ادّعى حساب إسرائيل الرسمي وحساب جيش الاحتلال الإسرائيلي على منصة إكس، إلى جانب حسابات رسمية إسرائيلية أخرى، أنّ أكثر من 450 موظفًا لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بمن فيهم أربعة أفراد هوياتهم معلومة، قد شاركوا في عمليات عسكرية نفّذتها جماعات إرهابية تنشط داخل غزة. ونشرت تلك الحسابات تسجيلات صوتية يُفترض أنّها مكالمات هاتفية جرت بين موظفين اثنين لدى أونروا، تزعم إسرائيل أنهما تورّطا في عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت.
تحقّق فريق مسبار بالإنجليزية من التسجيلات ووجد بها العديد من التناقضات.
إسرائيل تزعم أنّ أكثر من 450 موظّفًا لدى أونروا مقاتلون في غزة
نشر حساب إسرائيل الرسمي على منصة إكس، حديثًا، مقطعي فيديو منفصلين لمكالمة هاتفية مسجلّة وادّعى أنّها لموظفين لدى أونروا. وذكر الوصف المرافق للمقطعين “عاجل: دليل إدانة يكشف ضلوع مدرّسين لدى أونروا في مجزرة السابع أكتوبر”.
وفي الخامس من مارس/آذار الجاري، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي بيانًا على لسان دانيال هاغاري، المتحدث الرسمي باسمه. وادّعى هاغاري أنّ “أزيد من 450 موظّفٍ لدى أونروا مجنّدون في صفوف جماعات إرهابية في غزة”. وأضاف “ليست تلك محض مصادفة، إنّه أمر ممنهج. لا مجال للتحجّج بعدم الدراية”. وشمل البيان عرض مقطع فيديو لتسجيل صوتي لمكالمة يفترض أنّها لموظّف أونروا متورّط في عملية طوفان الأقصى.
مسبار يتحقّق من التسجيلات الصوتية التي نشرتها إسرائيل
فحص فريق مسبار التسجيلين الصوتيين بدقة واستخلص منهما العديد من النتائج المهمة. وعلى وجه التحديد، غاص فريق مسبار في خلفيات ثلاثة من الأسماء الأربعة المشار إليها في الفيديو الذي قدّمه المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاغاري.
الاسم الأول، يوسف الحواجرة، البالغ من العمر 47 عامًا. بالنظر إلى سنّه، من غير المرجح أنّ يكون ضمن المقاومة وأن يكون قد دخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، يوم السابع أكتوبر الفائت.
وأعمار الشخصين الآخرين اللذين ذكرهما هاغاري، بكر محمود عبد الله درويش وغسّان نبيل محمد شحادة الجعبري متقدمة أيضًا، إذا يبلغان من العمر تواليًا 48 و41 سنة. وبالنظر إلى أنّ الفيديوهات المتاحة لعملية السابع من أكتوبر أظهرت رجالاً أصغر سنًا نسبيًا يعبرون الحدود، يصبح من غير المرجح أن يكون الشخصان قد شاركا في الهجوم.
تحليل تسجيلات المكالمات يكشف تلاعبًا إسرائيليًا
من خلال تحليل مكالمتين مسجّلتين في الفيديوهات، كشف فريق مسبار تفاصيل حساسة تشير إلى وجود تلاعب إسرائيلي بالتسجيلات الصوتية.
في الفيديو المنشور في الخامس من مارس، والذي يظهر فيه دانيال هاغاري، تَحْدُثُ لحظة مهمة عند الدقيقة الثانية و23 ثانية، إذ يصبح جليًا أنّ خالد، وليس يوسف، هو من تلقّى المكالمة. يناقض ذلك ادعاء تورّط يوسف، موظّف أونروا المزعوم، في هجوم السابع أكتوبر.
ألقى المتحدث الأول التحيّة قائلًا "مرحبا أبو حسن"، وردّ عليه من يفترض أنّه يوسف "نعم أنا خالد!"، يدفع ذلك للاعتقاد بأن خالد، وليس يوسف، هو من استقبل المكالمة وقدّم نفسه على أنّه خالد. لكن، وبعد البحث عن هوية خالد، اكتشف مسبار ألاّ أحد من أشقّاء يوسف أو أبنائه يُدعى خالد، مما يدفع للتشكيك في صحة المكالمة.
استخدام مصطلح "السبايا" عند الدقيقة الثانية و23 ثانية يرفع الشكوك أيضًا، فهو غير دارج بين سكان غزة. قد تكون تلك محاولة من قبل الإسرائيليين للربط بين حماس وداعش، مثلما فعلوا منذ بدء الحرب.
في مقال سابق، أظهر فريق مسبار الفرق الكبير بين داعش وحماس. كما سلّط المقال الضوء على جهود إسرائيل للترويج لرواية تربط بين الجماعتين.
تدفع أصوات غريبة وتسجيل غير واضح، وخصوصًا عند الثانيتين 28 و30 بعد الدقيقتين، لترجيح احتمال وجود فبركة للصوت.
