، على يد أحد عناصر الشرطة، فتلك القضية حسبما ذكرت الصحيفة شجعته على قراءة تاريخ الولايات المتحدة بشكل مختلف. 

وكالة رويترز لم تذكر أسباب حرق الجندي الأميركي نفسه

غطّت وكالة رويترز للأنباء الحدث، بخبر حمل عنوانًا يذكر أنّ ما حصل مظاهرة داعمة لغزة، وفي تفاصيل الخبر لم تتطرق لأي تفاصيل عن فحوى الفيديو أو الأسباب التي ذكرها بوشنيل لقيامه بحرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية، وإشارته إلى ممارسات الاحتلال، واتهام الولايات المتحدة بالضلوع في الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون، مكتفية بالقول إنه أحرق نفسه وهو يطالب بالحرية لفلسطين.

تأبين الجندي بوشنيل وضحايا حرب غزة أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن

اجتمع عدد من المتظاهرين في العاصمة الأميركية واشنطن أمس الثلاثاء 27 فبراير/شباط، أمام السفارة الإسرائيلية تأييدًا للاحتجاج الذي نفذة بوشنيل يوم 25 فبراير عبر إحراقه نفسه، وتأبينًا له وللفلسطينيين الذين ذهبوا ضحية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والذين بلغ عددهم منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت 29878، في ما تجاوز عدد المصابين 70215.

اقرأ/ي أيضًا 

التضليل مرتين: وسائل الإعلام الغربية لم تصحح الادعاءات التي ثبت زيفها عن مستشفى الشفاء

وسائل إعلام غربية تتجاهل تقريرًا أمميًّا حول العنف الجنسي الذي يمارسه جنود الاحتلال ضد الفلسطينيات