نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية مشاهد جديدة، أمس الأربعاء 22 مايو/أيار، لخمس مجندات في الجيش الإسرائيلي أثناء اختطافهنّ من قبل مقاتلي حركة حماس، خلال الهجوم الذي شنته الحركة على منشآت عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت.
وجاء نشر الفيديو بعد قرار من أهالي المحتجزات الخمس، واللاتي ما زلن قيد الاحتجاز لدى حركة حماس. وعبّرت عائلات المجندات عن أملها في أن تؤدي هذه المشاهد إلى زيادة الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، للموافقة على هدنة مع حماس وتأمين إطلاق سراح الرهائن.
تضليل وإثارة في مشاهد اعتقال الفتيات
نشر العديد من وسائل الإعلام والحسابات الإسرائيلية المشاهد، مع ادعاء أنّ من يظهر فيها هم فتيات إسرائيليات مراهقات، وزعم البعض أنهن مدنيات، إضافة إلى مزاعم عن تعرضهن للاغتصاب. كما تم إضافة ترجمة إلى الإنجليزية لحديث المقاتلين مع الفتيات خلال الهجوم.
راجع "مسبار" العديد من الادعاءات الإسرائيلية حول المشاهد المتداولة، وتبين أنها تضمنت معلومات مضللة، عملت على إثارة الجدل بغرض كسب التعاطف مع نشر المشاهد.
وتم التلاعب أولًا في حديث عناصر المقاومة مع الفتيات خلال احتجازهنّ، وإدراج ترجمة على المشاهد مختلفة عن السياق الأصلي للحديث، لإثبات الادعاءات الإسرائيلية حول وجود اعتداءات وتحرش جنسي.
ترجمة مضللة لحديث المقاتلين في المشاهد
زعمت الترجمة في أحد المشاهد أن مقاتلًا من حماس، قال خلال حديثه لإحدى الفتيات "These are the zionists"، أي "هؤلاء هم الصهاينة"، بينما في الحقيقة لم يقل ذلك، وقال عبارة "هاي الهمل" التي تُعني "هؤلاء الجبناء". بينما أشارت الترجمة إلى أن المقاتل قال عن الفتيات أيضًا أنهنّ "يمكنهن الحمل"، بينما لم يذكر المقاتل هذه الجملة على الإطلاق.
وفي مشهد آخر زعمت الترجمة أنّ مقاتل حماس قال لفتاة "You are so beautiful"، أي "أنتِ جميلة" بينما في الحقيقة قال "لا لا أنتِ لست جميلة"، مع وجود صوت طبل ضخم تم إضافته إلى المشهد عند حديث المقاتل.
خلال المشاهد التي أظهرت نقل الفتيات إلى سيارة، ذكرت الترجمة أن مقاتلًا كان يتحدث مع آخر قائلًا له "Without her, without her"، أي "بدونها"، بينما في الحقيقة كان يقول المقاتل "طلّع"، وهو ما يعني "اجعلها تصعد إلى السيارة".
عدم الإشارة إلى أن الفتيات جنديات في الجيش الإسرائيلي
صُوّرت الفتيات اللواتي يظهرن في المشاهد، في العديد من وسائل الإعلام والحسابات الإسرائيلية والغربية على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنهنّ مدنيّات بريئات، أو فتيات مراهقات تم اغتصابهن بعد اختطافهن من حركة حماس خلال هجوم السابع من أكتوبر.
تجاهل ناشرو الادعاء الإشارة الموجودة في بداية الفيديو إلى أنه تم اعتقالهن من "قاعدة ناحال عوز"، وهي قاعدة مراقبة عسكرية إسرائيلية في مستوطنة ناحال عوز المحاذية لقطاع غزة، وأن جميعهن من أفراد الجيش الإسرائيلي.
ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية أسماء الرهينات الخمس، وهم ليري ألباج، كارينا أريف، أغام بيرغر، دانييلا جلبوع ونعمة ليفي.
وكانت الجنديّات المحتجزات يعملن كمراقبات في الجيش الإسرائيلي، وهو دور يتضمن مراقبة أمن الحدود الإسرائيلية.
لا وجود لمؤشرات على تعرض المجندات للاغتصاب
زعمت العديد من المنصات ووسائل الإعلام الإسرائيلية أن المشاهد تؤكد تعرض الفتيات إلى الاغتصاب، بينما لم يظهر أي دليل واضح يدعم مثل هكذا ادعاء. كما يظهر بوضوح اجتزاء وتحرير المشاهد بطريقة معينة وعدم ظهور ما حدث بشكل كامل.
