أوقف الاتحاد الفرنسي لألعاب القوى اللاعب محمد عبد الله كونتا، الذي شارك في سباق 400 متر تتابع في أولمبياد باريس، بتهمة التحريض على الكراهية، بعد تسليط الضوء على منشورات له على مواقع التواصل الاجتماعي، اتُهم فيها بدعم حماس.
تعود القصة إلى 13 أغسطس/آب الجاري، حيث شارك حساب على إكس، باسم "Sword Of Salomon" أو "سيف سليمان"، منشورات على موقع إكس (تويتر سابقا) قال فيها إنّ اللاعب كونتا، "يشيد فيها بإرهابيي حماس، وحرض على كراهية إسرائيل، وقلل من شأن المحرقة واستشهد بسورة من القرآن تعتبر اليهود والمسيحيين أعداء".
وفي 24 ساعة حقق منشوره أكثر من مليون مشاهدة، وتم اتخاذ إجراءات من قبل سلط الإشراف في حق اللاعب الفرنسي.
وشكرت وزيرة الرياضة في منشور لها على موقع إكس المستخدم على "يقظته في مواجهة التعليقات الصادمة وغير المقبولة من قبل كونتا". وأضافت أنّها اتصلت برئيس الاتحاد الفرنسي لألعاب القوى الذي "أكد إيقاف الرياضي، واتصل بالنائب العام وكذلك اللجنة التأديبية بالاتحاد".
في الأثناء، قدم اللاعب اعتذاره عبر منشور له على موقع إكس وقال" أعتذر بصدق إذا شعر أي شخص بالإهانة. أنا ضد الإبادة الجماعية وأي شكل من أشكال العنصرية أو الظلم، وأعتقد أنني لست بحاجة إلى إثبات مدى حبي لبلدي". وأضاف "سيتمكن الأشخاص الحاضرون في استاد دا فرانس من الإدلاء بشهادتهم على ذلك".
وكان اللاعب قد ألغى تنشيط حسابه على إكس، قبل إعادته يوم الأربعاء للاعتذار.
لم يكن اللاعب الفرنسي الوحيد الذي ظهر جدل حول منشوراته بخصوص الحرب على غزة عقب عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن التركيز الإعلامي والرسمي حوله كان مختلفًا من قبل الإعلام الفرنسي مقارنة بلاعب الجودو الإسرائيلي بيتر بالشيك، الذي شارك قبل أولمبياد باريس منشورات حول الحرب على غزة، وقام بحذفها لاحقًا، دون أن تغطي وسائل الإعلام الأمر، واكتفت بالإشارة إليه لاحقًا عقب تصريح رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية جبريل الرجوب لصحيفة ذا غارديان البريطانية.
الإعلام الفرنسي وازدواجية المعايير في تغطية منشورات لاعبين عن الحرب في غزة
غطت وسائل إعلام فرنسية قضية كونتا وأشارت إلى منشوراته بأنّها صادمة وتحرض على الكراهية ضد إسرائيل وفرنسا والبيض.
نشر موقع "لو جورنال دو ديمونش" مقالًا بعنوان "الرياضي الأولمبي محمد عبد الله كونتا في حالة اضطراب بعد ظهور تغريدات مؤيدة لحماس ومعادية للبيض".
وعنون موقع “ouest-france” مقاله حول الإجراءات المتخذة في حق كونتا "إيقاف العداء الفرنسي محمد عبد الله كونتا بعد تصريحاته "الصادمة" ضد إسرائيل".
وقالت صحيفة ليكيب الرياضية "الاتحاد الفرنسي لألعاب القوى يوقف محمد عبد الله كونتا بسبب خطاب الكراهية ضد إسرائيل".
وقالت قناة سي نيوز المقربة من اليمين المتطرف في عنوان مقالها "تصريحات مؤيدة لحماس ومعادية للبيض للفرنسي محمد عبد الله كونتا الحاضر في أولمبياد 2024: “فاضحة وغير مقبولة” يرد الرئيس الأسبق لاتحاد ألعاب القوى".
وقال موقع RMC الرياضي "الألعاب الأولمبية 2024: أوديا كاستيرا تعلن إيقاف كونتا بعد تعليقات "صادمة بقدر ما هي غير مقبولة".
وعنونت لوموند تقريرها بـ"إيقاف العداء الفرنسي محمد عبدالله كونتا الذي شارك في أولمبياد 2024 من قبل اتحاد ألعاب القوى بسبب رسائل كراهية".
في المقابل، ورغم انتشار تصريحات ومنشورات منسوبة للاعب الجودو الإسرائيلي بيتر بالشيك، خلال الأولمبياد وبعده يدعم فيها الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، لم تغط وسائل الإعلام الفرنسية ذلك.
بيتر الذي فاز الميدالية البرونزية ضد اللاعب السويسري دانييل إيتش وحقق الميدالية الأولى للوفد الإسرائيلي في أولمبياد باريس 2024، واختير لرفع العلم الإسرائيلي خلال حفل الافتتاح الذي نظم على نهر السين، مع لاعبة أخرى، شارك صورة في حسابه على موقع إكس، خلال الحرب على غزة، تظهر فيها قذائف موقعة بالقلم مع تعليق له "مني إليك بكل سرور"، وأضاف هاشتاغ "حماس هي داعش"، و"إسرائيل في حرب".
وجه موقع لو ماتان السويسري، سؤالًا للاعب حول الصورة عقب فوزه بالميدالية، لكنه فضل عدم "الإجابة بالتفصيل حول هذه النقطة". وأوضح وفق المصدر ذاته "أريد أن أحترم الأشخاص الموجودين على هذه المنصة الأولمبية. قلبي مع الرهائن وأقارب المتضررين ومع جميع الضحايا. السلام للجميع".
وبعد تواصل الموقع مع اللجنة الأولمبية الإسرائيلية، ردت الأخيرة بأنّ بالشيك هو أحد أهداف "حملة تشهير" تهدف إلى "تشويه سمعته وإيذائه باستخدام الأكاذيب والخداع".
وأضافت اللجنة في بيان ردها "من المهم التأكيد على أن السيد بالشيك لم يكن في ساحة المعركة ولم يكن له أي علاقة بالصور التي تمت مشاركتها عبر الإنترنت والتي تظهر قذيفة مدفعية موقعة". وأشارت أنّه قام "ببساطة بإعادة مشاركة صورة تم تداولها عبر الإنترنت، من أجل دعم الضحايا وعائلاتهم".
لكن موقع "لوماتان" أشار إلى أنّ اللاعب أجرى في القرية الأولمبية في باريس، مقابلة مع المنظمة غير الحكومية المؤيدة لإسرائيل "StandWithUs" قبل ساعات قليلة من دخوله المنافسة، وقال "جميع جنود الجيش الإسرائيلي يدافعون بفخر وشجاعة عن بلدنا، ويبذلون قصارى جهدهم لحمايته. إنهم يعطونني الكثير من الدعم والإلهام"، كما ردد تحية عسكرية.
ونشر مستخدمون صورة للاعب باللباس العسكري، قالت اللجنة الأولمبية الإسرائيلية إنّها قديمة، ولم يعثر مسبار على معطيات دقيقة حول تاريخ نشرها الأصلي، وفترة التحاقه بالجيش الإسرائيلي.
لكن وجد حوارًا أجراه اللاعب مع موقع RMC الرياضي الفرنسي، عقب عملية طوفان الأقصى، وفي إجابة على سؤال إذا ما كان سيلتحق بالجيش الإسرائيلي لدعمه، حينها، قال "لقد تجاوزت هذا المستوى بالفعل. أفعل كل ما بوسعي لمساعدة رجال الأعمال والشركات. أجعلهم على اتصال بالأشخاص الذين يحتاجون إلى المعدات والطعام، وأجعلهم على اتصال بالجنود".
في المقابل تبين أنّ "أومير" ابن مدربه أورين سمادجا، قُتل في يونيو/حزيران الفائت في قطاع غزة، وكان يحمل صفة رقيب أول (احتياط).
الإعلام الإسرائيلي ينتقد إمكانية التحقيق مع اللاعب ومعاقبته
نقل موقع إسرائيل هيوم عن موقع "لوماتان" السويسري، أن الاتحاد العالمي للجودو يحقق في السلوك السياسي غير اللائق للاعب الجودو الإسرائيلي الحائز على الميدالية البرونزية في أولمبياد باريس، بيتر بالشيك، ووصف الموقع الإسرائيلي الأمر بالعار، والوقاحة.
وقال موقع واي نت، نقلًا عن وسائل إعلام سويسرية إنّ "اللجنة الأولمبية الدولية تقوم بفحص مشاركات بالشيك ومن المحتمل أن يتم فتح تحقيق ضده".
وذكرت أنّ السبب هو منشوراته أثناء الحرب منها صورة لقذائف الجيش الإسرائيلي وإشادته بجنوده الذين يقاتلون في غزة.
وأشارت إلى تعليق رئيس اللجنة الأولمبية الإسرائيلي يائيل أراد، الذي قال إنّ منشوره "ليس ضد أي دولة، وليس ضد الناس، إنه ضد منظمة حماس الإرهابية". ونفى أن يكون قد كتب بنفسه على إحدى القذائف.
وبينت اللجنة الأولمبية الإسرائيلية أنّ الصحيفة السويسرية اختارت إعادة تدوير الادعاءات القديمة في هذا الوقت"، وأضافت أنّ "خطاب جبريل الرجوب يعرض رياضيي الوفد للخطر ولن ننجر إلى هذا الخطاب".
