قدّم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يوم العاشر من مايو/أيار الفائت، تقريرًا إلى الكونغرس، بخصوص أزمة المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، القائمة منذ حرب إسرائيل على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الفائت.
يفيد التقرير بأنّ إسرائيل قد انتهكت القانون الدولي في حربها على القطاع، زاعمًا أنّ الوزارة والمعنيين بالأزمة لا يرون أنّ إسرائيل تتعمد منع وصول شحنات المساعدة إلى القطاع، ولم يخلص إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بشكل ممنهج يترتب عليه إيقاف الولايات المتحدة تزويده بالسلاح.
تجاهل بلينكن بذلك التقارير الدولية والأممية التي تُفيد بأن إسرائيل تنتهك القانون الدولي لمنعها دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع، وهو ما يتعارض مع القانون الأميركي الذي يوصي بعدم إرسال صفقات السلاح، إلى الدول التي تنتهج أسلوب منع إيصال المساعدات الإنسانية في أوقات الحرب.
وعليه نشرت صحيفة برو بابليكا الأميركية، تحقيقًا استقصائيًّا، يوم 24 سبتمبر/أيلول الجاري، يفيد بأنّ وزير الدفاع الأميركي أنتوني بلينكن، قد تعمد عدم النظر في التقارير الدولية المقدمة إليه من مؤسسات إنسانية تعمل على إيصال المساعدات إلى قطاع غزة، والتي توصي بدورها برفع الإجراءات التعسفية الإسرائيلية عن شحنات المساعدات المصطفة على حدود فلسطين مع مصر، مدة 11 شهرًا وأكثر، واتخاذ إجراءات جدية من جانب الحكومة الأميركية لوضع حد لسياسة الاحتلال الإسرائيلي في منع دخول المساعدات إلى القطاع.
وزارة الخارجية الأميركية تتجاهل تقارير تفيد بتعمد إسرائيل منع دخول المساعدات لغزة
جاء في تقرير صحيفة برو بابليكا أنه في ربيع 2024، توصلت أكبر سلطتين في الحكومة الأميركية متخصصتين في مجال المساعدات الإنسانية، إلى استنتاج مفاده أنّ الاحتلال الإسرائيلي تعّمد فعليًا منع تسليم الغذاء والدواء إلى قطاع غزة.
من جانبها، سلمت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية “USAID” تقييمها إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، كما أعلن مكتب اللاجئين التابع لوزارة الخارجية عن موقف كبار الدبلوماسيين في المكتب، في أواخر شهر إبريل/نيسان الفائت. بحسب تقيمهما فإنه حسب القانون الأميركي، يجب على الحكومة قطع شحنات الأسلحة إلى البلدان التي تمنع تسليم المساعدات الإنسانية التي تدعمها الولايات المتحدة. وخاصة في حالة اعتماد إسرائيل الكبير على القنابل الأميركية وغيرها من الأسلحة، التي بدورها تسهل على إسرائيل شن حربها غزة، منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر عام 2023.
وتقول الصحيفة، إنّ بلينكن وإدارة الرئيس الحالي جو بايدن لم يقبلا أيًّا من الاستنتاجين. وبعد أيام من نشر التقريرين، أي في العاشر من شهر مايو الفائت، قدّم بلينكن بيانًا صيغ بعناية إلى الكونغرس الأميركي قال فيه "نحن لا نقدّر حاليًا أنّ الحكومة الإسرائيلية تحظر أو تقيد بأي شكل أو بآخر نقل أو تسليم المساعدات الإنسانية الأميركية".
مع العلم أنه، قبل أن يقدم بلينكن تقريره، أعدت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مذكرة مفصلة مكونة من 17 صفحة حول سلوكيات إسرائيل. وذكرت المذكرة تفصيليًا الحالات التي أعاقت فيها إسرائيل جهود دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بما في ذلك قتل واستهداف عمال الإغاثة، وتدمير المنشآت الزراعية، وقصف سيارات الإسعاف والمستشفيات، والاستيلاء على مستودعات الإمدادات، ومنع دخول الشاحنات المحملة بالطعام والأدوية بشكل روتيني.
ومن تلك المواد الغذائية التي تحملها القافلات المنتظرة على بعد أقل من 30 ميلًا من الحدود، ما يكفي من الدقيق لنحو 1.5 مليون فلسطيني لمدة خمسة أشهر، وفقًا للمذكرة. لكن في فبراير/شباط الفائت، حظرت الحكومة الإسرائيلية نقل الدقيق، قائلة إنّ المتلقي هو فرع الأمم المتحدة الفلسطيني الذي اتُهم بإقامة علاقات مع حماس.
