تواصل إسرائيل التروّيج لمزاعم تعرض الأسيرات الإسرائيليات للتعذيب والاعتداء الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب، خلال فترة احتجازهن لدى حركة حماس في قطاع غزة.
وعلى الرغم من عدم توفر أدلة تدعم هذه الادعاءات، يستمر الإعلام الإسرائيلي والمسؤولون في نشر هذه الروايات لتعزيز السردية الإسرائيلية حول ظروف أسر المستوطنين والجنود. إلّا أنّ شهادات لأسيرات أُفرج عنهن تناقضت مع هذه الروايات، حيث نفين تعرضهن لأي نوع من العنف أو الاعتداء.
نوا أرغماني تكذب مزاعم الإعلام الإسرائيلي حول تعرضها للضرب أثناء الأسر
أحدث هذه الشهادات جاءت من نوا أرغماني، التي نشرت عبر حسابها على تطبيق إنستغرام اليوم الجمعة، 23 أغسطس/آب، تكذيبًا للرواية التي نشرتها وسائل الإعلام العبرية بشأن تعرضها للضرب خلال فترة احتجازها. وأكدت أرغماني أنها لم تتعرض للضرب ولم يُقص شعرها، مضيفة “لا أستطيع أن أتجاهل ما حدث هنا في وسائل الإعلام خلال الـ 24 ساعة الفائتة، لقد تم إخراج الأمور عن سياقها”.
وفي تصريحاتها، أوضحت أرغماني "لم أتعرض للضرب ولم يتم قص شعري. كنت في مبنى قصفته القوات الجوية الإسرائيلية"، وأكدت أن حديثها الدقيق هو "في نهاية هذا الأسبوع بعد إطلاق النار، كما قلت، أصبت بجروح في أنحاء رأسي وجرحت في باقي جسدي".
وأضافت "أؤكد أنني لم أتعرض للضرب، بل أصبت في جميع أنحاء جسدي جراء انهيار المبنى علي". وتابعت "بوصفي ضحية لأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لن أسمح بأن أكون ضحية لوسائل الإعلام مرة أخرى".
وجاءت تصريحات أرغماني التي تم قالت إنه تم تحريفها عبر الإعلام الإسرائيلي، عقب شهادة أدلت بها أمام دبلوماسيين يابانيين في طوكيو، يوم أمس، الخميس 22 أغسطس.
تجاهل إعلامي غربي لتصريحات أرغماني التي تناقض الرواية الإسرائيلية
على الرغم من أن تصريحات الأسيرة الإسرائيلية المُفرج عنها، نوا أرغماني، التي نفت فيها تعرضها للضرب أو قص شعرها على يد عناصر كتائب القسام، قد حظيت بتداول واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن مسبار لاحظ تجاهل وسائل الإعلام الغربية لها، والتي عادةً ما تولي اهتمامًا كبيرًا لقضايا الأسرى الإسرائيليين، وتخصص لهم مساحات واسعة في تقاريرها ومقالاتها الإخبارية.
وكان الإعلام الغربي، قد نشر الروايات الإسرائيلية التي تزعم تعرض الأسرى للتعذيب والاعتداء، دون إيلاء الاعتبار الكافي للشهادات التي تناقض هذه الادعاءات، بما في ذلك توضيحات نوا أرغماني.
شهادة الأسيرة الإسرائيلية يوخياد ليفشيتس بعد الإفراج عنها
في أواخر أكتوبر 2023، تحدثت الأسيرة يوخياد ليفشيتس، من مستشفى في تل أبيب عن المعاملة التي تلقتها خلال فترة أسرها، لدى كتائب القسام.
وأشارت ليفشيتس إلى أن عناصر القسام كانوا يهتمون بنظافة المكان، قائلة "كانوا يهتمون بنظافة المكان حولنا، وهم من كانوا يقومون بتنظيف الحمامات، وليس نحن". وأضافت أن أفراد القسام أكدوا لها أنهم يتبعون تعاليم القرآن ولن يؤذوها. ووصفت المعاملة بأنها كانت لطيفة، إذ قالت "أكلنا من نفس الطعام الذي كانوا يأكلونه، وعاملونا بطريقة لطيفة واستجابوا لجميع احتياجاتنا. كانوا ودودين جدًا معنا". وأكدت أيضًا أنهم كانوا يقدمون لهم الأدوية، مشيرة إلى أن طبيبًا كان يزورهم كل يومين أو ثلاثة أيام.
وأفادت وسائل إعلام بأن تصريحات ليفشيتس أحدثت غضبًا في الأوساط العسكرية، وأثارت صدمة في وسائل الإعلام في تل أبيب، إذ اعتبر بعضهم أن هذه الشهادات تمثل مكسبًا إعلاميًا لصالح فصائل المقاومة الفلسطينية، نظرًا لأنها تخالف الرواية التي تحاول إسرائيل الترويج لها.
شهادة الأسيرة الإسرائيلية ألموغ غولدشتاين
في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية، بعد إطلاق سراحها ضمن صفقة تبادل شملت 105 أسرى من غزة مقابل 240 فلسطينيًا من سجون الاحتلال، كشفت الأسيرة الإسرائيلية ألموغ غولدشتاين عن تفاصيل تتعلق بتجربتها في الأسر لدى حماس.
وأوضحت غولدشتاين أن عناصر القسام كانوا يدركون أهمية الأسرى الإسرائيليين، ووصفت كيف وضع الحراس حياتهم على المحك لحمايتها من قصف إسرائيلي. قالت "كنا في محل سوبر ماركت، ثم بسرعة حصل قصف إسرائيلي على الشارع قرب المحل، وكان القصف مثل الحفارة التي تقترب منك". وأضافت أن الحراس وقفوا لحمايتها بأجسادهم.
