` `

في خطابه أمام الكونغرس: ادعاءات مضللة لنتنياهو حول استهداف الجيش الإسرائيلي للمدنيين في غزة

محمود سمير حسنين محمود سمير حسنين
سياسة
25 يوليو 2024
في خطابه أمام الكونغرس: ادعاءات مضللة لنتنياهو حول استهداف الجيش الإسرائيلي للمدنيين في غزة
الجنائية الدولية تأمر بالقبض على نتنياهو لشروعه في جرائم حرب ضد الفلسطينيين

ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم أمس 24 يوليو/تموز الجاري، خطابًا أمام أعضاء الكونغرس الأميركي، بناءً على دعوة من أعضاء الحزبين الحاكمين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية، وأتى في حديثه على العديد من المسائل الحساسة، بداية من أحداث السابع من أكتوبر، حتى قرار المحكمة الجنائية الدولية في حق نتنياهو، وجرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال خلال العشرة أشهر الفائتة في حربه على قطاع غزة.

ولاحظ “مسبار” أنّ العديد من التصريحات التي أدلى بها نتنياهو مضللة ولا أساس لها من الصحة، فعلى سبيل المثال خلال معرض حديثه عن قرار الجنائية الدولية قال نتنياهو معلقًا “يتهم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إسرائيل باستهداف المدنيين عمدًا، ما الذي يتحدث عنه بحق السماء؟ لقد أسقط جيش الدفاع الإسرائيلي ملايين المنشورات، وأرسل ملايين الرسائل النصية، وأجرى مئات الآلاف من المكالمات الهاتفية لإبعاد المدنيين الفلسطينيين عن طريق الأذى، ولكن في الوقت نفسه، تبذل حماس كل ما في وسعها لتعريض المدنيين الفلسطينيين للخطر، فهم يطلقون الصواريخ من المدارس، من المستشفيات، من المساجد، حتى أنهم يطلقون النار على شعبهم عندما يحاولون مغادرة منطقة الحرب”، وأضاف أنّ فتحي حمد، وهو أحد كبار مسؤولي حماس، تفاخر بأنّ النساء والأطفال الفلسطينيين يتقنون العمل كدروع بشرية". 

وأضاف مختتمًا أنّه "بالنسبة لإسرائيل، فإنّ كل وفاةٍ مدنية هي مأساة. أما بالنسبة لحماس، فهذه استراتيجية، إنهم في الواقع يريدون أن يموت المدنيون الفلسطينيون، حتى يشوهوا سمعة إسرائيل في وسائل الإعلام الدولية ويتم الضغط عليها لإنهاء الحرب قبل الفوز بها".

الجنائية الدولية تأمر بالقبض على بنيامين نتنياهو لشروعه في جرائم حرب ضد الفلسطينيين

أصدر مكتب المدعي العام لمكتب المحكمة الجنائية الدولية برئاسة كريم خان، يوم 20 مايو/أيار الفائت للعام 2024، بيانًا يتقدم فيه بطلب أمر بالقبض على أفراد من حركة حماس، وعلى رأسهم يحيى السنوار، ومن ناحية أخرى، الأمر بالقبض على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، إذ جاء في البيان "استنادًا إلى الأدلة التي جمعها مكتبي وفحصها، لدي أسباب معقولة للاعتقاد بأن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، ويوآف غالانت، وزير الدفاع في إسرائيل، يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التالية التي ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزة) اعتبارًا من الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على الأقل"، والتي تتمثل في "القتل العمد بما يخالف المادة 8 (2) (أ) (1)، أو القتل باعتباره جريمة حرب بما يخالف المادة 8 (2) (ج) (1)"، و"تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين باعتباره جريمة حرب بما يخالف المادة 8 (2) (ب) (1)، أو المادة 8 (2) (ه) (1)"، و"الإبادة و/أو القتل العمد بما يخالف المادتين 7 (1) (ب) و7 (1) (أ)، بما في ذلك في سياق الموت الناجم عن التجويع، باعتباره جريمة ضد الإنسانية". 

