أجرى الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن مناظرة مع المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب، يوم 28 يونيو/حزيران الفائت، وعُرضت على قناة سي إن إن الإخبارية الأميركية، في إطار التحضيرات للانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتعد المناظرة حدثًا تاريخيًّا، إذ لم تشرف عليها لجنة المناظرات الرئاسية الأميركية، وتعدّ أيضًا سابقة أولى في التاريخ السياسي الأميركي، إذ جمعت بين رئيس في الإدارة الحالية ورئيس سابق. وناقشت المناظرة العديد من القضايا الحساسة، التي شرح كل مرشح فيها وجهة نظره، والقوانين التي طبقها، فضلًا عن نظرتهما المستقبلية للسياسات الداخلية والخارجية في العديد من القضايا، منها الرعاية الصحية، الهجرة غير النظامية، قضايا السود الأميركيين، الإجهاض، والنزاعات العالمية كحرب روسيا وأوكرانيا، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي خضم النقاش بينهما، انتقد كل منهما الآخر فيما يخص طريقة حكمه وقراراته، وبالمتابعة وجد "مسبار" أنّ كلا المرشحيْن استخدم معلومات وادعاءات مضللة أثناء المناظرة، نستعرض أبرزها.
لم ينعت جو بايدن ذوي البشرة السوداء بالحيوانات المفترسة عام 1994
في سياق حديث ترامب عن آراء جو بايدن والقوانين التي عمل على تطبيقها من أجل المواطنين الأميركيين السود، قال "ما فعله بالسكان السود أمر مروّع، بما في ذلك حقيقة أنه لسنوات عديدة أطلق عليهم لفظة 'الحيوانات المفترسة" لا يمكننا أن ننسى ذلك، وقد شعروا بإهانة كبيرة بسبب ذلك".
ولكن بالبحث وجد مسبار أنّ الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، لم يطلق على المواطنين الأميركيين ذوي البشرة السمراء لفظ "الحيوانات المفترسة"، إذ اتضح أنّ وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، هي من استخدمت هذا اللفظ، في معرض ترويجها لمشروع قانون الجريمة لعام 1994، في مؤتمر لها في جامعة كيين في نيو هامسفير. وكانت تصف من جانبها، ما سمته بالعصابات الأشبه بعصابات الكارتيل (مروجي المخدرات)، وأضافت أن عليهم محاربة هذا النوع من الجريمة.
أما بالنسبة للرئيس الحالي جو بايدن، فقد استخدم لفظة "مفترسين"، في معرض حديثه وترويجه لمشروع قانون الجريمة للعام 1994، في خطاب له في مبنى الكونغرس الأميركي في 18 نوفمبر عام 1994. ولم يصف بايدن فئة معينة من المواطنين خلال حديثه عن القانون، إذ قال في الدقيقة 1:32، من مقطع الفيديو أنّ "هناك مفترسين في شوارعنا بسبب إهمالنا لهم".
بايدن يدّعي أن قوات حرس الحدود الأميركية أيدته شخصيًّا
ادعى الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن في معرض حديثه عن أزمة الحدود الأميركية المكسيكية والهجرة غير النظامية، أنّ قوات حرس الحدود أيدته، إذ قال "بالمناسبة، لقد أيدنتي قيادة حرس الحدود، أيدت موقفي".
لكن وجد مسبار أن هذا الادعاء غير دقيق، إذ أيد حرس الحدود مشروع قانون تأمين الحدود المؤيد من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في الخامس من فبراير/شباط العام الجاري.
من جهته علّق براندون جودد رئيس المجلس الوطني لدوريات حرس الحدود، على القرار وقال "على الرغم من أنه ليس مثاليًا، فإن قانون الحدود لعام 2024 هو خطوة في الاتجاه الصحيح وهو أفضل بكثير من الوضع الراهن والحالي. لهذا السبب يوصي المجلس الوطني لدوريات الحدود بهذا القانون ويأمل في تمريره بسرعة".
وتعليقًا على ادعاء بايدن، بأنّ الهيئة الوطنية لدوريات حرس الحدود الأميركية قد أيدته شخصيًا، نشرَ الحساب الرسمي للهيئة على موقع إكس، يوم 28 يونيو الفائت، أثناء المناظرة بين بايدن وترامب، منشورًا تنفي فيه الهيئة تمامًا ما ذكره بايدن، وجاء فيه أنها لم ولن تؤيد بايدن أبدًا.
بايدن يدعي أنه لم يٌقتل في عهده أي جندي أميركي حول العالم
ادّعى الرئيس جو بايدن أثناء مناظرته للمرشح والرئيس السابق دونالد ترامب، أنّه "الرئيس الوحيد في هذا القرن، في هذا العقد، الذي لم تُقتل أية قوات عسكرية أميركية في عهده، بأي مكان في العالم كما كان يفعل هو (الرئيس السابق دونالد ترامب)".
