احتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي قافلة تابعة للأمم المتحدة، يوم الاثنين التاسع من سبتمبر/أيلول الجاري، كانت تشارك في حملة تطعيم ضد شلل الأطفال شمالي قطاع غزة، إذ احتجزت اثنين من الموظفين لاستجوابهما، وفقًا لبيان صادر عن الأمم المتحدة. وزعم الجيش الإسرائيلي أنّ فلسطينيَّيْن "مشتبه بهما" كانا على متن القافلة، وهو الادّعاء الذي نفته الأمم المتحدة، مستشهدة بمعلومات سابقة قدمتها للجيش الإسرائيلي.
الاحتلال يعطّل قافلة الأمم المتحدة للتطعيم ضد شلل الأطفال في غزة
وكان جنود الاحتلال قد عطّلوا قافلة تابعة للأمم المتحدة، كانت تشارك في حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في غزة، بحسب الأمم المتحدة، واحتجزوا القافلة لعدة ساعات، مما أدى إلى تصعيد الموقف بعد استجواب اثنين من الركاب، بالإضافة إلى توجيه الجنود الإسرائيليين أسلحتهم إلى موظفي الأمم المتحدة، مطلقين أعيرة نارية للتهديد. ومن ثم أطلق سراح القافلة في النهاية، وأكد مسؤولون من الأمم المتحدة عودة موظفيهم بسلام إلى قاعدة تابعة للأمم المتحدة دون إكمال مهمة دخول شمال قطاع غزة، لاستكمال عملية تطعيم أطفال غزة ضد شلل الأطفال، المرض الذي انتشر إثر معاناة القطاع من حرب دامية منذ السابع من أكتوبر الفائت.
قوات الاحتلال تزعم وجود فلسطينيين "مشتبه بهم" ضمن فريق الأمم المتحدة
من جهته، نشر الحساب الرسمي التابع للجيش الإسرائيلي على موقع التواصل الاجتماعي إكس، بيانًا جاء فيه، أنّ الجيش احتجز قافلة من المركبات التابعة للأمم المتحدة في شمال قطاع غزة بناء على معلومات استخباراتية تشير إلى وجود "عدد من المشتبه بهم من الفلسطينيين" في قافلة الأمم المتحدة، مما أدى إلى تأخير الاستجواب.
وبحسب قوات الاحتلال، فإنّ القافلة كانت تستخدم في تبادل الأفراد، وأكّد البيان أنّ "هذه ليست قافلة لنقل لقاحات شلل الأطفال، بل قافلة تهدف إلى تبادل أفراد من الأمم المتحدة".
ونقلت وسائل الإعلام العبرية، رواية الجيش الإسرائيلي عن الحادث، فعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة جيروزالم بوست مقالًا بعنوان "الجيش الإسرائيلي يعتقل مشتبهًا بالإرهاب ضمن فريق الأمم المتحدة في شمال غزة"، وهو ما يعكس مزاعم الجيش غير المثبتة.
لكن بالتدقيق، فإنّ الإشارة إلى "المشتبه بهم في الإرهاب" مضللة، إذ قالت قوات الاحتلال الإسرائيلي نفسها إنّ موظفي الأمم المتحدة المعتقلين تم إطلاق سراحهما في وقت لاحق، ومن الواضح أنه لو كانا من المشتبه بهم بالنسبة لإسرائيل، لما أطلق الجيش سراحهما.
الأمم المتحدة تنفي ادّعاء قوات الاحتلال مستشهدة بإخطار مسبق أرسلته للجيش الإسرائيلي
يوم الثلاثاء العاشر من سبتمبر الجاري، أصدر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في فلسطين، مهند هادي، بيانًا تضمن تفاصيل الحادث عند حاجز الرشيد شمالي القطاع، وأكّد أنّ حياة موظفي الأمم المتحدة كانت معرضة للخطر، مضيفًا أنّ قافلة من 12 موظفًا من موظفي الأمم المتحدة، تم تنسيق تحركاتهم بالكامل مع قوات الاحتلال الإسرائيلي ومشاركتها معهم مسبقًا. ومع ذلك استوقفت القافلة أثناء توجهها إلى شمال غزة لدعم المرحلة الثالثة من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال يوم الاثنين.
وفي البيان، وصفت الأمم المتحدة كيف تطورت الحادثة، إذ قالت إنه "عند نقطة التفتيش، أبلغ الفريق أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي تريد احتجاز اثنين من موظفي الأمم المتحدة في القافلة لمزيد من الاستجواب"، وتصاعد الموقف بسرعة، إذ وجه الجنود أسلحتهم مباشرة نحو أفراد القافلة وأطلقوا أعيرة نارية حية، واقتربت الدبابات والجرافات من مركبات الأمم المتحدة وألحقت بها أضرارًا، مما عرض حياة موظفي الأمم المتحدة داخل المركبات للخطر.
واحتُجزت القافلة تحت تهديد السلاح، بينما كان كبار المسؤولين في الأمم المتحدة يتفاوضون مع السلطات الإسرائيلية لتهدئة الموقف.
