في العاشر من يوليو/تموز الفائت، تحدثت قائدة وحدة مركز الحوسبة وأنظمة المعلومات التابعة للجيش الإسرائيلي، والتي توفر معالجة البيانات للجيش الإسرائيلي بأكمله، في مؤتمر بعنوان "تكنولوجيا المعلومات لجيش الدفاع الإسرائيلي" في ريشون لتسيون، بالقرب من تل أبيب.
وفي تصريحات على هامش المؤتمر، ذكرت قائدة وحدة مركز الحوسبة في الجيش الإسرائيلي، راشيل ديمبينسكي، أنّ الجيش الإسرائيلي، يستخدم التخزين السحابي وخدمات الذكاء الاصطناعي التي تقدمها عمالقة التكنولوجيا المدنية في هجومها المستمر على قطاع غزة. وفي المحاضرة التي ألقتها ديبمنسكي، ظهرت أسماء شركات مثل Amazon Web Services (AWS)، وGoogle Cloud، وMicrosoft Azure.
والتخزين السحابي هو وسيلة للحفاظ على كميات كبيرة من البيانات الرقمية خارج الموقع الأساسي، وغالبًا ما تكون محفوظة على خوادم تتم إدارتها بواسطة طرف ثالث. وأوضحت ديمبينسكي في البداية أنّ وحدتها العسكرية، المعروفة بالاختصار العبري "مرام"، استخدمت بالفعل "سحابة تشغيلية" محفوظة على خوادم عسكرية داخلية، بدلًا من السحابة العامة التي تديرها الشركات المدنية، ووصفت هذه السحابة الداخلية بأنها "منصة أسلحة"، تتضمن تطبيقات لتحديد أهداف التفجيرات، وبوابة لمشاهدة لقطات حية من الطائرات دون طيار (المسيّرات) فوق سماء غزة، بالإضافة إلى أنظمة إطلاق النار والقيادة والسيطرة.
لكن مع بداية الغزو البري للجيش الإسرائيلي لغزة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023، سرعان ما أصبحت الأنظمة العسكرية الداخلية مثقلة بالأعباء بسبب العدد الهائل من الجنود والأفراد العسكريين، الذين تمت إضافتهم إلى المنصة كمستخدمين، مما تسبب في مشاكل فنية وهدّد بإبطاء المهام العسكرية الإسرائيلية.
وأوضحت ديمبينسكي أنّ المحاولة الأولى لحل المشكلة تضمنت تفعيل جميع الخوادم الاحتياطية المتوفرة في مستودعات الجيش وإنشاء مركز بيانات آخر، لكن ذلك لم يكن كافيًا. وقرروا أنهم بحاجة إلى "الخروج إلى العالم المدني" حسب وصفها. ووفقًا لها، فإنّ الخدمات السحابية التي تقدمها شركات التكنولوجيا الكبرى سمحت للجيش بشراء خوادم تخزين ومعالجة غير محدودة بنقرة زر واحدة، دون الالتزام بتخزين الخوادم فعليًا في مراكز الكمبيوتر التابعة للجيش.
لكن الميزة "الأهم" التي قدمتها الشركات السحابية، كما قالت ديمبينسكي، هي قدراتها المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي. إذا قالت مبتسمة “تزداد حاجة أنظمتنا الآن أكثر من أي وقت مضى للثروة الهائلة من الخدمات والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي التي وصلت لها التكنولوجيا”، وأضافت أنّ العمل مع هذه الشركات منح الجيش "فعالية عملياتية كبيرة جدًا" في قطاع غزة.
ولم تحدد ديمبينسكي الخدمات التي تم شراؤها من شركات التكنولوجيا، أو كيف ساعدت الجيش. وفي تصريح خاص لمجلة +972 ولوكال كول، أكد الجيش الإسرائيلي أنّ المعلومات السرية وأنظمة الهجوم المخزنة على السحابة الداخلية لم يتم نقلها إلى السحابة العامة التي توفرها شركات التكنولوجيا.
ومع ذلك، فإن تحقيقًا جديدًا أجرته مجلتي +972 ولوكال كول، يحاول أنّ يكشف كيف أنّ الجيش الإسرائيلي قام في الواقع بتخزين الكثير من المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها عبر المراقبة الجماعية لسكان غزة على خوادم تديرها خدمة AWS التابعة لشركة "أمازون". بل يمكن أن يكشف التحقيق أيضًا أنّ بعض موفري الخدمات السحابية، قدموا ثروة من قدرات وخدمات الذكاء الاصطناعي لوحدات الجيش الإسرائيلي منذ بداية حرب غزة.
مصادر في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وصناعة الأسلحة الإسرائيلية، والشركات الثلاث، وسبعة من مسؤولي المخابرات الإسرائيلية الذين شاركوا في العملية منذ بدء الغزو البري في أكتوبر، وصفوا للمجلتين كيف يقوم الجيش بشراء موارد القطاع الخاص، لتعزيز قدراته التكنولوجية في فترات الحرب. ووفقًا لثلاثة مصادر استخباراتية، فإنّ تعاون الجيش مع AWS وثيق بشكل خاص، إذ تزود الشركة العملاقة مديرية المخابرات العسكرية الإسرائيلية بمزرعة خوادم تُستخدم لتخزين كميات كبيرة من المعلومات الاستخباراتية، التي تساعد الجيش أثناء الحرب.
ووفقًا لمصادر متعددة أخرى، فإنّ القدرة الهائلة للنظم السحابية العامة مثل AWS، تسمح للجيش بالحصول على "مساحة تخزين لا نهائية" للاحتفاظ بمعلومات استخبارية عن "الجميع" تقريبًا في غزة. ووصف أحد المصادر الذي استخدم النظام السحابي خلال الحرب الحالية، أنه يتم تقديم "طلبات من أمازون" للحصول على معلومات أثناء قيامهم بمهامهم التشغيلية، أثناء العمل بشاشتين مختلفتين، واحدة متصلة بأنظمة الجيش الخاصة، والأخرى متصلة بـ AWS الخاصة بأمازون.
وأكدت مصادر عسكرية أخرى أنّ نطاق المعلومات الاستخبارية التي جُمعت من مراقبة جميع السكان الفلسطينيين في غزة كبير جدًا. بصورة لا يمكن تخزينها على الخوادم العسكرية وحدها. ووفقًا لمصادر استخباراتية، كانت هناك حاجة إلى قدرات تخزين وقوة معالجة أكبر بكثير للاحتفاظ بمليارات الملفات الصوتية (بدلًا من المعلومات النصية أو البيانات الوصفية فقط)، مما دفع الجيش إلى اللجوء إلى الخدمات السحابية التي تقدمها شركات التكنولوجيا المدنية.
وشهدت المصادر العسكرية أنّ الكم الهائل من المعلومات المخزنة في سحابة أمازون وحدها، ساعد أثناء مناسبات نادرة في تحديد غارات الاغتيال عبر الجو في غزة، وهي الضربات التي ألحقت الضرر بالمدنيين الفلسطينيين، في المجمل، يكشف التحقيق أيضًا بعض الطرق التي تساهم بها شركات التكنولوجيا الكبرى في حرب إسرائيل المستمرة على قطاع غزة.
تدفع إسرائيل ملايين الدولارات لشراء مساحات أكبر لتخزين المعلومات
وقّعت إسرائيل عقدًا مشتركًا مع غوغل وأمازون يسمى مشروع نيمبوس في عام 2021، وكان الهدف المعلن للمناقصة البالغة قيمتها 1.2 مليار دولار، تشجيع الوزارات الحكومية على نقل أنظمة المعلومات الخاصة بها إلى الخوادم السحابية العامة للشركات الفائزة بالمناقصة، وكذلك الحصول على خدمات متقدمة منها.
وكانت الصفقة مثيرة للجدل إلى حد كبير، مما ترتب عليها توقيع مئات العمال في الشركتين على رسالة مفتوحة خلال أشهر من الصفقة تدعو إلى قطع العلاقات مع الجيش الإسرائيلي. وتزايدت احتجاجات موظفي أمازون وغوغل منذ السابع من أكتوبر 2023، وتم تنظيمها تحت شعار "لا تكنولوجيا للفصل العنصري". وفي إبريل/نيسان الفائت، قامت شركة غوغل (التي تم إدراجها لفترة وجيزة كراعي لمؤتمر"IT For IDF" الذي تحدث فيه ديمبينسكي، قبل إزالة شعارها)، بطرد 50 موظفًا لمشاركتهم في احتجاج بمكاتب الشركة في نيويورك.
وذكرت تقارير إعلامية أنّ الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع لن يحمّلا سوى المواد غير السرية إلى السحابة العامة في إطار مشروع نيمبوس، لكن يكشف التحقيق أنه منذ أكتوبر 2023 على الأقل، كانت الشركات السحابية الكبيرة توفر خدمات تخزين البيانات والذكاء الاصطناعي لوحدات الجيش التي تتعامل مع المعلومات السرية. إذ أشارت مصادر أمنية متعددة إلى أنّ الضغط على الجيش الإسرائيلي منذ أكتوبر أدى إلى زيادة كبيرة في شراء الخدمات من غوغل كلاود Google Cloud وAmazon’s AWS ومايكروسوفت أزور Microsoft Azure، إذ تجري معظم عمليات الشراء من الشركتين السابقتين عبر صفقة نيمبوس - Nimbus.
وأوضح مصدر أمني آخر أنه في بداية الحرب، كانت أنظمة الجيش الإسرائيلي مثقلة للغاية، لدرجة أنها فكرت في نقل نظام استخباراتي كان بمثابة الأساس للعديد من الهجمات في غزة، إلى خوادم سحابية عامة، وقال المصدر عن النظام "كان عدد المستخدمين أكثر بـ30 مرة، لذلك تعطل النظام".
وتابع المصدر قائلًا “ما يحدث في السحابة العامة، هو أنك تضغط على زر، وتدفع ألف دولار أخرى في ذلك الشهر، ويصبح لديك عشرة خوادم. بدأت الحرب؟ أنت تدفع مليون دولار، ولديك ألف خادم آخر، هذه هي قوة السحابة”.
وقد ساعد مشروع نيمبوس في حل المشكلة، إذ أنشأت الشركتان الفائزتان، غوغل وأمازون، كجزء من شروط المناقصة، مراكز بيانات في إسرائيل في عامي 2022 و2023 على التوالي. وأوضح أناتولي كوشنير، المؤسس المشارك لشركة التكنولوجيا الإسرائيلية Comm-IT، التي تساعد الوحدات العسكرية على الانتقال إلى السحابة منذ أكتوبر الفائت، أنّ نيمبوس Nimbus "أنشأت بنية تحتية"، لمراكز الكمبيوتر المتقدمة الخاضعة للسلطة القضائية الإسرائيلية.
وقال إن هذا الترتيب سهّل على "الجهات الأمنية، حتى تلك الأكثر حساسية"، تخزين المعلومات في السحابة أثناء الحرب دون خوف من المحاكم الخارجية، التي من المفترض أنها قد تطلب المعلومات في حالة رفع دعوى قضائية ضد إسرائيل.
وتابع كوشنير أنه خلال الحرب، نشأت احتياجات في الجيش لم تكن موجودة من قبل، وكان تنفيذها أسهل بكثير باستخدام هذه البنية التحتية، لأنها البنية التحتية لمالك عالمي، وهي التي يمكنها تقديم الخدمات من أبسطها إلى أكثرها تعقيدًا. وأضاف أن هذه الشركات زودت الجيش الإسرائيلي بـ “الخدمات المتاحة الأكثر تقدما"، والتي تم استخدامها في حرب إسرائيل الجارية على غزة.
وقد تسارع هذا التغيير الدراماتيكي في إجراءات الجيش بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب، إذ قال كوشنير إنّ الجيش اعتمد في الماضي بشكل أساسي على الأنظمة التي طورها بنفسه، والمعروفة باسم "on-prem"، وهي اختصار لعبارة "on-field" أي في الميدان، لكن هذا يعني أنها ستضطر إلى الانتظار لأشهر، إن لم يكن لسنوات، لبناء خدمات جديدة كانت تفتقر إليها، ومن ناحية أخرى، يمكن الوصول إلى قدرات الذكاء الاصطناعي والتخزين والمعالجة بشكل أكبر في السحابة العامة.
كذلك أكّد كوشنير أنّ "المعلومات الحساسة حقًا، والأشياء الأكثر سرية، ليست محفوظة على السحابة المدنية. لأنّ الجانب التشغيلي ليس موجودًا بالتأكيد. لكن هناك أشياء استخباراتية محفوظة جزئيًّا هناك".
ومع ذلك، أعرب البعض عن مخاوفهم بشأن حدوث اختراق للبيانات حتى داخل الجيش، وقال مصدر استخباراتي آخر "عندما بدؤوا يتحدثون إلينا عن السحابة، وسألونا عما إذا كانت هناك مشكلة تتعلق بأمن المعلومات عند إرسال معلوماتنا إلى شركة خارجية، قيل لنا إنّ هذا الخطر يتضاءل أمام قيمة استخدامها".
الجيش الإسرائيلي يراقب الملايين من خلال جمع معلومات عنهم
وقالت مصادر لـمجلة 972+ بأنّ معظم المعلومات الاستخبارية التي يجمعها جيش الاحتلال الإسرائيلي، حول الأفراد العسكريين الفلسطينيين، يتم تخزينها على أجهزة الكمبيوتر الداخلية للجيش بدلًا من السحابة العامة المتصلة بالإنترنت. ومع ذلك، ووفقًا لثلاثة مصادر أمنية، يتم تخزين أحد أنظمة البيانات التي تستخدمها مديرية المخابرات العسكرية الإسرائيلية على سحابة أمازون العامة AWS.
ويستخدم الجيش هذا النظام في غزة للمراقبة الجماعية منذ نهاية عام 2022 على الأقل، لكنه لم يكن جاهزًا للعمل بشكل خاص قبل الحرب الحالية. والآن، وفقًا لهذه المصادر، يحتوي نظام أمازون على "مخزن لا نهائي" من المعلومات ليستخدمه الجيش.
وأكدت مصادر دفاعية أخرى أنّ المعلومات الاستخباراتية المحفوظة على AWS لا تزال "ضئيلة" من ناحية استخدامها العملي، مقارنة بما يتم الاحتفاظ به على الأنظمة الداخلية للجيش. لكن ثلاثة مصادر شاركت في هجمات الجيش قالت إنها استُخدمت في عدد من الحالات لتقديم "معلومات تكميلية" قبل الغارات الجوية ضد أفراد يزعم الاحتلال أنهم عسكريين مشتبه بهم.
وقد كشف تحقيق سابق لمجلتي 972+ ولوكال كول، سماح الجيش الإسرائيلي بقتل "مئات المدنيين" في هجمات ضد كبار قادة حماس، منهم من هم على مستوى قائد لواء، وأحيانا حتى قائد كتيبة. وأوضحت المصادر الأمنية أنه في بعض هذه الحالات، تم استخدام سحابة شركة أمازون المعروفة باسم AWS.
وقالت المصادر إن النظام القائم على AWS مفيد بشكل خاص للمخابرات الإسرائيلية، لأنّ بإمكانه الاحتفاظ بمعلومات "عن الجميع" دون قيود على التخزين، وكان لهذا في بعض الأحيان مزايا عملياتية، فقد تحدث أحد مصادر الاستخبارات عن لحظى وصفها بالـ"مصيرية حقاً" في الحرب، عندما عثر الجيش على عضو كبير في الجناح العسكري لحماس داخل مبنى ضخم متعدد الطوابق مملوء بمئات اللاجئين والمرضى، ويسترسل بقوله إنهم استخدموا AWS لجمع معلومات حول من كان في المبنى. وختم بأنّ الهجوم فشل في نهاية المطاف، بسبب عدم وجود معلومات كافية عن المكان الذي كان يختبئ فيه القائد الكبير، وخشية الجيش من أنّ المضي قدمًا فيه “سيضر بصورة إسرائيل بشكل أكبر".
وصرّح مصدر استخباراتي إسرائيلي آخر بالقول "إنّ سحابة أمازون هي مساحة تخزين لا نهائية"، ومشيرًا إلى أنه “لا تزال هناك خوادم الجيش العادية، وهي كبيرة جدًا". لكن أثناء جمع المعلومات الاستخبارية، في بعض الأحيان، تجد شخصًا يثير اهتمامك، وتقول "يا لها من مشكلة، لم يتم إدراجه كهدف للمراقبة، لأنك ليس لديك معلومات عنه، وأكمل بقوله "لكن السحابة تعطيك معلومات عنه، لأن السحابة لديها معلومات عن الجميع".
في السابق، كان الجيش يحذف عادة المعلومات غير المفيدة المتراكمة في قواعد بياناته، من أجل إفساح المجال للمعلومات الجديدة. لكن في محاضرتها المذكورة أعلاه، في العاشر من تموز/يوليو الفائت، أشارت دمبينسكي إلى أنّ الجيش يعمل منذ أكتوبر 2023 على "حماية جميع المواد القتالية وحفظها وتخزينها". وأكدّ مصدر أمني آخر أنّ هذا هو الحال بالفعل، وعزا الزيادة في المساحة التخزينية إلى شركات السحابة العامة المدنية.
وهناك حافز رئيسي آخر للعمل مع عمالقة السحابة وهو قدراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي ومزارع خوادم وحدة معالجة الرسومات (GPU) التي تدعمهم. وفي هذا الخصوص قال أحد مصادر الاستخبارات، الذي شارك في المناقشات حول تحويل الاستخبارات العسكرية إلى السحابة العامة، إنّ رؤساءهم "تحدثوا عن كيف أنهم إذا انتقلوا إلى السحابة، فإنّ الشركات السحابية سيكون لديها أيضًا STT أي(قدرات تحويل الكلام إلى نص خاص بها)، ويسأل لماذا يتم تطوير كل شيء في وحدة الجيش إذا كانت الإمكانيات موجودة بالفعل؟".
يتطابق منهج سير العمل المصرح به لـ 972+ ولوكال كول، من قِبل ضباط المخابرات الذين تمت مقابلتهم في هذا التحقيق، مع التفاصيل الواردة في كتاب ألّفه القائد الحالي للوحدة 8200 في عام 2021 (هي وحدة النخبة داخل مديرية المخابرات العسكرية الإسرائيلية، والتي كشفت صحيفة ذا غارديان مؤخرًا أنه الضابط السابق "يوسي سارييل") بداية من "طلب" البيانات عن طريق سحابة AWS العامة، ثم إرسالها إلى شبكة عسكرية مغلقة.
ويكتب سارييل في كتابه "كيف يمكن للمؤسسات الأمنية استخدام "سحابة أمازون" والشعور بالأمان؟"، ويدعو لإيجاد شبكة خاصة يمكن من خلالها للنظام الداخلي للجيش والسحابة العامة "التواصل بشكل آمن مع بعضهما البعض طوال الوقت". وأضاف أنّ نطاق المعلومات السرية التي تجمعها المخابرات الإسرائيلية كبير جدًا، لدرجة أنه لا يمكن تخزينها "فقط في شركات مثل أمازون أو غوغل أو مايكروسوفت".
وفي العام نفسه، دعا نائب قائد الوحدة 8200، في مجلة استخباراتية إسرائيلية، إلى إنشاء "شراكات جديدة"، مع موفري الخدمات السحابية العامة، لأن قدراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي "لا يمكن استبدالها" وتتفوق على قدرات الجيش. وألمح إلى أنّ الشركات السحابية ستستفيد أيضًا من الشراكة مع الجيش، إذ "تحتفظ أمان (شركة الاستخبارات العسكرية) بمعظم البيانات الموجودة في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك بيانات حول الأعداء، من خلال مجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار ، وتلك البيانات التي ستدفع لقائها الشركات المدنية ثروات باهظة للحصول عليها".
أمازون ومايكروسوفت تتسابقان لعقد أفضل صفقة مع الجيش الإسرائيلي
وفقًا لمصادر في الجيش وفي مجال صناعة الأسلحة، تعدّ Microsoft Azure المزود الرئيسي للسحابة في إسرائيل، إذ تبيع خدماتها إلى وزارة الدفاع ووحدات الجيش التي تتعامل مع المعلومات السرية. ويفيد أحد المصادر، أنه كان من المفترض أن تزود Azure الجيش الإسرائيلي بالسحابة التي سيتم تخزين معلومات المراقبة عليها، لكن أمازون عرضت سعرًا أفضل. وقالت مصادر في الشركات السحابية، التي كانت مطلعة على العلاقات مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، إنه منذ أن فازت أمازون بمناقصة نيمبوس Nimbus، أصبحت تتنافس بقوة مع مايكروسوفت أزور، على أمل أن تحل محلها كأكبر مزود للخدمات في الجيش.
وأوضح كوشنير، من شركة Comm-IT، أنّ معظم الوكالات الحكومية والعسكرية في الماضي "استثمرت الكثير في تطوير وإنشاء أنظمة تعتمد على Azure". ولكن بما أنّ Azure لم تفز بمناقصة نيمبوس Nimbus، فقد كانت هناك "عملية انتقال معينة" في وزارة الدفاع إلى خوادم غوغل وأمازون، والتي تسارعت خلال الحرب الحالية.
وقالت مصادر مطلعة في صناعة التكنولوجيا المتقدمة، إنّ وزارة الدفاع الإسرائيلية تعدّ عميلًا مهمًا واستراتيجيًا لشركات السحابة الثلاث. ولا يرجع ذلك إلى النطاق المالي الكبير للمعاملات فقط، بل لأنه يُنظر إلى إسرائيل على أنها مؤثرة في تشكيل الرأي بين الأجهزة الأمنية في جميع أنحاء العالم، وفي قيادة "الاتجاهات الرائدة" التي تتبناها الأجهزة الأخرى.
أحد الأشخاص الذين أداروا سياسة المشتريات في وزارة الدفاع لسنوات، وحافظوا على اتصالات مع عمالقة السحابة، هو العقيد آفي دادون، إذ كان يرأس إدارة المشتريات في وزارة الدفاع حتى عام 2023، وكان مسؤولًا عن المشتريات العسكرية التي تصل قيمتها إلى أكثر من 10 مليار شيكل (نحو 2.7 مليار دولار) سنويًا. وقال دادون "بالنسبة إلى [الشركات السحابية]، يعد هذا أقوى تسويق". “ما يستخدمه الجيش الإسرائيلي كان وسيظل أحد أفضل نقاط بيع المنتجات والخدمات في العالم. بالنسبة لهم، إنه مختبر. بالطبع يريدون العمل معنا”.
وقال دادون إنه عقد العديد من الاجتماعات مع ممثلي الشركات الثلاث في إسرائيل وكذلك في رحلات إلى الولايات المتحدة. وكان أيضًا على اتصال مع عمالقة السحابة بشأن مناقصة سرية تسمى "مشروع سيريوس".
تم الإبلاغ عن سيروس Sirius للمرة الأولى في صحيفة جلوبز المالية الإسرائيلية في عام 2021، ويعدّ هذه المشروع أكثر حساسية بكثير من صفقة نيمبوس Nimbus، وكان من المنتظر توقيع صفقته مع بعض من شركات التكنولوجيا الكبرى. وفي مايو الفائت، أعلن جيش الاحتلال على موقعه الرسمي أنه يسعى لتوظيف خبير "سيعمل مع كبار مقدمي الخدمات السحابية من أجل نقل الأنظمة العسكرية إلى السحابة العامة الممثلة في نظام نيمبوس"، وكذلك عليه العمل لتحميل البيانات الأساسية، وأنظمة التشغيل، إلى السحابة الأمنية"، في إطار مناقصة سيريوس.
وأوضح دادون أنّ "سيريوس عبارة عن سحابة أمنية خاصة معزولة عن الشبكات العامة وغيرها، وهي مخصصة فقط للجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع"، وأضاف "لقد كانت هناك مناقشات لأكثر من عقد من الزمن حول الشكل الذي سيبدو عليه هذا الأمر". ومن المفترض أن تكون هذه السحابة الجديدة، بحسب ثلاثة مصادر أمنية، منفصلة عن الإنترنت ومبنية على البنية التحتية لمزودي السحابة الكبار، مما يسمح لجميع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية باستخدامها للأنظمة السرية.
أما الخدمات السحابية العامة، وفقًا لدادون، فلديها القدرة على تعزيز قدرة الجيش على الفتك، وأوضح أنه عند البحث عن شخص ما "للقضاء عليه"، "فإنك تجمع مليارات التفاصيل التي تبدو غير مثيرة للاهتمام، ولكن عليك تخزينها بمجرد رغبتك في معالجة ودمج كل شيء في نتيجة واحدة تبلغك بأنّ الهدف موجود في هذه الساعة، فلديك خمس دقائق، وليس لديك طيلة النهار والليل، ولذلك من الواضح أنك بحاجة إلى المعلومات.
وتابع دادون قائلًا إنه "لا يمكنك فعل ذلك على خوادمك الخاصة، لأنه يتعين عليك وقتها حذف ما تعتقد أنه غير ضروري"، ويضيف أنّ "هناك مقايضة حرجة للغاية هنا، فبمجرد قيامك باستخدام السحابة، فبدروه يجعل استخدام النظام الداخلي الخاص بالجيش يكاد يكون مستحيلًا، لأنك ستتعرف على عالم جديد، إذ أنك قمت بالفعل بتحميل معلومات ضخمة، فماذا قد أفعل حينها الآن؟ ابدأ بحذفه؟".
وفي تحقيق سابق نشرته مجلة 972+ مع لوكال كول، يفيد بأنّ العديد من الهجمات الإسرائيلية على غزة في بداية الحرب، كانت مبنية على توصيات برنامج يسمى "لافندر". وبمساعدة الذكاء الاصطناعي، قام هذا النظام بجمع المعلومات عن معظم سكان غزة وقام بتجميع قائمة من الأفراد العسكريين المشتبه بهم، بما في ذلك لأقلهم منزلة، بغرض الاغتيال. وهاجمت إسرائيل هؤلاء الناشطين بشكل منهجي في منازلهم الخاصة، مما أدى إلى مقتل عائلات بأكملها. وبمرور الوقت، أدرك الجيش أن برنامج لافندر - Lavender لم يكن "موثوقًا" بدرجة كافية، وانخفض استخدامه لصالح البرامج الأخرى. لم يتمكن العاملون على التحقق من تأكيد ما إذا كان برنامج لافندر، قد طُوّر بمساعدة شركات مدنية، بما في ذلك شركات السحابة العامة.
الاحتلال يستخدم التكنولوجيا لاستهداف الفلسطنيين في حربه الجارية على غزة
وفي محاضرة ديبينسكي الشهر الماضي، وصفت العملية العسكرية الحالية في غزة بأنها "الحرب الرقمية الأولى"، وبينما تبدو هذه مبالغة من ناحية أنّ هجوم إسرائيل عام 2021 على القطاع، استخدم أيضًا بعض القدرات الرقمية، قالت مصادر دفاعية إسرائيلية إنّ عمليات الرقمنة في الجيش تسارعت بشكل كبير خلال الحرب الحالية. ووفقًا لهذه المصادر، فإنّ القادة في الميدان يتجولون وهم يحملون هواتف ذكية مشفرة، ويرسلون رسائل في محادثة مشابهة لما في تطبيق التواصل الاجتماعي واتساب (ولكنها غير مرتبطة بالشركة)، ويحملون الملفات على محرك أقراص مشترك، ويستخدمون عددًا لا يحصى من التطبيقات الجديدة.
وقال ضابط في غرفة العمليات القتالية في غزة "أنت تقاتل من داخل جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بك، أما في الماضي كنت ترى بياض عيون عدوك، تنظر بالمنظار فتراه ينفجر، ولكن اليوم، عندما يظهر هدف، تقول للجنود من خلال الكمبيوتر المحمول أطلقوا النار بالدبابة".
أحد التطبيقات الموجودة على السحابة الداخلية للجيش يسمى زي تيوب Z-Tube (Z هو اختصار لـ Zahal، وهو اختصار لـ IDF أي جيش الدفاع الإسرائيلي)، وهو موقع إلكتروني يشبه إلى حد كبير موقع يوتيوب، يسمح للجنود بالوصول إلى لقطات حية لجميع أجهزة التصوير العسكرية في غزة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار (المسيّرات). وهناك تطبيق آخر يسمى مابلت "MapIt"، يسمح للجنود بتحديد الأهداف في الوقت الفعلي على خريطة تعاونية وتفاعلية. وصرح مصدر أمني للمجلتين أنّ "الأهداف هي أكثف طبقة على الخريطة، إذ يبدو أنّ كل منزل بداخله هدف ما".
وفي السياق ذاته، يستخدم جهاز آخر يسمى هانتر "Hunter" للإشارة إلى الأهداف في غزة واكتشاف أنماط السلوك باستخدام الذكاء الاصطناعي، وقد تم تقديمه في مؤتمر تكنولوجيا المعلومات للجيش الإسرائيلي من قبل العقيد إيلي بيرنباوم، قائد الوحدة المعروفة بالاختصار العبري ماتزبين، والمسؤولة عن تطوير أنظمة للاستخدامات العملياتية.
ومن المفترض أن تدار السحابة الداخلية على خوادم عسكرية وليست متصلة بسحابات الشركات الخاصة، لكن مصادر متعددة قالت إنّ هناك طرقًا "آمنة" يمكن لشركات السحابة المدنية تقديم خدماتها من خلالها لأنظمة التشغيل العامة أيضًا.
ومن جهته، قال العقيد عساف نافوت، وهو مسؤول كبير سابق في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالجيش ورئيس قسم الدفاع في كوم آي تي Comm-IT، إنّ "جيش الدفاع الإسرائيلي لا يخرج معلومات وبيانات حساسة وسرية للغاية خارج نظامه السري الداخليـ وهذه الأشياء تبقى في الداخل (أي الشبكات العسكرية الداخلية)". ووفقًا له، فإنّ التحدي يكمن في إدخال "عقل" الشركات السحابية المدنية، مثل خدمات الذكاء الاصطناعي، إلى الأنظمة الداخلية للجيش، دون أن تعيش خارجها".
ويشير موقع مايكروسوفت أزور Microsoft Azure على الويب، إلى أدوات تسمى "الحاويات غير المتصلة"، والمصممة لـ "الشركاء الاستراتيجيين" الذين يحتاجون إلى الحفاظ على أمان معلوماتهم. إذ تتضمن الأدوات، وفقًا لموقع الويب، إمكانات النسخ والترجمة والتعرف على المشاعر واللغة والملخص وتحليل المستندات والصور والمزيد.
وأوضح نافوت أنّ وتيرة تطور التكنولوجيا الرقمية سريعة للغاية، لدرجة أنّ الطريقة الوحيدة أمام الجيش "للحاق بالركب" هي شراء الخدمات من السوق المدنية والشركات السحابية. ويقول "انظر إلى بندقية إم-16 M16، آخر مرة صنعوا فيها تلك البندقية كانت في حرب فيتنام، ولم يتغير فيها الكثير من ذلك الحين"، ولكن بالنسبة للبرمجيات الرقمية، كما يقول، فإنّ الأمور تتغير "خلال أشهر، وليس سنوات".
حقيقة أنّ المواد الاستخباراتية، حتى لو لم تكن عملية بشكل مباشر، يتم تحميلها على سحابة مدنية، أثارت مخاوف البعض في الجيش الإسرائيلي. وقال مصدر عسكري إنّ "هناك شيء مخيف في هذا الأمر، فالمعلومات التي لدى الجيش اليوم هي معلومات حساسة عن الكثير من الناس الواقعين في الأراضي المحتلة، فهل نسلمها لشركات عملاقة وخاصة التجارية منها التي تهدف لكسب المال؟".
من ناحية أخرى، صرحت مصادر أمنية إنّ المعلومات الاستخبارية الأولية التي يتم جمعها على نطاق واسع وليس عن أهداف محددة، لا تعدّ معلومات حساسة بشكل خاص، إذ إنها تصبح حساسة فقط عندما تترجم إلى أهداف قابلة للمهاجمة. وأضاف أحد المصادر "بل سيكون الوضع مخيفًا حقًا، إذا تمكن الإيرانيون من الوصول إلى هذه المعلومات".
وقال الجنرال يائيل غروسمان، قائد فرقة الجيش لتعزيز التكنولوجيا العملياتية المعروفة بالاختصار العبري لوتيم، والمسؤولة عن مرام، في بث صوتي في مايو الفائت، إنّ الاعتماد على التقنيات المدنية في الحرب الحالية مكّن من " قفزة جنونية في فترة قصيرة من الزمن". لكن دادون يشبّه تحميل المواد على السحابة بـ"تسليم مفاتيح سيارة مرسيدس لشخص آخر، ألا يجب أن نستخدم المرسيدس؟ نحن بحاجة إليها؟ لا أعرف".
استخدام الاحتلال لتكنولوجيا الشركات الكبرى ساهم في قتل المدنيين
في السنوات الأخيرة، لم تصبح أمازون شريكًا للجيش الإسرائيلي فحسب، بل أصبحت أيضًا مزوّدًا للخدمات السحابية للعديد من وكالات الاستخبارات الغربية. وفي عام 2021، وقعت AWS اتفاقية مع وكالات الاستخبارات البريطانية GCHQ وMI5 وMI6 لتخزين المعلومات "السرية" وتسريع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. وبالمثل أعلنت الحكومة الأسترالية هذا الشهر أنها ستستثمر 1.3 مليار دولار أمريكي لبناء سحابة للمواد الاستخباراتية "السرية للغاية" على خوادم أمازون. ووقعت شركة التكنولوجيا العملاقة أيضًا اتفاقية مع البنتاغون، إلى جانب ثلاث شركات كبيرة أخرى، لبناء خوادم سحابية عملاقة من شأنها أن تخدم وزارة الدفاع الأميركية "لجميع مستويات التصنيف".
تنشر أمازون قواعد غامضة بشأن "بناء الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول"، والتي تشير فقط إلى "الحصول على البيانات واستخدامها وحمايتها بشكل مناسب"، و"منع مخرجات النظام الضارة وإساءة استخدامها". تنص مبادئ ونهج الذكاء الاصطناعي المسؤول من شركة مايكروسوفت Microsoft على ما يلي "نحن ملتزمون بالتأكد من تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وبطرق تضمن ثقة المستخدمين".
تنشر غوغل أيضًا قائمة بمبادئ الذكاء الاصطناعي الخاصة بها والتي تنص بشكل أكثر وضوحًا على أنّ الشركة "لن تصمّم أو توظف الذكاء الاصطناعي في التقنيات التي تسبب أو من المحتمل أن تسبب ضررًا شاملًا، مثل الأسلحة أو التقنيات الأخرى التي يكون غرضها الرئيسي أو تنفيذها هو التسبب في إصابة الأشخاص أو تسهيلها بشكل مباشر، التقنيات التي تجمع أو تستخدم المعلومات للمراقبة التي تنتهك المعايير المقبولة دوليًا، أو التقنيات التي يتعارض غرضها مع مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان المقبولة على نطاق واسع".
ومع ذلك، يقول غابرييل شوبينر، الناشط والمنظم في منظمة نو تيك فور أبارتايد no tech for apartheid، إنّ هذه المبادئ "ليس لها تأثير حقيقي" لأنّ الشركات السحابية "تستخدمها كعلاقات عامة لإظهار مدى مسؤوليتها". ووفقًا له، فإنّ الشركات ليس لديها وسيلة لمعرفة كيف ومتى يستخدم عملاؤها خدماتها.
ويضيف شوبينر الذي عمل سابقًا في شركة غوغل، وشارك في احتجاج موظفي غوغل ضد توريد التكنولوجيا التي يزعمون أنّ الجيش الإسرائيلي يستخدمها في حرب غزة، إنّ غوغل استخدمت دائمًا "لغة غامضة" عند ذكر مبادئها الأخلاقية. علاوة على ذلك، يقول إنّ الشركة تواصل الادّعاء بأنّ عقودها مع إسرائيل هي "أولًا وقبل كل شيء للاستخدام المدني، على الرغم من أنه من الواضح أنّ العديد من الأعمال في نيمبوس تهدف إلى الاستخدام العسكري".
وصرح مصدر دفاعي، أنّ معظم العقود الجديدة بين الجيش والشركات السحابية منذ بدء الحرب، قد تم تنفيذها من خلال مناقصة نيبموس Nimbus. ومع ذلك، يمكن للجيش أيضًا إقامة وتعميق العلاقات مع الشركات السحابية من خلال مناقصات وزارة الدفاع أو من خلال العقود التي تسبق مشروع نيمبوس. ولم تتمكن مجلتي 972+ ولوكال كول من تأكيد ما إذا كانت سحابة AWS التابعة لشركة أمازون الأميركية، المستخدمة لتخزين المعلومات الاستخباراتية، قد تم شراؤها كجزء من مشروع نيمبوس سابق الذكر.
وأوضح زاك كامبل، خبير الحقوق الرقمية في هيومن رايتس ووتش، أنّ "أيًّا من الشركتين لم تكشف علنًا عن العناية الواجبة بحقوق الإنسان، إن وُجدت.
أما كوشنير، الذي كان يساعد الوحدات العسكرية الإسرائيلية على الانتقال إلى العمل في السحابة، لا يخشى نجاح الاحتجاجات ضد شراكات الشركات السحابية مع إسرائيل. وقال "عليك أن تتذكر أنّ الشركات نفسها تدير سحابة حكومية وعسكرية مماثلة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلف شمال الأطلسي، هذه ليست شركات ناشئة، بل هي مراكز قوة عالمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات".
من جانبه، صرح نديم الناشف، المدير التنفيذي ل“حملة" المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي، الذي يركز على الحقوق الرقمية الفلسطينية، إنّ مطلبه الأساسي من الشركات السحابية هو "التأكد من عدم استخدام منتجاتها لإيذاء الناس، وهو ما لا يحدث حاليًا على أرض الواقع". ووفقًا له، وعلى الرغم من الخطاب حول الاهتمام بحقوق الإنسان، فإن منتجات عمالقة السحابة تباع "لحكومات وأنظمة تضطهد الناس"، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي.
وعن غياب الرقابة على مشاريع الشركات السحابية والشراكة، أضاف الناشف أنّ "في السياق المحلي، وخاصة في حالة الاحتلال، فإن مسألة ما إذا كانت هذه الخدمات تباع للاستخدام العسكري، أو لجيش الاحتلال، وسواء بيعت للاستخدام المدني، يصبح هذا القلق أكثر أهمية بكثير من أي وضع آخر". ووفقًا له، فإنّ التقارب الموجود في إسرائيل بين القطاع الخاص والجيش يسهل التعاون دون خطوط حمراء، مما يؤدي إلى المزيد من السيطرة على الفلسطينيين وخاصة في خضم الحرب.
ومن جانبهما، رفضت شركتا غوغل ومايكروسوفت الرد على طلبات متعددة للتعليق من مكاتبهما في إسرائيل والولايات المتحدة على هذه التحقيقات. وصرحت Amazon Web Services بقولها إنّ "شركة AWS تركز على جعل فوائد التكنولوجيا السحابية الرائدة عالميًا متاحة لجميع عملائنا أينما كانوا، نحن ملتزمون بضمان سلامة موظفينا، ودعم زملائنا المتضررين من هذه الأحداث الرهيبة، والعمل مع شركائنا في الإغاثة الإنسانية لمساعدة المتضررين من الحرب".
اقرأ/ي أيضًا
تقارير دولية تؤكد المعاملة اللاإنسانية للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي
الجيش الإسرائيلي يروّج لمعلومات مضللة حول ضحايا مجزرة مدرسة التابعين في غزة