` `

ما حقيقة الفيديو الذي يروّج له الإعلام الإسرائيلي على أنه تهديد من حماس لفرنسا قبيل أولمبياد باريس؟

أحمد كحلاني أحمد كحلاني
أخبار
26 يوليو 2024
ما حقيقة الفيديو الذي يروّج له الإعلام الإسرائيلي على أنه تهديد من حماس لفرنسا قبيل أولمبياد باريس؟
مؤشرات تثبت زيف فيديو منسوب لحركة حماس يهدد فيه المتحدث فرنسا

تتداول وسائل إعلام إسرائيلية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا، مقطع فيديو يظهر رجلًا ملثمًا يتحدث باللغة العربية، وعلى صدره علم دولة فلسطين، يوجه رسالة إلى الشعب الفرنسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منتقدًا دعمه لإسرائيل وتزويدها بالسلاح، ومهددًا المشاركين في أولمبياد باريس بالقتل وسفك الدماء بسبب السماح للرياضيين الإسرائيليين بالمشاركة.

وروّجت وسائل إعلام وحسابات إسرائيلية على نطاق واسع، وباللغات العربية والإنجليزية والعبرية، مقطع الفيديو، منها من نسبه إلى حركة حماس بشكل مباشر ومنها من قال إنه يعود لمنظمة فلسطينية دون ذكرها، مدعيةً أنها تهدد باريس، التي تحتضن منافسات الأولمبياد 2024، بتحويل شوارعها إلى "أنهار من الدم".

ادعاءً مفاده أن الفيديو لتهديد منظمة فلسطينية فرنسا قبيل أولمبياد باريس
ادعاءً مفاده أن الفيديو لتهديد منظمة فلسطينية فرنسا قبيل أولمبياد باريس

وعلى الرغم من عدم نشر حركة حماس أو أي من الفصائل الفلسطينية لمقطع الفيديو المتداول عبر حساباتها ومواقعها الرسمية، إلا أن الحسابات الإسرائيلية والداعمة لإسرائيل تستمر في الترويج له ونسبه لحركة حماس.

ادعاءً مفاده أن الفيديو لتهديد حماس لفرنسا قبيل أولمبياد باريس
ادعاءً مفاده أن الفيديو لتهديد حماس لفرنسا قبيل أولمبياد باريس

مؤشرات تكشف زيف الفيديو المتداول كتهديد من حماس لفرنسا

بمراجعة مسبار لمقطع الفيديو المتداول، عُثر على عدد من المؤشرات التي تنفي كونه حقيقيًا أو أنّه يعود لحركة حماس، كما تدعي وسائل الإعلام والحسابات الإسرائيلية.

وبمقارنته مع الفيديوهات والكلمات السابقة للناطقين العسكريين بأسماء الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، لوحظ أن الشخص الملثم لم ينسب نفسه خلال كلمته إلى أي فصيل من فصائل المقاومة، كما لم يشر إلى ذلك بأي طريقة، سواءً عبر كتابة هويته أو إضافة شعار الفصيل الذي ينتمي إليه، بالإضافة إلى ذلك، لم تتضمن بدلته أو الكوفية التي يضعها على رأسه أي رمز أو اسم لأي من الفصائل.

ويظهر أنّ الفيديو التقط بشكل غير محترف من خلال كاميرا غير ثابتة، على عكس الكلمات المصورة للمتحدثين العسكريين بأسماء فصائل المقاومة في غزة، التي تكون مصورة بكاميرا ثابتة وبجودة عالية.

مقارنة بين صورة الشخص الظاهر في مقطع الفيديو مع الناطق باسم كتائب القسام
مقارنة بين صورة الشخص الظاهر في مقطع الفيديو مع الناطق باسم كتائب القسام 

مؤشرات من مضمون الفيديو تكشف زيفه 

لاحظ مسبار أنّ اللغة العربية التي تحدث بها الملثم في الفيديو المتداول، تحتوي على أخطاء في النطق، وهو ما يختلف عن المتحدثين العسكريين لفصائل المقاومة الذين يتميزون بلغة عربية جيدة ونطق سليم للحروف والكلمات، ومثال على ذلك نطق كلمة "الله أكبر" في نهاية الفيديو.

أيضًا، تظهر في الفيديو المتداول ترجمة للكلام المنطوق إلى اللغة الإنجليزية وهو أمر غير مألوف في الكلمات المسجلة للناطقين العسكريين لفصائل المقاومة.