وكان الرجوب رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية، أبرز من أشار إلى اللاعب الإسرائيلي في حوار له مع صحيفة ذا غارديان، حيث قال "إن الرياضيين الفلسطينيين وأنا سوف نتبع مبادئ اللجنة الأولمبية الدولية. وإذا شعرنا بوجود أي انتهاك، فسوف يتعين علينا أن نقاومه. الكرة في ملعب الطرف الآخر". وأضاف "اذهب واسأل رئيس اللجنة الأولمبية الإسرائيلية كيف يمكنهم تشجيع جنودهم، وكيف يمكن لبطل الجودو أن يفعل ذلك. لا تسأل الضحية، بل اسأل المجرم".
وقال الرجوب، للصحيفة البريطانية "إنه لن يصافح نظيره الإسرائيلي أو أي من أعضاء وفدهما في باريس 2024 ما لم يعترفوا بحق دولته في الاستقلال".
نقلت وسائل إعلام فرنسية تصريح الرجوب حول اللاعب الإسرائيلي ضمن تغطيتها، للمشاركة الإسرائيلية ولفلسطينية في الأولمبياد، ولم تخصص له تغطية خاصة، أو تتحقق من الأمر من جهتها. كما لم تنقل أي أنباء عن إمكانية التحقيق مع اللاعب الإسرائيلي، بسبب دعمه للحرب على غزة أو نشره صورًا عنيفة، إلى حد كتابة هذا التقرير.
سيف سليمان: حساب داعم لإسرائيل يرصد مشاهير داعمين لفلسطين
لا توجد معلومات دقيقة حول هوية صاحب حساب “سيف سليمان”، الذي التحق بموقع تويتر عام 2012، ويتابعه 14.3 مشترك، ولديه صورة واحدة على الموقع، غير واضحة. وحسابه موثق بالعلامة الزرقاء.
يدعم الحساب إسرائيل، ويرصد المنشورات التي يساند أصحابها، من المشاهير خاصة، فلسطين، أو يدين الحرب على غزة.
وشارك الحساب منشورًا للاعبة كرة السلة الفرنسية السابقة إيميلي غوميز، عقب عملية طوفان الأقصى، يظهر خريطة فرنسا مغطاة بالأعلام الإسرائيلية في تواريخ مختلفة (من 1947 حتى عام 2023)،ومرفقة بتعليق "ماذا ستفعل في هذا الموقف؟".
اتهمت اللاعبة بمعاداة السامية، ورغم اعتذارها، وقتها، طلب المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا ولجنة الأخلاقيات، استبعادها من مجلس إدارة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، عملًا بميثاق باريس 2024 للأخلاقيات الذي ينص على أنه يجب على أعضائه وموظفيه، "احترام واجب التحفظ في تعبيرهم العلني".
واضطرت اللاعبة السابقة إلى الاستقالة من منصبها كسفيرة أولمبية وكذلك ترك منصبها في مجلس إدارة الألعاب.
وفي يونيو الفائت، سحب حزب فرنسا الأبية ترشح الناشط السياسي رضا بالقاضي، للانتخابات التشريعية التي أقيمت، حديثًا، بسبب منشورات رصدها حساب سيف سليمان وشاركها مع متابعيه.
وقالت اللجنة الانتخابية للحزب إنّه "انتهك ميثاق الالتزام الذي وقعه مترشحوها"، وأنّها "سحبت ترشيحه في الدائرة الانتخابية الأولى لوار-إي-شير".
منها سيوف سليمان: مجموعات إسرائيلية مجهولة تهاجم المؤيدين لفلسطين
وفي فبراير الفائت، نشرت صحيفة لوموند الفرنسية، مقالًا لها بعنوان "حرب العصابات الافتراضية للنشطاء المؤيدين لإسرائيل ضد المتعاطفين المؤيدين للفلسطينيين في فرنسا". تحدثت فيه عن هجوم شامل من مجموعات تصيد مؤيدة لإسرائيل على شخصيات داعمة لفلسطين، على غرار تلك التي استهدفت منذ سنوات حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات.
وأكد مكتب المدعي العام في باريس للصحيفة، حينها، أنه تلقى خمس شكاوٍ على الأقل تتعلق بجماعة "اللواء اليهودي" وحدها. وأشارت الصحيفة أنّه تم فتح تحقيق أولي تحت إشراف المركز الوطني لمكافحة الكراهية عبر الإنترنت. بالإضافة إلى هذه المجموعة، قام العديد من النشطاء الآخرين، الذين تجمع بعضهم تحت راية "سيوف سليمان"، باعتماد "التشهير" كوسيلة للترهيب، ورجحت أنّها تعتمد توجها آليًّا، أو على الأقل منظمًا للغاية. وبينت أنّ القاسم المشترك بينهم جميعًا هو أنهم مجهولو الهوية.
اقرأ/ي أيضًا
ما حقيقة الفيديو الذي يروّج له الإعلام الإسرائيلي على أنه تهديد من حماس لفرنسا قبيل أولمبياد باريس؟
ناشطة فرنسية تعتذر عن ادعائها العثور على 67 حيوانًا منويًا لدى رهينة أفرجت عنها حماس