` `

تحقيق لذا نيويورك تايمز حول العنف الجنسي تحت المساءلة بعد ثبوت دعم إحدى مُعداته لإبادة الفلسطينيين

فراس دالاتي فراس دالاتي
أخبار
28 فبراير 2024
تحقيق لذا نيويورك تايمز حول العنف الجنسي تحت المساءلة بعد ثبوت دعم إحدى مُعداته لإبادة الفلسطينيين
تعرّض تحقيق ذا نيويورك تايمز حول العنف الجنسي لسلسلة من الانتقادات (Getty)

في أواخر العام الفائت، نشرت صحيفة ذا نيويورك تايمز تحقيقًا بعنوان "صرخات بلا كلمات: كيف استخدمت حماس العنف الجنسي كسلاح في 7 أكتوبر"، نقلت فيه شهادات نساء إسرائيليات ادّعين تعرضهنّ لجرائم الاغتصاب والعنف الجنسي على أيدي عناصر حماس الذين اقتحموا مستوطنات غلاف غزة في عملية "طوفان الأقصى".

ومنذ لحظة نشره، وُجِّهت للتحقيق انتقاداتٍ واسعة، من قبل مؤسسات ومنظمات إعلامية وحقوقية ونسوية، لما ورد فيه من ثغرات وغيابٍ للأدلة وادعاءات متناقضة مع ما أدلى به بعض الشهود أنفسهم للإعلام الإسرائيلي.

تحقيق ذا نيويورك تايمز حول استخدام حماس العنف الجنسي كسلاح في 7 أكتوبر
تحقيق ذا نيويورك تايمز حول استخدام حماس العنف الجنسي كسلاح في 7 أكتوبر

كما عرف التحقيق انتقادات داخلية من قبل بعض كتّاب ومحرري الصحيفة، ما دفع هيئة التحرير لتكليف مُعدّي التحقيق بمتابعة جمع الأدلة التي تدعم تقاريرهم الأصلية، وإعداد حلقة خاصة من بودكاست "ذا ديلي" الذي تنتجه الصحيفة لنقاش التحقيق، مع ترك بعض المساحة للمساءلة والتشكيك وطرح الأسئلة، التي غابت عن التحقيق الأصلي، لكنها مُنعت من النشر تحت ضغوط منظمات إسرائيلية.

صحفية تدعم الإبادة وجهات إسرائيلية تخشى فتح تحقيق

ويبدو أنّ الانتقادات الموجّهة للصحيفة بسبب التحقيق لم تنتهِ بعد، إذ أكد مسؤولون رفيعوا المستوى في ذا نيويورك تايمز، يوم الأحد، أنهم يحققون مع عنات شوارتز، التي ساهمت في إعداد التحقيق المُشار إليه حول العنف الجنسي المزعوم الذي ارتكبته حماس في 7 أكتوبر، وتقارير عديدة أخرى لصالح الصحيفة، بعد أن تبين خلال الأيام الأخيرة أن الصحفية الإسرائيلية المستقلة أُعجبت بتدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إسرائيل إلى تحويل قطاع غزة "إلى مسلخ" ومحتويات أخرى تدعو للإبادة وتهزأ من الفلسطينيين.

المنشور الداعي لتحويل غزة إلى مسلخ الذي أعجبت به شوارتز - إكس
المنشور الذي تفاعلت معه شوارتز إعجابًا ويدعو  لتحويل غزة إلى مسلخ - إكس

وقالت دانييل رودس ها، المتحدثة باسم ذا نيويورك تايمز، لصحيفة ديلي بيست “نحن مدركون لحقيقة أن الصحفية المستقلة في إسرائيل التي عملت مع التايمز قد أبدت إعجابها بالعديد من منشورات مواقع التواصل الاجتماعي. إن هذه الإعجابات تعد انتهاكات غير مقبولة لسياسة مؤسستنا. ونحن نقوم حاليًا بمراجعة الأمر”.

