قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إن إسرائيل قتلت أكثر من 25 ألف امرأة وطفل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، مضيفًا أنّه يمكنها ويجب عليها أن تفعل المزيد لحماية المدنيين.
تصريح أوستن، الذي أدلى به خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة التابعة للكونغرس، أمس الخميس، كان إجابة على سؤال حول عدد النساء والأطفال الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل، وقال فيها "إنه أكثر من 25 ألفّا".
كما أشار أوستن إلى أنه تم إرسال نحو 21 ألف ذخيرة موجهة بدقة إلى إسرائيل منذ بداية حربها على غزة.
البنتاغون يتراجع عن تصريحات أوستن
عقب انتشار تصريحات أوستن، ذكرت تقارير إخبارية عبرية أنّ الوزير يضخم الأرقام المعلن عنها من قبل وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
وسارع المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، بات رايدر، بالتوضيح أنّ تصريحات أوستن، التي "قدم فيها حصيلة القتلى في غزة مستندة لأرقام وزارة الصحة في القطاع".
وأكد وفق ما نقلته قناة الحرة "لا نستطيع التحقق بشكل مستقل من دقة هذه الأرقام".
من جانبها نقلت صحيفة جيروزاليم بوست توضيحًا من البنتاغون مفاده أن أوستن "لا يلتزم بهذه الأرقام في حد ذاتها".
وقالت نائبة المتحدث باسم البنتاغون سابرينا سينغ للصحيفة، "خلال جلسة الاستماع اليوم، سُئل الوزير أوستن عن عدد النساء والأطفال الذين ماتوا في غزة". وأضافت "للتوضيح، كانت إجابة الوزير نقلًا عن تقدير من حماس- إن أكثر من 25 ألف فلسطيني قتلوا في غزة". وأكدت "لا يمكننا التحقق بشكل مستقل من أرقام الضحايا في غزة".
الصحيفة قالت إنّها سألت سينغ عن سبب اختيار أوستن الاستشهاد بأرقام حماس فقط وليس أرقام حماس والجيش الإسرائيلي معًا، لكنها لم تتلق ردًا، بعد.
رغم ذلك تشير جيروزاليم بوست، إلى أن أوستن يعد أحد أكبر المؤيدين لإسرائيل داخل إدارة بايدن، ولكن، وفقها، تصاعدت التوترات مؤخرًا بين الجانبين مع استمرار ارتفاع حصيلة الوفيات بين الفلسطينيين وتجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التعهد بالتخلي عن قطاع غزة لجهة ثالثة، تقبلها الولايات المتحدة والغرب وحلفائها العرب.
منظمات أممية تقر بأنّه ليس لديها سبب لعدم تصديق أرقام الصحة في غزة
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الخميس 29 فبراير/شباط، أنّ عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية تجاوز 30 ألفًا. وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في حسابه على موقع إكس، إنّ عدد القتلى الفلسطينيين بلغ 30 ألفًا وهو رقم غير مسبوق.
وفي يناير/كانون الثاني الفائت، قالت منظمة اليونسيف إن الحرب على قطاع غزة هي "حرب على الأطفال. ولكن يبدو أن هذه الحقائق لا تجد من يسمعها". وأضافت المنظمة أنّه وفق تقارير فإنّ 70 في المئة من الضحايا هم من النساء والأطفال.
رغم التشكيك الإسرائيلي في الأرقام التي تنشرها وزارة الصحة في قطاع غزة، تقول منظمات أممية إنّه ليس لديها سبب لعدم تصديق الأرقام الصادرة عنها.
تقول وكالة أسوشييتد برس، في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، إنّه طوال أربع حروب بين إسرائيل وحماس، كانت وكالات الأمم المتحدة تستشهد بعدد القتلى الذي تعلنه وزارة الصحة في تقارير منتظمة. وتستخدم اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الفلسطيني الأرقام، أيضًا.
وفي أعقاب الحرب، نشر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الحصيلة النهائية للقتلى استنادًا إلى أبحاثه الخاصة في السجلات الطبية.
وفي جميع الحالات، وفق الوكالة، كانت إحصائيات الأمم المتحدة متسقة إلى حد كبير مع أرقام وزارة الصحة في غزة، مع وجود تناقضات بسيطة.
من جانبها قالت صحيفة ليبراسيون الفرنسية، إنّ الرقم الأخير المعلن عليه من قبل الصحة الفلسطينية أقل من الواقع لأنه لا يشمل الأشخاص الذين ماتوا خارج المستشفيات، سواءً دُفنوا على عجل أو ما زالوا تحت الأنقاض.
الصحيفة أشارت في تقرير لها يوم 28 فبراير، أنه "بسبب الحصار الإعلامي الذي تفرضه إسرائيل، والذي يمنع مرور الصحفيين إلى القطاع الفلسطيني، تجري المجزرة وراء أبواب مغلقة، وتتلاشى المآسي الفردية وراء كل حالة وفاة، في ضباب الإحصائيات".
