تشهد الساحة الإعلامية المغربية مؤخرًا، حالة من الجدل بعد انتشار صور يظهر فيها مجموعة شباب مجردين من ملابسهم وموقوفين إلى جانب سيارات تابعة لقوات المساعدة المغربية. أثارت هذه الصور موجة من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث دارت نقاشات حول صحة الصور والملابسات المحيطة بها.
هل صور الشباب المجردين من ملابسهم في المغرب مفبركة أو قديمة؟
تضاربت الأقوال حول صحة الصور المتداولة، إذ ادعت بعض الحسابات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أن الصور مفبركة وتم تركيبها من صورتين الأولى لموقوفين من دولة أجنبية، والأخرى لسيارات القوات المساعدة المغربية.
في المقابل نشرت مواقع إخبارية مغربية أن مصادر محلية (لم تذكر هويتها) قالت إن الصورة أو المقطع المصور الذي يظهر مركبات للقوات المساعدة وأشخاصًا نصف عراة يجلسون على الأرض إلى جانب هذه المركبات أو قبالة حائط إسمنتي، "هي مقاطع مصورة قديمة تعود إلى أيام عدة خلت”.
وأضافت نقلًا عن المصادر ذاتها أن هذه الصور، المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، تعود إلى إحباط القوات المغربية عملية هجرة غير مشروعة عبر السباحة نحو سبتة، وهذا ما يفسر ظهور الأشخاص في الصورة نصف عراة.
أما الصورة الثانية التي تظهر أشخاصًا يجلسون بالقرب من حائط إسمنتي، شككت المصادر بأن تكون ذات علاقة بالأحداث الجارية بمدينة الفنيدق، مشيرة إلى عدم يقينها أن تكون لها صلة بأحداث وقعت في المغرب من الأساس.
في محاولة “مسبار” الوصول إلى حقيقة المشاهد المتداولة، لم يعثر على أية نتائج قديمة لها بالبحث العكسي. بالإضافة إلى ذلك، لم تقدم المصادر المحلية مجهولة الهوية التي نقلت عنها المواقع الإخبارية تفسيرًا لعلامات التعذيب الواضحة على أجساد الموقوفين.
من جانب آخر، لم تظهر أي علامات على أن الصورة المتداولة مفبركة أو مركبة، وعلى العكس من ذلك انتشر مع الصور مقطع فيديو يوثق صحتها، إذ ظهر فيه الشبان المعتقلون بملابس السباحة وفي نفس الوضعية التي هم عليها في الصور، كما ظهرت السيارات ذاتها التي تحمل شعار القوات المساعدة المغربية.
وفي حين ادعت حسابات أن مقطع الفيديو المرفق بالصور المتداولة مولّد بالذكاء الاصطناعي، أشارت أداة Winston AI إلى أن الصورة المأخوذة من المشهد غير مولدة بالذكاء الاصطناعي.
محاولات هجرة جماعية تقود إلى توترات مع الأمن المغربي
تأتي هذه الأحداث في سياق محاولات للهجرة غير النظامية من المغرب إلى أوروبا عبر مدينة سبتة. وخلال الأسبوع الفائت، شهدت المناطق الحدودية بين المغرب وسبتة، تحديدًا مدينة الفنيدق، مواجهات بين قوات الأمن وآلاف الشباب الذين حاولوا اقتحام السياج الحدودي الفاصل. ووفقًا لما نقلته وسائل الإعلام، فقد بدأت هذه الأحداث عقب دعوات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي إلى التجمع بالقرب من السياج ومحاولة اجتيازه يوم 15 سبتمبر/أيلول الجاري.
وعقب استجابة المئات لهذه الدعوات، أحبطت القوات الأمنية المغربية محاولات عبور السياج الحدودي، إذ أسفر تدخلها عن توقيف 4455 مرشحًا للهجرة، بينهم 3795 مغربيًا و519 أجنبيًا، إلى جانب 141 قاصرًا. كما تم اعتقال 70 شخصًا بتهمة التحريض على الهجرة الجماعية.
الأمن المغربي يحبط محاولات الهجرة غير النظامية إلى أوروبا
رغم تصاعد التوترات والاشتباكات بين المهاجرين غير النظاميين وقوات الأمن، لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة المغربية بشأن هذه الأحداث، مما أثار حالة من الاستياء وانتقادات محلية للحكومة.
في المقابل، وصفت وزيرة الهجرة الإسبانية إلما سيز الهجرة غير النظامية بأنها "مأساة إنسانية"، مشددة على ضرورة تكثيف الجهود لمنع هذه الظاهرة. وأشادت أيضاً بالتعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا في مواجهة محاولات الهجرة غير النظامية.
من جانبه، أثنى رئيس الحكومة المحلية في سبتة، خوان فيفاس، على "الدور المهم" الذي تلعبه السلطات المغربية في منع هذه المحاولات، مشيرًا إلى التعاون الوثيق بين البلدين، بفضل الدعم الأوروبي.
وفي السياق، أفاد رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان محمد بن عيسى بأنّ السلطات المغربية اتّخذت خطوات استباقية مكّنتها من احتواء محاولة الهجرة الجماعية من خلال حملة تفتيش وسائل النقل العمومية من حافلات وسيارات أجرة، وإقامة سدود أمنية لمراقبة الوافدين إلى المنطقة، وإبعاد الأشخاص الذين يبرزون بطاقات هوية تحمل عناوين إقامة خارج مدينة الفنيدق.
أسباب الأزمة: الفقر والتهميش الاجتماعي
يرى خبراء ومراقبون أن محاولات الهجرة الجماعية المتكررة تكشف عن مشكلات أعمق داخل المغرب، تتعلق بالتهميش الاقتصادي والاجتماعي، وفي السياق أشار تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط في المغرب في مايو/أيار 2024 إلى أن 25% من الشباب المغربي بين 15 و24 سنة يعانون من البطالة ولا يتابعون أي دراسات، وهو ما يدفعهم للبحث عن فرص أفضل في الخارج، حتى وإن كانت هذه الرحلة محفوفة بالمخاطر.
وفي حين أن الاتحاد الأوروبي يقدّم دعمًا ماليًا للمغرب لتعزيز قدراته في مكافحة الهجرة غير النظامية، اشتكى المغرب اشتكى المغرب من قلة المساعدات التي تلقاها على مدى سبع سنوات والبالغة 500 مليون يورو للفترة 2021-2027، إذ قال خالد الزروالي،مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية المغربية إنها "أقل بكثير مما ننفقه، والذي يقدر بنحو 427 مليون يورو سنويا".
اقرأ/ي ايضًا
فيديو قديم لاحتجاجات في إندونيسيا وليس لمحاولة هجرة جماعية من المغرب
صورة قديمة لتعزيزات عسكرية في سبتة وليست بعد حملة الهجرة الجماعية من المغرب