تحقق مسبار من هذا الادعاء واتضح أنه غير صحيح، إذ قُتل 13 جنديًّا أميركيًّا في أفغانستان، خلال عهد رئاسة بايدن للبيت الأبيض يوم 27 أغسطس/آب عام 2021، في تفجير انتحاري في مطار كابول، حسب وكالة أسوشييتد برس الأميركية.
وذلك بالإضافة لمقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة 34 آخرين، يوم 28 يناير/كانون الثاني مطلع العام الجاري، إثر هجوم بطائرة مسيّرة على قاعدة أميركية تقع شمال شرقي الأردن، على الحدود مع سوريا.
وعلّقت عائلة أحد الجنود الأميركيين الذين قتلوا في هجوم أفغانستان، على ادعّاء جو بايدن خلال المناظرة، وقالت أثناء مقابلة لها مع قناة فوكس نيوز الأميركية يوم 29 يونيو من الشهر الفائت، إنّ "الرقيب دارين تايلور هوفر جونيور، البالغ من العمر 31 عامًا، كان يحضر لزفافه عندما قُتل"، وأضاف الوالد من جانبه أنّ هذه "كانت ثالث جولة له في أفغانستان"، وعابوا على الرئيس جو بايدن نفيه مقتل ابنهم وزملاؤه.
ترامب يتهم الديمقراطيين بنيتهم قتل الأجنّة في الشهر التاسع وما بعد الولادة
ادعى المرشح الرئاسي والرئيس السابق دونالد ترامب، في خضم حديثه عن قانون الإجهاض، وخاصة التي يعمل على تمريره الديمقراطيون، أنّ "المشكلة التي يواجهها الديمقراطيون هي أنهم متطرفون، لأنهم سينهون حياة طفل في الشهر الثامن، والتاسع، وحتى بعد الولادة".
لكنّ مسبار وجد أنّ قتل الأجنّة بعد الولادة يمثل خرقًا للقانون الأميركي في جميع الولايات، إذ يعدّ جريمة قتل تسمى "وأد الرضّع".
وحسب تقرير لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، المنشور في 13 مايو/أيار العام الجاري، فإنّ "كل حالات الإجهاض تقريبًا في عام 2021 تمت في مراحل مبكرة من الحمل، بنسبة 93.5٪ من حالات إجهاض تمت في غضون 13 أسبوعًا من الحمل، وانخفضت حالات الإجهاض إلى (5.7٪) في الفترة من 14-20 أسبوعًا من الحمل، وانخفض أكثر حتى وصل إلى (0.9٪)، خلال 21 أسبوعًا من الحمل أو أكثر".
لم تتضاعف أسعار المواد الغذائية ثلاث مرات خلال رئاسة بايدن
ادعى دونالد ترامب أثناء حديثه عن قضايا تخص الاقتصاد الأميركي، موجّهًا نقده لسياسات الرئيس الحالي جو بايدن، إذ قال إنّ "تكلفة الطعام، تضاعفت مرتين، وثلاث مرات، وأربع مرات" في عهد بايدن.
لكن بالتحقق من هذه الادعاءات، وجد مسبار أنّ نسبة زيادة أسعار السلع الغذائية في عهد إدارة بايدن وصلت إلى 20% فقط. فحسب مؤشر أسعار المستهلك "food at home"، فإنّ الزيادة بدأت في يناير عام 2021 بنسبة 252.7 للفرد، حتى وصلت إلى 305 للفرد، وهو ما يتعارض مع ما ادعاه دونالد ترامب، بأنّ الأرقام تضاعفت ثلاث وأربع مرات، إذ ستكون النسبة وقتئذ 300% وليست 20% كما هو الحال الآن.
وقوع أحداث إرهابية في عهد دونالد ترامب على عكس ادعاءاته
قال دونالد ترامب المرشح لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة، إنّه "لم تحدث أية أعمال إرهابية خلال فترة إدارتي".
تتبع مسبار تلك الادعاءات، واتضح أنها مضللة، ففي يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 2017، حاول الشاب أكاياد 31 عام، من بنغلاديش، تفجير محطة مترو في نيويورك، باستخدام قنبلة أنبوبية، مما أسفر عن إصابته إصابات بالغة، وإصابة ثلاثة ضحايا، وتم القبض عليه في نفس اليوم. وحكم عليه بالسجن مدى الحياة يوم 22 إبريل/نيسان عام 2021، وأضاف في اعترافاته أنه تابع لتنظيم داعش.
وفي الأول من نوفمبر عام 2017، قُتل ثمانية مواطنين وأُصيب 11 آخرون، جراء عمل إرهابي في مدينة نيويورك، إذ دهس سائق شاحنة مجموعة مكتظة من راكبي الدراجات قرب النصب التذكاري لمركز التجارة العالمي. وأُدين سايفولو سايبوف سائق الشاحنة، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وفي السياق ذاته، أطلق محمد سعيد الشمراني، وهو ضابط سابق في القوات الجوية السعودية، النار على ثلاثة ضباط في القوات البحرية الأميركية وأرداهم قتلى، وأصاب ثمانية آخرين في ديسمبر عام 2019، داخل قاعدة بنساكولا البحرية في ولاية فلوريدا.