وفي وقت سابق من شهر يناير، نشرت الصحيفة مقالًا تساءلت فيه حول سبب التقليل من أرقام ضحايا الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة مع سقوط الآلاف.
وصرح طارق جاساريفيتش، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، للبراسيون، حينها، أنّه "استنادًا إلى التجارب السابقة للصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومناطق أخرى، فمن الممكن أن تكون الأرقام أقل من الواقع".
كما أكد أستاذ الاقتصاد مايكل سباجات، رئيس جمعية "كل ضحية لها أهمية"، أنه "لن يتفاجأ عندما يكتشف أن العدد الحقيقي للوفيات الناجمة عن العنف أعلى مرتين" من أرقام وزارة الصحة.
وقال خبراء لشبكة بي بي سي إن العدد الحقيقي للقتلى جراء الهجوم الإسرائيلي على القطاع، من المرجح أن يكون أعلى بكثير لأن العديد من المستشفيات، حيث يتم تسجيل الوفيات عادة، لم تعد تعمل.
وفي تقرير لها تشير ذا نيويورك تايمز، إلى أنّ الأرقام التي قدمتها وزارة الصحة في غزة لا تميز بين المدنيين والمقاتلين. لكن العديد من المراقبين الدوليين، وفقها، يعتقدون أن الحصيلة الإجمالية التي أعلنتها الوزارة يمكن الاعتماد عليها، في حين أن نسبة المقاتلين التابعين لحماس بين الضحايا لا تزال غير واضحة.
كما استندت الصحيفة، في تقرير لها نشر أمس الخميس، على مقال نُشر في المجلة الطبية البريطانية The Lancet في نوفمبر الفائت، مفاده أنّ تحليل تقارير الوفيات في الأسابيع الأولى الصادرة عن وزارة الصحة "يشير إلى جودة بيانات معقولة" وأن الوفيات كانت "بين مجموعات سكانية في غزة من المرجح أن تكون إلى حد كبير من المدنيين".
إسرائيل تدّعي أنّ نصف الضحايا من عناصر حماس
رغم ذلك تقول إسرائيل إنها قتلت بين 10 و 12 ألفًا من عناصر حماس. وتشير إلى أنّ مدنيين فلسطينيين آخرين قُتلوا بسبب صواريخ خاطئة أطلقتها الحركة بنسبة تتراوح من 10إلى 15 في المئة.
وفق ما نقلته جيروزاليم بوست، فإنه إذا افترض أن عدد القتلى الفلسطينيين الذي قدمته وزارة الصحة التابعة لحماس والذي يبلغ 30 ألفًا هو صحيح، فإن هذا يعني أن عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين يمكن أن يتراوح على الأرجح بين 15 ألفًا و18 ألفًا، أي أقل بقليل من 25 ألفًا.
فهل قتلت إسرائيل هذا العدد من عناصر حماس؟
لم ينشر أي مصدر موثوق ومستقل، عدد القتلى من جانب حركة حماس خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة. كما لم تعلن الحركة عن عدد عناصرها الذين قضوا فيها.
ونفت، في المقابل أنباء حول مقتل ستة آلاف من عناصر كتائب عز الدين القسام، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وهي إحصائية نشرتها وكالة رويترز للأنباء نقلًا عن مسؤول من الحركة لم تذكر اسمه، ولكن قالت إنّه يعيش في قطر.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق، في بيان "لا صحة لما أوردته وكالة رويترز منسوبًا لقيادي في حماس عن أعداد من استشهدوا من كتائب القسام خلال القتال ضد جيش الاحتلال".
من جانبها نشرت شبكة بي بي سي تحقيقًا حول الأعداد التي ادًعى الجيش الإسرائيلي إنّها لعدد قتلى حركة حماس، ووجدت أنّ القليل من المشاهد المرئية التي نشرتها قوات الاحتلال، تحتوي على أدلة حول مقتل عناصر من الحركة.
ووفق الشبكة يشعر بعض الخبراء بالقلق من أن الجيش الإسرائيلي ربما يحسب "بعض غير المقاتلين كمقاتلين لمجرد أنهم جزء من الأراضي التي تديرها حماس".
وقال أندرياس كريج، وهو محاضر كبير في الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن، لـبي بي سي "إن إسرائيل تتبع نهجًا واسعًا جدًا فيما يتعلق بالعضوية لحماس، والتي تشمل أي انتماء للحركة، بما في ذلك الموظفين الحكوميين أو الإداريين".
اقرأ/ي أيضًا
مجزرة دوار النابلسي: دلائل ومؤشّرات تدين الاحتلال الإسرائيلي
تضليل في تغطية الإعلام الغربي خبر إحراق الجندي الأميركي نفسه احتجاجًا على الإبادة الجماعية في غزة