` `

اتهامات لشركة فيليب موريس بالتضليل والتلاعب بالعلم لجذب غير المدخنين

محمود حسن محمود حسن
صحة
4 يوليو 2024
اتهامات لشركة فيليب موريس بالتضليل والتلاعب بالعلم لجذب غير المدخنين
شعار أجهزة التبغ المسخن التابعة لشركة فيليب موريس بمتجر في طوكيو (Getty)

تواجه شركة التبغ العالمية فيليب موريس إنترناشونال (PMI)، اتهامات بالتلاعب بالعلم بهدف الربح وجذب غير المدخنين إلى منتجاتها الجديدة، مثل جهاز التبغ المُسخّن أيكوس (IQOS). وتُعزى هذه الاتهامات إلى تمويل الشركة لبعض الأبحاث العلمية والدعاية المضللة في محاولة لكسب تأييد مجموعة من العلماء والباحثين في المجال الطبي.

وكشف باحثون أيضًا وثائق سرية مسربة من شركة فيليب موريس الدولية وفرعها في اليابان، احتوت على خطط لاستهداف صانعي السياسات والأطباء ودورة الألعاب الأولمبية التي نُظّمت في طوكيو عام 2020. وقد كانت هذه الخطط جزءًا من استراتيجية تسويقية تهدف إلى جذب غير المدخنين بأسلوب مضلل إلى منتج التبغ المُسخّن.

وثائق تكشف استراتيجية مضللة للترويج لمنتجات فيليب موريس

ورقة بحثية نُشرت في مجلة “أبحاث النيكوتين والتبغ”، واستندت إلى 24 وثيقة مسربة من شركة فيليب موريس، كشفت عن استراتيجية مضللة للترويج لمنتجات الشركة من التبغ.

تشير الوثائق المسربة إلى أن شركة التبغ موّلت دراسة في جامعة كيوتو اليابانية حول الإقلاع عن التدخين، وذلك عبر منظمة بحثية تعمل كطرف ثالث (وسيط)، خلال الفترة من 2012 إلى 2020. ودفعت شركة فيليب موريس اليابان نحو 20,000 جنيه إسترليني شهريًا لشركة “FTI-Innovations”، التي يديرها أستاذ في جامعة طوكيو، ووفقًا لإحدى رسائل البريد الإلكتروني الداخلية، زعم أحد موظفي فيليب موريس-اليابان أنّ إدارة الشركة طلبت منهم "إبقاء الأمر سريًا".

فيليب موريس تحاول جذب المؤسسات وصناع القرار للترويج لمنتجاتها

في تقرير منفصل عن الأنشطة التسويقية لشركة فيليب موريس، واستنادًا إلى الوثائق المسربة، ذكرت منظمة "ستوب" الدولية لمراقبة صناعة التبغ أن فيليب موريس-اليابان بدت وكأنها تضغط للسماح باستخدام جهاز التبغ المُسخّن في الأماكن التي يُحظر فيها التدخين. 

وقد استهدفت الشركة مجموعات ومؤسسات مؤثرة في صناعة القرار مثل المؤسسات الطبية ومجموعات الضيافة ووكالات إدارة الحرائق للحصول على تأييدها. وبحسب التقرير إذا تمكنت الشركة من الحصول على هذا التأييد، فقد يعطي ذلك انطباعًا مضلّلًا بالقبول الواسع والموثوقية لجهاز التبغ المُسخّن.

يشير باحثون في مراقبة صناعة التبغ إلى أن استهداف فيليب موريس لحدث رياضي مثل دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو "يعكس تكتيكًا معروفًا للترويج غير النزيه لمنتجات التبغ الإدمانية والضارة، ويوحي بأن هذه المنتجات مرتبطة بالصحة، مما يضلل المستهلكين، ويجعل هذه المنتجات تصل إلى الأطفال والشباب." وأوضح خورخي ألداي، مدير منظمة "ستوب"، أن هذه النتائج تتعارض مع تصريحات فيليب موريس الدولية التي تزعم أن جهاز تسخين التبغ يستهدف المدخنين البالغين فقط.

 تقول منظمة ستوب إن شركة فيليب موريس تسعى لترويج المنتج باعتباره قليل المخاطر مقارنةً بالتبغ التقليدي، لكن هذا المنتج لا يزال مثيرًا للجدل بسبب عدم معرفة آثاره الصحية طويلة المدى حتى الآن. وما نعرفه حتى الآن هو أنه يحتوي على التبغ ويُسبّب الإدمان.

خطة تسويقية غير نزيهة تستخدم مصطلحات مضللة

بحسب منظمة “ستوب” فإن شركة فيليب موريس تستخدم مصطلحات مضللة في خطتها التسويقية، مثل مصطلح “تقليل المخاطر”، وتدعي أنّ جهاز التبغ المُسخَّن خالٍ من الدخان. لكن هذا التصنيف يتعارض مع ما توصلت إليه الأبحاث المستقلة. ورغم أنّ جهاز التبغ المُسخَّن يعرّض المستخدمين لمستويات أقل من المواد الضارة مقارنة بالسجائر العادية، إلا أنه لم يثبت بعد أنه يقلل من أخطار الأمراض والوفيات المرتبطة بالتبغ.