تناقضات بين مقطعي الفيديو الإسرائيليين
عند فحص مقطع الفيديو الثاني لتسجيل المكالمة الذي نشره الحساب الرسمي لإسرائيل على منصة إكس، والذي يُسمع فيه صوت من زعمت إسرائيل أنّه موظف أونروا الرابع، عثر فريقنا على تناقضات في كُنية الشخص بالمقارنة معها في فيديو دانيال هاغاري.
اتهم هاغاري أربعة أشخاص ادّعى أنهم موظفون لدى أونروا بالإرهاب. وذكر على وجه التحديد اسم ممدوح حسين أحمد الكاك. لكن حساب إسرائيل نشر تسجيل المكالمة الصوتية وصورة المتحدث وقال إنّ اسمه ممدوح حسين أحمد الكالي. لم يقتصر الأمر على التهجئة الخاطئة لاسم العائلة، إذ امتد التناقض إلى جميع الأسماء المذكورة تقريبًا.
ولوحظت أخطاء في تهجئة اسم يوسف الحواجرة. وبعد التعمق في البحث، تبيّن أنّه من عائلة الحواجري وليس الحواجرة. ويبدو أنّ هذه التناقضات متعمدة وليست عشوائية.
بالإضافة إلى ذلك، حتى إن كان ممدوح حاضرًا عند حدود غزة في السابع من أكتوبر، لا يعني ذلك بالضرورة أنّه مقاتل في صفوف حماس، خلافًا لما تشير إليه الحسابات الإسرائيلية. إذ زار الكثير من المدنيين من غزة المنطقة بدافع الفضول. كما أنّ المكالمة لا تقدّم دليل إدانة.
وأخيرًا، يتضمّن الضجيج في الخلفية أصوات سيارات إسعاف. وتجدر الإشارة إلى أنّ سيارات الإسعاف لا تدخل عادة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لنقل الجرحى. يعني ذلك أنّ ممدوح كان على الأرجح على جانب غزة من الحدود، أثناء إجرائه المكالمة.
علاوة على ذلك، تواصل فريق مسبار مع مسؤولين اثنين من أونروا من داخل غزة للتحقق من الوضع المهني للأشخاص، والتأكّد مما إذا كانوا بالفعل موظفين لدى الوكالة. ولم نحصل على إجابة إلى حين نشر هذا التقرير.
أونروا: إسرائيل تضغط على بعض العمال للاعتراف زورًا بصلتهم بحماس
منذ السابع أكتوبر، أطلقت السلطات الإسرائيلية ادعاءات لا أساس لها، عن وجود روابط بين وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وحماس، وأنّ موظفي الوكالة متورّطون في الهجمات التي استهدفت مستوطنات غلاف غزة.
دفعت هذه الادعاءات 16 دولة، بمن فيها الولايات المتحدة، لإيقاف 450 مليون دولار من التمويل لأونروا، مسببة أزمة تسيير للوكالة. وذكرت النرويج، التي لا تزال تقدّم دعمًا ماليًا لأونروا، أنّ العديد من البلدان تعيد تقييم قرارات إيقاف الدعم وأنّها قد تتراجع عنها قريبًا.
وقالت أونروا إنّ بعض موظّفيها، الذين أطلق سراحهم بعدما كانوا محتجزين لدى إسرائيل، زعموا أنّ السلطات الإسرائيلية ضغطت عليهم للاعتراف بوجود روابط بين الوكالة وحماس، وأنّ موظفيها شاركوا في هجمات السابع أكتوبر.
ذُكرت هذه المزاعم بالتفصيل في تقرير شهر فبراير 2024، الذي أصدرته وكالة الأمم المتحدة لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، والذي سلط الضوء على المعاملة السيئة في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، بما فيها الاعتداء بالضرب والإيهام بالغرق والتهديد بإيذاء أفراد أسرة المعتقل.
إسرائيل تقتل أزيد من 31 ألف فلسطينيًّا
قتلت إسرائيل أزيد من 31 ألف فلسطينيًّا، بمن فيهم 25 ماتوا جوعًا، بحسب ما نقلته وزارة الصحة في القطاع. وأجبر 80 في المئة من سكان قطاع غزة على النزوح، واضطر بعضهم للنزوح مرّات عديدة بسبب التقدم الإسرائيلي المستمر نحو الجنوب.
وذكر تحقيق أممي أجراه البنك العالمي أنّ حوالي 60 في المئة من مباني غزة تعرّضت للضرر، وأنّ 45 في المئة منها دُمّرت، بما فيها بنى تحتيه كالمدراس والمستشفيات والمخابز والمساجد وآلاف المنازل.
واستجابة للوضع الإنساني المتدهور، من المُقرّر أنّ تُبحر سفينة تحمل 200 طن من المساعدات الغذائية من ميناء قبرص، إذ تنشئ الولايات المتحدة وحلفاؤها ممرًّا إنسانيًا بحريًا، يهدف إلى تقديم الإغاثة للسكان، الذين يعيشون على شفى مجاعة وفقًا لمنظمات الإغاثة.
إقرأ/ي أيضًا
وسائل إعلام تُحرّف تقريرًا للأمم المتحدة يدحض المزاعم الإسرائيلية حول العنف الجنسي في 7 أكتوبر
صورة الجندي الإسرائيلي المصاب قديمة وليست من الحرب الأخيرة على غزة