أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس الخميس، اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، خلال عملية عسكرية في منطقة تل السلطان في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وفي بيان مشترك، قال الجيش الإسرائيلي والشاباك "أنهت قوات الجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة، أمس، عملية مطاردة استمرت عامًا كاملًا بالقضاء على يحيى السنوار، زعيم حماس. نفذت القوات الإسرائيلية، بالتعاون مع الشاباك، عشرات العمليات خلال الأشهر الماضية، ما أدى إلى تضييق نطاق حركة السنوار، وانتهت العملية بالقضاء عليه".
ووفقًا لوسائل إعلام عبرية، فقد جاء مقتل السنوار مصادفة، عندما رصد الجنود وجود مسلحين في المبنى الذي كان يتواجد فيه، مما أدى إلى إطلاق النار.
جواز سفر ادّعت وسائل إعلام إسرائيلية أنه لمرافق السنوار
عقب ساعات من الإعلان عن اغتيال السنوار، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية بنشر صور، ادّعت أنها لمقتنيات عُثر عليها مع يحيى السنوار بعد مقتله.
من بين هذه المقتنيات، صورة لجواز سفر يعود لمواطن فلسطيني يُدعى هاني حميدان سليمان زعرب، وتُظهر بياناته أنه يعمل كمعلّم لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
بدأت حسابات وصفحات مؤيدة لإسرائيل على موقع إكس، بتداول صورة جواز سفر هاني زعرب، وادعت أنه كان الحارس الشخصي ليحيى السنوار ورافقه خلال الفترة الفائتة. فيما ادّعى آخرون أن السنوار كان يحمل جواز سفر مزوّر يظهره كموظف في وكالة الأونروا.
تحقق مسبار من الادعاءات المتداولة عن هاني زعرب
تحقق "مسبار" من الادعاءات الإسرائيلية المتداولة حول جواز سفر هاني زعرب بعد الإعلان عن اغتيال يحيى السنوار، وتبيّن أنها تحتوي على معلومات مضللة.
وأثناء البحث عن شخصية هاني زعرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجد مسبار منشورًا من حساب يحمل الاسم نفسه على فيسبوك، نفى فيه زعرب صحة المعلومات المتداولة عنه، وأكد أنه يقيم حاليًا في مصر وليس له أي علاقة بما يُنشر من ادعاءات.
أظهرت مراجعة مسبار لصور الحساب أن الشخص الظاهر في المنشورات هو ذاته الذي يظهر في صورة جواز السفر المتداولة من قِبل وسائل الإعلام العبرية. كما تبين أن جواز السفر قديم ومنتهي الصلاحية، إذ يظهر أن تاريخ إصداره كان في 28 مايو/أيار 2012، وتاريخ انتهائه في 27 مايو/أيار 2017.
ووفقًا للمنشورات، فإن أقدم صورة نشرها صاحب الحساب تعود إلى فبراير/شباط 2013، أي بعد أشهر من إصدار جواز السفر المذكور، وتُظهر بوضوح ملامح الوجه المطابقة للشخص ذاته.
تشير بيانات هاني زعرب الموجودة في جواز السفر وحسابه على موقع فيسبوك إلى أنه من سكان مدينة رفح جنوبيّ قطاع غزة.
عائلة زعرب في مدينة رفح
إضافة إلى ذلك، تعيش عائلة زعرب التي ينحدر منها هاني في مناطق واسعة داخل مدينة رفح جنوبيّ قطاع غزة. وقد نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازر بحق العائلة منذ بداية العدوان على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث استهدف منازلهم في رفح، مما أسفر عن وقوع عدد من الضحايا بينهم.
مع ادعاء جيش الاحتلال بأنه قتل السنوار خلال اشتباكات في حي تل السلطان بمدينة رفح، يُحتمل أنه عُثر على جواز السفر بالقرب من الموقع، أو أن الاحتلال وضعه عمدًا بجانب مقتنيات السنوار لدعم ادعاءاته المتكررة منذ بداية الحرب بربط نشاط الأونروا بحركة حماس.
هل كان جواز السفر بحوزة يحيى السنوار؟
عند التدقيق في بيانات جواز السفر، يُستبعد أيضًا أن يكون بحوزة السنوار أو أنه أراد استغلاله ليظهر وكأنه موظف في الأونروا. إذ إن النظر إلى صورة صاحب جواز السفر، هاني زعرب، يكشف عدم وجود أي تشابه بينه وبين السنوار، إضافة إلى الفارق الواضح في السن بين الشخصين.
عند إصدار جواز السفر عام 2012، كان هاني زعرب يبلغ من العمر 29 عامًا (مواليد 21 أغسطس/آب 1984، كما هو موضح في معلومات جواز السفر)، ويبلغ حاليًا حوالي 41 عامًا. في المقابل، وُلد يحيى السنوار عام 1962، مما يعني أنه يبلغ من العمر 62 عامًا، وتظهر عليه علامات التقدم في السن.
الأونروا تكذب ادعاءات الاحتلال حول مقتل أحد موظفيها مع السنوار
فند المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، الادعاءات الإسرائيلية التي تشير إلى مقتل أحد موظفي الوكالة مع رئيس حركة حماس، يحيى السنوار.
وكتب لازاريني في منشور له على حسابه على إكس "مرة أخرى، يتم استخدام معلومات غير مؤكدة لتشويه سمعة الأونروا وموظفيها".
وأضاف "في وقت سابق من اليوم، تداولت وسائل الإعلام الاجتماعية والإسرائيلية أنباء عن مقتل أحد موظفي الأونروا مع رئيس حركة حماس في غزة. أؤكد أن الموظف المذكور على قيد الحياة، ويقيم حاليًا في مصر، حيث سافر مع عائلته في شهر إبريل/نيسان عبر معبر رفح".
وأكد لازاريني في نهاية المنشور "لقد حان الوقت لوضع حد لحملات التضليل".
هذا، ونشرت حسابات فلسطينية على موقع إكس بعض المستندات الإضافية لهاني زعرب، بما في ذلك جواز سفره الجديد الذي صدر في إبريل 2024، ووثيقة سفر تؤكد خروجه من غزة إلى مصر في الشهر نفسه.
مزاعم إسرائيلية حول منظمة الأونروا
تأتي الادعاءات الإسرائيلية في ظل اتهامات مستمرة من الاحتلال بشأن تورط وكالة الأونروا في التعاون مع منظمات مسلحة في غزة.
وكان مسبار قد تحقق من العديد من هذه الادعاءات الإسرائيلية المضللة حول الأونروا، إذ نفت تقارير دولية تلك الاتهامات. وذكرت لجنة المراجعة المستقلة في تقرير سابق أن السلطات الإسرائيلية لم تقدم دلائل واضحة تدعم ادعاءاتها بأن موظفي الأمم المتحدة متورطين مع منظمات مسلحة.
وأكدت اللجنة أن إسرائيل اتهمت عددًا كبيرًا من موظفي الأونروا بأنهم أعضاء في منظمات إرهابية، ومع ذلك "لم تقدم بعد أدلة داعمة لذلك". وأضاف التقرير أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين "لا يمكن الاستغناء عنها ولا غنى عنها للتنمية البشرية والاقتصادية للفلسطينيين".
اقرأ/ي أيضًا
مزاعم إسرائيلية مضللة عن وجود مسلحين وأعمال تخريب في مجمع للأونروا في غزة
واقع المخابز في غزة: ادعاءات إسرائيلية مضللة وسط أزمة إنسانية قاسية