وعلى نحو منفصل، قرر رئيس مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأميركية أيضًا، أنّ إسرائيل تعيق المساعدات الإنسانية وأنّ قانون المساعدات الخارجية يجب أن يُفعَّل لتجميد ما يقرب من 830 مليون دولار أميركي من أموال دافعي الضرائب المخصصة للأسلحة والقنابل لإسرائيل، وفقًا لرسائل إلكترونية حصلت واطلعت صحيفة برو بابليكا الأميركية المستقلة عليها.
وأعلنت الأمم المتحدة من جهتها، عن تفشي المجاعة في أجزاء كبيرة من قطاع غزة، بالإضافة إلى أنّ اللجنة المستقلة الرائدة في العالم المكونة من خبراء في المساعدات، وجدت أنّ ما يقرب من نصف الفلسطينيين في القطاع يعيشون في مجاعة. إذ يمضي الكثيرون أيامًا دون تناول أي نوع من الطعام. بل تفيد السلطات الفلسطينية المحلية إنّ عشرات الأطفال ماتوا فعليًا جوعًا، وهو ما قد يكون أقل كثيرًا من العدد الحقيقي.
وعلى صعيد آخر، يكافح العاملون في مجال الرعاية الصحية من نقص التطعيمات التي تفاقمت بسبب أزمة الصرف الصحي، وقد أعلن في الشهر الفائت وحده، عن إصابة أول طفل بشلل الأطفال، وتعد الإصابة الأولى منذ 25 عامًا.
وأكد مسؤولو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أنه ينبغي وبسبب سلوك إسرائيل، على الولايات المتحدة الأميركية أن توقف مبيعات الأسلحة الإضافية إلى دولة الاحتلال.
وتضيف صحيفة بروبابليكا أنها تحصلت على نسخة من مذكرة الوكالة الصادرة في إبريل الفائت، إلى جانب قائمة الأدلة التي استشهد بها المسؤولون لدعم نتائجهم.
وأضافت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي ترأسها الدبلوماسية الأميركية "سامانثا باو"، إنّ المجاعة الوشيكة في غزة كانت نتيجة "الإنكار التعسفي والتقييد والعقبات التي فرضتها إسرائيل على المساعدات الإنسانية الأميركية"، كما اتهمت حركة حماس أيضًا بلعب دور في الأزمة الإنسانية.
وللتذكير، فإنّ الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تتلقى التوجيه السياسي العام من وزير الخارجية الأميركي الممثل في أنتوني بلينكن، هي وكالة مستقلة مسؤولة عن التنمية الدولية والإغاثة من الكوارث عالميًا. إذ حاولت الوكالة من ناحيتها، إيصال ما يكفي من الغذاء والدواء إلى السكان الفلسطينيين الجائعين واليائسين، رغم فشل كل محاولاتهم للقيام بذلك.
وخلصت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى أنها "واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم".
دبلوماسيون أميركيون يسهلون عملية إرسال الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي
وردًا على أسئلة مفصلة حول هذه القصة، قالت وزارة الخارجية الأميركية بأنها ضغطت على السلطات الإسرائيلية لزيادة تدفق المساعدات. إذ ذكر متحدث رسمي باسم الخارجية أنه "كما أوضحنا في مايو الفائت عندما صدر تقريرنا، فإنّ الولايات المتحدة كانت لديها مخاوف عميقة خلال الفترة منذ السابع من أكتوبر بشأن الإجراءات أو التقاعس من جانب إسرائيل مما ساهم في عدم استمرار توصيل المساعدات الإنسانية اللازمة"، مضيفًا أنه "وبعد ذلك اتخذت إسرائيل خطوات لتسهيل زيادة وصول المساعدات الإنسانية وتدفقها إلى غزة".
لكن خبراء حكوميون ومناصرون لحقوق الإنسان، قالوا إنه في حين حددت وزارة الخارجية، عددًا من الالتزامات المهمة المفترض على إسرائيل تنفيذها، فإنّ مستوى المساعدات المقدمة للفلسطينيين كان غير كافٍ عندما تم استنتاج القرارين وتقديمهما إلى بلينكن.
من جانبه قال سكوت بول، المدير المساعد في منظمة أوكسفام للمساعدات الإنسانية "إنّ التلميح إلى أنّ الوضع الإنساني قد تحسن بشكل ملحوظ في غزة هو مهزلة"، وأضاف "إنّ ظهور شلل الأطفال في الشهرين الماضيين يخبرك بكل ما تحتاج إلى معرفته".
