أثناء خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الكونغرس الأميركي في 24 يوليو/تموز الفائت، رفعت النائبة رشيدة طليب، التي كانت ترتدي الكوفية الفلسطينية، لافتة كُتب عليها من الأمام "مجرم حرب" ومن الخلف "مذنب بارتكاب جرائم إبادة جماعية"، تعبيرًا عن اعتراضها على الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، والجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في القطاع.
انتشرت الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحظي موقف طليب بتفاعل واسع وإيجابي على المنصات العربية، وفي المقابل، كان التفاعل السلبي أكبر في وسائل الإعلام الأميركية، التي ساهمت في نشر خطاب الكراهية والتحريض ضد النائبة من أصول فلسطينية رشيدة طليب، والنائبة من أصول صومالية إلهان عمر.
فوكس نيوز تتجاهل خطاب الكراهية ضد رشيدة طليب في منشورها
شاركت قناة فوكس نيوز الأميركية عبر منشور لها على موقع فيسبوك تقريرًا حول الانتقادات التي وُجهت إلى النائبة رشيدة طليب، بسبب رفعها لافتة تصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"مجرم حرب" خلال خطابه أمام الكونغرس، وانتقادها المستمر لإسرائيل. كما أبرزت القناة في المنشور وصف السيناتور ثوم تيليس لرشيدة طليب بأنها "عار مطلق".
ورصد مسبار حجم التعليقات التي تضمنت خطاب كراهية في التفاعل على منشور القناة ضد النائبة رشيدة طليب، والتي لم تُحذف أو تُخفى، بل تركتها القناة كما هي.
فيما يلي عينة من التعليقات التي تضمنت تحريضًا وخطاب كراهية ضد النائبة رشيدة طليب، والتي تركتها قناة فوكس نيوز دون حجب أو حذف.
تحريض متواصل ضد رشيدة طليب من داخل الكونغرس
اتخذت المواقف المعادية لرشيدة طليب صبغة إعلامية مؤثرة، إذ باتت توجه الرأي العام على منصات التواصل الاجتماعي، وبدا ذلك واضحًا في منشور على حساب ثوم تيليس، وهو عضو في الحزب الجمهوري عن ولاية كارولينا الشمالية، و حصدالمنشور أكثر من مليون مشاهدة على منصة إكس، وكان جزءًا من حملة التشويه ضد طليب، وفي منشوره، الذي شارك فيها مقطع فيديو من حساب شبكة تلفزيونية تدعى (CSPAN)، تظهر النائبة طليب وهي ترفع لافتة كتب عليها "مجرم حرب" خلال خطاب نتنياهو، علق عليه تيليس بالقول ”رشيدة طليب تظل عارًا مطلقًا".
كما نشر حساب النائب عن الحزب الجمهوري في نيويورك، أنتوني دي إسبوزيتو، تعليقًا على صورة طليب قائلًا إن سلوكها "أداة بيد نظام إرهابي".
وهاجم مشرعون جمهوريون آخرون طليب بسبب رفعها اللافتة، من بينهم النائبة الجمهورية عن ولاية ساوث كارولينا، نانسي ميس، التي علقت على صورة طليب ووصفتها بأنها أداة مفيدة لإيران، وحصد منشورها أكثر من خمسة ملايين مشاهدة.
كما شارك حساب باسم آلن ماشبورن على منصة إكس، وهو مساهم في موقع (TheBlaze) الإخباري، صورة للنائبة رشيدة طليب واتهمها بانتهاك القانون قائلًا "تم التعرف على رشيدة طليب كمجرمة حرب خلال خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي. وبينما كنا نعلم أنها مخالفة للقانون، لم يكن لدينا أي فكرة أنها كانت في حرب وانتهكت القانون".
وهاجم رئيس منظمة (Judicial Watch) ومدقق الحقائق، توم فيتون، النائبة عبر حسابه على منصة إكس، وعلق على صورتها بالقول "داعمة للإرهاب تجلس في الكونغرس."
تحريض ضد النائبة في الكونغرس إلهان عمر
تابع مسبار تداعيات موقف النائبة رشيدة طليب على منصات التواصل الاجتماعي، وبحث عن وجود أي تحريض ضد نواب آخرين بسبب انتمائهم ومواقفهم السياسية، ووجد مسبار العديد من المنشورات التي استهدفت النائبة في الكونغرس، إلهان عمر.
إذ نشر حساب يحمل اسم "@Chicago1Ray" على منصة إكس، صورة تجمع النائبتين طليب وعمر، في 28 مايو/أيار الفائت، وطلب من بقية المستخدمين "رفع اليد للموافقة على طرد رشيدة طليب وإلهان عمر من الكونغرس"، زاعمًا أنهما قد "استغلتا مناصبهما في الحكومة للترويج لأفكار حماس ومعاداة السامية".
وحصد منشور لمستخدم يدعى "EndWokeness" على منصة إكس أكثر من نصف مليون مشاهدة، ويعيد فيه نشر مقطع فيديو سابق يتحدث عن "مناقشة الخسائر الأميركية في العراق عام 2020"، ويشير إلى أن النائبتين طليب وعمر تظهران في الفيديو وهما تضحكان، وطرح الحساب سؤالًا "لماذا تضحكان هكذا؟".
وجاء الرد على السؤال بتلميحات اتهامية عبر منشور لحساب يدعى "Paul A. Szypula"، والذي حصد أكثر من تسعة آلاف مشاهدة، قال فيه "أعتقد أن الأمر واضح للغاية، فإلهان عمر ورشيدة طليب سعيدتان بمقتل أميركيين"، وأضاف "تجدان في هذا الغضب مزحة. حقيقة أن هاتين الوحشين لا تزالان في الكونغرس، إنه أمر مثير للسخرية. ولا ينبغي لهما حتى أن تكونا في البلاد. إنهما متعاطفتان مع الإرهابيين".
دعوة مسيّسة ضد إلهان عمر بسبب موقفها من إسرائيل
في إطار الهجمات المستمرة على النائبة إلهان عمر خلال الانتخابات في الولايات المتحدة، رصد مسبار مقطع فيديو نشره حساب يحمل اسم "SaltyGoat17" على منصة إكس، للنائبة إلهان عمر، المرشحة حاليًا في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عن ولاية مينيسوتا، وكتب صاحب المنشور "اليوم هو اليوم الذي نستطيع فيه طرد إلهان عمر من الكونغرس نهائيًا! شارك هذا حتى يعرف الجميع مدى كونها قطعة قمامة معادية لأميركا حقًا".
واللافت في مقطع الفيديو الذي شاركه الحساب، هو وجود عبارات مسيئة بحق إلهان عمر، ممزوجة ببعض المشاهد المأخوذة من سياقات منفصلة لمقابلات وتصريحات لها، كما تضمن الفيديو التحريضي جملة من الاتهامات، مكتوبة بشكل مباشر ضمن الفيديو، منها "معادية لأميركا"، "معادية للسامية"، "مزدوجة المعايير"، واعتبر الفيديو أنّ إلهان عمر "عدوة الشعب".
"معاداة السامية" والعداء للولايات المتحدة
يركز معظم الإعلام الأميركي على دعم سرديات إسرائيل في مكافحة "معاداة السامية"، خاصةً فيما يتعلق بالمواقف التي تتناول القضية الفلسطينية، وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. وتُبرز بعض الوسائل الإعلامية الأميركية في عدة مواضع أن من يقفون خلف "معاداة السامية" هم عادةً من يدعمون الفلسطينيين أو "يرتدون العلم الفلسطيني"، وتُشير إلى أن "حوادث معاداة السامية قد ارتفعت بشكل ملحوظ بعد الهجمات التي تعرضت لها إسرائيل من قبل حماس"، حسب ما جاء على لسان الصحفي إسحاق شوتينر في موقع ذا نيويوركر.
وتعدّ النائبة إلهان عمر من أبرز من يعلنون عن مواقفهم السياسية ضد إسرائيل وأفعالها في الشرق الأوسط، وقد استهدفتها إعلاميًا وسياسيًا منظمة إيباك الإسرائيلية في الولايات المتحدة سابقًا عام 2021، كما تعرضت لانتقادات كبيرة من النواب الديمقراطيين في عدة مناسبات.
وأظهرت تقارير إعلامية أن إلهان عمر كانت قد شبهت الصراع بين حركة طالبان والولايات المتحدة في "الصراع بين حركة حماس وإسرائيل". وقد أثارت هذه المقارنة غضب عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن ولاية نيويورك، جيري نادلر، الذي هاجم عمر قائلًا "إن مساواة الولايات المتحدة وإسرائيل بحماس وطالبان أمر مسيء ومضلل".
تحريض سابق على النائبة إلهان عمر
لا يقتصر التحريض ضد النائبة إلهان عمر، على الأحداث الجارية خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. ففي أواخر عام 2021، وصفت النائبة في الكونغرس، لورين بوبيرت، وهي من الحزب الجمهوري عن ولاية كولورادو، النائبة إلهان عمر بأنها "عضو في فريق جهادي". كما حرضت بوبيرت على العنف ضد المسلمين من خلال الترويج لخطاب الإسلاموفوبيا الذي يستهدف النائبة عمر من عدة جبهات، منها انتقادات الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2019 لمواقفها السياسية وانتمائها الديني.
اقرأ/ي أيضًا
كيف تستخدم مجموعات اليمين المتطرف الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى يحض على الكراهية؟
إسرائيل ليست دولة عنصرية: هل الوقائع تؤيد إعلان الكونغرس الأميركي؟