وأضاف البيان أنه "تم استجواب الموظفين في النهاية، واحدًا تلو الآخر، ثم أطلق سراحهما، وبعد سبع ساعات ونصف عند نقطة التفتيش، عادت القافلة إلى القاعدة دون أن تتمكن من الوفاء بمهمتها الإنسانية لدعم حملة التطعيم لشلل الأطفال".
واختتم البيان بالتأكيد على المخاطر والتحديات المستمرة التي يواجهها العاملون في المجال الإنساني في غزة، وأكدت أنه على الرغم من التنسيق اليومي للتحرك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، لم يتم توفير الحماية اللازمة لموظفي الأمم المتحدة ومواردها من قبل جيش الاحتلال، مما أعاق عملهم بشكل كبير، وشدد البيان على أنّ هذه الحماية هي حق بموجب القانون الإنساني الدولي.
الجيش الإسرائيلي هدّد قافلة التطعيم ضد شلل الأطفال التابعة للأمم المتحدة
ووفقًا لرواية المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، فإنّ "أعيرة نارية أطلقت أثناء احتجاز الجيش الإسرائيلي المطول لقافلة تابعة للأمم المتحدة في غزة، وتصاعد الموقف بعد أن أوقفت قوات الاحتلال الإسرائيلي القافلة عند نقطة التفتيش يوم الاثنين، وطالبت باحتجاز اثنين من الركاب الإثني عشر لاستجوابهما".
وأفاد دوجاريك أنّ الجنود الإسرائيليين وجهوا أسلحتهم نحو أفراد الأمم المتحدة، وفي إحدى اللحظات، تم إطلاق النار، وأوضح أنّ الدبابات والجرافات الإسرائيلية "صدمت مركبات الأمم المتحدة من الخلف والأمام، مما أدى إلى ضغط القافلة على الرغم من أنّ موظفي الأمم المتحدة كانوا ما يزالون بداخلها". وأسقطت إحدى الجرافات حطامًا على المركبة الأمامية بينما هدد الجنود الموظفين، ومنعوهم من الخروج بأمان.
ورغم الإفراج عن القافلة في نهاية المطاف، أكد مسؤولون في الأمم المتحدة أنّ المهمة لم تتمكن من إكمال واجبها الإنساني، رغم أنّ الموظفين عادوا بسلام إلى قاعدة للأمم المتحدة.
من ناحيتها، دحضت الأمم المتحدة بشدة ادّعاء الجيش الإسرائيلي أنّ القافلة كانت تُستخدم لتبادل الموظفين، وأوضحت أنّها كانت جزءًا من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال، وتقل موظفين محليين ودوليين مسؤولين عن استمرار جهود التطعيم للأطفال في مدينة غزة وشمال غزة.
بدء عمليات التطعيم ضد شلل الأطفال في شمال غزة وسط تحديات مستمرة
أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أنه على الرغم من الحادث الأخير، بدأت عمليات التطعيم في شمال غزة يوم الثلاثاء الموافق العاشر من سبتمبر الجاري كجزء من المرحلة الثالثة من الحملة التي تقودها الأمم المتحدة، والتي من المتوقع أن تستمر حتى يوم الخميس الموافق 12 سبتمبر الجاري.
كما كشف لازاريني عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي إكس، أنّ حملة التطعيم في شمالي قطاع غزة كانت ناجحة، إذ تلقى 77 ألف طفل لقاح شلل الأطفال. وقال لازاريني "رغم كل الصعوبات ورغم الحادث الخطير الذي وقع الليلة الماضية، قامت فرق الأونروا في شمال غزة بتطعيم 77 ألف طفل ضد شلل الأطفال".
وجدير بالذكر أنّ حملة مكافحة شلل الأطفال في غزة، قد بدأت قبل أكثر من أسبوع بقليل، لمنع تفشي المرض سريع الانتشار بين الأطفال في غزة.
إسرائيل قتلت ما لا يقل عن 207 موظفًا في منظمة الأونروا
ذكرت الأونروا في تقرير نشر لها يوم 21 أغسطس/آب، عن الوضع في غزة، أن القطاع يظل واحدًا من أكثر المواقع خطورة بالنسبة للمساعدات الإنسانية والعاملين في مجال الصحة، إذ قُتل ما لا يقل عن 289 عامل إغاثة، بما في ذلك 207 من أعضاء فريق الأونروا، إلى جانب 885 من العاملين في مجال الصحة.
يذكر أنه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قتلت إسرائيل ما لا يقل عن 41084 ضحية، وأصيب 95029 آخرين في الحرب المستمرة على قطاع غزة. بالإضافة إلى 14 ضحية في يوم الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، بينهم نساء وأطفال، سقطوا في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، التي جرى تحويلها إلى ملجأ في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
اقرأ/ي أيضًا
مسبار يكشف حقيقة الوثيقة التي زعم وزير الدفاع الإسرائيلي أنها تؤكد انهيار حركة حماس
مسبار يفند الادعاءات الإسرائيلية حول ملصقات مزورة للأمم المتحدة توردها شركة من غزة