ترجم هذا المقال عن موقع وايرد الأميركي
تحدث موقع وايرد إلى طلاب صحافيين عبر البلاد، عن كيفية معاملتهم للسيل الغامر من المعلومات المضلّلة في أعقاب المظاهرات المساندة لفلسطين.
لا تنشأ المعلومات المضلّلة من فراغ. بل تزدهر في أوقات الأزمات وعندما تكون الحاجة إلى المعلومات الصحيحة أسرع من قدرة ناقليها الموثوقين على إنتاجها. ظهر ذلك بوضوح الأسبوع الفائت، عندما داهمت قوات الشرطة حرم الجامعات والمظاهرات المساندة للفلسطينيين عبر البلاد.
لذلك دعوت زميلتي، الكاتبة المختصة في السياسة، فيتوريا إليوت (مرحبا توري!)، لتكتب معي الرسالة الإخبارية لهذا اليوم. في هذا العدد، سوف نتحدّث إلى طلاب صحافيين عبر البلاد عن عملهم في ظل سيل غامر من المعلومات المضلّلة.
لنتحدّث عن ذلك.
الحقيقة والخيال عن احتجاجات الجامعات
ببلوغ احتجاجات الجامعات مستويات جديدة الأسبوع الفائت، لم تعد مهمة الطلاب الصحفيون في الصحف الطلابية مثل كولومبيا سبيكتيتر وجامعة كولومبيا مقتصرة على تغطية نشاطات زملائهم، بل باتت تشمل أيضًا تغطية السرديات الخاطئة والمثيرة للقلق التي تُنشر عنهم ومن حولهم.
"لم يكن أحد منّا يتوقع هذا القدر من الاهتمام"، تقول إيشا كرم، مديرة تحرير صحيفة "كولومبيا سبكتيتر". "كان الأمر غير مسبوق بكل تأكيد وقد فوجئنا عندما بدأ الوضع يكتسب زخمًا".
كانت كرم وزملاؤها بعضًا من القليل من الصحافيين الذين سمح لهم بالتواجد في الحرم الجامعي الأسبوع الفائت، عندما داهم قسم شرطة نيويورك مخيم التضامن مع غزة في جامعة كولومبيا. وفي ظل عدم تمكن المراسلين الخارجيين من دخول الجامعة، كان أعضاء طاقم صحفية سبكتيتر بمفردهم ومجبرين على التعامل مع نظريات المؤامرة التي تحوم حول الاحتجاجات والتي نتج عنها القمع.
كانت المعلومات المضلّلة في كلِّ مكان في كولومبيا: ضباط قسم شرطة نيويورك قالوا إنّ السلاسل الكبيرة والأقفال المستخدمة لتأمين أبواب "قاعة هاميلتون" كانت دليلًا على أنّ من كان يقود الاحتجاجات هم محرِّضون من خارج الجامعة. (في الواقع، كانت الأقفال هي من نفس النوع الذي يوصي موقع الجامعة باستخدامها كقفل سلسلة للدراجات) عدد الطلاب المعتقلين تذبذب هو الآخر تبعًا لمصدر المعلومة، الشرطة أو إدارة الجامعة. في وقت سابق من الأسبوع، زعم منظرو مؤامرة أنّ أثرياء أشرارًا كانوا يزوّدون الطلاب بالخيم.
"أعتقد أنّ الطريقة التي رأى بها الناس الاحتجاجات كانت مختلفة تمامًا عمّا لاحظناه داخل الحرم الجامعي. لم تكن الاحتجاجات غوغائية كما تم تصويرها. لقد كانت في الواقع سلمية جدًا"، تقول كاترينا فينتورا، طالبة في كلية الصحافة في جامعة كولومبيا "مُنع الصحافيون من التغطية، ولم يقضوا سوى بضع لحظات داخل الحرم الجامعي، لذلك كان من السهل على وسائل الإعلام الوقوع في الأخطاء.. كانت البيئة ملائمة لانتشار المعلومات المضلّلة على تلك الشاكلة".
