` `

ذا نيويورك تايمز تحقّق مع موظّفيها بعد تسريبات حول تحقيق يخص العنف الجنسي في 7 أكتوبر

فراس دالاتي فراس دالاتي
أخبار
17 مارس 2024
ذا نيويورك تايمز تحقّق مع موظّفيها بعد تسريبات حول تحقيق يخص العنف الجنسي في 7 أكتوبر
فتحت نيويورك تايمز تحقيقًا بشأن تسريب تفاصيل العملية التحريرية للتحقيق (Getty)

بعد نشرها التحقيق الاستقصائي الشهير "صرخات من دون كلمات: كيف سلَّحت حماس العنف الجنسي في 7 أكتوبر"، شكّكت منظماتٌ بصدقية الشهادات الواردة في التحقيق، وأشارت إلى غياب أي شهادة للضحايا، واعتماد روايات مؤسسات ثبت زيف ادعاءاتها مرات عدة خلال الحرب الجارية، ولم يكن آخرها فضيحة المراسلة أنات شوارتز التي عملت على التقرير رفقة جيفري جيتيلمان وآدم سيلا، والتي اتضح أنها دعمت منشورات تدعو لإبادة الفلسطينيين ولم تمتلك ما يكفي من الخبرة للعمل على هكذا تحقيق.

وفي آخر تطورات تبعات التحقيق، كشفت مجلة فانيتي فير الأميركية منذ أيام، أن صحيفة ذا نيويورك تايمز تجري تحقيقًا داخليًا بشأن تسرب تقرير في موقع ذا إنترسبت، حول حلقة لم يتم بثها بعد من بودكاست ذا ديلي الذي تنتجه الصحيفة، كان من المقرر أن تتناول الادعاءات المثيرة للجدل حول العنف الجنسي الذي اتهمت حماس بممارسته في 7 أكتوبر من زاوية نقدية، لكنها مُنعت من البث تحت ضغط منظمة "كاميرا" الإسرائيلية لمراقبة الإعلام.

وبحسب مصادر تحدثت لفانيتي فير، فقد استدعت إدارة ذا نيويورك تايمز في الأسابيع الأخيرة، ما لا يقل عن عشرين موظفًا، بما في ذلك منتجو بودكاست ذا ديلي، إلى اجتماعات في محاولة لفهم كيفية تسرب التفاصيل الداخلية حول عملية تحرير البودكاست إلى العلن، وتقود عملية التحقيق شارلوت بيرندت، مديرة السياسات والتحقيقات الداخلية في الصحيفة.

ماذا حصل داخل غرفة تحرير ذا نيويورك تايمز؟

في أواخر يناير/كانون الثاني الفائت، ذكر موقع ذا إنترسبت أن ذا نيويورك تايمز خططت لبث حلقة من بودكاست ذا ديلي، تستند إلى التحقيق الذي نشرته الصحيفة قبل ذلك بأسابيع في نهاية ديسمبر، بقيادة المحرر الدولي جيفري جيتلمان الحائز على جائزة بوليتزر وبمشاركة الصحفيان المستقلان أنات شوارتز وآدم سيلا، حول كيفية "استخدام حماس العنف الجنسي كسلاح" في هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل.

تحقيق نيويورك تايمز عن استخدام العنف الجنسي كسلاح في هجوم 7 أكتوبر
تحقيق ذا نيويورك تايمز عن استخدام العنف الجنسي كسلاح في هجوم 7 أكتوبر

وبحسب حديث المطلعين على الأمر لموقع ذا إنترسبت، كان من المقرر تقديم نص جديد في حلقة البودكاست "يقدم تحذيرات كبيرة، ويسمح بحالة التشكيك، ويطرح أسئلة مفتوحة كانت غائبة عن المقال الأصلي، الذي قدم نتائجه كدليل قاطع على الاستخدام الممنهج للعنف الجنسي كسلاح في الحرب، لكن الصحيفة "وضعت تلك الحلقة على الرف"، بحسب تعبير المطلعين، وسط سخط وجدل داخلي حول قوة التقرير الأصلي عن الموضوع.

اقترح الصحفيان الاستقصائيان دانييل بوجوسلاف وريان جريم من ذا إنترسبت حينها، أن منتجي البودكاست وإدارة الصحيفة يواجهون معضلة تتمثل بالاختيار بين نشر نسخة صوتية تتطابق بشكل وثيق مع القصة المنشورة مسبقًا والمخاطرة بإعادة نشر أخطاء جسيمة، أو نشر نسخة مخففة، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الصحيفة لا تزال متمسكة بالتقرير الأصلي أم لا، إلا أنّ المتحدث باسم الصحيفة، تشارلي ستادتلاندر، قال حينها إنّ الصحيفة لا تعلّق على التقارير قيد الإعداد وأنّ "هناك نسخة واحدة فقط من أي قطعة من الصحافة الصوتية: تلك التي يتم نشرها".

من غير المعتاد أن تجري ذا نيويورك تايمز تحقيقًا في تسريب المعلومات الداخلية، إذ يقول العديد من الموظفين لمجلة فانيتي فير، إنّ هذا هو أول تحقيق داخلي من نوعه بهذا الحجم، قال أحدهم "هذا ليس شيئًا نفعله عادةً. وهذا النوع من المطاردة مثير للقلق حقًا". 

