بدءًا من مزاعم قطع رؤوس الأطفال في عملية طوفان الأقصى، مرورًا بادعاءات المسؤولين وتصريحاتهم الرسمية، ووصولًا إلى الانحياز والتضليل الذي مارسته العديد من وسائل الإعلام الغربية، عمل مسبار على مدار عام كامل لتفنيد كافة أنواع المزاعم الإسرائيلية، وتقديم صورة واضحة وحقيقية للأحداث.
فمنذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى السابع من أكتوبر 2024، تصاعدت وتيرة الأخبار والمعلومات المضللة، سواء من المصادر الإسرائيلية أو من وسائل إعلام عالمية. على إثر ذلك، نشر مسبار أكثر من 3800 تحقيق باللغتين العربية والإنجليزية، إضافة إلى مئات المقالات التي ركّزت على تحليل شامل للادعاءات المضللة المرتبطة بالبروباغندا الإسرائيلية.
في هذا المقال نستعرض بعض نماذج المقالات التي عمل مسبار فيها على تفنيد الرواية الإسرائيلية.
تبرير إسرائيل لاستهداف المستشفيات والتنصل من المسؤولية
بدأت الروايات الإسرائيلية الزائفة حول استهداف المستشفيات بدءًا من قصف مستشفى الأهلي المعمداني في 17 أكتوبر 2023، والذي أودى بحياة أكثر من 470 ضحية. فعقب المجرزة في مستشفى المعمداني، نفت إسرائيل مسؤوليتها وألقت اللوم على فصائل المقاومة الفلسطينية. وادّعت وسائل إعلام إسرائيلية أن “الصاروخ الذي أصاب المستشفى أطلقته حركة الجهاد الإسلامي عن طريق الخطأ، بعدما أطلقت صواريخ من مقبرة قريبة”.
حلّل مسبار، حينها، جميع الادعاءات الإسرائيلية والمعطيات المتوفرة عبر المصادر المفتوحة، ووصل إلى نتائج ومعطيات عدّة، تجدونها في هذه الحلقات التالية:
وتكررت الادعاءات الإسرائيلية بشأن استهداف المستشفيات في غزة، إذ زعمت مرارًا دون تقديم أدلة عن وجود مقرّات لحماس تحت مستشفى الشفاء. كما بررت إسرائيل استهداف مستشفيات أخرى مثل مستشفى الرنتيسي ومستشفى كمال عدوان، مدعيةً أن الفصائل الفلسطينية تستخدم هذه المنشآت لأغراض عسكرية، مثل تخزين الأسلحة أو إطلاق الصواريخ منها. ووفقًا لهذه الادعاءات، تعتبر إسرائيل تلك المستشفيات أهدافًا عسكرية مشروعة.
وكشف مسبار في مقالات عدة عن أبرز المؤشرات التي تدحض الرواية الإسرائيلية حول هذه المستشفيات.
الإعلام المتحيّز لإسرائيل وازدواجية المعايير
منذ بدء الحرب على غزة، لاحظ مسبار تحيّزًا واضحًا من قبل بعض وسائل الإعلام الغربية التي نقلت الأخبار بتغطية غير متوازنة. كانت العديد من هذه الوسائل تعتمد على المصادر الرسمية الإسرائيلية دون التحقق من صحة المعلومات، مما أدى إلى نشر تقارير مضللة.
رصد مسبار هذا التحيّز المتكرر وقدّم مقالات وتحقيقات تكشف عن الأساليب المستخدمة لتوجيه الرأي العام الغربي نحو تبني وجهة النظر الإسرائيلية. على سبيل المثال، لاحظ مسبار تعامل بعض وسائل الإعلام الغربية مع تصريحات الأسيرة الإسرائيلية يوخفيد ليفشيتز، التي أفرجت عنها حركة حماس في 23 أكتوبر 2023.
استهداف المدنيين في المناطق التي ادّعت إسرائيل أنها آمنة
يدّعي الاحتلال الإسرائيلي أن قواته تحذّر سكان قطاع غزة قبل استهداف منازلهم أو مواقعهم، بدعوى "الحفاظ على سلامتهم". لكن اللقطات التي وثّقتها الكاميرات لقصف العائلات أثناء نزوحها، والقصف المستمر على منازل المدنيين أو على أماكن تواجدهم، تنفي صحة هذه الادعاءات. وفي هذا السياق، نشر مسبار مقالات عدّة تثبت زيف الادعاءات الإسرائيلية حول عدم استهداف النازحين.
مشاهد ومقاطع صوتية مفبركة أو مشكوك بها
من مظاهر التضليل الإسرائيلي التي عمل مسبار على تفنيدها، هي نشر حسابات إسرائيلية أو داعمة لإسرائيل مقاطع فيديو، يبدو واضحًا أنّها مفبركة، أو تثير شكوكًا حول صحّتها. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نُشر مقطع فيديو على أنّه لممرضة فلسطينية في مستشفى الشفاء، ادّعت أن عناصر هاجموا المستشفى وسرقوا الأدوية والوقود، ما أعاق تقديم الرعاية للمرضى. لكن بعد تحليل مقطع الفيديو، وجد مسبار مؤشرات عدّة على أنّه مفبرك.
ونشر مسبار مقالًا قدّم فيه حقيقة مقطع فيديو نشره المتحدّث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ادّعى أنه لمطاردة كلاب تابعة للجيش الإسرائيلي لمقاتلين من حماس داخل الأنفاق.
وعلى غرار مقاطع الفيديو، نشرت حسابات إسرائيلية مقاطع صوتية في أوقات محدّدة تثير الشكوك، لكن اتّضح بعد تحليلها أنها قد تكون مفبركة وليست حقيقية. على سبيل المثال، بعد قصف المستشفى المعمداني، نشر المتحدّث باسم الجيش الإسرئيلي، أفيخاي أدرعي، وحسابات إسرائيلية رسمية أخرى، مقطعًا صوتيًّا على أنّه من مكالمة بين ناشط سابق في حماس وأحد سكان غزة، يتحدثان عن فشل إطلاق صواريخ من قبل حركة الجهاد الإسلامي قرب مستشفى المعمداني، معتبرين ذلك دليلًا على عدم مسؤوليتهم عن المجزرة التي حدثت في المستشفى. لكن مسبار وجد عوامل عدة تثير الشكوك في صحّة التسجيل.
التشكيك في أعداد الضحايا والطعن بصدقية موتهم
شنّت إسرائيل، بدعم رسمي وإعلامي من الولايات المتحدة الأميركية، حملة واسعة للتشكيك في دقة التقارير التي توثق أعداد الضحايا والجرحى في قطاع غزة. إذ تهدف هذه الحملة إلى زعزعة الثقة في المصادر المحلية والدولية التي توثق الانتهاكات، وتبرير العمليات العسكرية الإسرائيلية وتقليل التعاطف الدولي مع الضحايا.
إضافة إلى ذلك، رصد مسبار حملات إسرائيلية للتشكيك في حقيقة مشاهد الموت والدمار التي تنتشر عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، مثل حملة باليوود، وحملة غزة-وود.
الحصار الخانق على القطاع ومنع دخول المساعدات
تستخدم إسرائيل التضليل الإعلامي لتبرير تقليص أو تأخير دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، من خلال اتهام حركة حماس بسرقة المساعدات، مما يؤدي إلى إعاقة وصولها إلى المدنيين المحتاجين. في الوقت ذاته، تدعي إسرائيل أنها تسهل إدخال المساعدات إلى القطاع، رغم الحصار المشدد والإجراءات المعقدة التي تفرضها على المعابر. هذه الرواية تهدف إلى تحميل حماس مسؤولية الأزمات الإنسانية في غزة، بينما تتجاهل الأثر الكبير للحصار والقصف المتواصل الذي يمنع تدفق الإمدادات الحيوية، مثل الغذاء والدواء.
ادعاءات المسؤولين وتصريحاتهم المضللة
لم تكن المزاعم الإسرائيلية مقتصرة على الادعاءات التي انتشرت في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، بل تضمنت أيضًا تصريحات رسمية من قبل المسؤولين الإسرائيليين وغيرهم. العديد من تلك التصريحات أو البيانات التي كانت تصدر من قبل الحكومة الإسرائيلية أو قادة الجيش الإسرائيلي، كانت تحمل في طياتها مغالطات أو معلومات مبالغ فيها، فعمل مسبار على كشف هذا التضليل الذي يهدف إلى تعزيز الرواية الإسرائيلية لدى الرأي العام الدولي.
تضليل المؤثرين الإسرائيليين والسخرية من الضحايا
يستخدم بعض المؤثرين الإسرائيليين أسلوب السخرية كقناع لتضليل الرأي العام، إذ يروجون لروايات مفادها أن الفلسطينيين يفبركون مشاهد موتهم ومعاناتهم، رغم الأدلة القاطعة والإحصاءات الموثقة التي تثبت عكس ذلك. تروج هذه الحملات الدعائية الإسرائيلية لفكرة أن الفلسطينيين يقومون بتضخيم الأضرار لاستدرار التعاطف الدولي، بهدف صرف الانتباه عن الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في قطاع غزة والضفة الغربية.
في المقابل، تحقّق مسبار من هذه الادعاءات في عدة مقالات، وتبيّن أن العديد من مقاطع الفيديو والصور التي ادعت إسرائيل أنها مفبركة هي في الواقع موثقة وتثبت الانتهاكات الجسيمة ضد الفلسطينيين. يسهم هذا النوع من التضليل الإعلامي في تشويه الحقائق وإضعاف جهود المجتمع الدولي في محاكمة إسرائيل على الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحقّ الفلسطينيين في قطاع غزّة.
المنظمات الدولية ودورها في دعم إسرائيل
في الحرب على غزّة، رصد مسبار مجموعة من المنظمات الدولية التي تعزّز السردية الإسرائيلية من خلال استهداف المحتوى الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي، واستهداف الأكاديميين المنتقدين لإسرائيل، وإسكات الأصوات المناهضة للرواية الإسرائيلية.
ادعاءات حول اعتداءات جنسية وقتل الأطفال
إحدى أبرز الادعاءات التي تم تداولها على نطاق واسع كانت تلك المتعلقة بمزاعم قطع رؤوس الأطفال خلال عملية طوفان الأقصى. إذ شكّلت هذه الادعاءات مثالًا صارخًا على استخدام الرعب كأداة للتلاعب بالمشاعر الإنسانية، ودفع الرأي العام نحو تأييد العدوان. وقد عمل مسبار على تحليل هذه الادعاءات وكشف عن غياب الأدلة القاطعة التي تؤكد صحتها.
إضافة إلى ذلك، روجت إسرائيل لادعاءات تفيد بحدوث اعتداءات جنسية على أسيرات إسرائيليات على يد حركة حماس، إضافة إلى مزاعم عن اعتداءات جنسية أخرى وقعت أثناء عملية طوفان الأقصى. كما انتشرت ادعاءات تفيد بقتل أطفال وتعليقهم على حبال الغسيل. رغم الانتشار الواسع لهذه الروايات في وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية، لم يتم تقديم أدلة دامغة تثبت صحة هذه الادعاءات.
ارتكاب المجازر ومحاولة التهرّب من المسؤولية
عقب ارتكاب المجازر في قطاع غزة، تلجأ إسرائيل بشكل متكرر إلى التنصل من مسؤوليتها عن هذه الجرائم، متهمة فصائل المقاومة الفلسطينية بارتكابها أو تحميلها المسؤولية عن سقوط الضحايا أو تلجأ إلى التشكيك بأعداد الضحايا كما حدث في مجزرة المواصي. ومن أبرز المجازر التي ارتكبتها إسرائيل، مجزرة جباليا، ومجزرة شارع الرشيد، ومجزرة مدرسة التابعين.
ورغم هذه المزاعم الإسرائيلية، إلا أن المؤشرات التي رصدها مسبار تدل على مسؤولية الاحتلال في ارتكاب هذه المجازر.
جهود مسبار في تغطية الحرب الإسرائيلية على مدار عام
على مدار عام كامل، عمل فريق مسبار على كشف زيف الادعاءات الإسرائيلية وتفنيد الروايات التي حاولت التغطية على الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة. مع استمرار الصراع وازدياد الحاجة إلى المعلومات الدقيقة، يبقى دور مسبار أساسيًا في تقديم الحقيقة للمجتمع العربي والدولي، والمساهمة في تعزيز وعي الجمهور حول أهمية التحقق من المعلومات في زمن يسوده التضليل الإعلامي.
اقرأ/ي أيضًا
على غرار مزاعمها في غزة: إسرائيل تدعي وجود أسلحة في منازل لبنانيين لتبرير قصفها
على غرار تغطيتها لحرب غزة.. وسائل إعلام غربية تنحاز لإسرائيل في تقاريرها حول العدوان على لبنان
كيف تؤدي شروط وتعديلات نتنياهو إلى إفشال المحاولات المتجددة لوقف إطلاق النار في غزة؟
دمار واسع.. صور الأقمار الصناعية تدحض المزاعم الإسرائيلية والأميركية بمحدودية اجتياح رفح