ومن الاختلافات الأخرى بين ما ظهر في الفيديو المتداول وفيديوهات فصائل المقاومة هو طريقة الظهور أمام الكاميرا، حيث يبدو الرأس مرفوعًا إلى أعلى، على عكس المتحدثين العسكريين للفصائل الذين يتوجهون بالنظر مباشرة إلى الكاميرا.

كما لم يسبق للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، أن استخدمت أسلوب الترهيب في خطاباتها، مثل رفع دمية مقطوعة الرأس وملطخة بالدماء لتوجيه رسائلها.

لقطة شاشة من مقطع الفيديو المتداول يرفع فيها الملثم دمية ملطخة بالدماء عقب تهديده لفرنسا
لقطة شاشة من مقطع الفيديو المتداول يرفع فيها الملثم دمية ملطخة بالدماء عقب تهديده لفرنسا

ومن جانبه، نفى عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عزت الرشق، مسؤولية الحركة عن الفيديو المتداول، وقال الرشق إن “حسابات تابعة لأجهزة الاحتلال الأمنية نشرت فيديو مزور يهدد بعمليات قتل في باريس على خلفية السماح بمشاركة الاحتلال، ونسبته للمقاومة”، مُشيرًا إلى أنه يعتبر جزءًا من الدعاية الإسرائيلية للتحريض على الفصائل الفلسطينية.

إسرائيل تتعمد الربط بين حماس وتنظيم داعش دون أدلة

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، عملت إسرائيل على ربط فصائل المقاومة في قطاع غزة، وخاصة حماس، بالإرهاب وتشبيهها بداعش، وذلك في العديد من الخطابات الرسمية ومحاولتها ترويج ذلك للعالم.

ولعل من أبرز هذه المحاولات ما ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم 11 أكتوبر في تصريح إعلامي، قال فيه "حماس هي داعش، وسنهزمها كما هزم العالم المتنور داعش".

كما عملت إسرائيل منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى على إنتاج بعض السيناريوهات التي تروج لثنائية داعش وحماس. ومن هذه السيناريوهات ما قام به جيش الاحتلال حين نشر عبر موقعه الرسمي صورة تظهر شخصًا يمسك بعلم داعش، وكتب تحت الصورة تعليقًا يقول "علم داعش تُرك في كيبوتس صوفا بعد أن نفذ إرهابيو حماس المتسللون مذبحة هذا الشهر".

وسبق لمسبار أن أوضح في تقرير موسع كيفية تعمد إسرائيل محاولة الربط بين حماس وتنظيم داعش منذ بدء الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة.

ودقق مسبار في الصور التي نشرها الإعلام الإسرائيلي على أنها توثّق عثورهم على علم لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بين عتاد عناصر حماس الذين تسللوا إلى المستوطنات والثكنات العسكرية في السابع من أكتوبر الفائت، وأكد "مسبار" أن ظهور العلم بشكل نظيف تمامًا وكأنه لم يُمس، وبياضه الناصع وسواده الداكن وحتى لمعان الأطراف الذهبية التي لم تبهت، بالإضافة إلى عدة مؤشرات إضافية تبين أن لا دليل على كونه يعود لمقاتلي كتائب القسام، وأنها مجرد مزاعم يروج لها الإعلام الإسرائيلي.

تقرير سابق لمسبار حول محاولات إسرائيل الربط بين داعش وحماس
تقرير سابق لمسبار حول محاولات إسرائيل الربط بين داعش وحماس

في المقابل، عملت إسرائيل أيضًا على تقديم صورة إيجابية عن نفسها، مثل ترويج أنها دولة ديمقراطية وأن ما تقوم به في غزة يندرج ضمن حقها في الدفاع عن نفسها. 

كما عملت على تقديم روايات مضللة بأشكال ولغات مختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتحويل الانتباه بعيدًا عن حربها الجارية على قطاع غزة والجرائم التي ترتكبها فيها، وفي تقرير سابق، عمل مسبار على رصد أبرز أشكال الدعاية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة.

تقرير سابق لمسبار حول أشكال الدعاية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة
تقرير سابق لمسبار حول أشكال الدعاية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة

اقرأ/ي أيضًا:

شبكة حسابات تعمل بالذكاء الاصطناعي تروّج للرواية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة

تقرير يفيد بتمويل إسرائيل حسابات وهمية لتشويه سمعة الأونروا

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة