منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، تواصل إسرائيل نفيها المتكرر لاستهداف النساء، ورغم تزايد الضغوط الدولية والانتقادات من قبل منظمات حقوق الإنسان، تؤكد إسرائيل أن اجتياحها البريّ لقطاع غزة يركز فقط على الأهداف العسكرية المتعلقة بحماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع.
وعلى الرغم من توثيق عشرات المجازر والجرائم الإسرائيلية بحق النساء في غزة، إلا أن البيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك تصريحات وزارة الخارجية والجيش، تواصل الترويج لمزاعم التزام الجيش الإسرائيلي بالقوانين الدولية، وتجنبه المتعمد لاستهداف المدنيين من النساء والأطفال، خلال العمليات العسكرية في غزة.
على سبيل المثال، سبق أن ادعى وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، خلال مؤتمر صحفي عُقد في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية في 25 أكتوبر 2023، أن إسرائيل لا تستهدف النساء أو الرجال أو الأطفال. وقال “نحن نعمل وفق القانون الدولي، ونوفر المساعدات الإنسانية من غذاء وشراب ودواء، ولا نستهدف النساء أبدًا أو الأطفال". وأكد أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تستهدف فقط “إرهابيي حماس”، وفق كلامه.
من جانبه، نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولية إسرائيل في تأذي المدنيين في قطاع غزة، موجهًا التهمة إلى حماس، وجاء ذلك خلال رده على تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال إن القصف الإسرائيلي أصبح يستهدف النساء والأطفال، وأنه لا مشروعية له.
أما إيلا واوية، نائب المتحدث باسم جيش الاحتلال للإعلام العربي، فقد وجهت رسالة إلى نساء قطاع غزة في مقطع فيديو نشرته في حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، بتاريخ السادس من يونيو/حزيران الفائت، ادعت فيه أن حماس جلبت الدمار لغزة، وتسببت في إطفاء ضحكة الأم التي تحلم بمستقبل مشرق لأطفالها، مضيفة "المرأة الغزاوية رمز الصمود، وحان الوقت لتصرخ في وجه “الإرهاب”. جاء ذلك في إطار الترويج الإسرائيلي بأن جيشه لا يستهدف النساء، مع توجيه التهم لحركة حماس كوسيلة للتنصل من الجرائم التي تُرتكب في قطاع غزة.
وفي هذا المقال، نذكر بعض المجازر التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق النساء في قطاع غزة، منها ما وثقتها هيئات أممية.
إحصائيات وتقارير تثبت تورط جيش الاحتلال في استهداف النساء
أكدت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، في يونيو الفائت، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تستهدف النساء بشكل أساسي، وأن الحرب في غزة لا تزال حربًا على النساء، مشيرة إلى أن 37 طفلًا يفقدون أمهاتهم يوميًا، وأن أكثر من 155 ألف امرأة حامل أو مرضعة يجدن صعوبة كبيرة في الحصول على المياه والأدوات الصحية.
كما أحصت الوكالة الأممية في تقريرها الصادر في شهر مايو/أيار الفائت، مقتل أكثر من 10 آلاف امرأة وإصابة نحو 19 ألفًا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع.
وأضافت أن الأسر تعاني من نقص حاد في الغذاء، حيث أفادت 84 في المئة من النساء، أن أسرهن تتناول نصف أو أقل من الطعام، مقارنة بفترة ما قبل الحرب، ويواجه 87 في المئة منهن صعوبة أكبر في الحصول على الطعام، مقارنة بالرجال.
وأفادت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، في تقرير أصدرته في شهر يناير الفائت، أن اثنتين من الأمهات تُقتلان كل ساعة في غزة، وأن نحو مليون امرأة وفتاة يعانين من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
خبيرات أمميات يطالبن بتحقيق مستقل في الاعتداءات ضد الفلسطينيات
أعربت خبيرات أمميات مستقلات عن صدمتهن بشأن تقارير تفيد بالاستهداف المتعمد والقتل خارج نطاق القضاء للنساء والأطفال الفلسطينيين، في أماكن يلتمسون فيها الأمان أو أثناء فرارهم، معربات عن قلقهن البالغ بشأن الاحتجاز التعسفي لمئات الفلسطينيات، من بينهن مدافعات عن حقوق الإنسان، وصحفيات وعاملات في المجال الإنساني في غزة والضفة الغربية، منذ السابع من أكتوبر الفائت.
كما أبدت الخبيرات أسفهن بشأن تقارير عن تعرض الفلسطينيات في الاحتجاز لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي مثل التعرية والتفتيش من قبل جنود ذكور، وتحدثن عن أخبار تفيد بأن فلسطينيتين على الأقل تعرضتا للاغتصاب، فيما هُددت أخريات بالاغتصاب والعنف الجنسي، وقالت الخبيرات الأمميات المستقلات في ختام بيانهن الصادر في فبراير/شباط الفائت، “هذه الأفعال المزعومة مجتمعة قد تمثل انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي، وقد تصل إلى مستوى الجرائم الخطيرة وفق القانون الجنائي الدولي، التي يمكن مقاضاتها بموجب ميثاق روما الأساسي”.
