أفاد تقرير أصدرته لجنة التحقيق الدولية المستقلة، التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة، في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أنّ الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب، عبر سياسة منسقة لتدمير نظام الرعاية الصحية في قطاع غزة، من خلال هجمات مستمرة ومتعمدة على العاملين الطبيين والمرافق الطبية، ما تسبب في معاناة مباشرة وغير مباشرة أدت لانهيار النظام الصحي المتوفر في القطاع.
وأكدت اللجنة من خلال تحقيقها المستقل، أنّ قوات الأمن الإسرائيلية تعمدت قتل واحتجاز وتعذيب العاملين في القطاع الطبي، واستهداف مركباتهم.
ورفضت إسرائيل من خلال بعثتها لدى الأمم المتحدة بجنيف، تقرير اللجنة الأممية المستقلة ووصفته بأنه "مشين". وقالت إنّ “هذا التقرير الأخير هو محاولة فاضحة أخرى للجنة التحقيق الدولية لنزع الشرعية عن وجود دولة إسرائيل وعرقلة حقها في حماية سكانها، مع التستر على جرائم منظمات إرهابية”.
إذ تدعي إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة، في الثامن من أكتوبر 2023، أنّ حركة حماس تستخدم المنشآت والمرافق الصحية في القطاع لأسباب عسكرية، بالإضافة لزعمها استخدام حركة حماس للمستشفيات كمخازن أسلحة، وذلك دون تقديم أدلة تثبت هذا الادّعاء، وهو ما لم تؤكده التقارير الأممية، أيضًا.
كيف استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنشآت الصحية في القطاع؟
يرد في التقرير الأممي المستقل عن جرائم الحرب التي قامت بها القوات الإسرائيلية، أنه بدءًا من يوم السابع من أكتوبر 2023، حتى يوم 30 يوليو/تموز الفائت، نفذت إسرائيل 498 هجومًا على منشآت الرعاية الصحية في القطاع، حسب منظمة الصحة العالمية. وأضافت المنظمة أنّ 747 ضحية سقطت، في القطاع، جراء الهجمات بشكل مباشر، وأصيب نحو 969 آخرين بجروح مختلفة بطرق غير مباشرة، وسجلت تضرر 110 مرفقًا صحيًّا.
وأضافت منظمة الصحة العالمية، أنّ نسبة "78 في المئة من الهجمات التي وقعت في الفترة الفاصلة بين السابع من أكتوبر و30 يوليو الفائت، تمت باستخدام القوة العسكرية، 35 في المئة منها لعرقلة إمكانية الوصول، وتسعة في المئة منها يشمل عمليات تفتيش واحتجاز عسكرية" من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ويضيف التقرير، أنّ الاحتلال قام أيضًا بتنفيذ ضربات جوية ممنهجة على العديد من المستشفيات في القطاع، ومحاصرتها عسكريًا، مما تسبب في أضرار جسيمة بالمباني. ويتابع التقرير أنّ القوات الإسرائيلية أصدرت أوامر بالإخلاء ومن ثم منعت عمليات الخروج الآمنة، وداهمت العديد من المستشفيات واعتقلت الكوادر الطبية والمرضى الموجودين في المستشفيات. بل و"قامت قوات الأمن الإسرائيلية أيضًا بعرقلة وصول الوكالات الإنسانية" للمنشآت الصحية.
تعمد استهداف للمستشفيات الكبرى
أفاد التقرير أنّ إسرائيل استهدفت عمدًا أربع مستشفيات، وأضاف أنّ الاستهداف لم يقتصر فقط على القصف الجوي، بل من خلال قناصة يطلقون النيران على الموجودين في المستشفى، خاصة في العودة، الشفاء وناصر.
وبحسب التقرير، نفى كبار موظفي المستشفيات في القطاع، ومديرو المنشآت الصحية، في مقابلات لهم مع اللجنة، أن تكون هناك أي نشاطات عسكرية لحركة المقاومة الفلسطينية حماس، داخل هذه المنشآت..
الاحتلال الإسرائيلي ينتهك القانون الدولي الإنساني
ويخلص التقرير في استنتاجاته إلى أنّ "إسرائيل قد نفذت سياسة منسقة من أجل تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة. إذ تعمد عناصرها قتل وجرح واعتقال واحتجاز وإساءة معاملة وتعذيب الطواقم واستهداف المركبات الطبية، وهي جرائم حرب تتمثل في القتل العمد وسوء المعاملة، وجريمة ضد الإنسانية تتمثل في ارتكاب أعمال الإبادة.
وقامت السلطات الإسرائيلية بتنفيذ هذه الأعمال في الوقت الذي شدّدت الخناق على قطاع غزة، مما أدى إلى عدم وصول إمدادات الوقود والغذاء والماء والأدوية والمستلزمات الطبية إلى المستشفيات، وأيضًا في الوقت الذي قلصت فيه بشكل كبير من تصاريح خروج المرضى من القطاع لتلقي العلاج.
وترى اللجنة أن هذه الإجراءات اتخذت كعقاب جماعي ضد الفلسطينيين في غزة وهي جزء من الهجوم الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، الذي بدأ في السابع من أكتوبر 2023.
اقرأ/ي أيضًا
ادعاء مضلل عن تقديم الجيش الإسرائيلي أسطوانات أكسجين ومعدات طبية لمستشفى الأمل