` `

فائض في ميزانية الدولة وتراجع في نسبة البطالة: هل تحسن الوضع الاقتصادي في تونس؟

هاجر عبيدي هاجر عبيدي
أعمال
29 أغسطس 2024
فائض في ميزانية الدولة وتراجع في نسبة البطالة: هل تحسن الوضع الاقتصادي في تونس؟
فائض الميزانية المسجل لا يعكس مؤشرًا إيجابيًّا على الاقتصاد التونسي

تداولت وسائل إعلام وصفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، حديثًا، إحصائيات منسوبة إلى معهد الإحصاء ووزارة المالية، مفادها تحسن الوضع الاقتصادي في البلاد.

إذ نقلت وكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات) عن وزارة المالية، تسجيل فائض في رصيد الميزانية، فيما نشر المعهد الوطني للإحصاء، ضمن مؤشرات التشغيل والبطالة للثلاثي الثاني من سنة 2024 أنّ نسبة البطالة تراجعت. فما دلالة هذه الإحصائيات؟

الفائض الحالي في الميزانية لا يعكس مؤشرات إيجابية حتمية على طول السنة

كشفت وثيقة "النتائج المؤقتة لتنفيذ الميزانية" التي أصدرتها وزارة المالية التونسية عن تسجيل فائض في رصيد الميزانية قدر ب 488.7 مليون دينار موفى شهر يونيو/حزيران الفائت، مقابل 26.3 مليون دينار تم تسجيلها خلال نفس الفترة من السنة الفائتة. وأوعزت الوثيقة هذا التطور إلى ارتفاع المداخيل الجبائيّة التي سجلت زيادة بنسبة 10.3 في المئة ولارتفاع موارد الميزانية التي سجلت بدورها زيادة بنسبة 13 في المئة.

حسب وزارة المالية: سجلت تونس فائضًا في رصيد الميزانية قدر ب 488.7 مليون دينار
حسب وزارة المالية: سجلت تونس فائضًا في رصيد الميزانية قدر ب 488.7 مليون دينار

الفائض في رصيد الميزانية تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل إعلام على أنه مؤشر إيجابي على انتعاش ميزانية الدولة لكن العديد من الخبراء اعتبروا أن الحديث عن فائض في الميزانية في منتصف السنة، لا يعني بالضرورة تسجيل فائض، آخرها ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي معز حديدان.

وقال حديدان في حديث له مع “مسبار” إن تسجيل فائض ب 488 مليون دينار في رصيد الميزانية، لا يعني بالضرورة أن السنة ستنتهي على فائض، لأن العديد من المصاريف تم تأجيلها للنصف الثاني من السنة وهو ما حدث في السنوات الفائتة، مضيفًا “ وكأن الدولة تؤجل مصاريفها قدر المستطاع للنصف الثاني من السنة، بسبب الشح في الموارد وتأجيل المصاريف في النصف الأول يؤدي حسابيًّا إلى ارتفاع المصاريف في النصف الثاني من السنة”.

وأشار إلى أنّ قانون المالية يُعرف ويحدد مسبقًا الحجم التقريبي للعجز في الميزانية موفى السنة.

وتقدر مداخيل ميزانية الدولة ونفقاتها لسنة 2024 وفقًا لمشروع قانون المالية لسنة 2024، بـ49.16 مليار دينار وتبلغ وفقه نفقات ميزانية الدولة 59.805 مليار دينار، ويفضي ذلك إلى عجز في ميزانية الدولة لسنة 2024 يقدّر بـ10.645 مليار دينار.

الخبير الاقتصادي بين أن التقليص في نفقات الدعم وتأجيل نفقات التحويلات والاستثمار العمومي ساهموا بشكل مباشر في تسجيل هذا الفائض متحدثًا عن التداعيات السلبية للتمويلات التي يتم برمجتها في قانون المالية ولا يتم تفعيلها وهذا يتجلى في الطرقات التي لا يتم تشييدها والمواد الغذائية التي تفقد بسبب عدم توريدها. 

كما لفت إلى أن فقدان المواد الاستهلاكية تراجع هذه السنة لأن الدولة أولت أهمية في مصاريفها لسداد أجور الوظيفة العمومية ولدعم المواد الأساسية وان أولوية الدولة هي تسديد الديون وسداد أجور الموظفين وتوفير الدعم اللازم.

بدوره بين الخبير الاقتصادي بسام النيفر، في تصريح لإذاعة "إكسبرس إف أم" المحلية، أن تسجيل فائض في الميزانية خلال بداية السنة أمر عادي مقدرًا بان تونس ستنهي السنة على عجز مالي كبير يقدر بأكثر من 11 مليار دينار.

حجم الدين العمومي في تونس لسنة 2024

رجح مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024، أن حجم الدين العمومي سيبلغ حوالي 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية سنتي 2023 و2024، كما قدر أن دين تونس سيرتفع مع نهاية 2024 إلى 139.9مليار دينار مقابل 127.1مليار دينار لسنة 2023 أي بزيادة حوالي 12 مليار دينار وأوعز التقرير هذا الارتفاع إلى تأثير أسعار الصرف وعجز الميزانية.

