اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مئات المدنيين الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية على حد السواء، منذ بداية عدوانها على قطاع غزة، وواجهت عدة اتهامات بشن حرب انتقامية تعسفية ضد المعتقلين والمختطفين، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب وغيرها من الانتهاكات الجنسية في السجون الإسرائيلية.
ووفقًا لشهادات المعتقلين الفلسطينيين المفرج عنهم والأطباء العاملين في السجون الإسرائيلية، والتي جمعتها العديد من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية وتحقيقات أجرتها وسائل الإعلام الدولية، فقد أُمر بعض المعتقلين بالخروج من منازلهم ومصادرة ممتلكاتهم، بينما تم أخذ آخرين أثناء فرارهم من أحيائهم سيرًا على الأقدام مع عائلاتهم في محاولة للوصول إلى مناطق أكثر أمانًا.
ومع ذلك، نفى الاحتلال الإسرائيلي الاتهامات الدولية المتعلقة بالانتهاكات، ووصفها بأنها دعاية مصدرها حركة حماس.
وفي 24 مايو/أيار الفائت، ردت قوات الاحتلال الإسرائيلي على أسئلة صحيفة ذا نيويورك تايمز، في بيان، زعمت فيه أنّ السلطات الإسرائيلية تعامل المعتقلين وفقًا للقانون الدولي. وأكدت أنها تحتجز الأفراد المشتبه في تورطهم في أنشطة إرهابية وتطلق سراح عند تبرئتهم. ودحضت منظمة هيومن رايتس ووتش هذا الادعاء، متهمة إسرائيل بمعاملة المعتقلين الفلسطينيين بطريقة غير إنسانية.
إسرائيل تستخدم الاعتقالات التعسفية للفلسطينيين كسلاح
منذ بداية الحرب الوحشية على غزة، نفذت إسرائيل حملة اعتقالات انتقامية واسعة النطاق واعتقلت الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، واعتقلت قوات الاحتلال مئات الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، وفصلت عائلات، وأجبرت الرجال على خلع ملابسهم باستثناء الداخلية، قبل أن ينقلوا بعضهم إلى معسكرات الاعتقال، حيث أمضوا ساعات تحت وطأة الجوع والبرد، وفق نشطاء حقوقيين.
وفي أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول الفائت، تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا من غزة، تظهر اعتقالًا جماعيًا لمدنيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث أُجبر الرجال على خلع ملابسهم باستثناء الداخلية، واصطفوا معصوبي الأعين، مكدسين في مركبة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
ونشرت القناة 12 الإسرائيلية مقطع فيديو آخر، ذكرت أنه لـ"اعتقال جماعي للأسرى" في قطاع غزة. وتظهر لقطات أخرى نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية فلسطينيين راكعين على الأرض، مجردين من ملابسهم ومعصوبي الأعين، ومحاطين بقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت هيئة شؤون الأسير الفلسطيني ونادي الأسير الفلسطيني، في بيان مشترك، أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت أكثر من 9450 أسيرًا فلسطينيًا من الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي المستمر على الضفة الغربية وقطاع غزة، في السابع من أكتوبر عام 2023.
وبناءً على ذلك، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف وعضو حكومة بنيامين نتنياهو، إيتمار بن غفير، إنه يريد قتل السجناء الفلسطينيين بإطلاق النار على رؤوسهم.
وقد كرر الوزير الإسرائيلي علنًا تصريحًا مثيرًا للجدل في مقطع فيديو آخر، حول المعتقلين الفلسطينيين وظهر وهو يقول "يجب إطلاق النار على السجناء في رؤوسهم بدلًا من إعطاءهم المزيد من الطعام"، وأضاف أنه حتى يحين الوقت الذي يتم فيه تقنين مثل هذه الإجراءات "لن نمنحهم سوى القليل ليعيشوا عليه".
علاوة على ذلك، لجأ الوزير اليميني المتطرف إلى موقع إكس للرد على الاتهامات القائلة بأنّ إسرائيل تجاهلت أشهرًا من التحذيرات بشأن اكتظاظ السجون، مع احتجاز ما لا يقل عن 21 ألف أسير فلسطيني منذ السابع من أكتوبر الفائت.