بيان مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن بنيامين نتياهو
بيان مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن بنيامين نتياهو

ويتضح في البيان الصادر من المحكمة الجنائية الدولية، أنّ تلك القرارات نتجت عن قرار جماعي بين أعضاء الجنائية، بعد مراجعتهم واطلاعهم على كل الأدلة التي قُدمت إليهم، من سماع شهود عيان، وصور ملتقطة بالأقمار الصناعية، وبيانات أيضًا أدلى بها مجموعة من الإسرائيليين المتهمين بضلوعهم في جرائم الحرب ضد الفلسطينيين.

تحقيق استقصائي يفيد باستخدام الاحتلال برامج تضاعف من أعداد القتلى المدنيين 

وعلى خلاف ما أدلى به نتنياهو حول عدم استهدافهم للمدنيين، نشرت مجلة +972 الإسرائيلية يوم الثالث من إبريل/نيسان الفائت، تقريرًا حول استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلية لبرامج مولدة بالذكاء الاصطناعي لتحديد أهدافها العسكرية، ويذكر التقرير أنّه "خلال المراحل المبكرة من الحرب، منح الجيش الإسرائيلي الضباط موافقة بالأغلبية، لاعتماد قوائم الاغتيال المولدة باستخدام برنامج لافندر، دون شرط التحقق بدقة من أسباب اتخاذ الآلة لتلك الخيارات، أو شرط فحص البيانات الاستخباراتية الخام التي استندت إليها. 

وذكر مصدر أنّ الطاقم البشري غالبًا ما كان مجرد "ختم مطاطي" لقرارات الآلة، مضيفًا أنّ الطواقم تخصص عادة نحو"20 ثانية" فقط للهدف الواحد، قبل الموافقة على القصف، للتأكّد من أن الهدف المُحدد بواسطة لافندر هو ذكر. وذلك على الرغم من علمهم بأنّ النظام يرتكب ما يُعدّ "أخطاءً" في قرابة 10 في المئة من الحالات، كما يُعرف عنه إدراج أفرادٍ بالكاد تربطهم صلة بالمجموعات المسلحة أو لا صلة لهم بها على الإطلاق ضمن أهدافه"، وأشارت بعض المصادر التي حققت معها المجلة خلال هذا التقرير، إلى أنّ نتيجة استخدام قوات الاحتلال لهذا البرنامج كانت كارثية على مستوى إنساني، إذ راح ضحية أخطائه آلاف الضحايا من الأطفال والنساء الفلسطينيين، خلال الأسابيع الأولى فقط من الحرب على غزة، وكان ذلك إثر اعتمادهم على نتائج البرنامج المولد بالذكاء الاصطناعي، دون اللجوء لقرارات بشرية تمسح تلك العينات بدقة. 

صورة متعلقة توضيحية
تغطية مسبار لتحقيق مجلة +972 الإسرائيلية حول استخدام برنامج لافندر

أما بالنسبة لأعداد الضحايا الكبير الذين يسميهم جيش الاحتلال "خسائر جانبية"، فيضيف التقرير على لسان أحد المصادر، أنّ الاحتلال قد طور برنامجًا آخرًا يسمى "where is daddy" وهو بمثابة نظام تتبع للهدف المزعم استهدافه من قبل القوات الجوية الإسرائيلية، ويُعلم هذا البرنامج العاملين عليه بتحركات المستهدفين، إذ ينتظر حتى يدخل الهدف بيته في غزة، حتى يعلن عن وضوحه، ومن ثم يمكن للقوات الجوية أن تصيبه مباشرة، والدليل على تطبيق هذه السياسة هو أنّه "خلال الشهر الأول من العدوان، كان أكثر من نصف الوفيات، أي ما يعادل 6,120 ضحية، ينتمون إلى 1,340 أسرة، وتم قتل العديد من الضحايا أثناء وجودهم داخل منازلهم، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة". وهو ما يتعارض مع ادعاء نتنياهو بأنّ حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية، أو استخدامهم المرافق العامة والمدنية كقواعد عسكرية لهم. 

