في 26 يوليو/تموز الجاري، سقطت قذيفة صاروخية في ملعب كرة قدم في بلدة مجدل شمس بالجولان السوري المحتل، ما أودى بحياة 12 طفلًا تتراوح أعمارهم بين عشرة و16 عامًا، وإصابة نحو 30 آخرين.
وبينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي اتهام حزب الله اللبناني بالمسؤولية عن سقوط الصاروخ في ملعب كرة القدم وانفجاره، والتأكيد على أن الصاروخ إيراني الصنع من نوع فلق 1، برأس حربي يزن 53 كيلوغرامًا أُطلق من جنوبيّ لبنان، ينفي حزب الله كافة الاتهامات الإسرائيلية بشكل قاطع، مؤكدًا أنها مجرد افتراءات وادعاءات كاذبة.
ترويج إسرائيلي لمزاعم مراعاة حقوق الأطفال
ولاحظ "مسبار"، بعد الحادثة، ترويجًا واسعًا في الحسابات الرسمية ووسائل الإعلام الإسرائيلية، لمزاعم أن إسرائيل تراعي حقوق الأطفال، ولا تدفعهم إلى الصراعات السياسية والعسكرية، وتنديد عدد من السياسيين الإسرائيليين بجريمة مقتل الأطفال في قرية مجدل شمس.
إذ نشر حساب الجيش الإسرائيلي على منصة إكس، عدة منشورات، أكد فيها "تعاطفه مع الأطفال وعوائلهم"، واصفًا استهداف الأطفال في ملعب كرة القدم بالعمل الإرهابي، الذي لا يفرق بين العمر والدين والجنس والعرق.
وتبرز التناقضات مع سياسة إسرائيل وارتكابها لجرائم ومجازر يومية بحق الأطفال الفلسطينيين، خاصة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي يمثل الأطفال أبرز ضحاياها، حيث يرتكب الجيش الإسرائيلي المجازر في حقهم بشكل مستمر ويتعمد استهدافهم في الأماكن المدنية، مثل مناطق النزوح والمدارس والمستشفيات ومواقع توزيع المساعدات.
وهو ما يُظهر ازدواجية معايير الاحتلال بشأن حقوق الطفل، وتناقض الشعارات التي يروّج لها بعد قصف مجدل شمس، مقارنة مع ممارساته اليومية تجاه الأطفال خلال الحرب الجارية على قطاع غزة، واستهدافهم بالمتفجرات والأسلحة الفتاكة والقنص.
تقسيم انتهاكات حقوق الأطفال في أوقات الحروب
قسمت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، الانتهاكات الجسيمة التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال في أوقات الحروب والنزاعات إلى ستة أنواع، هي: قتل الأطفال وإصابتهم، تجنيد الأطفال واستخدامهم في القوات والجماعات المسلحة، العنف الجنسي ضد الأطفال، الهجمات على المدارس والمستشفيات، اختطاف الأطفال، والحرمان من المساعدة الإنسانية للأطفال.
وشهدت الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة، المتواصلة منذ قرابة عشرة أشهر، ارتكاب الاحتلال لمعظم هذه الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال في القطاع، وتم توثّيق العديد منها في تقارير حقوقية أممية ودولية وإعلامية.
وفي هذا المقال، نذكر بعض المجازر التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال في القطاع.
أطفال تحت الأنقاض في استهداف منزل ببيت لاهيا
استهدف الجيش الإسرائيلي منزل عائلة أبو عواد في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، في 26 يونيو/حزيران الجاري، وأظهرت مقاطع فيديو محاولات إنقاذ أكثر من 30 شخصًا، غالبيتهم من الأطفال، نتيجة هذا الاستهداف، وتسمع في الفيديوهات أصوات الأطفال من العائلة وهم يناشدون لإنقاذهم من تحت الأنقاض.
توثيق جرائم القصف الإسرائيلي ضد الأطفال في غزة
وثّقت وسائل إعلام وصحفيون في قطاع غزة عشرات الحالات التي أدى فيها القصف الإسرائيلي إلى بتر أطراف الأطفال، بالإضافة إلى ذلك، وثّق صحفيون وناشطون جرائم أخرى تتعلق بدفن أطفال دون رؤوس نتيجة استخدام الاحتلال أسلحة تتسبب في تقطيع الأجساد.
بدورها، قالت تيس إنغرام، المتحدثة باسم منظمة اليونيسف، بعد عودتها من بعثة إلى غزة استمرت أسبوعين، إنّها أُذهلت بأعداد الأطفال الجرحى، ليس فقط في المستشفيات، بل في الشوارع والخيام المؤقتة "الذين يتابعون حياتهم التي تغيرت بشكل دائم".
الجيش الإسرائيلي يستهدف المدارس والمستشفيات
ينتهج الاحتلال استراتيجية القصف العشوائي ضد المدارس والمنشآت الصحية وأماكن النزوح، ما تسبب في مقتل آلاف الأطفال وتحويل جثثهم إلى أشلاء يصعب التعرف على هويتها.