وتضيف الصحيفة أنّ مذكرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، كانت مؤشرًا على وجود خلاف عميق داخل إدارة بايدن، بشأن قضية المساعدات العسكرية المرسلة لإسرائيل. إذ أرسل السفير الأمريكي في القدس المحتلة “جاك لو”، في مارس الفائت، برقية إلى بلينكن يزعم فيها أنّ مجلس الحرب الإسرائيلي، الذي يضم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، يجب أن يؤخذ على أنه محل ثقة من ناحية عملية تسهيل إيصال شحنات الإغاثة إلى الفلسطينيين.
واعترف جاك لو بأنّ "أعضاء آخرين داخل الحكومة الإسرائيلية حاولوا إعاقة حركة المساعدات الإنسانية"، وفقًا لنسخة من برقيته حصلت عليها الصحيفة. لكنه أوصى أيضًا بمواصلة تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل لأنه "قدّر أنّ إسرائيل لن تمنع أو تقيد أو تعيق بشكل تعسفي شحنات الغذاء والدواء التي تقدمها الولايات المتحدة أو تدعمها"، حسب البرقية.
وأضاف لو بأنّ المسؤولين الإسرائيليين يستشهدون بشكل مستمر "بالرأي العام الإسرائيلي السلبي والمضاد لسماح دخول المساعدات للفلسطينيين، خاصة عندما تستولي حماس على أجزاء منها، وفي ظل وجود الرهائن لدى حركة حماس في غزة".
من جهتها، لم تستجب الحكومة الإسرائيلية لطلب التعليق ولكنها قالت في الماضي إنها تتبع قوانين الحرب، على عكس حماس، حسب ادعائها.
وفي الأشهر التي سبقت تلك البرقية، أُبلغ “لو” مرارًا وتكرارًا عن حالات أعاق فيها الإسرائيليون دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وذلك وفقًا لأربعة مسؤولين أميركيين مطلعين على عمليات السفارة في إسرائيل، وعلى تصريحات “لو” التي قالوا إنها نشرت الذعر بينهم.
وصرّح مسؤول ثانٍ بأنّ السفير "لو" كانت لديه القدرة على الوصول إلى نفس المعلومات التي يمتلكها قادة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في واشنطن، بالإضافة إلى الأدلة التي جمعها دبلوماسيو وزارة الخارجية المحليون العاملون في القدس المحتلة.
وكتب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية أنّ "السفير لو كان في طليعة عمل الولايات المتحدة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، فضلًا عن الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، من شأنه أن يضمن إطلاق سراح الرهائن، وتخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة، وإنهاء الصراع".
تقول الصحيفة في تقريرها، إنّ مسألة ما إذا كانت إسرائيل تعيق إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة أم لا قد حظيت باهتمام واسع النطاق، منذ بداية الحرب. وقبل بيان بلينكن أمام الكونغرس، نقلت وكالة رويترز مخاوف الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بشأن حصيلة الضحايا في غزة، والتي بلغت الآن نحو 42 ألف ضحية، وأنّ بعض المسؤولين داخل وزارة الخارجية، بما في ذلك مكتب اللاجئين، حذروه من أنّ أرقام وتحقيقات الاحتلال الإسرائيلي ليست ذات صدقية. مع العلم بأنه قد سبق أن تم تقديم مذكرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والاستنتاجات العامة التي توصلت إليها.
ولكن الأدلة التي توصلت إليها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وما انتهى إليه مكتب اللاجئين في إبريل الفائت، وتصريحات الخبراء في السفارة الأميركية في القدس المحتلة، تكشف عن جوانب جديدة من الانقسام الكبير داخل إدارة بايدن، وكيف برّر كبار الدبلوماسيين الأميركيين سياسته المتمثلة في الاستمرار في تزويد إسرائيل بالأسلحة رغم اعتراضات خبرائهم.
وفي السياق ذاته، استقالت “ستايسي جيلبرت”، المستشارة السابقة في مكتب اللاجئين، بسبب اللغة المستخدمة في النسخة النهائية للتقرير الذي قدمه يلينكين للكونغرس في شهر مايو الفائت، إذ كانت تعمل على مسودات التقرير قبل تقديمه. وكتبت في بيان بعد وقت قصير من استقالتها، والذي نشرته صحيفة واشنطن بوست ووسائل إعلام أخرى أنّ "هناك أدلة وفيرة تثبت أنّ إسرائيل مسؤولة عن عرقلة المساعدات، وإنكار هذا لهو أمر سخيف ومخز"، مضيفة إلى أنّ "هذا التقرير وأكاذيبه الصارخة سوف تطاردنا".
