في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول الجاري كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في مقطع فيديو على منصة إكس، وثيقة يزعم أنها مكتوبة من قبل رافع سلامة المسؤول في لواء خانيونس التابع لحركة حماس جنوبي قطاع غزة.
وزعم غالانت أن الرسالة كانت موجهة إلى زعيم حماس يحيى السنوار وشقيقه محمد، وأشير فيها إلى وضع ميداني صعب تعيشه حركة حماس في قطاع غزة، وانهيار مفترض للقدرات العسكرية للحركة.
راجع تصريحات غالانت والمحتوى المعروض في الوثيقة ووجد أن المزاعم مضللة، إذ يتناقض محتوى الوثيقة الأصلي مع تصريحات غالانت.
وزير الدفاع الإسرائيلي يزعم في "وثيقة مكشوفة" انهيار حماس
زعم غالانت أن الوثيقة تصنَّف ضمن “أكثر قواعد البيانات حساسية” لحماس وتم جمعها “منذ بداية الحرب”، كما زعم أن محتواها يكشف عن انهيار حماس، مستشهدًا بمزاعم مفادها أن 70 بالمئة من أسلحة الحركة دمرت، بالإضافة إلى أن 95 بالمئة من قدرتها الصاروخية استنفدت، وأن 50 بالمئة من مسلحيها إما قتلوا أو أصيبوا.
وجاء في وصف مقطع الفيديو الذي نشره غالانت “وضع حركة حماس صعب، وهي في ورطة حقيقية من المستوى الأصغر إلى المستوى الأعلى، سنواصل الجهد وسنصل إلى الجميع”.
محتوى الوثيقة الأصلية التي عرضها غالانت يتناقض مع مزاعمه
بالرغم من عدم إمكانية تأكيد صحة الوثيقة التي عرضها غالانت في مقطع الفيديو، أجرى مسبار تحليلًا مفصّلًا لمحتواها. وبعد فحص الوثيقة المكتوبة التي كُتبت باللغة العربية، تبيّن أنها لا تحتوي على أية معلومات تتعلق بالقدرات العسكرية لحماس، بل ركزت الوثيقة على المناقشات الداخلية المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى.
الوثيقة المعروضة كانت تحتوي بيانات حول مفاوضات تبادل الأسرى
ورد في محتوى الوثيقة المعروضة تهنئة من القيادة العسكرية لحماس، على عملية أخيرة أسفرت عن مقتل أربعة جنود من العدو وإصابة عشرة آخرين. كما تناولت الوثيقة بشكل رئيس المفاوضات المتعلقة بعملية تبادل الأسرى، وعلى وجه التحديد عدد الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، والذي تم تحديده بـ33 شخصًا كما ورد.
كما جاء في الوثيقة مقترح مفاده بأنه إن لم يكن من الممكن تلبية العدد المطلوب من الأسرى الأحياء لدى حماس، فيمكن استكماله بجثث أسرى من نفس الشرائح من النساء والأطفال وكبار السن والمجندات الإناث.
علاوة على ذلك، تفصل الرسالة مفاتيح وشروط التبادل إذ زاد عدد النساء والأطفال إلى 30 فردًا، ممن يجب أن تفرج عنهم إسرائيل مقابل لكل محتجز إسرائيلي. وبالنسبة للأسرى المسنين فقد رُفع العدد أيضًا إلى 30 أسيرًا لكل محتجز لدى حماس. أما فيما يتعلق بالمجندات الإناث، زاد عدد من تريد حماس الإفراج عنهم إلى 50 شخصًا مقابل كل محتجز إسرائيلي.
وأشارت الوثيقة أن عمليات الإفراج الإسرائيلية ستتضمن الأفراد الذين يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد أو أحكامًا مشددة، وتخلص الرسالة إلى أن هذه الشروط الجديدة تعكس تقدمًا كبيرًا في عملية التفاوض.
لا دلائل تشير إلى انهيار حركة حماس في الوثيقة
خلص تحقيق مسبار إلى أن الوثيقة المعروضة، في حال صحتها، لا تحتوي على أي إشارات إلى انهيار في البنية التحتية العسكرية أو وجود ضائقة داخل قيادة حركة حماس، وهي الادعاءات الرئيسية التي نقلها غالانت خلال عرضه للوثيقة، بل تركز الوثيقة على المفاوضات واستراتيجية حماس المتعلقة بعملية تبادل الأسرى.
وسائل إعلام عبرية عديدة تنقل مزاعم غالانت بدون مراجعتها
نقلت وسائل إعلام عبرية الادعاءات التي قدمها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، حول انهيار حكم حركة حماس في غزة وتراجع الإمكانات العسكرية للحركة، دون التطرق أو تحليل مضمون الوثيقة المعروضة.
المحكمة الجنائية الدولية قد تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
في 20 مايو/أيار 2024، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، عن طلبه إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، باتهامات تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في قطاع غزة. وفي سبتمبر 2024، كرر خان دعوته للمحكمة لإصدار مذكرات الاعتقال على وجه السرعة. وفي مرافعة له، سلط الضوء على الحاجة إلى هذه المذكرات بسبب الأنشطة الإجرامية المستمرة والوضع المتدهور في فلسطين.
في الوقت نفسه، نقلت وسائل إعلام أن نتنياهو سعى إلى تحقيق جنائي وهمي لتجنب مذكرات الاعتقال التي تسعى إليها المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، رفض المدعي العام هذا الطلب باعتباره "خدعة صارخة" لن تخدع المحكمة الجنائية الدولية.
إسرائيل زعمت مسبقًا اغتيال القيادي في حماس رافع سلامة
في 13 يوليو/تموز 2024، شن الجيش الإسرائيلي هجومًا واسع النطاق على منطقة المواصي الإنسانية، مما أسفر عن مقتل 90 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 300 آخرين، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، وادعت إسرائيل حينها أن الهجوم كان يستهدف محمد الضيف، زعيم كتائب عز الدين القسام، إلى جانب القائد البارز في حماس رافع سلامة، الذي زعم أنه كتب الوثيقة التي عرضها غالانت.
بدورها نفت حماس الادعاءات الاسرائيلية، يذكر أن تحقيقًا سابق لمسبار، سلط الضوء على أن إسرائيل حاولت التهرب من مسؤوليتها عن الخسائر المدنية في مجزرة المواصي، من خلال الزعم بأن هدف الضربات الجوية هو القضاء على قادة حماس.
وبالرغم من أن الجيش الإسرائيلي أعلن مرارًا أنّ المواصي منطقة إنسانية، ودعا النازحين إلى التوجه إليها، ولكنه ارتكب عددًا من المجازر فيها، كان آخرها في العاشر من سبتمبر الجاري، وخلّفت عشرات القتلى والجرحى.
اقرأ/ي أيضًا
ما حقيقة الفيديو الذي يروّج له الإعلام الإسرائيلي على أنه تهديد من حماس لفرنسا قبيل أولمبياد باريس؟