كان واحد من مواضيع الخلاف الكبيرة هو مشكلة "المحرّضين الخارجيين"، سردية نشرها كلٌّ من إدارة جامعة كولومبيا وقسم شرطة نيويورك، بأنّ الاحتجاجات كانت مليئة بالمحتجين من خارج مجتمع الجامعة. أُجبر الطلاب الصحافيون على التعامل مع هذا أيضًا: في قصة خبرية عن الاحتجاجات، وجدت فينتورا وزميلة لها أنّ أغلب المحرّضين الخارجيين الـ 13 الذين صرّحت الجامعة بهوياتهم، كانوا إمّا من الخريجين أو أشخاصًا ذوي صلة بمنظمات مثل "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، التي لديها فرع في جامعة كولومبيا. أخبرت كرم وايرد أن سبكتيتر لا زالت تحاول التحقّق من تلك الأرقام. وعلى الرغم من نقلهم تقارير مناقضة لما تم الترويج له، صرّح عمدة مدينة نيويورك، إريك آدمز، الأسبوع الفائت قائلًا إنّ "محرّضين خارجيين محترفين" سيطروا على احتجاجات كولومبيا.
وأخبرنا ليون أورلوف سوليفان، صحافي في صحفية "ذا كامبيس" في جامعة سيتي كوليج نيويورك، أنّ تصريحات الجامعة لم توضّح ما تعنيه بالمتظاهرين "الخارجيين". وسيتي كوليج هي جزء من نظام جامعة مدينة نيويورك (CUNY)، ما يعني أنّ الطلاب من كليات جامعة مدينة نيويورك الأخرى يستطيعون غالبًا الدخول إلى حرم سيتي كوليج باستخدام هوياتهم.
"لم تكن تقارير وسائل الإعلام ورسائل الإدارة واضحة بشأن عدد الأشخاص المنتسبين لنظام (CUNY) ككل"، يقول أورلوف-سوليفان. "في المقابل، أرجح أنّه أثناء وجودي في موقع التخييم، كان العدد الأكبر من الأشخاص هناك من المنتسبين إلى نظام CUNY".
في قصة أخرى، أعدّت فينتورا من "خدمة أخبار كولومبيا" خريطة تُظهر أماكن الاحتجاجات داخل حرم الجامعة، لدوافع من بينها مساعدة القراء على فهم أنّه رغم هيمنة قصة المخيمات على العناوين خارج الجامعة، لم تكن المخيمات في الواقع تشغل إلا جزءًا صغيرًا من حرم الجامعة.
خضعت قصص الطلاب الصحافيين في سبيكتيتر للتحرير والتدقيق المكثّفين، عن وعيٍّ بأنها ستطالع من قبل جمهور أكبر من القاعدة الجماهيرية الطلابية. مرّ كلُّ تقرير عن الاحتجاجات بسبع مراحل تعديل ودقّق المحررون كل سطر، تقول كرم.
منحت جامعات أخرى، كانت تجري فيها الاحتجاجات، الأولوية للتحديثات المباشرة بدل تدقيق الاداءات الخاطئة. "لا نشعر أنّ لدينا بالضرورة الموارد أو الدعم المؤسساتي كي ننجز مقالات تحقّق مكتملة" أخبرتنا كات كارول، مراسلة لدى صحيفة بادجر هيرلد التابعة لجامعة ويسكونسن، "نحن الوحيدون هنا الذين ننقل التحديثات المباشرة ونقدم المعلومة بانتظام".
تشير إليا كاستيليون، طالبة صحافية لدى دايلي بينسيلفينيان، الصحيفة الطلابية في جامعة بينسلفانيا، إلى أنّ الشرطة لم تعتقل الطلاب في احتجاجات جامعتها، وأنّ المخيّم كان سلميًّا. "لدى كلّ جامعة خصوصيتها"، تقول كاستيليون. "وأعتقد أنّ صحف الجامعات على وجه التحديد قامت بعمل جيد حقًا، وركزت على ما كان يحدث في الواقع في جامعاتنا وليس على إيجاد موضع مثالي لجامعات داخل السردية الأوسع عن النضال الطلابي في الوقت الحالي".
في وقت انخفضت فيه الثقة في وسائل الإعلام، تمكّن الصحافيون الطلاب من إظهار أنواع المهارات الضرورية لبناء الثقة مع المجتمع وردِّ السرديات المثيرة والمعلومات المضلّلة، حتى عندما كانت تصدر عن أشخاص والمؤسسات لها سلطة أكبر بكثير.
اقرأ/ي أيضًا
اتهامات مضلّلة بمعاداة السامية تطاول الطلاب المحتجين في الجامعات الأميركية
ما حقيقة الادعاء بأن جورج سوروس هو الممول الفعلي لتظاهرات الجامعات الأميركية؟