جاء تأكيد المراجعة بعد أن كشف حساب @zei_squirrel على موقع إكس (تويتر سابقًا) يوم الجمعة أن شوارتز أعجبت بتدوينة "تحويل غزة المسلخ" التي نشرها المحرر ومقدم الراديو الإسرائيلي ديفيد مزراحي فيرثايم على موقع إكس، ومنشورات أخرى تتداول معلومات مضللة حول الهجوم الذي قادته حماس في أكتوبر.

فيما أعربت مصادر إسرائيلية لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، عن قلقها من فتح صحيفة ذا نيويورك تايمز، تحقيقًا بذلك، إذ اعتبرت أن خطوة كهذه "ستساعد مُنكري الحقائق على تشويه مصداقية التقارير المتعلقة بالاعتداءات الجنسية التي ترتكبها حماس".

وقالت الصحفية إيشا كريشناسوامي، مضيفة بودكاست Historic.ly، والتي بدأت أيضًا في البحث في نشاط وتاريخ شوارتز عبر الإنترنت، يوم السبت، في تدوينة على إكس إن شوارتز "أعادت تنشيط حسابها. لكنها قامت بتطهيره من الإعجابات السابقة لمنشورات الترويج للإبادة الجماعية".

شوارتز موظفة في هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية

تنص سياسة النشر على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بصحيفة ذا نيويورك تايمز، جزئيًا، على أنه يجب على الصحفيين "عدم التعبير عن آراء حزبية، أو الترويج لآراء سياسية، أو تأييد المرشحين، أو الإدلاء بتعليقات مسيئة، أو القيام بأي شيء آخر يقوض السمعة الصحفية للتايمز"، و"يجب أن يكونوا منتبهين بشكل خاص أثناء ظهورهم على مواقع التواصل الاجتماعي لأن لا ينحازوا إلى أحد الجانبين في القضايا التي تسعى التايمز إلى تغطيتها بموضوعية".

ساهمت شوارتز، في عدد من تقارير صحيفة ذا نيويورك تايمز، منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الفائت إلى يناير/كانون الثاني، مع تركيز كلي في تقاريرها على عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حماس والحرب الإسرائيلية على غزة، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني حتى الآن، ويجري التحقيق فيها في محكمة العدل الدولية باعتبارها إبادة جماعية.

كما يُظهر حساب شوارتز على منصة لينكد إن للتواصل الاجتماعي المهني، أنّها صحفية ومخرجة أفلام، وبأنها تعمل في هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية (كان).

حساب عنات شوارتز على لينكد إن
حساب عنات شوارتز على لينكد إن

بالإضافة إلى تقاريرها مع ذا نيويورك تايمز، كتبت شوارتز فقرات وعناوين فرعية في مقالات متعددة حول اتهامات بأن مقاتلي حماس ارتكبوا أعمال عنف جنسي أثناء الهجوم على إسرائيل في السابع من أكتوبر. وتعاونت مرارًا وتكرارًا مع مراسل الصحيفة الدولي، الحائز على جائزة بوليتزر للصحافة، جيفري جيتلمان وآدم سيلا، الذي كتب عشرات المقالات للصحيفة منذ منتصف أكتوبر.

واضطرت الصحيفة، نتيجة للانتقادات التي تعرضت لها في أعقاب نشر تحقيق "صرخات بلا كلمات"، الذي ظهر على الصفحة الأولى من النسخة المطبوعة للصحيفة يوم الأحد 31 ديسمبر/كانون الأول، إلى إضافة تصحيح له من قبل الثلاثي، موضحةً أن الشرطة الإسرائيلية "تعتمد بشكل أساسي على شهادة الشهود، وليس على تشريح الجثث أو أدلة الطب الشرعي". 

بعد ذلك، نقلًا عن مصادر في غرفة الأخبار داخل الصحيفة، ذكر موقع "ذا إنترسبت" الأميركي الشهر الفائت، أن ذا نيويورك تايمز، "سحبت حلقة من بودكاست ذا ديلي حول تلك التقارير، تُسائل ما ورد فيها"، نتيجة ضغط منظمة "كاميرا" لمراقبة الإعلام، وهي منظمة إسرائيلية تسعى لترسيخ المنظور الإسرائيلي للأحداث في وسائل الإعلام الغربية، كشف مسبار تفاصيلها سابقًا.

وقال المتحدث باسم الصحيفة، يُدعى تشارلي ستادتلاندر، لموقع ذا إنترسبت في ذلك الوقت "كمسألة عامة في السياسة، نحن لا نعلق على تفاصيل ما قد يتم نشره أو لا يتم نشره في صحيفة ذا نيويورك تايمز أو برامجنا الصوتية".

صحفيون يشككون في جدارة شوارتز لإعداد نوعية من التقارير 

من جانبه، نقل ريان غريم، المحرر في موقع ذا إنترسبت، يوم الأحد، عن مصادر لم يذكرها، أنّ ذا نيويورك تايمز "تقوم الآن بقطع العلاقات" مع شوارتز. وأشار أيضًا إلى أن البودكاست الخاص بالصحيفة لن يعرض الحلقة التي تتعلق بتقاريرها.

ومع تزايد الاهتمام بتاريخ شوارتز المهني ونشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال عطلة نهاية الأسبوع، علق العديد من الصحفيين الآخرين في منشورات لهم على الموضوع. إذ قالت مارغريت سوليفان، التي شغلت منصب المحررة العامة في صحيفة ذا نيويورك تايمز لأربع سنوات "أقول مازحة أحيانًا إنه يوم جيد آخر ألا أكون فيه المحررة العامة في صحيفة ذا نيويورك تايمز، ولكن يمكن للمؤسسة الآن تكريس جهود المحرر للتحقيق نيابة عن القراء". 

بينما كتب ويل بانش، كاتب العمود في صحيفة فيلادلفيا إنكويرر “باعتباري صحفيًا مخضرمًا، أعلم أن هناك الكثير من المراسلين الحائزين على جوائز والذين قد يبذلون قصارى جهدهم للحصول على عنوان ثانوي في صحيفة ذا نيويورك تايمز. لكن صانعة أفلام تتمتع بخبرة صفرية تظهر وتتصدر غلاف الصفحة الأولى على تغطيتها القصة الأكثر إثارة للجدل في العالم؟ هناك شيء غير صحيح”.

وجهت انتقادات لصحيفة ذا نيويورك تايمز - مثل غيرها من الصحف اليومية الأميركية - منذ فترة طويلة، بالتحيز ضد الفلسطينيين، والتي تصاعدت ردًّا على تغطية الصحيفة للحرب الإسرائيلية على غزة، التي تستمر منذ قرابة خمسة أشهر.

إذ أُجبرت جازمين هيوز على الاستقالة من عملها ككاتبة في مجلة نيويورك تايمز في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، لانتهاكها سياسة الاحتجاج العامة من خلال التوقيع على رسالة مفتوحة تدين الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة. في نفس الشهر، وقع جيمي لورين كيليس، وهو مساهم يعرف نفسه على أنه "يهودي ملتزم دينيًا"، على الرسالة أيضًا وقال إنه لن يكتب للصحيفة، بعد الآن.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، أعلن حسام سالم، المصور الصحفي الفلسطيني المستقل، على وسائل التواصل الاجتماعي أن صحيفة نيويورك تايمز أنهت عقده بسبب منشورات "عبر فيها عن دعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي".

اقرأ/ي أيضًا:

وسائل إعلام غربية تتجاهل تقريرًا أمميًّا حول العنف الجنسي الذي يمارسه جنود الاحتلال ضد الفلسطينيات

التضليل مرتين: وسائل الإعلام الغربية لم تصحح الادعاءات التي ثبت زيفها عن مستشفى الشفاء

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة