تتداول صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ يوم الثلاثاء الفائت 17 سبتمبر/أيلول، ادّعاءات يفيد ناشروها بظهور حالات تسمم عديدة في مدينة أسوان المصرية. وأرجع مستخدمون أسباب تسمم الحالات أو ما سماها بعضهم نزلات معوية إلى انتشار "وباء الكوليرا"، إلى تلوث في مياه النيل، أو انتشار عدوى موسمية صيفية جراء تغير الفصول.
وتداولت الحسابات أنّ أعراض حالات التسمم أو النزلات المعوية، تظهر على شكل إسهال، غثيان، قيئ، ودرجات حرارة مرتفعة للغاية، ما نتج عنه نقل بعض المرضى إلى المستشفيات العامة في محيط انتشار الحالات المزعومة، حسبما تم تداوله من حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي.
تضارب في تصريحات الحكومة المصرية حول عدوى التسمم في أسوان
نشرت مديرية الشؤون الصحية في أسوان بيانًا، يوم 17 سبتمبر الفائت، تنفي فيه ما سمته شائعة "حجز مواطنين بالمستشفيات مصابين بنزلات معوية لوجود تلوث بمياه الشرب في بنبان وأبو الريش وبهاريف"، وأضافت أنّ الدكتور محمد سعيد وكيل وزارة الصحة في أسوان، أكّد على أنّ الحالات المصابة بنزلات معوية لا تتعدى ٢٨ حالة في جميع مستشفيات المحافظة. وذلك بسبب فيروسات الأمراض الموسمية لفصل الصيف أو تناول أطعمة ملوثة. وقال رئيس الشركة من جانبه إنّ لجنة ميدانية ومعامل متنقلة أثبتت نتائج خلو مياه الشرب من أي تلوث.
وصدر البيان ردًّا على الشائعات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تُرجع سبب انتشار عدوى التسمم بين المرضى في أسوان، إلى تلوث تسمم مياه الشرب، الأمر الذي تنفيه الحكومة المصرية بشكل قاطع.
لكن مع انتشار أنباء تفيد بزيادة أعداد حالات التسمم في أسوان، أصدرت وزارة الصحة والسكان المصرية، بيانًا صحفيًا يوم 19 سبتمبر الجاري، أي بعد يومين من بيان مديرية شؤون الصحة في أسوان، جاء فيه أنه "في ضوء ما تم رصده من تردد حالات مصابة بأعراض نزلات معوية (إسهال- غثيان- قيئ) على مستشفيات محافظة أسوان، فقد وجه الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان بإرسال فريق مركزي من قطاع الطب الوقائي إلى المحافظة".
وأضاف البيان أنّ الحالات التي ترددت على مستشفيات المسلة، الصداقة، أسوان الجامعي، ودارو المركزي، تعاني من أعراض ما سمته "نزلات معوية" تتسبب في الإسهال والغثيان والقيئ. وحسب البيان، فقد تم حجز 63 حالة منهم في المستشفيات، أما بقية الحالات فلم تستوجب المكوث في المستشفيات، إذ تم إعطاؤها الدواء المناسب، مع التوصية باستكمال العلاج في المنزل.
وفي السياق ذاته، صرّح المتحدث باسم وزارة الصحة، الدكتور حسام عبد الغفار، في مداخلة تلفزيونية على قناة إكسترا نيوز المصرية، يوم الجمعة 20 سبتمبر، أنه ونظرًا لتزايد أعداد الحالات المتوافدة على المستشفيات في مدينة أسوان، وجه الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، بإرسال فريق من قطاع الطب الوقائي برئاسة الدكتور عمرو قنديل نائب وزير الصحة والسكان للطب الوقائي للمحافظة، وقد تحرك الفريق على ثلاثة محاور، وهي التأكد من سلامة مياه الشرب، وأخذ عينات من أكثر من 103 محطة لمياه الشرب، ومنازل الحالات التي ظهرت بها الأعراض، والتوجه للمستشفيات لمناظرة الحالات والتأكد من معدلات التردد وتلقيهم للعلاج المناسب، وأخيرًا، المرور على الباعة الجائلين وأماكن تقديم الطعام، نظرًا لأنّ الأعراض المرتبطة في الجهاز الهضمي غالبًا ما تنتقل من خلال المياه والطعام.
وأضاف المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، أنّ "الفحوصات الأولية لمحطات المياه والمنازل أثبتت أنه لا يوجد تغير مرتبط بوجود بكتيريا أو وجود أي تغير مايكروبيولوجي في محطات المياه"، مؤكدًا على أنّ "هناك توجيه من رئيس مجلس الوزراء بتحرك جميع أجهزة الدولة المعنية للوصول للمصدر الأساسي المسبب لهذه الأعراض، وتقديم كافة الدعم للمرضى"، وختم تصريحه بالقول "نتيجة لجهود وزارة الصحة والسكان، وشركة المياه، ومحافظة أسوان، وكافة أجهزة الدولة، فقد تحسن إجمالي عدد الحالات التي تحتاج للدخول إلى المستشفيات وتلقي العلاج، حيث انخفضت من 63 حالة إلى 25 حالة فقط".