وأفادت التحقيقات حينها أن منفذ العملية لا يتبع لجماعة إسلامية، ولكن يحمل الفكر الجهادي، حسبما وصفته التحقيقات.
وحسب إحصائية لموقع قاعدة بيانات الإرهاب الدولي التابع لجامعة ماريلاند، تظهر البيانات أنّ هناك ما يقارب الـ 220 عملية إرهابية، دون دوافع دينية واضحة، أو صلة بجماعات دينية محددة، من الفترة بين 2017 إلى 2020، أي في عهد إدارة دونالد ترامب.
هل يعد ترامب أسوأ رئيس للولايات المتحدة الأميركية؟
وصف الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن أن دونالد ترامب مقابله في المناظرة، يعد حسب البيانات المعلنة أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، إذ قال إنّ "مؤرخي الرئاسة صوتوا على من يستحق لقب أسوأ رئيس في التاريخ الأمريكي. من الأفضل إلى الأسوأ، قالوا إنّ ترامب كان الأسوأ في التاريخ الأمريكي كله".
تحقق مسبار من الادعاء، ووجد أنه صحيح، إذ نُشر تقرير في فبراير مطلع العام الجاري، باسم "استطلاع خبراء مشروع العظمة الرئاسية"، ويعمد الاستطلاع إلى ترتيب الرؤساء الأميركيين عبر التاريخ، حسب جودتهم كعاملين في منصب الرئاسة الأميركية، وأتى الرئيس الحالي جو بايدن في المرتبة ال 14 بنتيجة نقاط 62.66، أما دونالد ترامب فأتى في المرتبة الأخيرة بنتيجة 11 نقطة فقط.
لم يعبُر 18 مليون شخص الحدود الأميركية في عهد بايدن
ادعى الرئيس السابق دونالد ترامب، أنّ ما يقرب من 18 مليون شخص عبروا الحدود الأميركية بطريقة غير نظامية، في عهد الرئيس الحالي جو بايدن.
ولكن وفقًا للأرقام المعلنة من هيئة الجمارك وتأمين الحدود الأميركية، فإنّ 9.3 مليون شخص عبروا الحدود الأميركية. وبإضافة أعداد الأشخاص الذين لم تستوقفهم قوات حرس الحدود، فسيصل الرقم إلى 11.4 مليون.
ترامب يدعي بأنّ بايدن هو من قدمه للقضاء لأنه منافسه الرئاسي
اتهم دونالد ترامب الرئيس الحالي جو بايدن، بأنّه هو من أحاله إلى القضاء، بسبب منافسته له في الانتخابات.
أظهر تحقُّق مسبار أنّ الادعاء غير دقيق، إذ إنّ تحقيقات المدعي العام لولاية مانهاتن الخاصة بالسجلات التجارية لترامب، بدأت قبل أن يتولى بايدن إدارة البيت الأبيض عام 2020، ولأنه ليس من صلاحيات الرئيس الأميركي التدخل في قرارات المدعين العامين أو الفدراليين، إذ تتولى تلك القضايا هيئات محلفين كبرى.
لم تعترف نانسي بيلوسي أنها المسؤولة عن أحداث الكابيتول
وعلى صعيد آخر ادعى المرشح الرئاسي دونالد ترامب، أنّ نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي سابقًا، اعترفت أنها المسؤولة عما بات يعرف بأحداث الكابيتول الأميركي، في السادس من شهر يناير عام 2021.
وبالملاحظة اتضح أنّ هذا الادعاء مضلل، إذ أشار دونالد ترامب في ادعائه إلى مقطع فيديو لبيلوسي، نُشر في السادس من يناير 2021، تظهر فيه وهي تقول "أنا أتحمل مسؤولية عدم استعدادهم (قوات تأمين الكابيتول) للمزيد"، ولكن بالتدقيق في مقطع الفيديو، تقول بيلوسي إنها المسؤولة لأنها لم تستدعي قوات الحرس الوطني لحماية الكابيتول، وليس أنها تتحمل مسؤولية أعمال الشغب والتخريب حينذاك.
وتجدر الإشارة بأنّ الرئيس السابق دونالد ترامب، يواجه أربعة تهم جنائية تخص أعمال الشغب وهجوم أنصاره على مبنى الكابيتول، يوم السادس من يناير عام 2021. ويواجه تهمًا بالتآمر على الولايات المتحدة، والتحايل لعرقلة إجراءات رسمية والتآمر على الحقوق، كما ذُكر في لائحة التهم الموجهة إليه في التحقيق.
اقرأ/ي أيضًا
كيف تستخدم مجموعات اليمين المتطرف الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى يحض على الكراهية؟
الغارديان: وثائق تكشف جهودًا حكومية إسرائيلية للتأثير على الأميركيين خلال الحرب على غزة