أطلق مكتب اليونسكو في عمّان عام 2018 برنامج "تمكين الشباب: التربية الإعلامية والمعلوماتية" الذي يهدف إلى تعزيز مهارات الشباب في متابعة الإعلام والأخبار بعين نقدية تسائل كل ما يصادفها. كما تضيف هنادي غرايبة، إحدى القائمات على البرنامج، في تصريح لـ"مسبار" أن "البرنامج يساهم في زيادة فاعلية الشباب في الحياة العامة، ويعزّز من حرية التعبير وحرية الوصول إلى المعلومات".
بدأ المشروع بمثابة مواجهة لخطاب الكراهية وفوضى المعلومات والأخبار الكاذبة عن طريق التربية الإعلامية ونشر ثقافة تقييم المحتوى. لكن عندما فكّر القائمون على البرنامج في كيفية تنفيذ المشروع، اتفقوا على ضرورة تجنّب الأساليب التلقينية التي تنفّر الجميع، إضافة إلى ضرورة استخدام التكنولوجيا لصلة الشباب الوثيقة بها، بحسب سيرين سلامة، إحدى القائمات على المشروع.
كان ذلك نواة إبداع لعبة الأدوار، المستقاة من ألعاب شعبية مثل لعبة مافيا الشهيرة، إذ يتقمّص المشاركون في اللعبة دور ناشري الأخبار الكاذبة ويحاولون كتابة وتصميم منشورات وصور تخدم هدفهم. ويُطلَب من المشاركين أن يتخيّلوا أنفسهم أطبّاء أسنان تضرّروا من انتشار استخدام معجون الأسنان بين الناس، مما أثّر على مداخيلهم بسبب أمراض الأسنان التي اختفت بعد انتشار استخدام المعجون.
بحسب هنادي، جاء الإلهام لتصميم هذه اللعبة من لعبة أخرى صمّمتها مؤسسة DROG تحت عنوان Bad News، وهي لعبة تفاعلية تهدف لتوعية اللاعبين بالأخبار الزائفة عن طريق تقمّص شخصية إنسان يبحث عن زيادة متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي بأي طريقة كانت. كما كانت اللعبة نشاطاً ضمن مجموعة من الأنشطة التي نُفذت في أندية طلابية صيفية داخل عدّة مدارس حكومية في محافظات عمان، والزرقاء، وإربد.
إلى جانب تنمية القدرة الإبداعية لدى الشباب، فباعتقاد هنادي وسيرين، ساهمت اللعبة في تعريف المشاركين الشباب بعملية اختلاق الأخبار الكاذبة، بطريقة عملية وغير مملة، مما يرسّخ مفهومها لديهم. لكن لا تتوقف اللعبة هنا، إذ بعد الانتهاء من تأليف المنشورات وتصميم الصور الزائفة من على شاكلة أن معجون الأسنان يسبّب مرض السرطان، على المشاركين تقمّص دور صحفيّتيْن تعملان في مؤسسة للتحقّق من الأخبار، وعلى المشاركين كشف زيف الأخبار التي اختلقوها مسبقاً، مما يجعلهم مُلمّين بجميع جوانب عالم الأخبار الكاذبة، بدءاً من تصميمها وتوجيهها نحو الجمهور المستهدف، ووصولاً إلى نقضها ومعالجتها.
انتهى المشروع قبل أيام، ويأمل القائمون عليه أن يُلهم برنامج تمكين الشباب جميع العاملين والمهتمين في مجال التحقّق من الأخبار أن يستفيدوا من هذه التجربة، وخصوصاً لعبة الأدوار التي لاقت استحساناً كبيراً لدى الشباب المشاركين، بحسب القائمين على برنامج اليونسكو "تمكين الشباب".
انخرط في الأندية الطلابية الخاصة بهذا البرنامج نحو 400 شابة وشاب، كما أعلنت الحكومة الأردنية وفق تصريحات وزير الثقافة، د. باسم الطويسي، تبنّي الحكومة الأردنية في أولويات عملها مسألة التربية الإعلامية وإدماجها في المساقات التعليمية لمختلف المراحل الصفية في المدارس، وفي الجامعات.