منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، خرجت مظاهرات مناصرة للشعب الفلسطيني ومطالبة بوقف الحرب على القطاع في العديد من الدول حول العالم.
من تلك الدول الأردن التي تستمر فيها هذه الاحتجاجات منذ بداية الحرب وحتى هذه الأيام، بعد أكثر من 179 يومًا على العدوان الإسرائيلي، وقد ازداد زخم الأعداد المشاركة فيها مؤخرًا، فخلال الأيام القليلة الفائتة، خرج الآلاف من الأردنيين في احتجاجات مطالبة بإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمّان، وإنهاء اتفاقية السلام، إلى جانب قطع الإمداد البري للكيان بالبضائع، مناصرة للشعب الفلسطيني.
ادعاءات مضللة رافقت المظاهرات التضامنية مع غزة في الأردن
لقيت المشاهد التي تم توثيقها من الاحتجاجات رواجًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، في المقابل رافق هذا الرواج العديد من الشائعات والادعاءات المضللة والتي رصد مسبار أبرزها ويستعرضها لكم في هذا المقال.
مع تصاعد الاحتجاجات في عمان منذ يوم 24 مارس/آذار الفائت، نشر مستخدمون مشهدًا لاحتشاد عدد كبير من المتظاهرين في الأردن المنددين بالحرب على غزة، على أنه حديث، فيما تبيّن أن المشهد يعود إلى أكتوبر الفائت لمظاهرات خرجت بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع.
ادعاءات مضللة حول اشتباك رجال الأمن الأردنيين مع المتظاهرين
وبالتزامن مع أنباء الاشتباكات بين المتظاهرين ورجال الأمن في الأردن مؤخرًا، انتشرت صورة ادعى متداولوها أنها لإصابة رجل أمن أردني أمام السفارة الإسرائيلية في عمّان، ولكن تبيّن بالتحقق أن الصورة قديمة، ومنشورة على مواقع إلكترونية في 11 مايو/أيار عام 2011، على أنّها لرجل أمن أردني أُصيب في محافظة الزرقاء حينها، الأمر الذي ينفي علاقتها بالاحتجاجات الأخيرة.
كما نشرت حسابات مقطع فيديو ادّعت أنه لاعتداء محتجين فلسطينيين (إشارة إلى الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية) على أفراد الأمن في الأردن، خلال المظاهرات الأخيرة التضامنية مع غزة، ولكن تحقق مسبار كشف أنها تعود إلى اشتباكات بين رجال أمن ومواطنين أردنيين في مدينة الرمثا في أغسطس/آب عام 2019، على خلفية فرض الحكومة إجراءات للتفتيش على معبر جابر نصيب الأردني السوري الحدودي.
وفي الإطار نفسه، تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو ادّعت أنّه لاعتقال الأمن الأردني متظاهرين فلسطينيين، خلال المظاهرات الداعمة لغزة حديثًا، إلا أن مقطع الفيديو اتضح أنه قديم ويعود إلى 12 أكتوبر/تشرين الأول عام 2014، ويُوثق حملة اعتقالات نفذها الأمن الأردني في حي الطفايلة شرقي العاصمة عمان، عقب مواجهات اندلعت حينها بين مواطنين رافضين قرار نقل أسواقهم من وسط العاصمة إلى منطقة أخرى وقوات الأمن.
إيران وحماس المسؤولتان عن تحريك المظاهرات في الأردن؟
وفي سياق الشائعات التي طاولت الاحتجاجات في الأردن، نشر عدد من المستخدمين ادعاءات مضللة أشاروا فيها إلى أن إيران مسؤولة عن تحريك الاحتجاجات في الأردن، إذ تداولوا صورتين على أنهما لقبض الجيش الأردني على إيرانيين حاولوا التسلل وتهريب أسلحة داخل الأردن، وعملوا على تحريك المظاهرات التي تصاعدت مؤخرًا.
فيما تبيّن بالتحقق أن الصورتين كانت قد نشرتهما القوات المسلحة الأردنية في ديسمبر/كانون الأول عام 2023، في سياق إعلانها عن هويات ثمانية من مهربي المخدرات الذين تم القبض عليهم خلال اشتباكات مع قوات حرس الحدود الأردنية على حدود سوريا.
كما نشر مستخدمون مقطع فيديو ادّعوا أنه لأعمال شغب وتخريب مركبات تابعة للشرطة، وقعت خلال المظاهرات الداعمة لغزة في الأردن مؤخرًا، من قبل متظاهرين يتبعون جماعة الإخوان المسلمين، في إشارة إلى دور حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في تصعيد الاحتجاجات.
ولكن تبيّن أن مقطع الفيديو يعود إلى أكتوبر 2019، لمواجهات اندلعت حينها بين قوات الشرطة ومواطنين في مدينة الرمثا الأردنية، عقب إقرار الحكومة إجراءات تفتيش على معبر جابر نصيب الحدودي، بين الأردن وسوريا، تقضي بتحديد كميّة السجائر التي يسمح للمسافر نقلها.