ظهرت المجندات أيضًا بالزي المدني وبعض الملابس القصيرة لأنّ هجوم كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، في عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها في السابع من أكتوبر 2023، بدأ بشكل مفاجئ فجر يوم الهجوم، أي في أوقات الراحة بالنسبة لبعض الجنود.
وسبق وذكرت تحقيقات إسرائيلية وغربية أن الجنود الإسرائيليين في القواعد العسكرية والمواقع الحدودية مع قطاع غزة، قد فوجئوا بهجوم القسام. وأن عناصر المقاومة استولوا على قواعد عسكرية بالقرب من الحدود، وعلى مركبات عسكرية وأضرموا النار في الدبابات. وفي بعض الحالات، تقدم المقاتلون لبضعة أميال داخل التجمعات القريبة من السياج الأمني الذي يفصل غزة عن إسرائيل، واحتجزوا وقتلوا العديد من الجنود في الجيش الإسرائيلي.
وكانت المجندة الإسرائيلية نعمة ليفي ضمن اللاتي ظهرن في المشاهد الأخيرة التي نشرتها عائلات الأسرى، وهي تقف مقيدة اليدين. وسبق ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية مشاهد أخرى للحظة اعتقال نعمة ليفي في السابع من أكتوبر، وظهرت على ملابسها بقع من الدماء، تحديدًا بالقرب من "سروالها"، وادعت وسائل إعلام إسرائيلية حينها أن هذا دليل يؤكد على تعرضها للاغتصاب مرات عدة.
لكن في المشاهد الجديدة ظهرت نعمة ليفي وهي مصابة في يدها المقيدة خلف ظهرها، والدماء تسقط على سروالها، ما يوضح سبب وجود الدماء في المشهد القديم الذي زعمت إسرائيل أنه يؤكد تعرّضها للاغتصاب.
ظهور المجندة كارينا أريف في فيديو سابق للقسام
وسبق ونشرت كتائب القسام مشاهد نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية حديثًا، للحظة اعتقال المجندات من قاعدة ناحال عوز.
وفي يناير/كانون الثاني الفائت، نشرت كتائب القسام مقطع فيديو لثلاث مجندات أسيرات لديها، يطالبن الحكومة الإسرائيلية بوقف الحرب على قطاع غزة وإعادتهن لبيوتهن. وكان من بينهن المجندة الإسرائيلية التي ظهرت في المشاهد الأخيرة كارينا أريف.
مزاعم إسرائيلية مستمرة حول الرهائن
منذ هجوم السابع من أكتوبر، تستمر حسابات الحكومة الإسرائيلية وقادتها في نشر الادعاءات المضللة والأكاذيب حول الأسرى، وتلفيق الأدلة التي يساهم الإعلام الغربي وبعض المؤسسات الإعلامية في الترويج لها.
وليست المرة الأولى التي تدعي فيها إسرائيل أن الفتيات الإسرائيليات اللاتي اختطفن من قبل مقاتلي حماس في الهجوم هنّ مدنيّات، فسبق أن روجت لمثل تلك المزاعم، وسبق ونشر "مسبار" تقريرًا يفندها ويكشف حقيقة هؤلاء المجندات.
رد حركة حماس على المشاهد الإسرائيلية الأخيرة
وردًّا على المشاهد الأخيرة، أكدت حركة حماس، في بيان لها، أن مقطع الفيديو المزعوم "مجتزأ وتم التلاعب فيه ولا يمكن التأكد من صحة ما ورد فيه".
واعتبرت الحركة "تداول هذا المقطع في هذا التوقيت يأتي في سياق محاولات الاحتلال الفاشلة، لتشويه صورة المقاومة، عبر بث الروايات الملفقة التي ثبت بالأدلة كذبها عبر أكثر من محفل وتحقيق إعلامي"، حسب بيان حماس.
وأوضحت الحركة أنّ "المشاهد تعرض صورًا لمجندات في موقع عسكري تم أسرهن خلال عملهن في قيادة فرقة غزة، وظهورهن بالزي المدني لأنهن خلال فترة الراحة، خاصة أن الهجوم كان في الصباح الباكر من يوم السبت 7 أكتوبر، وهو يوم الإجازة لديهن".
اقرأ/ي أيضًا
بعد مذكرات الجنائية الدولية: ما خلفية مزاعم ارتكاب مقاتلي حماس اعتداءات جنسية في هجوم 7 أكتوبر؟
أبرز الادعاءات التي انتشرت حول عمليات إجلاء قتلى وجرحى الجيش الإسرائيلي من غزة