إذ وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقرير صدر منتصف مايو/أيار الفائت، أن الجيش الإسرائيلي يتعمد تدمير المدارس والمراكز الصحية في قطاع غزة خلال الحرب الجارية، وأفاد المرصد أن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت مبنى عيادة الصبرة المكون من أربعة طوابق جنوبي غزة، والذي كان يؤوي نحو 50 نازحًا من النساء والأطفال والمصابين، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد منهم، بينما نجا البقية بعد انتشالهم من تحت الأنقاض.
وفي السياق وثّق الصحفي إسماعيل الغول، في 23 مايو الفائت، ارتقاء عشرة مدنيين وإصابة آخرين، أغلبهم من الأطفال، نتيجة استهداف الجيش الإسرائيلي لمدرسة لتعليم القرآن، داخل مسجد فاطمة الزهراء بمدينة غزة.
تجويع الأطفال في غزة: انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
ووفقًا لليونيسف، من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال أثناء الحروب هو الحرمان من المساعدات الإنسانية، وقد انتهج الاحتلال هذا الأسلوب منذ بداية حربه على غزة، حيث فرض حصارًا شاملًا ومنع وصول المساعدات الإغاثية والطبية، مما أدى إلى معاناة العديد من أطفال غزة من المجاعة.
ومن جانبها، حذرت منظمة كير من أن الأطفال في غزة يموتون ببطء وبطريقة مؤلمة بسبب الجوع وسوء التغذية، وقالت هبة الطيبي، المدير القطري لمنظمة كير في الضفة الغربية وقطاع غزة، “لا أحد يعاني في هذه الحرب أكثر من الأطفال الذين لم ينطقوا بعد بكلمتهم الأولى، هذه الحرب تتسبب في خسارة جيل كامل من الأطفال، طفولتهم ومستقبلهم”.
ازدواجية معايير الإعلام الإسرائيلي بشأن استهداف الأطفال
نشرت كابتن إيلا، رئيسة مكتب الإعلام العربي في جيش الاحتلال، مقطع فيديو عبر حسابها الرسمي على منصة إكس، تتحدث فيه عن الأطفال الذين قضوا في قصف مجدل شمس، وقالت "أطفال أرادوا أن يعيشوا بأمان، حتى أن أقدم الإرهابي حزب الله ليتحكم بمصير الناس"، ومع ذلك، لم تقدم إسرائيل دليلًا على اتهاماتها لحزب الله.
ورغم التركيز الإعلامي على قصف مجدل شمس، يتجاهل الإعلام الإسرائيلي المجازر التي ارتكبها الاحتلال في غزة، والتي أسفرت عن مقتل آلاف الأطفال. ووفقًا للإحصائيات الرسمية التي نشرها المكتب الإعلامي الحكومي حتى اليوم 295 من الحرب، ارتكب الجيش الإسرائيلي 3,443 مجزرة راح ضحيتها 16,251 طفلًا، بينما يعيش 17,000 طفل دون والديهم أو أحدهما، كما أن 3,500 طفلًا معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء.
وفي تقرير لمؤسسة إنقاذ الطفل، أفادت بأن أكثر من اثنين في المئة من أطفال غزة قتلوا أو أصيبوا خلال الأشهر الستة الأولى من العدوان على غزة، ما يعادل نحو 26,000 طفل.
وأشارت المؤسسة إلى أن تدمير المدارس يمثل انتهاكًا خطيرًا ضد الأطفال في الصراعات، حيث سيكون له تأثير دائم على جيل كامل، مما يضع تعليمه في خطر حتى بعد توقف الأعمال العدائية.
وفي تقرير آخر، ذكرت المؤسسة أن أكثر من عشرة أطفال في المتوسط يفقدون إحدى ساقيهم أو كلتيهما يوميًا في غزة منذ بداية العدوان، مشيرة إلى أن هذه العمليات، رغم تعقيدها، تم إجراؤها على العديد من الأطفال دون تخدير.
إدراج إسرائيل في القائمة السوداء للأمم المتحدة
وتأكيدًا على ارتكاب الاحتلال جرائم ضد الأطفال في قطاع غزة ونتيجة لانتهاكاته الجسيمة بحقهم، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ملحق الجيش الإسرائيلي في الولايات المتحدة، بقراره إدراج إسرائيل في القائمة السوداء للدول والمنظمات التي تلحق الأذى بالأطفال في مناطق النزاع، وذلك إلى جانب روسيا ومنظمات داعش والقاعدة وبوكو حرام.
اقرأ/ي أيضًا:
مجددًا.. إسرائيل تقصف المدنيين النازحين إلى غرب خان يونس بعد وعود بضمان سلامتهم
جيش الاحتلال يستخدم المدنيين كدروع بشرية خلافًا للادعاءات الإسرائيلية