ادعاءات مضللة ربطت بين حمزة بن الحسين والمظاهرات الداعمة لغزة في الأردن
وطاولت الادعاءات المضللة المرتبطة بالاحتجاجات في الأردن، أخ العاهل الأردني الأمير حمزة بن الحسين، إذ تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو ادّعت أنه تسريب لحديث دار بين حمزة بن حسين ورئيس الجيش الأردني، مشيرين إلى تحذير الأمير من جر البلاد إلى مواجهة مع الشعب الساخط على الأوضاع.
كشف مسبار أن مقطع الفيديو قديم ونُشر في إبريل/نيسان عام 2021، على أنه لتسجيل صوتي مُسرب من حديث بين الأمير حمزة بن الحسين ورئيس الأركان الأردني يوسف الحنيطي، حين أبلغه الثاني بوضعه قيد الإقامة الجبرية، وضرورة عدم مشاركته في المناسبات والتجمعات وعدم النشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما تداول مستخدمون، مقطع فيديو ادعوا أنه يظهر هتافات مؤيدة لحمزة بن الحسين في الأردن، خلال الاحتجاجات الأخيرة المناصرة لغزة، بالقول “يا حمزة يا ابن حسين، البلد راحت انت وين".
ولكن تبين بالتحقق أن الهتاف المسموع قديم ويعود إلى عام 2021، وتم تركيبه على مشاهد صُوّرت في الأردن للاحتجاجات التي نُظّمت في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة.
مظاهرات تضامنية مع غزة في الأردن
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، وثقت وسائل الإعلام خروج الآف المتظاهرين في الأردن في مسيرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني تنديدًا بالعدوان الجاري.
وتصاعدت الاحتجاجات في الأردن منذ يوم 24 مارس الفائت، في محيط السفارة الإسرائيلية مطالبة بإغلاقها وقطع كافة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما نقلت مواقع إخبارية أنباءً عن وقوع اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن جراء محاولتهم الوصول إلى مقر السفارة، وقمع الأمن الأردني لهم بالغاز المسيل للدموع وتفريقهم.
كما وثقت وسائل الإعلام، اعتقال قوات الأمن العشرات من المتظاهرين ما بين شبان وفتيات. في حين أصدرت مديرية الأمن العام بيانًا أوضحت فيه أن الاعتقالات الأخيرة جاءت بسبب ما شهدته الوقفات من "تجاوزات وإساءات ومحاولات للاعتداء على رجال الأمن العام، ووصفهم بأوصاف غير مقبولة على الإطلاق، فضلًا عن محاولات تخريب واعتداء على ممتلكات عامة وخاصة، والجلوس في الطرقات ومنع مرور المركبات فيها"، مشيرة إلى أن هذه التجاوزات شارك فيها رجال ونساء قالت إنهم تعمدوا الاحتكاك مع رجال الأمن العام.
هل تمثل الاحتجاجات في الأردن شريحة دون غيرها؟
وفي حين نسبت بعض الادعاءات مسؤولية تأجيج الاحتجاجات إلى حركات سياسية مثل جماعة الإخوان المسلمين إشارة إلى ضلوع حركة حماس وإيران فيها، لم تتبن السلطات الأردنية أي من هذه الاتهامات.
كما أن الادعاءات التي أفادت بأن المظاهرات الأخيرة خرج فيها الأردنيون من أصل فلسطيني فقط، بهدف تخريب البلاد، تنفيها الهتافات التي رددها جموع من المتظاهرين في ليلة 31 مارس الفائت، إذ ردد المتظاهرون عبارات تؤكد حرصهم على البلاد ومطالبتهم بقطع كافة العلاقات مع الاحتلال من أجل حماية السيادة في الأردن قائلين "هذا الأردن أردننا كل ذرة منه إلنا، وللي بزاود علينا اسمع منا شو بدنا، بدنا نحارب هالكيان يلي عينه على عمان، وبدنا الدم ما يصيرش مي قتلوا الأخت وقتلوا الخي، ووادي عربة إلغيها .. والسيادة احميها".
من جهة أخرى، فإن المشاهد الموثقة من الاحتجاجات الأخيرة تظهر خروج الآلاف من كافة شرائح المجتمع الأردني، إذ يظهر فيها المسنون والشباب من الرجال والنساء فضلًا عن الأطفال.
استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة
هذا ويستمر العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر على غزة، فيما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة بارتفاع حصيلة الضحايا إلى 32916 شخصًا و75494 إصابة، وذلك آخر تحديثاتها الصادرة يوم الثاني من إبريل/نيسان الجاري.
اقرأ/ي أيضًا
الفيديو قديم وليس لفلسطينيين اعتقلوا في الأردن خلال المظاهرات الداعمة لغزة
الصوت مركب وليس لهتافات مؤيدة لحمزة بن الحسين في مظاهرات الأردن الداعمة لغزة