وعلى الرغم من أن تسرب المعلومات الداخلية لصحيفة ذا نيويورك تايمز ليس جديدًا، وهو أمر مُتوقع من غرفة أخبار بحجم وتأثير غزفة أخبار الصحيفة، لكن يشير الموظفون الذين تحدثوا لفانيتي فير إلى أنه من المفترض أن يكون هذا الكشف أعمق تأثيرًا لأنه وصف عملية صنع القرار الداخلي حول قصة لم يتم نشرها بعد.

وقالت دانييل رودس ها، المتحدثة باسم الصحيفة، في بيان لمجلة فانيتي فير عندما سُئلت عن التحقيق حول عملية التسريب “لن نعلق على الأمور الداخلية. أستطيع أن أخبركم أن عمل غرفة التحرير لدينا يتطلب الثقة والتعاون، ونتوقع من جميع زملائنا الالتزام بهذه القيم".

ذا نيويورك تايمز مستمرة بنهجها منذ بداية الحرب

وفي نهاية فبراير/شباط، نشر موقع ذا إنترسبت مقالة كتبها جيريمي سكاهيل وريان غريم وودانييل بوغسلو، شككت أيضًا في دقة تحقيق ذا نيويورك تايمز واستعرضت مكامن خلل عملية إعداده، وذلك استنادًا بشكلٍ رئيسي إلى تعليقات شوارتز الخاصة من مقابلة بودكاست حديثة أجرتها مع قناة عبرية. وقالت الصحيفة، من جانبها، في بيان لموقع ذا إنترسبت على خلفية ذلك الكشف إنه تم "إخراج الاقتباسات من سياقها".

كما خضع نشاط شوارتز على وسائل التواصل الاجتماعي للتدقيق مؤخرًا. إذ ذكرت صحيفة ذا ديلي بيست الأميركية في وقت سابق، إن الصحفية أُعجبت بمنشورات متعددة على موقع إكس تشير إلى تحيز صارخ لإسرائيل، بما في ذلك منشور يدعو إسرائيل إلى تحويل قطاع غزة إلى مسلخ، وبدا أنها بذلك انتهكت سياسة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بذا نيويورك تايمز، والتي تنص على أن نشاط الصحفيين على وسائل التواصل الاجتماعي "يجب ألا يعبر عن آراء حزبية، أو يروج لوجهات نظر سياسية.. أو يدلي بتعليقات مسيئة أو يفعل أي شيء آخر يقوض السمعة الصحفية للتايمز". 

وقالت مسؤولة التواصل في ذا نيويورك تايمز دانييل رودس ها لصحيفة ديلي بيست حينها إن "الإعجابات" التي قام بها شوارتز كانت "انتهاكات غير مقبولة لسياسة شركتنا"، وأن الصحيفة "تقوم حاليًا بمراجعة الأمر".

المنشور الذي تفاعلت معه شوارتز إعجابًا ويدعو  لتحويل غزة إلى مسلخ - إكس
المنشور الذي تفاعلت معه شوارتز إعجابًا ويدعو  لتحويل غزة إلى مسلخ - إكس

كشفت تغطية الحرب على غزة، عن التوترات في العديد من غرف الأخبار، بما في ذلك ذا نيويورك تايمز. وامتدت الخلافات حول كيفية رد فعل الموظفين علنًا على الصراع، وتأطير الرد العسكري الإسرائيلي على الهجوم المفاجئ الأولي الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، عندما قُتل ما يقرب من 1200 شخص واحتُجز المئات كرهائن. وقُتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين منذ ذلك الحين، وشرّد نحو مليونين داخليًّا.

كانت صحيفة ذا نيويورك تايمز من بين المؤسسات الإخبارية التي خضعت للتدقيق منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، بسبب تبنيها الواضح للرواية الإسرائيلية دون تدقيق أو مساءلة، مع منح مساحة أقل للصوت الفلسطيني. كما أصدرت لاحقًا في نهاية أكتوبر مذكرة نادرة للمحررين تحضّهم فيها على إزالة اسم إسرائيل من العنوان في تغطية الصحيفة لخبر قصف المستشفى المعمداني.

وبعد شهر، خرجت كاتبة مجلة ذا نيويورك تايمز، جازمين هيوز، من الشركة فجأة بعد التوقيع على رسالة عامة تعارض الحرب الإسرائيلية على غزة، وتقول إنها "محاولة إسرائيلية لارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني". 

وانتقدت الرسالة أيضًا التغطية الإعلامية للحرب، بما في ذلك افتتاحية ذا نيويورك تايمز، التي دعمت ما قالت إنه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها عسكريًا بينما حثتها على حماية المدنيين. واتضح لاحقًا أن التوقيع على مثل هذا الالتماس ينتهك سياسة الصحيفة، التي تنص على أنه لا يجوز للموظفين "التوقيع على إعلانات تتخذ موقفًا بشأن القضايا العامة، أو إعارة أسمائهم للحملات.. إذا كان القيام بذلك قد يثير شكوكًا معقولة حول قدرتهم أو قدرة الصحيفة على العمل بشكل محايد في تغطية الأخبار".

اقرأ/ي أيضًا

وسائل إعلام تُحرّف تقريرًا للأمم المتحدة يدحض المزاعم الإسرائيلية حول العنف الجنسي في 7 أكتوبر

التضليل مرتين: وسائل الإعلام الغربية لم تصحح الادعاءات التي ثبت زيفها عن مستشفى الشفاء

الأكثر قراءة