أقدمت قوات الشرطة وأفراد من جيش الاحتلال الإسرائيلي بأسر آلاف الفلسطينيين من مناطق مختلفة في فلسطين، منذ بداية الحرب على غزة بعد السابع من أكتوبر، ويتم اعتقال المئات من مختلف الأعمار حتى وقتنا هذا، إذ أعلنت مؤسسة الضمير لرعاية حقوق الأسير وحقوق الإنسان في الأول من أغسطس/آب الجاري، أنّ أرقام الأسرى وصلت حتى 10 آلاف أسير وأسيرة، منهم 86 أسيرة، 250 من الأطفال، 280 من غزة، 300 أسير من القدس، و200 من الداخل الفلسطيني.
وعلى الرغم من انتشار تقارير دولية وأممية تؤكد على معاملة إسرائيل اللاإنسانية للأسرى الفلسطينيين في سجونهم، فإنّ إسرائيل تنكر تلك التقارير وتدّعي أنها تمتثل لمعايير دولية من ناحية تسيير سجونها.
منذ بداية الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، ظهرت العديد من الادعاءات المضللة حول الأسرى الفلسطينيين وأحوالهم، التي فند مسبار أهمها وكتب تقارير مطولة تنافي الدعاية الإسرائيلية بشأنها. هذا المقال يستعرض أبرز ما فنده مسبار حول أزمة الأسرى الفلسطينيين.
فيديو قديم لأسير فلسطيني قضى 20 عامًا في السجون الإسرائيلية
تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مقطع فيديو ادعى ناشروه أنه لأم فلسطينية تلتقي بابنها المفرج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة بين حركة حماس وإسرائيل.
لكن بالبحث، وجد مسبار أنّ مقطع الفيديو المتداول قديم، ويعود لأم فلسطينية التقت بابنها الذي خرج من سجون الاحتلال عام 2018. ويصوّر المشهد الذي التقط في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أُمًّا فلسطينية تحتضن ابنها الذي خرج من سجون الاحتلال حينها بعد 20 عامًا من الأسر، وكان يبلغ من العمر 18 عامًا حين اعتقلته السلطات الإسرائيلية، وخرج بعمر 38 سنة.
الفيديو ليس لصفقة تبادل الأسرى الأخيرة بين حماس والاحتلال
تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم 26 نوفمبر من العام الفائت، مقطع فيديو ادّعى ناشروه أنّه يُظهر فتيانًا فلسطينيين أسرى لدى الاحتلال لحظة إتمام إجراءات تسليمهم ضمن صفقة التبادل الأخيرة مع حماس.
ولكن تحقق مسبار، بيّن أن مقطع الفيديو قديم، وليس لمجموعة من الشبان الذين خرجوا من الأسر بعد صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل في نوفمبر الفائت، بل كانت حسابات على منصة تيك توك، قد نشرت المقطع في السابع من سبتمبر/أيلول الفائت، أي قبل أشهر من صفقة تبادل الأسرى الأخيرة بين حركة حماس وإسرائيل، وقالت إنّه لمجموعة شباب فلسطينيين معتقلين لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
فيديو قديم للأسير باسل عيايده وليس من عملية تبادل الأسرى الأخيرة بنوفمبر 2023
نشرت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي يوم 25 نوفمبر الفائت، مقطع فيديو آخر ادعت فيه الحسابات أنه يعود للأسير باسل عيايدة، أثناء خروجه من المعتقل الإسرائيلي بعد صفقة الأسرى شهر نوفمبر الفائت.
تحقق مسبار من الادعاء ووجد أنّ مقطع الفيديو الذي تم تداوله حينها قديم، إذ يعود الفيديو لسبتمبر 2023 من العام نفسه، إذ أُفرج عن الأسير عيايده بعد 11 عامًا قضاها في سجون الاحتلال، ست سنوات منها في الحبس الانفرادي.
صورة مضللة للأسير المفرج عنه بدر دحلان
نشرت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي في 21 يونيو/حزيران الفائت، صورًا للأسير الفلسطيني المفرج عنه آنذاك بدر دحلان، وادعت أنّ الصور له قبل القبض عليه من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
لكن اتضح بعد البحث، أنّ الصورتين لشخصين مختلفين، إذ إن الصورة المتداولة كانت تعود إلى الصحفي الفلسطيني قصي سالم الذي قضى ضحية قصف إسرائيلي في يناير/كانون الثاني الفائت، برفقة الصحفييْن حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا.