صورة متعلقة توضيحية
تطور حجم الدين في تونس/ ميزانية الدولة لعام 2024

ولجأت تونس خلال سنة 2023 إلى سداد جزء من ديونها يقدر ب 7 مليار دينار من البنك المركزي بعد أن تمت المصادقة في مجلس نواب الشعب على مشروع قانون يتيح للبنك المركزي منح تسهيلات لفائدة خزينة الدولة. 

اللجوء إلى احتياطي تونس من العملة الصعبة كان قد حذر العديد من خبراء الاقتصاد من تبعاته على انخفاض أيام التوريد وقد انزلقت قيمة احتياطي تونس من العملة الصعبة يوم 20 فبراير/شباط الفائت إلى 14 يوم توريد.

ما خلفية تراجع البطالة إلى حدود 16 %؟

نشر المعهد الوطني للإحصاء، مؤخرًا، أرقامًا تفيد بأن نسبة البطالة في تونس تقلصت وقد قدر عدد العاطلين عن العمل في الثلاثي الثاني من سنة 2024 بنحو 661,7 ألفًا مقابل 669,3 ألفًا في الثلاثي الأول من نفس السنة أي بنقص قدره 7,6 ألفًا.

وبين المعهد أنه نتيجة لتراجع عدد العاطلين عن العمل، انخفضت نسبة البطالة في الثلاثي الثاني من سنة 2024 لتبلغ 16,0 في المئة (مقابل 16,2 في المئة في الثلاثي الأول من نفس السنة) واستقرت نسبة البطالة لدى الرجال على 13,6 في المئة خلال الثلاثي الأول والثاني من سنة 2024، أما بالنسبة للنساء فقد تراجعت نسبة البطالة لتبلغ 21,3 في المئة خلال الثلاثي الثاني من سنة 2024 مقابل 22,0 في المئة في الثلاثي الأول من نفس السنة.

وفق معهد الإحصاء تراجعت نسبة البطالة إلى حوالي 16 في المئة في الثلاثي الثاني من 2024
وفق معهد الإحصاء تراجعت نسبة البطالة إلى حوالي 16 في المئة في الثلاثي الثاني من 2024

وفي الوقت الذي تسجل فيه مؤسسات الدولة تراجعًا في نسب البطالة، تسجل منظمات حقوقية العديد من الاحتجاجات لطالبي الشغل. وقد بين المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في تقريره لشهر ماي أنه سجل 248 احتجاجًا أغلبها حقوقية وبعضها مطالب اقتصادية انخرط فيها العمال والموظفون والعاطلون عن العمل.

وأوضح الخبير في التنمية والموارد حسين الرحيلي، أن احتساب نسبة البطالة في البلاد يتم عبر احتساب عدد المسجلين في مكاتب التشغيل في ظل غياب منظومة متطورة تعد المجموع الحقيقي للمعطلين و بالتالي يعتمد المعهد الوطني للإحصاء على طريقتين لاحتساب العينة، التي يمكن أن تكون غير ممثلة وهامش الخطأ فيها كبير.

وأشار إلى أنّ المعهد لديه إحصائيات وتصاريح الأشخاص المEسجلون في مكتب التشغيل، وكل مسجل يتجاوز يوم 5 من كل شهر ولا يجدد تسجيله يعتبر قد تحصل على شغل.

كما بين الرحيلي في حديثه لمسبار أن نسب 16,2 و16,4 في المئة وغيرها لا تعكس الحقيقة وأن العديد من الأشخاص يعملون في القطاع غير المنظم ويسجلون في مكاتب التشغيل متسائلًا عن كيفية احتسابهم.

كما اعتبر أن الإحصائيات المرتبطة بنسب الفقر دقيقة أكثر لأن المعهد الوطني للإحصاء تطبق فيها قواعد علمية صحيحة، لكن بالنسبة للبطالة ولأنه لا يوجد معرف وحيد لا توجد طريقة علمية ثابتة لتحديد نسبة البطالة بالتالي عمليات الإحصاء بالنسبة للمعطلين تشوبها العديد من الإخلالات ولا تعكس الأرقام فيها الحقيقة.

ورجّح المتحدث أن تكون نسب البطالة في تراجع بسبب ظاهرة الهجرة أو تراجع عدد طالبي الشغل لذلك يتوصل المعهد الوطني للإحصاء لوجود تراجع في نسبة البطالة، مشيرًا إلى أن إحصائية البطالة و معقدة و مرتبطة بالتصور العام والمنهجية العامة للإحصاء.

اقرأ/ي أيضًا

هل سجلت تونس حديثًا نتائج اقتصادية أفضل من السنوات السابقة كما قال سعيد؟

هل سيتمّ الرفع في الأجر الأدنى المضمون في تونس إلى 1200 دينار مطلع عام 2025؟

الأكثر قراءة