` `

دعوات لتعزيز سياسات مكافحة غوغل للمعلومات المضللة مع اقتراب مؤتمر المناخ

فاطمة حماد فاطمة حماد
تكنولوجيا
26 أكتوبر 2024
دعوات لتعزيز سياسات مكافحة غوغل للمعلومات المضللة مع اقتراب مؤتمر المناخ
تزامنت الرسالة الموجهة إلى غوغل مع سلسلة من الأعاصير التي اجتاحت أميركا مؤخرًا

في أعقاب الأزمات المناخية المتتالية والأعاصير المدمرة التي ضربت الولايات المتحدة، مؤخرًا، وما رافقها من انتشار واسع للتضليل، دعت منظمات المجتمع المدني شركة غوغل إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزمًا لمنع جني الأرباح من المعلومات المناخية المضللة، وتأتي هذه الدعوة ضمن حملة أوسع تهدف إلى زيادة الضغط على الشركات التكنولوجية الكبرى، لتقليل تأثير المعلومات الكاذبة والخطيرة التي تُنكر واقع تغير المناخ وأسبابه.

سياسات غوغل ضد المعلومات المضللة المناخية

أعلنت غوغل، في عام 2021، عن سياسة جديدة تهدف إلى منع عرض الإعلانات بجانب المحتوى الذي يُنكر تغيّر المناخ وأسبابه العلمية، في إطار مساعيها لتعزيز الشفافية ومكافحة المعلومات المضللة. تأتي هذه السياسة كجزء من التزام الشركة بالحد من انتشار الأخبار الكاذبة، في عصر يشهد تصاعدًا مقلقًا في حجم المعلومات المضللة وغير الدقيقة.

ومع ذلك، كشفت تقارير حديثة أن تنفيذ هذه السياسة لم يكن بالفعالية المرجوّة، إذ لا تزال العديد من المواقع التي تروّج لمعلومات غير صحيحة عن التغير المناخي تُحقق إيرادات من خلال منصات غوغل الإعلانية، وأشارت التقارير إلى أن الإعلانات لا تزال تظهر بجانب محتويات تُنكر تغيّر المناخ، مما يُعد تراجعًا عن الالتزامات التي أعلنتها الشركة سابقًا.

في ضوء هذه التطورات، وجّهت منظمات المجتمع المدني رسالة مفتوحة إلى سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة غوغل، تطالبه بتشديد الرقابة على تطبيق السياسات المناهضة للتضليل المناخي. وقد حظيت الرسالة بدعم آلاف الموقّعين، ودعت غوغل إلى مراجعة سياساتها وتطبيقها بحزم لضمان عدم استفادة المحتوى المضلل من عوائد الإعلانات. كما أكدت الرسالة على ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة تتماشى مع مسؤولية الشركات التكنولوجية الكبرى في مواجهة التحديات المناخية والمعلوماتية.

تزامنت الرسالة الموجهة إلى غوغل مع سلسلة من الأعاصير التي اجتاحت الولايات المتحدة في الأشهر القليلة الماضية، مما أدى إلى انتشار واسع للمعلومات المضللة عبر الإنترنت، وهو ما ساهم في تعقيد جهود الإغاثة والإسعاف، كما تأتي الدعوة أيضًا في وقت حساس، قبيل انعقاد قمة الأمم المتحدة للمناخ (COP29) المزمع إقامتها في نوفمبر المقبل في أذربيجان، والتي تهدف إلى تعزيز الجهود الدولية لمواجهة آثار الاحترار العالمي.

تقرير حول الدعوات لتعزيز سياسات غوغل في مواجهة المعلومات المضللة المناخية
تقرير حول الدعوات لتعزيز سياسات غوغل في مواجهة المعلومات المضللة المناخية

دور معهد هارتلاند في نشر المعلومات المضللة حول المناخ

من بين الجهات التي تم ذكرها بشكل بارز في الرسالة، جاء معهد هارتلاند، وهو مركز أبحاث أميركي يُعرف بنشره معلومات مضللة حول التغير المناخي، ورغم أن غوغل ألغت سابقًا إمكانية تحقيق الإيرادات لبعض المحتوى الصادر عن هذا المعهد، إلا أن مراقبي المحتوى واصلوا رصد ظهور إعلانات بجانب رسائل مناخية مضللة على موقع يوتيوب، وفقًا لما ورد في الرسالة.

وكانت هذه النقطة بالتحديد موضع نقد شديد من قبل المجموعات الموقعة على الرسالة، التي دعت غوغل إلى اتخاذ إجراءات حازمة تجاه معهد هارتلاند ومنافذ مشابهة، بسبب دورها في نشر معلومات مغلوطة عن المناخ. كما حثت الرسالة الشركة على إلغاء إمكانية الاستفادة المالية من هذه المنصات بشكل دائم، بما يضمن عدم تمويل المعلومات الخاطئة.

تقرير عن 96 قناة على يوتيوب تروج لمعلومات مضللة مناخية من بينها قنوات لمعهد هارتلاند
تقرير عن 96 قناة على يوتيوب تروج لمعلومات مضللة مناخية من بينها قنوات لمعهد هارتلاند

الإعلانات والمعلومات المضللة

تواجه غوغل، بصفتها أكبر لاعب في سوق الإعلانات الرقمية على مستوى العالم، انتقادات متزايدة بشأن كيفية إدارة منصاتها ودورها غير المباشر في تمويل المحتوى المضلل. هذه الانتقادات ليست وليدة اللحظة؛ فقد أشارت منظمة "تحقق من إعلاناتي" (Check My Ads) إلى أن بعض منصات تبادل الإعلانات الرقمية ساهمت في تحقيق إيرادات كبيرة لمواقع محافظة، مثل "ذي إيبوك تايمز"، عبر نشر محتويات تُنكر التغير المناخي وتروج لمعلومات خاطئة حوله.

وفي تحقيق صدر في سبتمبر/أيلول الفائت، عن مجموعة "غلوبال ويتنس"، قدّرت المجموعة أن موقع "ذي إيبوك تايمز" حصل على عائدات تصل إلى 1.5 مليون دولار خلال العام الفائت من الإعلانات، مما شمل أرباحًا لكل من غوغل ومالكي الموقع. يُظهر هذا التحقيق كيف يمكن لنظام غوغل الإعلاني أن يسهم - ولو بشكل غير مقصود - في تمويل محتوى ينشر معلومات مضللة، وهو ما يتعارض مع سياسات غوغل المعلنة التي تلتزم بالحد من انتشار المعلومات غير الدقيقة.

تحقيق عن مواقع تنشر معلومات مضللة مناخية عبر إعلانات غوغل
تحقيق عن مواقع تنشر معلومات مضللة مناخية عبر إعلانات غوغل

يوتيوب ودوره في نشر المعلومات المضللة حول المناخ

إلى جانب الإعلانات التقليدية، أشار التقرير إلى أن منصة يوتيوب تُعد من أبرز القنوات التي لا تزال تُستغل لنشر المعلومات المضللة، ووفقًا لتقرير صدر الشهر الفائت عن منظمة "أصدقاء الأرض"، سمحت يوتيوب بجني الأرباح من محتوى يُنكر التغير المناخي، يروج له مؤثرون مدعومون من حملات نفوذ روسية. وقد اعتُبر هذا النوع من المحتوى إسهامًا مباشرًا في نشر الأكاذيب حول تغير المناخ وتأثيراته الخطيرة.

وأضاف التقرير أن كلًا من إكس ويوتيوب يلعبان دورًا رئيسيًا في تضخيم المعلومات المضللة، من خلال دعم محتوى تُقدمه "تينيت ميديا"، وهي شركة تخضع لتحقيقات أميركية بتهمة تلقي تمويل بقيمة 10 ملايين دولار من روسيا. كما أوضح التقرير أن حسابات تينيت وشركاءها تضم ما يقارب 16 مليون متابع، وأن المحتوى المناهض للتغير المناخي حقق أكثر من 23.5 مليون مشاهدة على منصات التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من الكشف عن ارتباط تينيت بعملية النفوذ الروسية، لا يزال يوتيوب يسمح بجني الأرباح من محتواها، مما يشكل تهديدًا للجهود المناخية ويبرز الحاجة إلى تعزيز الرقابة على المحتوى المضلل.

تأثير المعلومات المناخية المضللة على السياسات العامة

لا تقتصر التأثيرات السلبية للمعلومات المضللة حول تغير المناخ على تضليل الجمهور فحسب، بل تمتد إلى إعاقة الجهود الحكومية والدولية لمواجهة تداعيات التغير المناخي والتكيف معها، إذ تسهم هذه المعلومات الخاطئة في تقليل الوعي بخطورة الأزمة، مما يؤدي إلى تخفيف الضغط على الحكومات والشركات لاتخاذ إجراءات جادة وفعالة.

وفي السياق، تلعب الشركات التكنولوجية الكبرى، مثل غوغل، دورًا حيويًا إما في الحد من انتشار هذه المعلومات أو، في أسوأ الحالات، التواطؤ بشكل غير مباشر في نشرها. وعلى الرغم من التزامات غوغل السابقة، إلا أن قدرتها على فرض رقابة فعالة على المحتوى الذي يظهر بجانب إعلاناتها تواجه تحديات معقدة، ويُعزى ذلك إلى الطبيعة المعقدة للنظام الإعلاني الرقمي، الذي يشمل العديد من الأطراف الفاعلة، من معلنين وناشري محتوى ومزودي تكنولوجيا الإعلانات، مما يجعل من الصعب مراقبة والتحكم في مواقع ظهور الإعلانات، خاصةً في مواضيع حساسة كالتغير المناخي.

علاوة على ذلك، يعتمد النموذج التجاري الذي تتبعه غوغل إلى حد كبير على عدد الإعلانات والناشرين الذين يتعاملون مع منصاتها، الأمر الذي يجعل فرض قيود مشددة على الجهات المستفيدة من الإيرادات أمرًا يتعارض مع مصالحها الاقتصادية، ويجعل تطبيق هذه السياسات تحديًا فعليًا للشركة.

ومن هنا، دعت الرسالة المفتوحة التي وجهتها منظمات المجتمع المدني، غوغل إلى تطبيق سياساتها المتعلقة بمنع تحقيق الإيرادات من المعلومات المناخية المضللة بشكل فوري وشامل، وأكدت الرسالة على أهمية المصداقية، محذرة من أن تجاهل تطبيق السياسات يمكن أن يؤدي إلى تشويه سمعة الشركة وفقدان الثقة بها.

مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP29

تأتي هذه الدعوات قبيل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP29 في باكو، أذربيجان، من 11 إلى 22 نوفمبر المقبل، حيث يجتمع قادة من نحو 200 دولة بهدف التوصل إلى اتفاقيات تعزز التمويل المخصص لدعم الدول النامية في جهودها للتكيف مع آثار التغير المناخي، ويركز المؤتمر في نسخته التاسعة والعشرين على تأمين الموارد المالية اللازمة لمواجهة التحديات المناخية المتزايدة، مع التأكيد على أهمية مساهمات الدول المتقدمة في تقديم دعم مالي أكبر للدول الأكثر تضررًا.

تشكل هذه القمة فرصة لتعزيز التعاون الدولي في مواجهة الأزمات المناخية المتفاقمة. ومن المتوقع أن تُركز المناقشات على تطوير أهداف جديدة للتمويل المناخي وتكثيف الالتزامات المالية للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية. ويأتي انعقاد المؤتمر في أذربيجان، الدولة الغنية بالنفط والغاز، مما يثير تساؤلات حول كيفية التوازن بين المصالح الاقتصادية والأهداف البيئية ويعكس الحاجة الملحة للتوافق الدولي لدعم السياسات المناخية المستدامة.

اقرأ/ي أيضًا

دراسة: تكرار المعلومات المضللة المرتبطة بأزمة المناخ يزيد من إمكانية تصديقها

هل سبب التغير المناخي والكوارث الطبيعية هو اقتراب كوكب من الأرض؟

الأكثر قراءة