` `

تقرير أممي يُرجّح مقتل مستوطنين بنيران الجيش الإسرائيلي بعد تطبيقه برتوكول هانيبال في 7 أكتوبر

محمود سمير حسنين محمود سمير حسنين
سياسة
16 يونيو 2024
تقرير أممي يُرجّح مقتل مستوطنين بنيران الجيش الإسرائيلي بعد تطبيقه برتوكول هانيبال في 7 أكتوبر
الحدود بين قطاع غزة ومستوطنات غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر (Getty)

أفاد تقرير للجنة تحقيق أممية مستقلة تابعة للأمم المتحدة، نُشر يوم الأربعاء 12 يونيو/حزيران الجاري، باحتمال قتل قوات الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من 14 مستوطن خلال يوم السابع من أكتوبر، التي شنتها فصائل من المقاومة الفلسطينية على مستوطنات واقعة في غلاف قطاع غزة

وثق تقرير اللجنة التي تُحقق في الهجوم على إسرائيل، وفي العدوان الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة منذ ذلك الحين “مؤشرات قوية” على استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي لما يسمى "برتوكول هانيبال"، في العديد من العمليات العسكرية في يوم السابع من أكتوبر، مما أدى إلى "إلحاق الضرر بالإسرائيليين في الوقت نفسه الذي كانت تستهدف فيه مقاتلي الفصائل الفلسطينية"، وفق ما جاء في التقرير.

تقرير اللجنة الأممية المستقلة، الأمم المتحدة 8 يونيو/حزيران 2024
تقرير اللجنة الأممية المستقلة، الأمم المتحدة 8 يونيو 2024

وسبق أن أُلغي هذا البروتوكول رسميًّا في إسرائيل عام 2016، وكان يهدف إلى منع أَسْر أفراد من قوات الاحتلال الإسرائيلي، كيلا يُسْتخدموا كأداة للمساومة، مما يسمح للقوات بإعطاء أوامر إطلاق النار حتى لو تسبب ذلك في مقتل أفراد من الجيش. 

وخلص محققو الأمم المتحدة، بقيادة نافي بيلاي، رئيسة لجنة حقوق الإنسان السابقة في الأمم المتحدة، إلى أنّ ما لا يقل عن 14 مستوطنًا إسرائيليًّا، بما في ذلك توءمان يبلغان من العمر 12 عامًا، وجدة تبلغ من العمر 68 عامًا "ربما قُتلوا نتيجة لإطلاق النار من قبل قوات الأمن الإسرائيلية"، وذكرت اللجنة الأممية أيضًا أنّ سلوك إسرائيل في الحرب شمل جرائم ضد الإنسانية. 

في حين قالت الحكومة الإسرائيلية إن التقرير "يعكس التمييز المنهجي ضد إسرائيل من قبل هذه اللجنة"، مشيرةً إلى أنه تجاهل استخدام حركة حماس للمدنيين كـ"دروع بشرية"، حسبما ادّعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي. كما وجّهت انتقادات للجنة بسبب ما سمته "رسم معادلة كاذبة وبشعة"، بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بالعنف الجنسي.

تقرير اللجنة الأممية المستقلة، الأمم المتحدة 8 يونيو/حزيران 2024
تقرير اللجنة الأممية المستقلة، الأمم المتحدة 8 يونيو 2024

تفيد اللجنة من جانبها أنها قد مُنعت من الوصول إلى إسرائيل وغزة والضفة الغربية، وأضافت أنّ إسرائيل لم ترد على ستة طلبات للحصول على معلومات حول الأحداث، واستندت في استنتاجاتها إلى مقابلات عن بُعد مع ناجين وشهود، وصور للأقمار الصناعية، والسجلات الطبية الجنائية، وبيانات المصادر المفتوحة.

ويتضمن التحقيق تفاصيل لأدلة تشير إلى استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المتعمّد، لمستوطني مناطق غلاف غزة، وآخرين كانوا يحتفلون في مهرجان نوفا الموسيقى، يوم السابع من أكتوبر. إذ يستنتج التحقيق، مستندًا إلى تصريحات لجنود في كتيبة دبابات تابعة لقوات الاحتلال، أنّ "فريق دبابة واحد على الأقل طبق بروتوكول هانيبال عن قصد ذاك اليوم".

وجاء في التقرير "في تصريح لقناة إخبارية إسرائيلية، أمر سائق دبابة وقائدها باستهداف مركبتين من نوع تويوتا، كانتا تحملان مسلحين وإسرائيليين، وأن هذا الحادث وقع في النقطة 179، قرب مستوطنة نير عوز". ونُقل عن الضابط، الذي اعتقد أن قواته قد تكون داخل تلك المركبات، قوله إنه "يفضل إيقاف عملية الاختطاف حتى لا يتم أسرهم" وأضاف أنه، حسب علمه، لم يُقْتل أي جندي.

تعتمد معظم المعلومات المتعلقة بالاتهام المرتبط بتنفيذ قوات الاحتلال الإسرائيلي "برتوكول هانيبال"، على مقتل المستوطن إفرات كاتز، 68 عامًا، الذي توفي على بعد نحو 150 مترًا من حدود قطاع غزة. إضافة إلى احتمال مقتل 13 مستوطن إسرائيلي آخرين، إما بواسطة قصف الدبابات، أو أنهم قضوا في تبادل إطلاق النار بعد أن حُوصروا في منزل بيسي كوهين في مستوطنة بئيري. 

وذكر المحققون خلال سردهم للأحداث التي جرت في مستوطنة بئيري، أن قرابة 40 فردًا من حركة حماس اختطفوا 15 مستوطنًا، بمن فيهم التوءمين يي لوياني هيتسروني، البالغين من العمر 12 عامًا، إلى منزل بيسي كوهين، مما أدى إلى مواجهة بين مقاتلي حماس ووحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة (يامام) وأفراد من الجيش الإسرائيلي.

ويتابع التحقيق أنه في الساعة الثالثة مساء، اتصل حسن حمدونة، قائد في حماس، بوحدة يامام عبر إحدى الرهينات، مهدّدًا بإعدام جميع المختطفين ما لم يُمنحوا ممرًا آمنًا إلى قطاع غزة. وأنّ أول وحدة كبيرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة اللواء باراك هيرام، وصلت إلى الموقع الساعة الرابعة مساء. 

ووفقًا للتقرير أدلت إحدى الرهينات الناجيات شهادة، تفيد بأنّ كوماندوز يامام فتحوا النار على أفراد حماس، بينما كان هناك سبع رهائن في الساحة، محتجزين بين الطرفين. ويضيف التحقيق أنّ حمدونة استسلم في الساعة الرابعة والنصف مساء، مقتربًا من الإسرائيليين مستخدمًا الرهينة كدرع بشري، ثم تم اعتقاله وأبلغت الرهينة قوات الأمن الإسرائيلية بوجود 14 رهينة و40 مسلحًا داخل المنزل.

ويتابع التقرير، أنّ حمدونة وافق على استخدام مكبر الصوت لإخبار باقي أفراد المقاومة بالاستسلام، لكن تبادل إطلاق النار بالأسلحة الصغيرة وقذائف الآر بي جي استمر، مما أسفر عن مقتل رهينتين في الساحة.

الجنرال هيرام ينهي مفاوضات بين قوات الاحتلال وأفراد من حركة حماس

يضيف التحقيق أنه نحو الساعة الخامسة والنصف مساء، أطلق أفراد حركة حماس المتحصنون في داخل المنزل، قذيفة آر بي جي على قوات الاحتلال الإسرائيلي. ووفقًا لشهادة الناجي، ففي الساعة السابعة مساء، إنّ الجنرال هيرام أعطى أمرًا بإطلاق قذائف الدبابات على المنزل. إثر هذا الحادث، ذكرت صحيفة ذا نيويورك تايمز في تقرير لها نُشر في ديسمبر/كانون الأول، أن جدالًا نشب بين الجنرال وضابط كان يعتقد أنّ المزيد من أفراد المقاومة الفلسطينية قد يعلنون استسلامهم.

حسب بيان التحقيق قال الجنرال هيرام "انتهت المفاوضات، اقتحموا، حتى لو كان ذلك على حساب المدنيين"، بعد أن أطلق أفراد المقاومة المتحصنون داخل البيت قذيفة آر بي جي. وذكر التقريران، الخاص بصحيفة ذا نيويورك تايمز وتقرير الأمم المتحدة، أنّ دبابة أطلقت قذيفتين خفيفتين على المنزل. 

اعترافات الجنرال هيرام يوم السابع من أكتوبر 27 ديسمبر/كانون الأول 2023 (نيويورك تايمز)

أفاد أحد الناجين أنه سمع الجنود يقولون "هناك رهينة مصابة"، واستعادوا امرأة أخرى من المنزل. من جانبها أضافت ناجية أخرى "إنّ زوجها توفي نتيجة القصف، بينما أصيبت هي بشظايا".

ويشير التقرير إلى تحقيق إعلامي آخر فَنّد بعض التفاصيل، بالقول إنّ قذيفتين تحذيريتين أُطلقتا في وقت سابق من اليوم، تلاهما قرار قوات الاحتلال الإسرائيلي بقيادة "يامام" بتنفيذ ضربة على سطح المنزل "لوضع حدٍ للعملية". 

وبخصوص مقتل المستوطنة إفرات كاتز، قال المحققون إنّ لديهم معلومات مؤكدة تشير إلى أنّ أحد سكان مستوطنة نير عوز قُتل نتيجة لإطلاق النار من مروحية إسرائيلية أثناء اختطافه إلى غزة في عربة جرار. ووفقًا لشهادة ابنتها لوسائل الإعلام، فقد حصل تبادل لإطلاق النار بين أفراد من المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وعلى إثره قُتلت إفرات كاتز.

عائلات قتلى مستوطنات قطاع غزة يطالبون بفتح تحقيق عاجل

قالت رهينة أخرى محرّرة من المستوطنة نفسها، إنها شهدت الحادث وسمعت أصوات مروحية في الهواء وإطلاقًا للنار. وأضافت أنها أدركت أنّها أصيبت بنيران الرصاص وأن إفرات أصيبت أيضًا، وأكدت أنّ إفرات توفيت على الفور نتيجة لإطلاق النار من المروحية.

تضيف صحيفة ذا تليغراف البريطانية أنها تواصلت مع الجيش الإسرائيلي للتعليق على الاتهامات الموجهة ضده، وأن عائلات القتلى من المستوطنين طالبوا في يناير/كانون الثاني الفائت، بإجراء تحقيق عسكري حول قرارات أفراد القوات الإسرائيلية حينذاك، في مستوطنة بئيري، نظرًا للاشتباه بأن بعض المستوطنين قُتلوا بنيران صديقة بعد تطبيق برتوكول هانيبال، بما في ذلك قصف الدبابات.

وطالبت العائلات الجيش الإسرائيلي في رسالة مفتوحة "بإجراء تحقيق معمق وشفاف في القرارات والإجراءات التي أدت إلى هذه النتيجة المأساوية".

ووفقًا لتقارير وسائل إعلام إسرائيلية محلية، فتح فريق هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال الإسرائيلي تحقيقًا في الحادث، وفي قرارات الجنرال هيرام في فبراير/شباط الفائت. 

ووفقًا لما أوردته صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فمن المقرر تقديم التحقيق الخاص بحادثة مستوطنة بئيري وقصف منزل عائلة كوهين، في أوائل شهر يوليو/تموز المقبل. بينما من المتوقع أن تكتمل جميع التحقيقات بخصوص العمليات العسكرية بحلول نهاية أغسطس/آب من عام 2024.

من جهة أخرى، ناقشت الحكومة الإسرائيلية اتخاذ إجراءات واسعة النطاق ضد الهيئات والجمعيات الأممية العاملة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك احتمال فصل الموظفين، وفقًا لتقرير صحيفة ذا فاينانشيال تايمز، خاصة بعد إدراج الأمم المتحدة إسرائيل في القائمة السوداء لقتل الأطفال، في الثامن من يونيو/حزيران الجاري. 

الأمم المتحدة تضيف إسرائيل إلى القائمة السوداء لقتل الأطفال
الأمم المتحدة تضيف إسرائيل إلى القائمة السوداء لقتل الأطفال

اقرأ/ي أيضًا

كم عدد مستوطنات غلاف غزة؟

اتهامات لشبكة سي إن إن بإعداد تقارير مفبركة خلال عملية طوفان الأقصى

الأكثر قراءة