وأظهرت الأبحاث التي استندت إليها منظمة “ستوب” أن جهاز التبغ المُسخَّن، ينتج 80 مادة كيميائية بكميات أكبر أو حصرية مقارنة بدخان السجائر، بعضها مواد سامة أو مسرطنة. بالإضافة إلى ذلك، لم يثبت أن جهاز التبغ المُسخَّن يساعد في الإقلاع عن التدخين، وتظهر البيانات أن العديد من المستخدمين يستمرون في تدخين السجائر أثناء استخدامه.

وتعدّ اليابان سوقًا رئيسيًّا لجهاز التبغ المُسخَّن، وتعتقد منظمة “ستوب” أن فيليب موريس الدولية ستطبق نفس الخطة الترويجية المضللة في أماكن أخرى من العالم.

وفي رد على هذه الاتهامات، قال متحدث باسم فيليب موريس الدولية “هذه ادعاءات مضللة أخرى من منظمة تهتم أكثر بانتقاد شركتنا بدلًا من المساعدة في تقليل الأضرار الناجمة عن السجائر”. ودافعت شركة التبغ عن مشاركتها مع صانعي السياسات وأصحاب المصلحة، باعتبارها أمرًا مشروعًا وضروريًا لصنع سياسات وخطط تسويقية مستنيرة.

التلاعب بالعلم يضر بالجمهور ويقوض السياسات الصحية

تقول صوفي برازنيل، وهي باحثة مشاركة في الدراسة التي نشرت في مجلة أبحاث النيكوتين والتبغ "إن التلاعب بالعلم لتحقيق الربح يؤذينا جميعًا، خصوصًا صانعي السياسات والمستهلكين الذين يحاولون اتخاذ قرارات قد تكون حاسمة في حياتهم. إنه يبطئ ويقوّض السياسات الصحية العامة، بينما يشجع الاستخدام الواسع للمنتجات الضارة". وأضافت برازنيل أن الوثائق المسربة تتعارض مع ادعاءات فيليب موريس الدولية بأنها تقدم "إفصاحًا شفافًا" حول مكونات منتجاتها. ودعت برازنيل إلى إصلاح تمويل وحوكمة أبحاث التبغ لحماية العلم من المصالح التجارية الخاصة.

ما هو جهاز التبغ المُسخَّن IQOS؟

هو جهاز تدخين إلكتروني يستخدم لتسخين التبغ بدلًا من حرقه، وقد طورته شركة فيليب موريس إنترناشيونال، ظهر المنتج لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، في اليابان وإيطاليا، ثم طرح للاستخدام التجاري تدريجيًّا في دول أخرى. يعتمد الجهاز على تسخين عيدان التبغ المخصصة المعروفة بـ "HEETS" إلى درجة حرارة أقل بكثير من السجائر التقليدية، مما ينتج بخارًا يحتوي على النيكوتين والمواد الأخرى الموجودة في التبغ دون عملية الاحتراق الكاملة.

يُزعم أنّ الجهاز يُقلل من انبعاث المواد الكيميائية الضارة مقارنة بالدخان الناتج عن السجائر التقليدية. ومع ذلك، فإن الأبحاث الطبية الحالية لا تدعم هذه المزاعم حتى الآن. فلا تزال الدراسات حول الجهاز غير حاسمة بخصوص أضراره المحتملة، مما يستدعي المزيد منها لتحديد تأثيراته الصحية طويلة المدى.

صورة متعلقة توضيحية
منتج تبغ فيليب موريس وجهاز التسخين الخاص به (Getty)

تصاعد الضغوط على شركات التبغ بسبب الترويج المضلل لمنتجاتها

تأتي هذه الاتهامات في وقت تتصاعد فيه الضغوط على شركات التبغ لوقف ترويج منتجاتها بطرق قد تكون مضللة. ويذكر بأنه لدى شركات التبغ سوابق عديدة تُظهر تضليلها للجمهور بهدف الربح والترويج لمنتجات التبغ.

في عام 2023، أمرت محكمة اتحادية أميركية شركات التبغ الكبرى بنشر لافتات توعوية في قرابة 220,000 متجر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، تُخبر الناس عن الحقيقة والمخاطر الصحية للتدخين. ووجدت المحكمة أن شركات التبغ قد انتهكت القوانين وكذبت على الجمهور لعقود طويلة بشأن أخطار التدخين، والنيكوتين، وإدمانهما.

بالإضافة إلى ذلك، أصدرت بعض منظمات الصحة العامة الأمريكية تقارير في نفس العام، تشير إلى أن شركات التبغ لا تزال تمارس سياسات تضليلية تتعارض مع ادعاءاتها في الحد من الضرر. إذ تستمر هذه الشركات في عرقلة سياسات  تقليل الأضرار الناجمة عن منتجات التبغ.

اقرأ/ي أيضًا

فيلم شكرًا على التدخين: عن صناعة الجهل ودورها بالترويج للسجائر

هل الإقلاع عن التدخين له أعراض؟

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة