تتداول وسائل إعلام عربية وعالمية، خلال اليومين الفائتين، تصريحًا للرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترامب، قالت إنه هدد فيه بـ "حمام دم" إذا خسر الانتخابات المقبلة. وذهبت بعض وسائل الإعلام عربية خلال تغطيتها للتصريح إلى القول "ترامب: انتظروا حمام دم إذا لم أفز بانتخابات الرئاسة في نوفمبر"، بدورها استخدمت وسائل إعلام أميركية وصف "حمام دم عنيف" عند نقلها للتصريح. وبدورها استنكرت الحملة الانتخابية للرئيس جو بايدن التصريحات وعدّتها تهديدًا بممارسة العنف السياسي.
بالفعل، استخدم الرئيس الأميركي السابق هذا المصطلح في خطاب ألقاه يوم السبت 16 مارس/آذار الجاري، أثناء حملته الانتخابية في مدينة فانداليا في ولاية أوهايو، رسم فيه صورةً قاتمةً للبلاد في حالة فوز منافسه جو بايدن بولاية ثانية. لكنه جاء في سياق محدد للغاية خلال جزء من خطابه كان يتحدث فيه عن فرض رسوم جمركية لحماية صناعة السيارات إذا تم انتخابه، وليس تهديدًا شاملًا كما توحي الأخبار التي تناولت التصريح.
نقاش حول التعريفة الجمركية للسيارات
وفي مقطع فيديو نشرته حملة ترامب الرئاسية للخطاب على قناة C-SPAN يوم إلقائه، تحت عنوان "هل تكون تعريفة 100 في المئة الجمركية أقل ما يمكن؟"، كتبت القناة تعليقًا أعلى المقطع مفاده "شكّلت اتفاقية "USMCA" (اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا الصناعية والتجارية)، حافزًا جديدًا لبناء السيارات والشاحنات في المكسيك. ويشترط أن يتم تصنيع 75 في المئة من أجزاء السيارة في إحدى الدول الثلاث، حتى تظل معفاة من الرسوم الجمركية عند التنقل بين الدول الثلاث الموقعة".
واستخدم ترامب كلمة "حمام دم" خلال تعليقاته على ما قال إنها تهديدات لصناعة السيارات الأميركية، خاصة من الصين عبر المكسيك. إذ قالها المرشح الرئاسي الجمهوري مرتين، بدءًا من الدقيقة 1:40 تقريبًا في المقطع الذي بلغت مدته الكاملة 95 دقيقة، وجاء في حديثه الذي ترجمه "مسبار" أدناه:
"استحوذت المكسيك، على مدى 30 عامًا، على 34 في المئة من أعمال تصنيع السيارات في بلدنا. وتقوم الصين الآن ببناء اثنين من المصانع الضخمة. سيصنعون السيارات في المكسيك، ويعتقدون أنهم سيبيعون تلك السيارات إلى الولايات المتحدة بدون ضرائب على الحدود. اسمحوا لي أن أقول لكِ شيئًا للصين. الرئيس شي، إذا كنت تستمع، وأنا وأنت أصدقاء، لكنك تفهم الطريقة التي أتعامل بها. تلك المصانع الكبيرة لتصنيع السيارات التي تقوم ببنائها في المكسيك الآن وتعتقد أنك ستدرك أنك لن تقوم بتوظيف أميركيين وأنك ستبيع السيارات لنا؟ لا، سنضع تعريفة بنسبة 100 في المئة على كل سيارة تأتي عبر الخط، ولن تتمكن من بيع تلك السيارات إذا تم انتخابي. الآن، إذا لم يتم انتخابي، فسيكون ذلك بمثابة حمام دم للجميع، وهذا أقل ما في الأمر. لكنهم لن يبيعوا تلك السيارات. إنهم يبنون مصانع ضخمة".
مصطلح "حمام الدم" اقتصاديًا
مع انتشار التصريح وتساؤل الناخبين الأميركيين والمتابعين حول العالم عما قصده ترامب، واستنكار حملة بايدن لاستخدامه، بحث مسبار في المعاجم الإنجليزية المعتمدة عن معنى مصطلح "حمام الدم".
ووجد أن عددًا من المعاجم الإنجليزية تفسر مصطلح "حمام الدم" تفسيرات تختلف عن المعنى الأولي للمصطلح. على سبيل المثال، يشرح معجم دار نشر "ميريام ويبستر" الأميركي المصطلح بثلاثة معاني، المذبحة وأحداث العنف و"كارثة اقتصادية كبرى"، بينما شرح موقع Dictionary.com، المصطلح بمعنَيَين، المذبحة و"فترة الخسارة الكارثية وانعكاس النمو".
وجرى استخدام مصطلح "حمام الدم" في سياقات اقتصادية عديدة في الماضي قبل تصريح ترامب الأخير. ففي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نقل موقع بزنس إنسايدر الاقتصادي عن المستشار الاقتصادي نورييل روبيني قوله "إنه من المرجح أن يستمر حمام الدم في السوق، إذ من المتوقع أن يخسر المستثمرون عشرات التريليونات خلال العقد المقبل". وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، نشرت مجلة ذا إيكونوميست البريطانية تقريرًا بعنوان "من سينجو من حمام دم التكنولوجيا المالية؟"، حلّلت فيه أسباب ومآلات الأزمة التي كان يمر بها القطاع التقني حينها.
يذكر أنه، وبعد ثلاثة أيام من الأسئلة حول القصد من مصطلح "حمام الدم" بعد الخطاب، نشر ترامب يوم أمس الاثنين منشورًا على منصة تروث سوشال للتواصل الاجتماعي التي يملكها، قال فيه: "تظاهرت وسائل الإعلام الإخبارية الكاذبة، وشركاؤها الديمقراطيون في تدمير أمتنا، بالصدمة من استخدامي لكلمة حمام الدم، على الرغم من أنهم فهموا تمامًا أنني كنت أشير ببساطة إلى الواردات التي سمح بها المحتال جو بايدن، والتي تقتل صناعة السيارات. إن اتحاد عمال السيارات، وليس قيادتهم، يفهمون تمامًا ما أعنيه. مع دفع بايدن لاعتماد السيارات الكهربائية، لن تكون هناك أي سيارات مصنوعة في الولايات المتحدة قريبًا -إلا إذا تم انتخابي رئيسًا، وفي هذه الحالة سوف يزدهر تصنيع السيارات بشكل لم يسبق له مثيل!!! لنجعل أميركا عظيمة مجددًا 2024".
اقرأ/ي أيضًا
الفيديو مفبرك ولم يصفع شاب كردي دونالد ترامب انتقامًا لزوجته
ما هو التضليل المغرض؟ وهل ساهمت جهود مكافحته في زيادة انتشاره؟