وأضاف المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية في البيان، أنّ الفحوصات الأولية لمحطات المياه والمنازل أثبتت أنّ لا وجود لأي نوع من البكتيريا المضرة، أو أي تغير مايكروبيولوجي في محطات المياه بأسوان، وأن كافة الجهات المعنية تعمل على التعرف على أسباب العدوى.
من ناحيته، أصدر وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، بيانًا يوم الاثنين الموافق 23 سبتمبر الجاري، ينص على أنّ التحليل المبدئي لحالات الإصابة بنزلات معوية في أسوان، يفيد أنها قد تكون بسبب الإصابة ببكتيريا عنيفة تسمى "الإشريكية القولونية"، المعروفة باسم “الإي كولاي”.
ووفقًا لتعريف منظمة الصحة العالمية فإنّ بكتيريا الإشريكية القولونية هي "بكتيريا توجد عادة في أمعاء البشر والحيوانات ذوات الدم الحار"، مؤكدة أنّ معظم سلالات الإشريكية القولونية غير ضارة.
ومع ذلك، يمكن لبعض السلالات، مثل "الإشريكية القولونية المنتجة للسموم شيجا (STEC)، أن تسبب أمراضًا خطيرة تنتقل عن طريق الغذاء. وتنتقل إلى البشر في المقام الأول من خلال استهلاك الأطعمة الملوثة، مثل منتجات اللحوم المفرومة النيئة أو غير المطبوخة جيدًا، والحليب الخام، والخضراوات والبراعم النيئة الملوثة".
أنباء تتحدث عن حالات وفاة في أسوان واتهامات بتعتيم حكومي
نشر موقع مدى مصر الإخباري يوم 22 سبتمبر الجاري، تقريرًا يؤكد وجود حالة وفاة إثر أعراض التسمم التي انتشرت مؤخرًا في مناطق وقرى مدينة أسوان المصرية، في حين لم تنشر وزارة الصحة المصرية أي بيان عن وجود وفيات بين المرضى، حتى الآن.
وتقول الوثيقة إنّ سبب الوفاة المؤرخ يوم الخميس الموافق 19 سبتمبر، في تمام الساعة الثالثة مساء، هو توقف تام في الدورة الدموية والتنفسية والقلبية التي نتجت عن “نزلة معوية شديدة أودت إلى جفاف وارتفاع في وظائف الكلى وجلطة بالمخ”.
وورد في تقرير آخر نشره موقع عربي بوست الإخباري، أمس الاثنين 23 سبتمبر، أنّ مصادر خاصة للموقع صرحت بأنّ ما يعاني منه عشرات المرضى في أسوان، قد يكون بنسبة كبيرة مرض الكوليرا، وهو ما تداوله العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
ويضيف التقرير أنّ تخوفات الحكومة المصرية من اشتعال فتنة ضد اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب السودانية، هو ما أدى إلى تبني السلطات المصرية سردية انتشار نزلة معوية بسبب تسمم في الطعام. إذ يذكر التقرير على لسان أحد كبار العائلات الأسوانية المتأثرة بحالات تسمم أنّ "الحكومة وفق ما قيل له من تواصله مع المسؤولين التنفيذيين في محافظة أسوان، قد تبنت رواية تلوث المياه والطعام، خوفًا من رد فعل "عنيف" تجاه السودانيين في مصر إذا ما قالت إن ما حدث في أسوان هو مرض الكوليرا".
وبالتزامن مع تزايد حالات التسمم في مدينة أسوان، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ادعاءات ومزاعم لمواطنين ومؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول بوجود حالات وفاة جراء حالات التسمم التي أعلنت عنها وزارة الصحة المصرية مؤخرًا، موجهين اتهامات بالتعتيم الإعلامي عن تفشي مرض الكوليرا في مناطق معينة في مدينة أسوان.
ما هي أعراض وباء الكوليرا ومسبباته؟
حسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، فإنّ الكوليرا هي مرض يسبّب إسهالًا حادًّا يمكن أن يقتل في غضون ساعات إذا لم يُعالج. وأضاف الموقع الخاص بالأمم المتحدة أنّ "الكوليرا مرض متعلق بالفقر، يصيب الأشخاص الذين لا يحصلون على ما يكفي من المياه المأمونة والمرافق الصحية الأساسية"، وأنّ معظم المصابين بالمرض "لا يبدو عليهم أية أعراض أو تظهر عليهم أعراض خفيفة، ويمكن علاجهم بنجاح بواسطة محلول الإمهاء الفموي".
وتذكر الأمم المتحدة في تعريفها أنّ “الكوليرا مرض شديد الضراوة ينتقل عن طريق تناول الطعام أو الماء الملوث، ويمكن أن تسبّب الكوليرا إسهالًا مائيًّا حادًا ووخيمًا، ويمكن للأشكال الحادة من المرض أن تؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات إذا تُركت دون علاج”.
اقرأ/ي أيضًا
صورة وصول البرهان إلى مصر قديمة وليست بالتزامن مع زيارة بن زايد الأخيرة