بدورها، أكدت وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية منى الخليلي، في لقائها مع رئيسة وعضوات الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في مصر، أن العدوان الإسرائيلي يتعمد استهداف النساء والأطفال لأنهم نواة المستقبل الفلسطيني.
النساء والأطفال الأكثر تضررًا من حرب غزة
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن “10 آلاف و867 امرأة فلسطينية، ارتقين من مجموع 39 ألفًا و90 فلسطينيًا، خلال حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل”. وقدرت الأمم المتحدة أن النساء والأطفال يشكلون ما بين 56 في المئة إلى 60 في المئة أو حتى أكثر، من الفلسطينيين الذين قتلوا في القطاع منذ السابع من أكتوبر.
ومن جانبها، اعتبرت منظمة أكشن إيد الدولية، أن غزة واحدة من أخطر الأماكن في العالم بالنسبة للمرأة، حيث تتعرض النساء والفتيات للقتل والإصابة بمعدلات مرتفعة، مع الحرمان من حقوقهن الأساسية في الغذاء والماء والرعاية الصحية يوميًا، وذلك بحسب بيان صدر عن المنظمة في ديسمبر/كانون الأول الفائت.
نساء غزة يتعرضن للقتل والاعتقال والاعتداء
رغم النفي الإسرائيلي لاستهداف النساء في قطاع غزة، تم تسجيل العديد من الجرائم بحق الفلسطينيات التي لاقت انتقادات دولية واسعة، من بين هذه الجرائم، الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق المسنة الفلسطينية، دولت الطناني.
إذ قام جيش الاحتلال بتحريض كلب على المسنة خلال عملية اقتحام لمخيم جباليا شماليّ قطاع غزة، بعد أن تم تثبيت كاميرا على رأس الكلب لتوثيق الحادثة، ما تسبب لها في جروح بالغة، وبقيت على إثرها تنزف لساعات قبل أن تتلقى الإسعافات البسيطة المتوفرة في المستشفى.
اختطاف وتعذيب نساء على يد جنود الاحتلال
تحدثت الشابة الفلسطينية هديل الدحدوح، وهي إحدى المختطفات من قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية الجارية، عن مداهمة منزلها وتفجير حائطه أثناء وجودها فيه. وقالت إنها خضعت لفحص الحمض النووي وتخديرها قبل التحقيق معها حول حماس والأنفاق.
وروت الدحدوح تفاصيل نقلها وهي معصوبة العينين ومخلوعة الحجاب إلى منزل مليء بالمختطفين من قطاع غزة، وهم بملابسهم الداخلية، وهو ما يتعمده الجيش الإسرائيلي خلال عمليات الاختطاف.
وذكرت هديل حادثة وضعها في حفرة شبيهة بالقبر الجماعي، حيث تعمد الجنود الإسرائيليون وضع التراب فوق المختطفين لترهيبهم، وأوضحت أنها وُضعت في مركبة عسكرية مع حوالي 100 رجل، وتم تصويرها ونشر صورها من قبل جنود الاحتلال. وتقول هديل إنها نُقلت إلى معتقل عنتوت وخضعت لتفتيش عارٍ، ثم تعرضت للضرب المبرح والتعذيب خلال التحقيق.
مجمع ناصر الطبي ومجمع الشفاء.. ترهيب نفسي للنساء
قالت ممرضة في مجمع ناصر الطبي، إن جنود الاحتلال حاصروا المستشفى وقتلوا العديد من الفلسطينيين، مشيرة إلى أنها شاهدت الكلاب تنهش جثمان مواطن أمام المستشفى، وأضافت أنه طُلب منهم إخلاء المستشفى وتم تعرية الطاقم الذكوري أمام أعينهم، وإجبار النساء على نزع الحجاب، ثم أُجبر كل من في المستشفى على المغادرة تحت وطأة الرصاص، رغم ادعاء الجنود أن الطريق آمن.
استهداف النساء والأطفال في غزة
في الوقت الذي ينفي فيه مسؤولون إسرائيليون صحة ما يتم تداوله حول تعمد الجيش الإسرائيلي استهداف النساء في غزة، تجدر الإشارة إلى أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، طلب من رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، سابقًا، إطلاق النار على النساء والأطفال الذين يقتربون من حدود غزة مع إسرائيل، وذلك خلال اجتماع مع الحكومة.
كما اعترف قناص سابق في القوات الخاصة بجيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال مقابلة أجراها مع قناة "سي بي إس نيوز" الأميركية، بأن الجيش كان يتعمد استهداف النساء والأطفال منذ اندلاع العدوان على غزة في 7 أكتوبر الفائت. وتحدث الجندي السابق عن استهداف المدنيين دون تحذير سابق أثناء تدمير مناطق كاملة في القطاع، واصفًا مشاهد نزوح الأهالي من القصف الإسرائيلي بقوله، "كنا نشاهد كبار السن والأطفال يفرون، وقواعد الاشتباك تسمح لنا بإطلاق النار".
اقرأي أيضًا:
جيش الاحتلال يستخدم المدنيين كدروع بشرية خلافًا للادعاءات الإسرائيلية
خلافًا لادعاءات الاحتلال: أدلة تثبت قتل إسرائيل للمدنيين في الهجوم على مدرسة الجاعوني في النصيرات