رغم النفي الإسرائيلي تقارير تؤكد تعرض الأسرى الفلسطينيين لمعاملة وحشية
عرضت القناة الـ12 الإسرائيلية مقطع فيديو مسرب يوم الثامن من أغسطس الجاري، يصور مجموعة من الجنود الإسرائيليين وهم يعذّبون أسيرًا فلسطينيًّا، في سجن تيدي ليمان. إثر الحادثة أُلقي القبض على تسعة عساكر تابعين لجيش الاحتلال، بتهمة تعذيب أحد الأسرى الفلسطينيين. إلّا أنّ قرار القبض عليهم موجة من المظاهرات والاحتجاجات اليمينية المتطرفة التي عارضت القرار.
أما يوم الخميس الموافق 22 أغسطس من الشهر الجاري، فأفرجت سجون الاحتلال عن 40 أسير فلسطيني، وقال نادي الأسير الفلسطيني معلقًا على خروجهم من معتقلات الاحتلال من سجون مختلفة، أنّ سلطات الاحتلال "أفرجت عن أكثر من 40 أسيرًا من سجون عدة ممن أنهوا محكومياتهم، وجزءًا منهم من المعتقلين إداريًا، إذ جرى الإفراج عنهم من أمام حاجز الظاهرية، ومن أمام سجن (عوفر)، ومن أمام حاجز (سالم) العسكري".
وأضاف نادي الأسير، أنّ "جزءًا ممن أفرج عنهم يعانون من أمراض جلدية وتحديدًا ممن أفرج عنهم من سجن (النقب)، حيث يشكل سجن (النقب) أبرز السجون التي كانت شاهدة على جرائم التعذيب، وهذا ما عكسته العشرات من الشهادات التي وثقتها المؤسسات المختصة". وهذه الآثار التي لاحظها نادي الأسير الفلسطيني هي الاتهامات نفسها الموجهة لسجون الاحتلال، من مختلف منظمات ومؤسسات حقوق الإنسان في العالم.
وفي يوم 18 يوليو/تموز من الشهر الفائت، نشرت منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان تقرير بعنوان "إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة: يجب على إسرائيل وضع حد لتعذيب الفلسطينيين في سجونها وعزلهم عن العالم الخارجي"، وفيه تفند المنظمة الانتهاكات الإنسانية التي يمارسها نظام الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين، و أنه "وقد وثقت المنظمة حالات 27 من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم، من بينهم خمس نساء و21 رجلًا، وصبي في الرابعة عشرة من عمره، احتجزوا لمدة بلغت أقصاها أربعة أشهر ونصف الشهر، من دون السماح لهم بالاتصال بمحامٍ أو بلقاء ذويهم، في إطار القانون المذكور. و
قال جميع من تحدثت إليهم منظمة العفو الدولية إنّ قوات الجيش أو الاستخبارات أو الشرطة الإسرائيلية، أخضعتهم للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي، وبلغ ذلك في بعض الحالات حد الإخفاء القسري.
وتضيف المنظمة أنّه "خلال الفترة بين فبراير/شباط ويونيو/حزيران 2024، وثقت منظمة العفو الدولية 31 من حالات الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، ووجدت أدلة موثوقة عن استخدام التعذيب وسوء المعاملة على نطاق واسع. وأجرت المنظمة مقابلات مع 27 من الأسرى المفرج عنهم، وكلهم مدنيون ألقي القبض عليهم في قطاع غزة.
كما تحدّثت المنظمة إلى أربعة من أقارب مدنيين مغيّبين منذ فترات بلغ أقصاها سبعة أشهر، ولم تكشف السلطات الإسرائيلية بعد عن مكان احتجازهم، وإلى محاميين تمكنا مؤخرًا من زيارة الأسرى". وهو ما يدحض الدعاية الإسرائيلية التي تنفي تهم المعاملة اللاإنسانية للأسرى الفلسطينيين.
اقرأ/ي أيضًا
تقارير دولية تؤكد المعاملة اللاإنسانية للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي
آخرها نوا أرغماني: شهادات أسرى مفرج عنهم تتناقض مع الرواية الإسرائيلية حول معاملة حماس للمحتجزين