تقارير أممية تفيد بارتكاب جرائم حرب منذ السابع من أكتوبر

نُشر تقرير أممي شامل يوم 12 يونيو/حزيران الفائت، يفيد بضلوع قوات الاحتلال الإسرائيلي والجناح العسكري لحماس، في جرائم حرب ضد المدنيين من الجانبين، إذ يذكر التقرير أنه خلال هجوم قوات الاحتلال على قطاع غزة بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الجاري حتى الآن، قتلت إسرائيل آلاف الضحايا من الفلسطينيين عن طريق استهدافهم جويًا أو بريًا.
وأشارت أنّه "خلال الأسابيع الأولى من الحملة العسكرية، استخدمت قوات الأمن الإسرائيلية في المقام الأول الغارات الجوية التي استهدفت المباني الشاهقة وغيرها من الأعيان المدنية في حي الرمال، وخان يونس، في مدينة غزة، ومخيمي جباليا والشاطئ للاجئين، ومواقع أخرى، مما تسبب في آلاف الضحايا، وأدى إلى دمار وتدمير مباني سكنية وأحياء بأكملها وتحويلها إلى أنقاض في قصف عنيف شبه مستمر"، ولم يذكر التقرير الإجراءات الأمنية التي اتخذها الاحتلال بشأن تنبيه المدنيين حول تلك الهجمات، وهو ما تؤكده الأعداد الكبيرة من الضحايا الفلسطينيين. 

تقرير أممي صادر عن الأمم المتحدة بشأن جرائم الحرب في حرب السابع من أكتوبر
تقرير صادر عن الأمم المتحدة يكشف عن استهداف المدنيين في غزة

ويضيف التقرير أنّه "بالنظر إلى المعلومات التي تشير إلى وجود أعداد منخفضة نسبيًا من مقاتلي حماس، مقارنة بعدد السكان المدنيين الأوسع، ونظرًا لتأكيد إسرائيل المتكرر على أن المسلحين "مندمجون" بين السكان المدنيين، ترى اللجنة أن هذه التصريحات تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية منحت قوى الأمن الداخلي تصريحًا شاملًا لاستهداف المواقع المدنية على نطاق واسع وعشوائي في قطاع غزة".

صورة متعلقة توضيحية

وفي التقرير ذاته، يُذكر أنه "في كثير من هذه (الهجمات الجوية) الحالات، لم تتمكن اللجنة من تحديد الأهداف العسكرية باعتبارها محور الهجمات، وحتى عندما كانت هناك أهداف عسكرية مزعومة، افتقرت الهجمات إلى التمييز والتناسب والاحتياطات، مما أدى إلى مقتل وجرح الآلاف وتدمير واسع النطاق لأحياء بأكملها، بما في ذلك جباليا والرمال واليرموك والمغازي. ويأتي هذا التحليل ردّا على ما ادعته قوات الاحتلال ونتنياهو، بأنّ الضربات كانت موجهة لأهداف عسكرية مباشرة، لا تستهدف المدنيين وتحاول تجنبهم قدر الإمكان. 

قوات الاحتلال تفتح النيران على مدنيين عزل

أكد التقرير الأممي أن القوات الإسرائيلية استهدفت وقتلت "مدنيين لا يمثلون تهديدًا"، بما فيهم أفراد حملوا الأعلام البيضاء" التي تفيد باستسلامهم ومدنيتهم. بالإضافة إلى أنه في "إحدى الحوادث، أطلقت (القوات الإسرائيلية البرية) النار على امرأتين مدنيتين أثناء لجوئهما إلى إحدى الكنائس وقُصف المبنى، وفي حادثة أخرى وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني، قام جنود من قوى الأمن الداخلي بتصوير آثار مقتل رجل في مخيم الشاطئ للاجئين، واعترفوا بأنه كان أعزلًا عندما قُتل. 