وأردف بن غفير أنه "منذ توليه منصب وزير الأمن الوطني، أحد أهم الأهداف التي حددتها لنفسي هو تدهور أوضاع الإرهابيين في السجون وتقليص حقوقهم إلى الحد الأدنى الذي يفرضه القانون".
وأكد أنّ "كل ما نشر عن الأوضاع المزرية" التي يعيشها الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية "كان صحيحًا"، متباهيًا بأنه خفض أوقات تناول الطعام والاستحمام للسجناء، وأزال الأجهزة الكهربائية، وأوقف الودائع المالية.
وفي السياق ذاته، أمر إيتمار بن غفير بتخفيض الحصص الغذائية للأسرى الفلسطينيين كإجراء "رادع". وأردف قائلًا “سيحصل المعتقلون الفلسطينيون على الحد الأدنى من الحقوق والحد الأدنى من الغذاء، وسأضمن تنفيذ هذه السياسة"، وقال أنّ تلك السياسة "تهدف إلى خفض الحصة الغذائية للسجناء الأمنيين إلى الحد الأدنى من الحصة الغذائية والسعرات الحرارية التي يقتضيها القانون، ويجب أنّ يحصل السجناء الأمنيون على حصة أقل من السجناء الجنائيين".
وأضاف بن غفير أنه بعد السابع من أكتوبر الفائت، تقرر تقليص النشاط في السجون، "وفي هذا السياق، قررنا وقف الشراء من المقاصف وتغيير طريقة الشراء وتقديم الطعام للسجناء الأمنيين".
علاوة على ذلك، منعت السلطات الإسرائيلية الاحتفالات بإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين بعد أن قال وزير الأمن القومي بن غفير إن "التعبير عن الفرح هو دعم للإرهاب" وإنّ "الاحتفالات بالنصر تمنح القوة لنفس هؤلاء الحثالة البشرية".
الأسرى الفلسطينيون يواجهون التجويع والتعذيب الممنهجَيْن على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي
مع خروج بعض الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال على مدى الأشهر الفائتة، ظهرت على الأسرى علامات خسارة كبيرة في الوزن، وآثار سلبية شديدة من ناحية صحتهم الجسدية والعقلية.
ففي 26 يونيو/حزيران الفائت، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالًا مثيرًا للشكوك حول المعايير الإنسانية الإسرائيلية فيما يتعلق بمعاملة السجناء، حيث ذكرت الصحيفة أنّ الأسرى الفلسطينيين الذين ليسوا أعضاءً في حماس، فقدوا الوزن بسبب قيام جهاز الأمن الإسرائيلي بتخفيض حصص طعامهم إلى مستويات المجاعة، وقد نشر هذا التقرير في أعقاب التماس قدمته "جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل" (ACRI)، التي عرضت هذه القضية أمام محكمة العدل العليا، مما أثار تساؤلات جدية حول أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وفي سياق مماثل، اتهمت منظمة فلسطينية، إسرائيل، بتجويع أكثر من 9100 أسير فلسطيني في سجونها. وقالت جمعية الأسير الفلسطيني، وهي منظمة غير حكومية محلية، في بيان لها إنّ سلطات السجون الإسرائيلية "تواصل عمليات تجويع أكثر من 9100 معتقل، بينهم نساء وأطفال ومرضى". وأضافت أنّ "إسرائيل تقوم أيضًا بتقييد حريتهم في ممارسة شعائرهم الدينية"، وأضافت جمعية الأسير إنّ "سياسة التجويع هي أخطر سياسة ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر، إضافة إلى التعذيب والانتهاكات الأخرى".
وقالت هيئة شؤون السجناء والمحررين، في بيان لها إنّ "الأسرى يواجهون ظروف اعتقال صعبة للغاية ويتعرضون لعقوبات مشددة تتزايد يوميًّا" منذ أكتوبر الفائت. وأردفت أنّ جميعهم تعرضوا للتعذيب والانتهاكات منذ لحظة الاعتقال وحتى دخولهم السجن، سواء بالضرب والشتائم، أو أساليب التعرية، إلى جانب الحبس الانفرادي والحرمان من الحقوق الإنسانية الأساسية".
وفي إبريل/نيسان الفائت، أطلقت إسرائيل سراح 150 أسيرًا فلسطينيًا اعتقلتهم خلال عملياتها العسكرية في غزة وأعادتهم إلى القطاع، وأفاد العديد منهم أنهم تعرضوا لانتهاكات أثناء فترة أسرهم، حسبما قال مسؤولو الحدود الفلسطينية.
ونُقل الأسرى ومن بينهم اثنان من أعضاء جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بعد أن احتجزوا لمدة 50 يومًا، إلى المستشفيات، واشتكوا من سوء المعاملة في المستشفيات وسوء المعاملة داخل السجون الإسرائيلية.
علاوة على ذلك، تحدث بعض الأسرى الفلسطينيون الذين أفرجت عنهم قوات الاحتلال الإسرائيلي عن الاستخدام الوحشي وغير الإنساني لكلاب الجيش الإسرائيلي لمهاجمتهم، إذ استخدمت الكلاب المدربة للترهيب والضرب والاعتداء الجنسي على الأسرى في مرافق الاعتقال الإسرائيلية.
وانتقد جيرمي لورانس، المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الجنود الإسرائيليين، لإطلاقهم الكلاب على الفلسطينيين المحتجزين. وصرح لورانس قائلًا "نحن على علم بالتقارير التي تفيد بإطلاق الكلاب على الأسرى المحتجزين، مما أدى في بعض الحالات إلى هجمات وعضات". وأشار إلى أنّ "مثل هذه الأفعال تشكل انتهاكات خطيرة لالتزامات إسرائيل بموجب قانون الاحتلال فيما يتعلق بالأشخاص المحميين وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بحقوق الأفراد في الحياة والصحة، والحظر المطلق للمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة".
وكان العديد من الأسرى المفرج عنهم قد تعرضوا لتآكل في معاصمهم وسيقانهم بسبب أثر تقييد قوات الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء حساسة من أجسامهم، لعدة أسابيع في بعض الأحيان.
وأفاد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أنّ معاملة إسرائيل للأسرى في غزة قد ترقى إلى مستوى التعذيب، وتشير التقديرات إلى أنّ الآلاف قد تم احتجازهم في ظروف "مروعة" قبل إطلاق سراحهم، وأحيانًا دون ملابس، مرتدين حفاضات فقط، ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان إنّ اعتقال إسرائيل ومعاملتها المهينة للفلسطينيين في غزة يمكن أنّ تنتهك قوانين الحرب الدولية.
ويفيد تقرير صدر، مؤخرًا، عن عدة منظمات حقوقية فلسطينية منها هيئة الأسير الفلسطيني وجمعية الضمير، أنه "منذ بداية القصف الإسرائيلي والاجتياح البري لقطاع غزة، أسر الجيش الإسرائيلي مئات الفلسطينيين بطريقة همجية وغير مسبوقة، ونشر صورًا ومقاطع فيديو تظهر المعاملة اللاإنسانية للمعتقلين"، وأضاف التقرير أنه "حتى الآن، أخفت إسرائيل مصير أسرى غزة، ولم تكشف عن أعدادهم، ومنعت المحامين والصليب الأحمر من زيارتهم".
ومن جهته، أفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيانٍ صحفي، أن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة لدى الجيش الإسرائيلي يتعرضون للقتل العمد والإعدام التعسفي خارج نطاق القانون والقضاء. وبحسب المرصد الأورومتوسطي، أصبحت السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، نسخًا وحشية لمعتقل غوانتانامو الأميركي.
ووثقت أشكال سوء المعاملة، والتجاهل المهين لكرامة الإنسان، والحرمان من الحقوق الأساسية، وأشكال التعذيب المروعة، بما في ذلك التي تؤدي إلى الموت، على الرغم من الإدانات والمطالبات الدولية العديدة لضمان حقوق وسلامة الأسرى والمعتقلين والمختطفين الفلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأعرب الأورومتوسطي عن فزعه وصدمته إزاء التقارير المتواصلة عن عمليات قتل متعمد للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، فيما تعرض آخرون للتعذيب حتى الموت في مخيم سدي تيمان وغيره من مراكز الاحتجاز والمنشآت العسكرية الإسرائيلية.
إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية سرية داخل سجن سدي تيمان
امتدت حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين منذ السابع أكتوبر إلى ما هو أبعد من القتل الجماعي اليومي وتجويع المدنيين الفلسطينيين. فخلف قضبان سجن سدي تيمان، تشن إسرائيل حربًا ضد المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، مما يخلق ظروفًا تجعل بقاء الحياة البشرية أكثر غموضًا.
ومنذ بداية الحرب الجارية على غزة، امتلأت قاعدة سدي تيمان العسكرية بالمعتقلين معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي المحتجزين دون تهمة أو تمثيل قانوني.
وسدي تيمان هي منشأة عسكرية في جنوب إسرائيل، اكتسبت سمعة سيئة باعتبارها موقعًا يشبه "غوانتانامو الجديد"، حيث يقال إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتورط في تعذيب وقتل المدنيين الفلسطينيين من جميع الأعمار، بما في ذلك الأطفال. وقد ظهرت بالفعل تقارير عن الانتهاكات في سدي تيمان في كل من وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية، في أعقاب احتجاجات من جماعات حقوق الإنسان المحلية والدولية حول الظروف المروعة التي يعيشها الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون.
كانت قاعدة سدي تيمان العسكرية قبل السابع من أكتوبر، التي تضم الآن مركز اعتقال، تحتجز فقط أعدادًا صغيرة من المعتقلين الفلسطينيين. وهي مركز قيادة ومخزن للمركبات العسكرية، وقد تم اختيار القاعدة لأنها قريبة من غزة وتضم موقعًا للشرطة العسكرية، التي تشرف على مرافق الاحتجاز العسكرية.
وبمجرد اجتياح إسرائيل لغزة في نهاية أكتوبر الفائت، بدأ سدي تيمان باستقبال مئات المخطوفين الفلسطينيين من القطاع. وقام الجيش بإعادة تجهيز ثلاث عنابر أخرى لاحتجازهم، كما قام بتحويل مكتب للشرطة العسكرية لتوفير مساحة أكبر للمحتجزين.
وجدير بالذكر، أنه بموجب التشريع الإسرائيلي، يمكن احتجاز المعتقلين في سدي تيمان لمدة تصل إلى 75 يومًا دون إذن قضائي، و90 يومًا دون الاتصال بمحام، إذ يُصنفون على أنهم "مقاتلون غير شرعيين".
وفي 11 من شهر مايو الفائت، أصدرت شبكة سي إن إن الإخبارية الأميركية، تحقيقًا يستند إلى شهادات مخبرين إسرائيليين عملوا في مخيم سدي تيمان الصحراوي، حول المعاملة المروعة للفلسطينيين في مركز الاحتجاز.
وتناولت شهادات المبلغين عن المخالفات، بالتفصيل، الممارسات اللاإنسانية التي تعرض لها الأسرى الفلسطينيون، بما في ذلك تقييدهم إلى الأسِّرة مع عصب أعينهم وإجبارهم على ارتداء الحفاضات، وإجبار متدربين طبيين غير مؤهلين على إجراء عمليات لهم دون تخدير، وتحريض الكلاب عليهم من قبل حراس السجن. ويضيف التحقيق أنهم تعرضوا للضرب بانتظام مع إبقائهم في أوضاع مجهدة، لمجرد إلقاءهم نظرة خاطفة من وراء عصبة أعينهم، أو إصابتهم بجروح تتفاقم إلى درجة تتطلب البتر، أو إجبارهم على الجلوس مكبلي الأيدي في صمت على حصيرة لمدة تصل إلى 18 ساعة في اليوم، ومجموعة من التدابير المروعة الأخرى.
وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة ذا نيويورك تايمز في السادس من يونيو الفائت، قصة عن سدي تيمان بناءً على مقابلات مع معتقلين سابقين وضباط عسكريين إسرائيليين وأطباء عملوا في السجن، ما سلط الضوء على أهوال جديدة حول معاملة السجناء والمعتقلين والأسرى الفلسطينيين.
وتضمنت شهادات المعتقلين روايات إضافية مثيرة للقلق عن العنف الجنسي، بما في ذلك شهادات الاغتصاب وإجبار المعتقلين على الجلوس على عصي معدنية تسببت في نزيف و"ألم لا يطاق".
وبالتوازي مع ذلك، ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في مارس/آذار الفائت، أن 27 معتقلًا فلسطينيًا لقوا حتفهم أثناء الاحتجاز في منشأتين، بما في ذلك سدي تيمان. وبحسب الصحيفة، لم يقدم الجيش الإسرائيلي تفاصيل عن ظروف الوفاة، لكنه قال إن البعض كانوا يعانون من ظروف صحية سابقة أو أصيبوا خلال الحرب.
ووفقًا لمنظمات حقوق السجناء الفلسطينيين، اعتقلت إسرائيل ما لا يقل عن 8800 فلسطيني منذ أكتوبر الفائت. وتم إطلاق سراح العديد منهم، بما في ذلك خلال عملية تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس. وفي الوقت الحالي، لا يزال حوالي 9,300 فلسطيني محتجزين خلف القضبان، من بينهم 78 امرأة، و250 طفلًا، وأكثر من 3,400 أسير ومختطف دون تهمة أو محاكمة بموجب النظام القانوني العسكري للاعتقال الإداري.
وخلص تقرير صادر عن خبراء الأمم المتحدة في فبراير/شباط الفائت، إلى أنّ بعض السجناء الفلسطينيين تعرضوا لاعتداءات جنسية وأن سجينتين على الأقل تعرضتا للاغتصاب في السجون الإسرائيلية.
"وتفيد التقارير بأنّ العديد منهن تعرضن لمعاملة لا إنسانية ومهينة، وحرمان من فوط الدورة الشهرية، والغذاء والدواء، وتعرضن للضرب المبرح. وجاء في البيان أنه في مناسبة واحدة على الأقل، زُعم أنّ النساء الفلسطينيات المحتجزات في غزة تم احتجازهن في قفص تحت المطر والبرد، دون طعام".
ويكمل التقرير “إننا نشعر بالأسى بشكل خاص إزاء التقارير التي تفيد بأن النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات تعرضن أيضًا لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي، مثل تجريدهن من ملابسهن وتفتيشهن من قبل ضباط الجيش الإسرائيلي الذكور”. وقال الخبراء إنّ ما لا يقل عن معتقلتين فلسطينيتين تعرضتا للاغتصاب، بينما ورد أن أخريات تعرضن للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي، مضيفين أنّ صور المعتقلات الفلسطينيات في "ظروف مهينة"، قد التقطها الجيش الإسرائيلي وحملها على الإنترنت".
ومن جهته، أشاد بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، باعتقال وحشي لناشطة فلسطينية بسبب منشور لها على مواقع التواصل الاجتماعي. إذ قال في حسابه الرسمي على موقع إكس “أحسنت قوات الدفاع الإسرائيلية وقوات الأمن الأخرى التي اعتقلت الإرهابية”، في إشارة إلى الناشطة في مجال حقوق الإنسان عهد التميمي من قرية النبي صالح، والتي اتهمت في السابق بمهاجمة جنود إسرائيليين.
وتشمل أشكال التعذيب الأخرى التي ذكرها معتقلون، وأسرى ومختطفون سابقون استخدام الموسيقى الصاخبة لمنعهم من النوم وإجبارهم على قضاء ساعات في أوضاع غير مريحة، كما وردت تقارير عن تعرض السجناء للإهانة بشكل روتيني وعدم تلبية احتياجاتهم الطبية في مستشفى المنشأة.
هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب بسبب معاملتها اللاإنسانية للمحتجزين
أثارت منظمات حقوق الإنسان مخاوف بشأن التقارير التي تتحدث عن التعذيب الممنهج والمعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة للمعتقلين الفلسطينيين في مرافق السجون منذ السابع من أكتوبر.
وتشمل هذه التقارير أدلة على الضرب المبرح، وإذلال المعتقلين، مثل إجبارهم على إبقاء رؤوسهم منخفضة، وإجبارهم الركوع على الأرض أثناء إحصاء السجناء وغصبهم على غناء الأغاني الإسرائيلية. وشملت أيضًا التقارير أدلة حول تعرض الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى التعذيب الجسدي واللفظي الشديد، والحرمان من الأدوية، وإهمال الضروريات.
ووجد تقرير جديد أجرته منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية غير الحكومية، أنّ إسرائيل مذنبة بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، حيث أفادت المنظمة أنّ الجنود الإسرائيليون قاموا بشكل روتيني بتصوير ونشر لقطات لمعتقلين فلسطينيين نصف عراة، وكثيرًا ما شاركوها على مواقع التواصل الاجتماعي مع تعليقات مهينة.
وأفادت المنظمة، في تقريرها المنشور يوم 23 يوليو/تموز الفائت، بأٍنّ المعتقلين الفلسطينيين يواجهون معاملة غير إنسانية على أيدي القوات الإسرائيلية، بما في ذلك نشر مقاطع فيديو وصور مهينة للمعتقلين ترقى إلى مستوى جرائم حرب، وذكرت منظمة حقوق الإنسان أن العري القسري الذي يتبعه التقاط الصور الجنسية ومشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي يشكل عنفًا جنسيًا وجريمة حرب.
وقام التقرير بتحليل العشرات من منشورات مواقع التواصل الاجتماعي التي انتشرت على نطاق واسع من قبل الإسرائيليين ،والتي أظهرت رجالًا فلسطينيين من غزة والضفة الغربية، غالبًا ما كانوا نصف عراة، ومقيدي الأيدي، ومعصوبي الأعين. وأضافت أنه في كثير من الحالات، جُرد المعتقلون من ملابسهم، وأحيانًا بالكامل، ثم تم التقاط صور لهم أو مقاطع فيديو، ثم نشرها من قبل جنود إسرائيليين أو وسائل إعلام أو نشطاء.
وأشارت هيومن رايتس ووتش، أنه بينما يُزعم أنّ ضباط الجيش الإسرائيلي تحركوا ضد أفعال من هذا القبيل في تحقيقات سابقة، فإنّ الحكومة لم تدن مرتكبي هذه الجرائم، ولم تعقد أي جلسات استماع عامة تتعلق بهذه الحوادث.
وأضافت بلقيس جراح، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش أنّ السلطات الإسرائيلية، قد "غضت الطرف لعدة أشهر عندما نشر أفراد من جيشها صورًا ومقاطع فيديو مهينة لفلسطينيين محتجزين بشكل كامل أو شبه عراة". وأضافت أنه "يمكن تحميل كبار المسؤولين والقادة العسكريين المسؤولية الجنائية عن إصدار الأوامر بارتكاب هذه الجرائم، أو الفشل في منعها أو معاقبتها، بما في ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية".
وعلى صعيد آخر، توصل تحقيقان منفصلان أجرتهما شبكة بي بي سي فيما يخص سلوك الجنود الإسرائيليين – أحدهما في فبراير في غزة والآخر في مايو في الضفة الغربية – إلى أن الجنود الإسرائيليين قاموا بتحميل عشرات الصور ومقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي بهدف إذلال الفلسطينيين. وتضمنت هذه الصور، مظاهر لمعتقلين جُرِّدوا من ملابسهم باستثناء الداخلية، وآخرين لُفّوا بالأعلام الإسرائيلية.
إنكار إسرائيل المنهجي للمعاملة اللاإنسانية للمعتقلين الفلسطينيين
ومن جانبها، نفت إسرائيل مرارًا وتكرارًا اتهامات التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان للمعتقلين الفلسطينيين على الرغم من وجود أدلة دامغة تدحض ذلك، والتي تم التحقيق فيها وجمعها ومشاركتها من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية والمنظمات الإخبارية الموثوقة عالميًا ودوليًا.
وزعم بيان مطول أصدرته قوات الاحتلال الإسرائيلي في 24 مايو الفائت، أنّ إساءة معاملة المعتقلين والأسرى والمختطفين محظور، وأنّ قوات الاحتلال تتصرف وفقًا للقانون الإسرائيلي والقانون الدولي، وتحمي حقوق الأفراد المحتجزين في مراكز الاحتجاز الخاضعة لمسؤوليتها. وأضاف البيان أنّ لدى قوات الاحتلال آليات رقابية مختلفة تهدف إلى ضمان إدارة مركز الاحتجاز في سدي تيمان وفقًا للقانون. من ذلك أنه "يُسمح للمحتجزين بالوصول بانتظام إلى المراحيض الموجودة في مركز الاحتجاز، والتي يتم تنظيفها بانتظام للحفاظ على النظافة والصحة، كما يمكنهم الاستحمام بانتظام.
وأضافت قوات الاحتلال، أنه خلافًا للادعاءات، “فإنّ استخدام الحفاضات يعد استثنائيًا للغاية، ولا يستخدمها إلا المعتقلون الذين خضعوا لإجراءات طبية مقيدة حركتهم، أو لديهم أسباب طبية أخرى تتطلب الحفاظ على النظافة الشخصية”. وزعم البيان أنّ الغرض الوحيد من استخدام الحفاضات في مثل هذه الحالات النادرة هو الحفاظ على النظافة الشخصية لهؤلاء الأفراد.
كما ادعى البيان، أنّ تكبيل أيدي المعتقلين في مستشفى سدي تيمان يتم فحصه بشكل فردي ويومي، ويتم تنفيذه في الحالات التي يعتبر فيها الخطر الأمني ضروريّا، وهو ما يتناقض مع إفادة طبيب إسرائيلي بشأن أسيرين فلسطينيين بُترت ساقيهما بسبب إصاباتهما الخطيرة الناجمة عن الأصفاد.
ونفت قوات الاحتلال الإسرائيلي وقوع "انتهاكات ممنهجة" في سدي تيمان، إذ قالت إن هذه المزاعم "من الواضح أنها غير دقيقة أو لا أساس لها من الصحة على الإطلاق"، وربما تم اختراعها تحت ضغط من حماس.
كما نفت قوات الاحتلال تشغيل موسيقى صاخبة للغاية لمنع المعتقلين من النوم، وزعمت أن الموسيقى "ليست عالية وغير ضارة".
لكن ضابط المخابرات الإسرائيلية ومدير وكالة الأمن الإسرائيلية، رونين بار، قال في رسالة بعث بها إلى كبار القادة الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، نقلتها القناة 12 الإسرائيلية، أنّ الظروف المعيشية الجسدية والعقلية قد تؤدي إلى أعمال عنف داخل المعتقلات والمعسكرات، كما أنّ بعض النزلاء يخططون بالفعل لأعمال عنف وانتقام.
وأضاف رونين بار أنّ السجون الإسرائيلية، التي تبلغ طاقتها الاستيعابية 14 ألف سجين، تضم حاليًا 21 ألف أسير.
وذكر رونين بار أنه حذر منذ قرابة عام من عدم وجود خلايا كافية لاحتجاز المشتبه بهم، لكن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وآخرين في الحكومة تجاهلوا مخاوفه.
وبالتوازي مع تزايد الشكاوي من قبل الفلسطينيين، تم تقديم التماس إلى محكمة العدل العليا من قبل جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل، لحثها على إصدار أمر للدولة بإغلاق المنشأة بعد ظهور تقارير عن سوء المعاملة فيها.
وردًا على ذلك، منحت المحكمة العليا الدولة عشرة أيام للرد على الالتماس، ووضع ممثلو الدولة خطة لنقل 140 أسيرًا من منشأة سدي تيمان العسكرية المثيرة للجدل. ونتيجة لذلك، بدأت مصلحة السجون الإسرائيلية في استيعاب 140 سجينًا، تنفيذًا لقرار الحكومة الصادر الأسبوع الفائت، حسبما أعلنت المصلحة يوم الأحد الفائت.
إسرائيل تحتجز مئات الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات العسكرية
قال نادي الأسير الفلسطيني في تقرير له، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت 640 طفلًا فلسطينيًا منذ بدء الحرب على غزة، تعرض العديد منهم للتعذيب والاعتداء الجنسي.
وحذرت جمعيات خيرية من أنّ الأطفال الفلسطينيين يتم احتجازهم دون سبب ويتعرضون للعنف في السجون العسكرية الإسرائيلية. وقامت عدة منظمات بجمع شهادات من قاصرين محتجزين في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية وتم مشاركتها مع منظمة إنقاذ الطفولة. وذكرت أنهم تعرضوا "للمعاملة غير الإنسانية"، مع وجود تقارير عن تجويعهم وضربهم وتكسير عظامهم على أيدي الضباط.
وجدير بالذكر، أنّ إسرائيل هي الدولة الوحيد في العالم الذي تحاكم الأطفال بشكل منهجي في المحاكم العسكرية، وفقًا لمنظمة إنقاذ الطفولة الإنسانية.
وقال أخصائي نفسي يعمل مع جمعية الشبان المسيحيين في القدس الشرقية، إنّ الزنازين التي كانت تستخدم في السابق لعشرة معتقلين، تستضيف الآن ما يصل إلى 30 سجينًا، بما في ذلك مجموعة من البالغين والأطفال. وذكرت المنظمة أنّ الأطفال المحتجزين يُمنعون من التحدث إلى والديهم وعائلاتهم.
اقرأ/ي أيضًا
بين غزة ومجدل شمس: ازدواجية المعايير الإسرائيلية في التعامل مع استهداف الأطفال
أوجه التحيز في تغطية صحف عالمية للحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة