يشير مصطلح alt-tech إلى مواقع التواصل الاجتماعي الشائعة بين حركات وأحزاب اليمين البديل (اليمين المتطرف)، والمجموعات المتطرفة الأخرى. إذ أصبحت هذه المواقع مراكز للمعلومات المضللة وانتشار نظريات المؤامرة، بسبب الرقابة الضئيلة التي تمارس عليها، وتركيزها على "حرية التعبير عن الرأي" بغض النظر عن المحتوى.
ومن أمثلة مواقع التواصل الاجتماعي البديلة، موقع تشان4 - 4chan، بيت شوت - BitChute، غاب - Gab، غيتتير - Gettr، بارلر - Parler، رامبل - Rumble، تطبيق تليغرام -Telegram، والمنصة التابعة للرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب وهي تروث سوشيال -Truth social .
بين مواقع التواصل التقليدية ومواقع التواصل البديلة: إدارة المحتوى والمعلومات المضللة
أحد أبرز الفروق بين مواقع التواصل الاجتماعي البديلة التابعة لليمين والمواقع التقليدية أو الشهيرة، هو كيفية تعامل كل منها مع المحتوى المعدل (الصور ومقاطع الفيديو، على سبيل المثال) والمحتوى غير الموثوق.
فعلى سبيل المثال، تطبق المواقع التقليدية مثل موقعي إكس ويوتيوب معايير ضد الوسائط المعدلة، والمعلومات المستمدة من مصادر مخترقة، والتي يمكن تصنيفها على أنها اختراق وتزوير وتسريب.
وعلى النقيض من ذلك، لم تفرض مواقع اليمين البديلة مثل BitChute وParler أي قيود على المحتوى، وفقًا للدراسة المنشورة بعنوان "تقييم سياسات وممارسات إدارة المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي البديلة"، على موقع الدراسات العلمية SocArXiv، في الثالث من أغسطس/آب عام 2021.
تمثل السياسات المناهضة لخطاب الكراهية والتمييز، اختلافًا جوهريًا بين المواقع البديلة والسائدة أو التقليدية، فعادةً ما يتم التعامل مع خطاب الكراهية باعتباره جريمة جنائية على المواقع السائدة، ولكن لا يتم اعتباره خطاب كراهية في سياسات المواقع البديلة.
تنص سياسة يوتيوب YouTube مثلًا على إزالة "المحتوى الذي يروج للعنف أو الكراهية ضد الأفراد أو الجماعات بناءً على سمات معينة"، على النقيض من ذلك، لا يتم ذكر خطاب الكراهية في سياسة منصة BitChute.
15 % من الحسابات المؤثرة على مواقع اليمين البديلة محظورة من المواقع الرئيسية
من جانبه، قام مركز بيو "PEW" للأبحاث بفحص 200 حساب نشط، تم اختيارهم على أساس عدد متابعيهم على كل المنصات المذكورة أعلاه، إذ قامت العديد من الحسابات التي تم حظرها على مواقع رئيسية أخرى، بإنشاء حسابات جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي اليمينية البديلة، بسبب سياسات حرية التعبير الخاصة بها.
وتشير الدراسة إلى أنّ هذه المواقع قد تكون أحد الأسباب في زيادة الخطاب الذي يحض على الكراهية. وعند المقارنة مع مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر رسوخًا، والذين يعرفون أنفسهم في المقام الأول بأنهم ديمقراطيون أو يميلون إلى الحزب الديمقراطي، فإنّ 66% من أولئك الذين يحصلون بانتظام على معلوماتهم من أحد مواقع التواصل الاجتماعي اليمينية البديلة السبعة، يعرفون أنفسهم على أنهم جمهوريون أو يميلون إلى الحزب الجمهوري.
وتضيف الدراسة، أنّ أكثر من 15% من الحسابات البارزة على هذه المواقع البديلة، بما في ذلك حساب دونالد ترامب، تم إيقاف أو حظرها بشكل مؤقت أو دائم في بعض الحالات، على المواقع البارزة التقليدية. وهذا الاتجاه واضح بشكل خاص على موقع BitChute الذي يركز على مقاطع الفيديو، حيث تم حذف أكثر من 35% من الحسابات البارزة أو إلغاء استخدامها من مواقع تواصل اجتماعي تقليدية أخرى.
وفي العديد من الحالات، استند الحظر أو إلغاء الحسابات إلى أدلة تشير إلى أنّ هذه الحسابات نشرت معلومات مضللة أو غير دقيقة.
الانتخابات الأمريكية لعام 2024 والاستقطاب السياسي
ووفقًا للدراسات الأمنية في جورج تاون، يتوقع معظم الخبراء السياسيين أن تشهد الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 استقطابًا، ربما بنفس مستوى الانتخابات السابقة لعام 2020.
ومن ناحيته، قال أورين إيتزيوني وهو خبير الذكاء الاصطناعي وأستاذ فخري في جامعة واشنطن، في حوار له مع وكالة أسوشيتد برس الأميركية، "أتوقع موجة تسونامي من المعلومات المضللة، لا يمكنني إثبات ذلك، آمل أن أكون على خطأ في تقديري، لكن المعطيات موجودة، وأنا مرعوب تمامًا".
وفي السياق ذاته، أنشأ الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، دونالد ترامب موقع التواصل الاجتماعي الخاص به، باسم Truth Social، في أوائل عام 2022، وذلك عقب حظره من مواقع التواصل على غرار فيسبوك، وإكس (تويتر سابقًا).
ويذكر موقع Similarweb، الذي يوفر إحصائيات تقيس نسب وأعداد زيارات المستخدمين لمواقع على شبكة الإنترنت، أنّ منصة Truth Social حصدت مليون ونصف زائر/ة من الولايات المتحدة في مارس/آذار الفائت، أي ما يقارب زيادة 130% عن الشهر السابق، عندما بدأت الشركة الأم (truth social) التداول في الأسواق العامة.
وعلى الرغم من أنّ عدد زوار المنصة كان صغيرًا مقارنة بمواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة، إلا أنه كان أكبر بثلاث عشرة مرة من إجمالي عدد الزوار، لدى موقعي Gettr وParler مجتمعين.
ووفقًا للبحث الذي نشر على موقع الدراسات العلمية sage journals عام 2022، باسم "تسييس الخطابات وتطرفها في النظام البيئي لمواقع التواصل الاجتماعي اليمينية البديلة"، تمكنت بعض مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة من تطوير بدائل مستقرة وقابلة للتطبيق، من قبل المستخدمين غير "التقليديين أيديولوجيًا" أي الذين لا ينتسبون للأحزاب الكبيرة المسيطرة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى زيادة الاستقطاب السياسي من جانب تلك المواقع. وقد سمح لهم هذا بالحفاظ على قاعدة مستخدمين صغيرة نسبيًا ولكنها قوية وصريحة.
في السياق ذاته، اقتصرت منصة غاب "Gab" على الموضوعات السياسية الحساسة أو بعض الخطابات والمحتوى الإشكالي مثل خطاب الكراهية والمعلومات المضللة ونظريات المؤامرة.
وشهدت المنصة شعبية وتطورًا استثنائيين بعد انضمامها إلى موقع التواصل الاجتماعي Mastodon في عام 2019، ومرورها بفترات حساسة من ناحية انتشار المعلومات مثل جائحة كوفيد-19، والانتخابات الرئاسية الأميركية في عامي 2016 و2020، إلى جانب الأحداث التي تلت ذلك.
ومن جهتها، اكتسب موقع 4chan وخاصة نموذج النقاش الخاص به المعروف بـ "pol" وهو عبارة عن منصة داخلية للنقاش السياسي الذي لا يلتزم الصوابية السياسية في مضمون نقاشاته، سمعة سيئة، بسبب تعزيزها وجهات النظر المتطرفة. وأصبحت مركزًا لمناقشات اليمين البديل المتطرف، وخاصة خلال انتخابات الولايات المتحدة عام 2016.
المشاعر المعادية للمهاجرين والمواقع اليمينية في أوروبا
إنّ عمليات تحليل خصائص الجمهور، التي تتنبأ بقابلية استخدامها وسائل الإعلام اليمينية البديلة على الإنترنت، يؤكد بشكل أكبر مدى أهمية هذه المواقع.
فوفقًا للبحث المعنون "من يستخدم وسائل الإعلام البديلة اليمينية على الإنترنت؟"، فإنّ العوامل الرئيسية التي تشجع المستخدمين للجوء لمثل هذه المواقع، هي المصلحة السياسية والموقف السلبي تجاه الهجرة، وقد تم تأكيد هذه النتيجة من خلال دراسات أخرى تثبت أنّ وسائل الإعلام اليمينية تركز في المقام الأول على انتقاد الهجرة والسياسات المتعلقة بالهجرة.
وتشير النتائج إلى أنه وعلى الرغم من انخفاض معدل استخدام وسائل الإعلام البديلة اليمينية على الإنترنت، إلا أنها تظل قضية حساسة ولا ينبغي التقليل من أهمية ومدى تأثيرها. بالإضافة إلى أنه قد يكون من الضروري النظر إلى هذه المواقع باعتبارها لاعبًا مهمًا يتمتع بإمكانات استقطاب وتعبئة قوية.
اقرأ/ي أيضًا
كيف تستخدم مجموعات اليمين المتطرف الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى يحض على الكراهية؟
هل تصعّب الشركات التقنية مهمّة رصد وتحليل المعلومات المضللة على مُتقصّي الحقائق؟