وفي 12 نوفمبر الفائت، أصيبت امرأة فلسطينية برصاص قناص في حي الرمال بينما كانت تقوم بإخلاء حفيدها الذي كان يلوح بالعلم الأبيض. وفي 15 نوفمبر أطلقت قوات الأمن الإسرائيلية النار على ثلاثة رهائن إسرائيليين وقتلتهم، وكان أحدهم يحمل علمًا أبيض. واعترفت قوى الأمن الداخلي خلال التحقيق في الحادثة بأنها ناجمة عن عدم الالتزام بقواعد الاشتباك. وترى اللجنة أن هذه الحادثة وغيرها تشير بوضوح إلى جواز ممارسة إطلاق النار بقصد القتل دون التأكد أولًا من هوية الأهداف وما إذا كانت تشكل تهديدًا". وهو ما يتعارض تمامًا مع ادعاءات نتنياهو بتجنب قوات الاحتلال استهداف أي مدني/ة في قطاع غزة أو غيرها. 

صورة متعلقة توضيحية
تقرير الأمم المتحدة عن استهداف المدنيين دون التأكد من هويتهم في غزة

وجدير بالذكر، أنّ قوات الاحتلال زعمت مرارًا أن حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية لعملياتها العسكرية، لكنها لم تقدم أي أدلة مادية أخذت بعين الاعتبار من أي جهة رسمية أممية كانت أو دولية، واكتفت بفتح تحقيق في الأمر، ولم تصدر نتائج عنه حتى الآن. 

واستهدفت قوات الاحتلال المدنيين العزل في أكثر من مرة، وحاولت التنصل من مسؤوليتها تجاه قتلهم، فعلى سبيل المثال أقدمت قوات من الجيش الإسرائيلي على فتح النار على مجموعة من الفلسطينيين أثناء انتظارهم مساعدات إنسانية عند دوار الكويت جنوبي شرقي مدينة غزة، بتاريخ 14 مارس الفائت، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 ضحية، وسارع الاحتلال بتحميل "مسلحين" فلسطينيين مسؤولية المجزرة التي عرفت إعلاميًّا بـ "مجزرة الطحين"، حيث ادعى الاحتلال حينها أنّ القوات الإسرائيلية شاهدت مسلحين يطلقون النار على المتجمعين أمام المساعدات الإنسانية. 

صورة متعلقة توضيحية
تحقق مسبار من الرواية الإسرائيلية حول محزرة دوار الكويت

لكن تحقيقًا لمسبار، أظهر جوانب التضليل في الرواية الإسرائيلية، إذ بعد التدقيق في المشاهد التي شاركها جيش الاحتلال، تبين أنّه لا يوجد فرد مسلح يطلق النيران على المتجمعين، حيث لم يبتعد عنه أحد منهم، كما ادعى الاحتلال. بالإضافة لتوثيق بعض وسائل الإعلام الموثوقة لشهادات صحفيين، أكدوا استهداف الاحتلال المتعمد للمدنيين. وأظهر تحقيق للمرصد الأورومتوسطي تضليل الرواية الإسرائيلية.

صورة متعلقة توضيحية
المرصد الأورومتوسطي يكشف التضليل في الرواية الإسرائيلية حول مجزرة دوار الكويت

اقرأ/ي أيضًا

رغم إنكار الاحتلال.. شهادات تدين إسرائيل بالتمويه الإنساني لتنفيذ مجزرة النصيرات

مجزرة مستشفى المعمداني: رواية هشة تقدمها إسرائيل وأدلة تشير إلى مسؤوليتها

الأكثر قراءة