` `

أبرز التوصيات لمواجهة المعلومات المضللة في دليل مؤسسة كارنيغي الجديد

محمود حسن محمود حسن
علوم
15 أغسطس 2024
أبرز التوصيات لمواجهة المعلومات المضللة في دليل مؤسسة كارنيغي الجديد
يوصي تقرير كارنيغي بنهج متعدد الأوجه لمكافحة التضليل

في يناير/كانون الثاني 2024، أصدرت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي دليلًا شاملًا لمكافحة التضليل بشكل فعّال. وذكرت المؤسسة أن تقريرها، الذي يوصف بأنه رفيع المستوى ومبني على الأدلة، يضم مقترحات رئيسية حول كيفية تعامل الحكومات ومنصات التحقق والجهات غير المنحازة مع المعلومات المضللة.

وقد صُمّم التقرير، الذي جاء في 130 صفحة، ليخاطب بشكل خاص صانعي السياسات والصحفيين والباحثين ومدققي المعلومات وكل من يهتم بفهم ديناميكيات المعلومات المضللة وكيفية التصدي لها بفعالية.

اعتمد التقرير على منهجية بحث قائمة على الأدلة، حيث جُمعت البيانات بعد مراجعة مئات المقالات الأكاديمية والتحليلات المتنوعة، إلى جانب ورش عمل استشارية مع خبراء في مجال الإعلام والسياسة. 

تم اختيار عشر دراسات حالة لعرضها في التقرير، بناءً على ارتباطها بمشكلة المعلومات المضللة وإمكانية اختبار تدخلات مكافحتها تجريبيًا، مع مراعاة تنوع الجهات المنفذة، سواء كانت حكومية أو خاصة أو من المجتمع المدني.

نهج متعدد الأوجه لمكافحة التضليل بدلًا من إطار ثابت 

يوصي تقرير كارنيغي بتبني نهج متعدد الأوجه لمعالجة التدفق الكثيف للمعلومات المضللة مؤخرًا، مشددًا على أنه لا يوجد حل سحري أو نهج يمكن اعتباره “الأفضل” لمكافحة هذه الظاهرة. فكل نوع من التدخلات لمكافحة المعلومات المضللة يحمل فوائده وتحدياته الخاصة، مما يتطلب من صانعي السياسات وضع توقعات معقولة وإدراك أن المعلومات المضللة هي ظاهرة معقدة ذات جذور عميقة.

ويرى التقرير أنه مع تقدم تكنولوجيا المعلومات، أصبح من الضروري تحديد مصطلح “المعلومات المضللة” بشكل دقيق. إذ  يستخدم المصطلح أحيانًا بشكل فضفاض لوصف أي وجهة نظر تُعتبر خاطئة أو ضارّة، أو معارضة لآراء بعض الجهات كالحكومات، مما قد يؤدي إلى تآكل الحدود القانونية التي تحمي الديمقراطية و حرية التعبير.

إضافةً إلى ذلك، يتطلب قياس نجاح التدخلات لمكافحة المعلومات المضللة فهمًا دقيقًا لتأثيراتها، وهو أمر معقد نظرًا لتداخل المعلومات المضللة مع ظواهر سياسية واجتماعية أخرى مثل التطرف والاستقطاب

تختلف فعالية هذه التدخلات بناءً على السياق الجغرافي وكثير من العوامل، وعلى سبيل المثال، تواجه الولايات المتحدة تحديات خاصة بسبب الاستقطاب العالي، والتوتر بينها وبين الصين وروسيا وغيرها من الدول، مما يجعل تقييم هذه التدخلات في هذا السياق أمرًا معقدًا ومتغيرًا.

محو الأمّية الإعلامية والمعلوماتية

يرى التقرير أن برامج محو الأمّية الإعلامية تعد عنصرًا أساسيًا في مكافحة المعلومات المضللة، حيث تهدف إلى تزويد الأفراد بالمهارات اللازمة لتحليل الأخبار والمعلومات بشكل نقدي، مما يساعدهم على التمييز بين الأخبار الصحيحة والمضللة. 

وتشير الأدلة الواردة في التقرير إلى أن البرامج التعليمية التي تركز على تمكين الأفراد من التحكم فيما يتلقونه إعلاميًا هي أكثر فعالية من تلك التي تقتصر فقط على التعريف بوسائل الإعلام وصناعاتها. بمعنى آخر، يُعتبر تمكين الأفراد من اتخاذ قرارات واعية بشأن المصادر التي يعتمدون عليها للحصول على الأخبار والمعلومات، أمرًا جوهريًا.

يوصي التقرير بدمج برامج محو الأمية الإعلامية بشكل أعمق في المناهج التعليمية، بهدف جعل الأشخاص مشاركين نشطين في عملية استهلاك المعلومات، بدلًا من أن يكونوا مجرد متلقين سلبيين. وذلك كون العديد من برامج التثقيف الإعلامي تركّز بشكل أكبر على تقديم معلومات حول كيفية عمل وسائل الإعلام، مثل كيفية إنتاج الأخبار أو فهم هيكلية وسائل الإعلام وصناعاتها، دون تعليمهم كيفية التعامل مع المحتوى بشكل نقدي.

وتكمن التحديات التي تواجه برامج محو الأمية الإعلامية بحسب التقرير، في الوصول إلى أعداد كبيرة من الناس، وخاصة الفئات الأكثر عرضة للمعلومات المضللة. إذ يتطلب ذلك وقتًا طويلًا وموارد كبيرة، بالإضافة إلى ضرورة تدريب المعلمين بشكل مناسب لضمان تحقيق الأهداف المرجوة من هذه البرامج.

زيادة في عدد مؤسسات التحقق وتدقيق المعلومات

يشير التقرير إلى وجود زيادة ملحوظة في عدد مؤسسات التدقيق ومنصات التحقق من المعلومات على مستوى العالم. فقد ارتفع عدد هذه المؤسسات بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.

كانت البيانات المتوفرة في التقرير تشير إلى وجود حوالي 150 مؤسسة تدقيق أو تحقق فقط في عام 2015. أما بحلول عام 2023، فقد تجاوز عدد هذه المؤسسات 400، مما يعكس اهتمامًا متزايدًا بمكافحة المعلومات المضللة والتدقيق في صحة الأخبار والمعلومات التي تُنشر.

صورة متعلقة توضيحية
هنالك زيادة في مؤسسات التحقق بالتزامن مع تزايد ضخ المعلومات المضللة

دعم الصحافة المحليّة وجهود المجتمع المدني

يشير التقرير إلى أن تراجع الصحافة المحلية أدى إلى زيادة في انتشار المعلومات المضللة، وذلك من خلال تقويض المشاركة المدنية، وانخفاض مستوى المعرفة والثقة بين المواطنين. وتظهر الأدلة أن هذا التراجع مرتبط بانخفاض بزيادة معدلات الفساد وسوء الإدارة. 

كما جاء في التقرير أن العديد من المحللين دعموا فكرة الاستثمار مجددًا في الصحافة المحلية، وخاصة وسائل الإعلام المطبوعة والرقمية كوسيلة لمواجهة التضليل. والأمل هو أن تتمكن الصحافة المحلية عالية الجودة من تفنيد الادعاءات الكاذبة، واستعادة مشاعر الثقة عند الناس، وهو ما يساعد في عرقلة نمو نظريات المؤامرة، والتضليل.

يقترح التقرير عدة آليات لدعم الصحافة المحلية، بما في ذلك الدعم الحكومي المباشر، وتقديم الإعفاءات الضريبية، وتطوير نماذج أعمال جديدة تضمن تدفقًا مستدامًا للإيرادات. ومع ذلك، يواجه هذا الدعم تحديات كبيرة، أبرزها التكلفة العالية لاستعادة مستوى الصحافة المحلية إلى ما كان عليه، مما يتطلب استثمارات ضخمة وطويلة الأمد.

نهج أقل تجريدًا في مواجهة التضليل

تركز دراسة عرضها التقرير على أهمية تطوير حملات إعلامية تهدف إلى مواجهة الادعاءات الكاذبة من خلال استخدام قصص حقيقية وعاطفية تستهدف التأثير الإيجابي على المستوى النفسي والسردي. 

تشير الأدلة التي جاء بها التقرير إلى أن الحملات التي تعتمد على سرد القصص العاطفية، وتعزيز بعض القيّم الاجتماعية تكون أكثر فعالية من تلك التي تقتصر على تقديم الحقائق المجردة.

ويوّصي التقرير لنجاح المهمة، بتصميم هذه الحملات بعناية بحيث تستهدف الجمهور المناسب وتستخدم وسائل تواصل فعالة ومتحدثين قادرين على بناء الثقة. ومع ذلك، يبقى تقييم نجاح هذه الحملات أمرًا معقدًا نظرًا لتداخل العديد من العوامل النفسية والاجتماعية، بالإضافة إلى التكلفة العالية اللازمة لتنفيذ مثل هذه الحملات بفعالية.

آمال لتوظيف الذكاء الاصطناعي في مكافحة التضليل

يقول التقرير بأنه من المهم النظر للذكاء الاصطناعي كسلاح ذو حدين، إذ يمكن استخدامه لمكافحة المعلومات المضللة بقدر ما يمكن استخدامه لتعزيزها. ومؤخرًا أصبح ينظر لبرمجيات الذكاء الاصطناعي وتقنيات تعلم الآلة مثل شات جي بي تي كأدوات متعددة الاستخدامات لاكتشاف المعلومات وتصنيفها، وتسهيل التحقق من صحتها.

هنالك أبحاث مستمرة، تبّشر باستخدامات إيجابية للذكاء الاصطناعي، وإذا ما تحققت هذه الوعود مستقبلًا، فقد يتمكن ممارسو مكافحة المعلومات المضللة من استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين إنتاجيتهم بشكل كبير، بحسب التقرير.

على سبيل المثال، قد تساعد الأدوات المستقبلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إذا استخدمت بشكل مسؤول وتحت إشراف البشر، في تسريع عملية التحقق من الحقائق والعثور على المعلومات الحقيقية ذات الصلة بكفاءة أكبر.

اقرأ/ي أيضًا

منتدى دافوس: المعلومات المضللة المولدة بالذكاء الاصطناعي من أبرز المخاطر العالمية

دراسة: التفكير المسبق يمنح مستخدمين تبريرًا أخلاقيًّا لنشر المحتوى الزائف والمضلل

الأكثر قراءة