وعن معاملة عناصر القسام لابنتها، ذكرت غولدشتاين أنهم أعطوها إسمًا عربيًا جميلًا جدًا، وسموها "سلسبيل"، والذي يعني الماء العذب.
وفيما يتعلق بتعامل عناصر القسام معها شخصيًا، أشارت غولدشتاين إلى أن أحد الحراس أحضر منشفة ووضعها على يده قبل أن يصافحها، احترامًا لتعاليم دينه التي تمنعه من لمس النساء مباشرة.
الأسيرة الإسرائيلية دانيال آلوني
ووجهت الأسيرة دانيال آلوني، التي أُفرج عنها مع ابنتها إيمليا ضمن صفقة تبادل الأسرى، شكرها لعناصر القسام الذين رافقوها خلال فترة الأسر. وجاء شكرها في رسالة كتبتها دانيال عقب تحريرها، والتي نشرها الإعلام العسكري لكتائب القسام بعد ترجمتها، وفي الرسالة التي تحمل تاريخ 23 نوفمبر/تشرين الثاني، كتبت دانيال "أشكركم على إنسانيتكم الفائقة التي أظهرتموها تجاه ابنتي إيمليا"، مشيرة إلى أنهم كانوا بمثابة والدين لها.
مشاهد تحرير الأسرى الإسرائيليين
برزت مشاهد الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين التي أظهرت كيفية تعامل عناصر كتائب القسام وسرايا القدس بإنسانية مع الأسرى والأسيرات، حيث ظهروا بصحة جيدة ودون أي علامات اعتداء، في تناقض واضح مع ما يروّجه الإعلام الإسرائيلي.
من بين المشاهد التي أحدثت تفاعلًا واسعًا كان مقطع فيديو نشرته كتائب القسام، يظهر لحظة الإفراج عن الأسيرة الإسرائيلية ميا ليمبرج، وفي الفيديو، ظهرت ليمبرج وهي تتوجه إلى عربة الصليب الأحمر، ونزلت من السيارة تحتضن كلبها الذي رافقها طوال فترة الاحتجاز.
معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال
على الجانب الآخر، يعاني الأسرى الفلسطينيون، رجالًا ونساءً، من الانتهاكات الجسدية والنفسية المستمرة منذ لحظة اعتقالهم وحتى خلال فترة احتجازهم في سجون الاحتلال. هذه الممارسات وثقتها شهادات الأسرى وتقارير منظمات حقوق الإنسان، والتي تسلط الضوء على الظروف القاسية التي يعيشها المعتقلون، إذ يعاني الأسرى من تعذيب منهجي يشمل الضرب المبرح، العزل الانفرادي لفترات طويلة، والإهمال الطبي المتعمد.
وفي السياق، أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم الخميس 22 أغسطس، عن أكثر من 40 أسيرًا فلسطينيًا من عدة سجون، بينهم أسرى أنهوا محكومياتهم وآخرون كانوا محتجزين إداريًا.
وأظهرت الصور التي تم التقاطها للأسرى عقب الإفراج عنهم، بوضوح آثار التعذيب والتنكيل الذي تعرضوا له، خاصةً الأسرى الذين كانوا محتجزين في سجن النقب، المعروف وفق شهادات من احتجزوا داخله، بانتهاكات حقوق الإنسان فيه، ووفقًا لبيان أصدره نادي الأسير الفلسطيني، يعاني عدد من المفرج عنهم من أمراض جلدية ناتجة عن التعذيب، وتم نقل البعض منهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج.
وفي الوقت ذاته، يستمر الاحتلال في حملات الاعتقال اليومية ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. فمنذ السابع من أكتوبر الفائت، تم اعتقال أكثر من 10,200 فلسطيني من الضفة الغربية، إضافة إلى آلاف المعتقلين من غزة. وأفاد نادي الأسير بأن عدد الأسرى المحتجزين في السجون الإسرائيلية تجاوز 9,900 حتى بداية أغسطس الجاري، مع عدم احتساب المختطفين من غزة في معسكرات جيش الاحتلال.
وفي بيان منفصل، أوضح نادي الأسير أن قوات الاحتلال اعتقلت خلال 24 ساعة فقط أكثر من 25 فلسطينيًا من الضفة، بينهم نساء وأطفال وأسرى سابقين، كما صدرت أوامر اعتقال إداري بحق أكثر من 90 شخصًا خلال اليوم نفسه.
المختطفون الفلسطينيون في معتقل سدي تيمان
كشفت تقارير وتحقيقات وشهادات محامين أن مئات المختطفين الفلسطينيين من قطاع غزة، المحتجزين في معتقل "سدي تيمان" الإسرائيلي، يتعرضون للتعذيب والاعتداء بشكل ممنهج.
خلال مؤتمر صحافي تناول أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال، صرّح المحامي خالد محاجنة بأن "آلاف الأسرى ينتظرون زيارات المحامين، ولكن الاحتلال يواصل منعنا من التواصل معهم". وأكد محاجنة أن إسرائيل "تخفي الأعداد الحقيقية للشهداء والمعتقلين". كما سلط الضوء على معاناة الصحافي محمد عرب، الذي أفاد بأن الأسرى يتعرضون لاعتداءات جسدية ونفسية ورقابة صارمة، مشيرًا إلى وفاة أحد الأسرى تحت التعذيب.
اقرأ/ي أيضًا
التقارير الطبية لم تذكر أنّ الأسيرة مايا ريغيف تعرضت للاغتصاب أثناء احتجاز حماس لها
إسرائيل تنشر صورة مقاتلة كردية على أنها لجثة إسرائيلية تعرضت للاغتصاب في 7 أكتوبر