ووفقًا لمسؤول مطّلع على نشاط السفارة الأميركية في القدس المحتلة، فإنّ مقر وزارة الخارجية في واشنطن لم يكن دائمًا مرحبًا بهذا النوع من المعلومات، المقدم من الخبراء الأميركيين بخصوص أزمة دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وهذا ما تؤكده الأعداد الضئيلة والصحيحة من شحنات المساعدات المسموح لها بالدخول.
وصرّح مصدر آخر للصحيفة أنه "في كثير من الأحيان لم يقبلوا ذلك لأنه كان أقل مما قاله الإسرائيليون، وكان الشعور في واشنطن هو أنهم يريدون رؤية زيادة المساعدات لأنّ إسرائيل أخبرتنا بذلك".
أميركا تستمر في إرسال الأسلحة لإسرائيل رغم انتهاكها القانون الأميركي
وفي الوقت الذي تمتلك فيه إسرائيل صناعة كاملة للأسلحة الخاصة بها، يعتمد الاحتلال بشكل كبير على الطائرات والقنابل والأسلحة الأميركية الأخرى التي تسلمها باستمرار من أميركا. فمنذ أكتوبر الفائت، شحنت الولايات المتحدة أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة إلى إسرائيل، والتي يقول الجيش الإسرائيلي إنها كانت "حاسمة لدعم" "القدرات العملياتية" لقوات الدفاع الإسرائيلية، أثناء الحرب الجارية على فلسطين.
وتمنح الولايات المتحدة الأميركية الحكومة الإسرائيلية ما يعادل 3.8 مليار دولار سنويًا، كمساعدات لشراء الأسلحة المصنعة في أميركا. من جهة أخرى، يفرض الكونغرس الأميركي والسلطة التنفيذية لوائح قانونية حول كيفية استخدام إسرائيل والشركاء الآخرين لهذه الأموال.
وأحد تلك اللوائح القانونية هو قانون المساعدات الخارجية، الذي يُعرف الجزء الخاص فيه بالمساعدات الإنسانية باسم "620I"، والذي يعود تاريخه إلى حظر تركيا لأرمينيا خلال التسعينيات. ولم يتم تنفيذ هذا الجزء من القانون على نطاق واسع. ولكن هذا العام، تحدثت علنًا بعض جمعيات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى سياسيين تابعين للحزب الديمقراطي في الكونغرس عن هذه القضية، ودعوا الرئيس بايدن إلى استخدام المذكرة 620I للضغط على الإسرائيليين للسماح بدخول المساعدات بحرية إلى قطاع غزة.
وردًّا على ذلك، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، عن سياسة تسمى مذكرة الأمن القومي، أو"NSM-20"، وذلك لإلزام وزارة الخارجية الأميركية بفحص مذكرات إسرائيل حول ما إذا كانت تمنع دخول المساعدات، ومن ثم إبلاغ نتائجها إلى المشرعين. وإذ خلص بلينكن أنّ الإسرائيليين لم يسهلوا المساعدات بل كانوا يقيدونها بشكل تعسفي، فإنّ الحكومة الأميركية بدورها ستكون ملزمة بموجب القانون بوقف المساعدات العسكرية التي ترسلها إلى إسرائيل.
وعليه قدّم بلينكن التقرير الرسمي للوكالة، في العاشر من مايو الفائت، منحازًا إلى السفير الأميركي في القدس المحتلة "لو"، مما يعني أنّ الدعم العسكري سيستمر.
وفي بيانٍ رسمي نشر في اليوم نفسه، انتقد السيناتور الأميركي "كريس فان هولن"، وهو ديمقراطي من ولاية ماريلاند، الإدارة لاختيارها "تجاهل متطلبات مذكرة الأمن القومي"NSM-20".
وصرّح فان هولن بأنّ "ما إذا كانت إسرائيل تمتثل في هذه اللحظة للمعايير الدولية فيما يتعلق بتسهيل المساعدات الإنسانية للمواطنين اليائسين الجائعين، فقد يكون ذلك محل جدل"، وأضاف أنه "ما لا يمكن إنكاره بالنسبة لأولئك الذين لا يغضون البصر عن الواقع، هو أنّ إسرائيل قد انتهكت هذه المعايير مرارًا وتكرارًا على مدى الأشهر السبعة الفائتة".
