مع اقتراب الانتخابات الأميركية المقررة في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، تتزايد أهمية فهم الديناميكيات المؤثرة على المشهد السياسي. في هذا السياق، كشف بحث حديث أجرته جامعة سيراكيوز في الولايات المتحدة، عن جانب من التضليل والاحتيال في الإعلانات السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ يتناول البحث كيف أصبحت هذه الإعلانات، التي كانت تهدف في الأصل إلى توعية الناخبين وجذب الدعم، وسيلة لنشر المعلومات المضللة والاحتيال على المستخدمين وكيفية تأثير هذه الإعلانات على الناخبين والمشهد السياسي العام.
يُظهر البحث كيف يستغل المحتالون الفضاء الرقمي لاستهداف مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترامب باستخدام إعلانات خادعة تعد بتوزيع علم ترامب مجانًا وعملة تذكارية، مقابل إكمال استطلاع سريع ودفع رسوم شحن بقيمة 5 دولارات.
ووفقًا للإعلان، الذي كان عينة في البحث، ونُشر على موقعي فيسبوك ويوتيوب ومنصات أخرى، فإن المشاركين سيحصلون على هديتين مجانيتين بمجرد إكمال الاستطلاع. ولكن ما لم يُذكر في الإعلان هو أن المشاركين سيدفعون رسومًا تبلغ 80 دولارًا، ستظهر لاحقًا على بطاقاتهم الائتمانية، مما يعرضهم للاحتيال.
ويُشير البحث إلى أن الإعلانات السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي تُعد واحدة من أفضل الطرق للوصول إلى المؤيدين وجمع الأموال للحملات الانتخابية. ولكن بسبب اللوائح الضعيفة والتنفيذ العشوائي من قبل شركات التكنولوجيا، أصبحت هذه الإعلانات مصدرًا رئيسيًا للمعلومات المضللة، مما يسهل على المحتالين استهداف الضحايا. وبحسب الأستاذة التي أشرفت على البحث في جامعة سيراكيوز، جينيفر سترومر غالي، فإن عدم التنظيم في المنصات يُساهم في تعريض الجمهور الأميركي للمعلومات المضللة والخاطئة والدعاية.
فحص البحث أكثر من 2200 مجموعة على فيسبوك وانستغرام، التي نشرت إعلانات بين شهري سبتمبر/أيلول ومايو/أيار، والتي ذكرت أحد المرشحين الرئاسيين. وتبين أن تكلفة هذه الإعلانات بلغت ما يقرب من 19 مليون دولار وشوهدت أكثر من مليار مرة.
وأظهرت البيانات المرتبطة بالإعلانات، والتي جعلتها فيسبوك عامة، أن الإعلانات التي تميل لليمين واليسار استهدفت الناخبين الأكبر سنًا أكثر من الشباب، وكانت الإعلانات التي تميل لليمين أكثر احتمالًا لاستهداف الرجال، بينما كانت الإعلانات التقدمية أكثر احتمالًا لاستهداف النساء. كما تبين أن المنظمات التي تميل للمحافظة اشترت إعلانات أكثر من المجموعات التقدمية، مع تركيز اليمين على موضوع الهجرة واليسار على الاقتصاد.
واحتوت العديد من الإعلانات على معلومات مضللة أو فيديوهات وتسجيلات صوتية مزيفة لمشاهير يزعم أنهم يبكون خلال خطاب للسيدة الأولى السابقة ميلانيا ترامب. ولفتت الدراسة إلى أن الأكاذيب حول جرائم المدن والهجرة كانت شائعة بشكل خاص.
ورغم أن معظم المجموعات التي تدفع للإعلانات شرعية، إلا أن البعض الآخر كان مهتمًا أكثر بالحصول على البيانات المالية الشخصية للمستخدمين. ووجد الباحثون، من خلال شراكة مع شركة علوم البيانات Neo4j، أن بعض الصفحات كانت تشترك في منشئين مشتركين، أو تشغل إعلانات متطابقة تقريبًا. وعندما تختفي إحدى الصفحات، تظهر أخرى بسرعة لتحل محلها.
كما باعت العديد من الصفحات بضائع متعلقة بترامب مثل الأعلام، القبعات، اللافتات والعملات، أو أعلنوا عن مخططات استثمار وهمية. الدافع الحقيقي، على ما يبدو، كان الحصول على معلومات بطاقة الائتمان للمستخدم.
في حين إن الإعلانات التي تعد بعلم ترامب مجاني، وُضعت من قبل مجموعة تسمى Liberty Defender Group. ولم يتم الرد على الرسائل الإلكترونية المرسلة إلى عدة عناوين مدرجة للشركة، ولم يتم العثور على رقم هاتف لممثل الشركة. وأحد المواقع المرتبطة بالمجموعة انتقل من السياسة إلى بيع أجهزة تدعي تحسين كفاءة الطاقة المنزلية.
وأزالت شركة ميتا معظم إعلانات الشبكة وصفحاتها في وقت سابق من هذا العام بعد أن لاحظ الباحثون نشاطها، ولكن لا تزال الإعلانات مرئية على منصات أخرى. وقالت الشركة إنها تحظر الاحتيالات أو المحتوى الذي قد يتداخل مع سير الانتخابات وتزيل الإعلانات التي تنتهك القواعد. كما حثت الشركة مستخدميها على عدم النقر على الروابط المشبوهة أو تقديم معلومات شخصية لمصادر غير موثوقة.
وأضافت :لا تجب على الرسائل التي تطلب كلمة المرور الخاصة بك، رقم الضمان الاجتماعي، أو معلومات بطاقة الائتمان الخاصة بك".
وفي السياق، لم ترد حملة ترامب، التي ليس لها أي صلات معروفة بالشبكة، على رسالة تطلب تعليق.
وأشار الباحثون في جامعة سيراكيوز إلى أنهم تمكنوا من دراسة الإعلانات على منصات ميتا فقط، لأن الشركات الأخرى لا تجعل هذه المعلومات متاحة للجمهور. نتيجة لذلك، لا يدرك الجمهور الكم الحقيقي للمعلومات المضللة والاحتيالات التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
ادّعاءات مضللة وردت في مناظرة الرئيس الأميركي جو بايدن ودونالد ترامب
وفي سياق التضليل في الانتخابات الأميركية، تابع مسبار مناظرة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن مع المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب، يوم 28 يونيو/حزيران الفائت، في إطار التحضيرات للانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر المقبل، ورصد العديد من الادعاءات المضللة التي وردت في خضم النقاش بينهما، واستعرض مسبار أبرز الادعاءات في تقريرٍ موسع، حينها.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يؤثر إنشاء الميم في نشر المعلومات المضللة عن الانتخابات الأميركية؟