إسرائيل تمنع دخول مستلزمات أساسية للقطاع زاعمة أنها لدوعي أمنية
وجدير بالذكر أنه اعتبارًا من مطلع شهر مارس الفائت، أصبح هناك ما لا يقل عن 930 شاحنة محملة بالغذاء والأدوية وغيرها من الإمدادات عالقة على الحدود بين مصر وفلسطين في انتظار موافقة الإسرائيليين، وذلك وفقًا لمذكرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وكتب المسؤولون حينها، أنّ الحكومة الإسرائيلية تعرقل المساعدات بشكل متكرر من خلال فرض روتين بيروقراطي، مما يصعب عملية تدفق المساعدات للقطاع بسلاسة.
ويضيف التقرير الصحفي، أنّ الاحتلال الإسرائيلي استغرق أسابيع أو أشهرًا للرد على بيانات وتقييمات المؤسسات الإنسانية والإغاثية، التي قدمت قوائم محددة بالأدوات والاحتياجات اللازمة للمرور، منتظرين الموافقة لدخولها عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية المعنية.
وغالبًا ما تنكر إسرائيل هذه الطلبات صراحةً أو تقبلها في بعض الأيام ولكن ليس على الدوام. وجاء في المذكرة أنّ الحكومة الإسرائيلية "لا تقدم مبررًا، أو تصدر رفضًا شاملًا، أو تستشهد بعوامل ضرورية لرفض أو منع دخول مستلزمات معينة".
وقال مسؤولون إسرائيليون لمحامي وزارة الخارجية إنّ الحكومة الإسرائيلية "عززت قدرتها على إجراء فحوصات أمنية وأكدت أنها لا تفرض أي قيود على عدد الشاحنات التي يمكن تفتيشها قبل دخول غزة"، وفقًا لمذكرة منفصلة أرسلت إلى أنتوني بلينكين، واطلعت عليها الصحيفة.
وألقى المسؤولون الإسرائيليون اللوم على المؤسسات الإنسانية والإغاثية زاعمين بأنهم السبب الحقيقي وراء عدم دخول مساعدات إغاثية كافية للقطاع، إذ يقول خبراء الوكالة الأمبركية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية الذين يعملون مباشرة مع هذه الجماعات، إن هذا غير صحيح.
وعلى صعيد آخر، تحصلت صحيفة برو بابليكا الأميركية على رسائل بريد إلكتروني منفصلة، وضح فيها بالتحديد مسؤولو المساعدات الإنسانية، المستلزمات التي حظرتها إسرائيل من الدخول إلى غزة عبر الشاحنات، بما في ذلك معدات المأوى في حالات الطوارئ، والمصابيح الشمسية، ومواقد الطهي، ومستلزمات تحلية المياه، لأنها اعتبرتها "ذات استخدام مزدوج"، مما يعني أنّ حماس يمكن أن تستغل تلك المواد والأدوات، حسبما علق الاحتلال بخصوصها. وتُظهر رسائل البريد الإلكتروني أيضًا، أنّ بعض الشاحنات التي تم رفضها كانت تحمل مستلزمات ممولة من الولايات المتحدة مثل مستلزمات النظافة الشخصية.
ووجهت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مذكرة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، استشهدت فيها بالعديد من الحوادث التي تم الإبلاغ عنها علنًا، والتي تعرضت فيها مرافق وعمال الإغاثة لضربات جوية إسرائيلية، وزعمت حكومة الاحتلال الإسرائيلي أنّ معظم هذه الحوادث كانت محض أخطاء.
ووجدت الوكالة أنّ إسرائيل غالبًا ما وعدت باتخاذ التدابير الكافية لمنع مثل هذه الحوادث، لكنها فشلت في كثير من الأحيان في تنفيذها. وعلى سبيل المثال لا الحصر، حدث يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الفائت، أنّ قافلة إغاثة كانت تحاول الرجوع إلى مقرها، عن طريق ما خصصته لهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، ورُفض السماح لها بعبور نقطة تفتيش عسكرية، على الرغم من تصريح سابق من الاحتلال يفيد بسماح عبورها. ثم أثناء عودتها أطلقت قوات الاحتلال النار على عمال الإغاثة، فقتُل اثنان منهم.
اقرأ/ي أيضًا
ما حقيقة ادعاء إسرائيل بأن سبب تعطيل قافلة لقاح شلل الأطفال وجود ما سمتهم مشتبهًا بهم
المزاعم الإسرائيلية بعد مجزرة المواصي: تشكيك بأعداد الضحايا وعدم استهداف للمدنيين