` `

دراسة الفريق الكندي حول كورونا في مصر.. ليست دقيقة ولكنها إنذار!

الدراسة توقعت ثلاثة احصائيات حول عدد المصابين بفايروس كورونا داخل مصر
حسام الهندي حسام الهندي
علوم
16 مارس 2020
دراسة الفريق الكندي حول كورونا في مصر.. ليست دقيقة ولكنها إنذار!
لم تشِر صحيفة الغارديان إلى ماهية الدراسة التي تعتبر تنبُّؤاً وفقاً للمعلومات التي جمعتها المجموعة البحثية الكندية

تداولت العديد من المواقع الإخبارية وبعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، منذ أمس، خبراً حول حقيقة أعداد المصابين بفايروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في مصر، التي قدرتها بعض المصادر الصحفية بـ 19 ألفاً و310 حالات، وفقاً لدراسة أعدتها مجموعة من الباحثين في جامعة تورنتو في كندا. الدراسة التي تسببت في جدل واسعٍ كانت ضمن تقرير موسَّع لصحيفة الغارديان البريطانية، يوم الأحد 15 مارس/آذار الجاري، حول الأعداد الحقيقية للمصابين بفايروس كورونا المستجد في مصر، في حين نشر باحث في علم الأوبئة في جامعة تورنتو، يدعى إسحاق بوتشوك، خمس تغريدات حول الدراسة، وأعاد ديكلان وولش، مراسل صحيفة نيويورك تايمز، نشرها من جديد. لتحظى بانتشار واسع.

أخطاء "الغارديان"

بحث "مسبار" في صحة الخبر، فوجد أنه غير دقيق، ويتضمن إثارة، سواء من صحيفة الغارديان أو المنصات التي أعادت نشره من جديد، إذ أغفلت الصحيفة بعض الملاحظات المهمة في نشر المعلومات المتعلقة بالدراسة. لم تشِر "الغارديان" إلى ماهية الدراسة التي تعتبر تنبُّؤاً وفقاً للمعلومات التي جمعتها المجموعة البحثية الكندية، كما أوردت في تقريرها حجم الإصابات رقماً واحداً فقط هو 19310، ما يعطي انطباعاً بدقة الدراسة والبحث، وهو أمر غير صحيح. الدراسة بعيدة عن العمل الاستقصائي أو الميداني، لكنها تعمل على جمع المعلومات حول الحالات التي اكتُشفت إصابتها بعد سفرها من مصر، وبناء على تلك المعلومات، يستنتج الفريق العلمي بعض التوقعات حول مدى تفشِّي المرض، ووفقاً للدكتور إسحاق بوتشوك، عضو مجموعة الباحثين الكندية، فإن الدراسة تحمل ثلاثة توقعات للمصابين داخل مصر تبدأ بستة آلاف مصاب كحد أدنى، و45 ألف مصاب كحد أقصى، والأقرب أن يكونوا 19 ألفاً.

صورة متعلقة توضيحية

حاول "مسبار" في البداية التحقق من الخبر، والبحث عن نص الدراسة، إذ لم تشِر "الغارديان" إلى المنصة التي قامت بنشر الدراسة كما هو معتاد، كما لم تعلن الصحيفة عن تسلُّمها نسخة من الفريق الكندي، لفحصها والاطلاع على ما بها من معلومات، وهو ما أكده الباحث بوتشوك، على حسابه على موقع تويتر، وقال "إن الدراسة أرسلت إلى موقع (Pre-print site) لم يذكر اسمه ورُفض نشرها". وتعد منصات Pre-print مواقع خاصة بالنشر التمهيدي للدراسات الأكاديمية قبل نشرها في مجلات علمية بشكل نهائي، وتُستخدم تلك المنصات لطرح الأوراق الأكاديمية على المجتمع العلمي للنظر فيها والمناقشة حولها، وإعطاء ملاحظات لأصحابها، وتطلب مواقع Pre-print دائماً من وسائل الإعلام الإشارة إلى أن الدراسات المنشورة بها تمهيدية، ولم تتم مراجعتها بشكل نهائي، وهو ما لم تعلنه "الغارديان"، في إشارتها الواردة حول تقرير سابق للمجموعة البحثية.

صورة متعلقة توضيحية

توقعات تتحقق 

دائماً ما تكون الأرقام غير الرسمية للضحايا في الأمراض أو الكوارث الطبيعية أو العمليات المسلحة مثيرة للشكوك، خاصة مع النفي الحكومي أو الإعلان المتحفظ غير الموثوق فيه، وتستغل تلك الشكوك بين الأطراف المتنازعة أو في حالة الخلاف السياسي. وهو ما حدث منذ البدء في نشر الدراسة الخاصة بمجموعة الباحثين الكنديين، وساهمت طريقة النشر التي قامت بها "الغارديان"، وبعض المنصات التي نقلت عنها، في التشكيك في معلومات وطريقة البحث للدراسة والفريق الكندي، في مقابل من اعتبر الأرقام صحيحة ودقيقة بالكامل.

هناك بعض النقاط التي من المهم الإشارة إليها في تلك الدراسة الخاصة بمجموعة الباحثين الكنديين، فسبق لتلك المجموعة نشر تقرير في 25 فبراير/شباط الفائت، على منصة Med Rxiv، وهو موقع Preprint، حول حجم تفشِّي فايروس كورونا المستجد في إيران. التقرير كان قبل إعلان انتشار الوباء في إيران، وجرى العمل عليه خلال الفترة من 19 إلى 23 فبراير الفائت، ووفقاً لطريقة تحليل المعلومات التي جمعها الفريق توقَّع وجود مصابين في إيران قرابة 18 ألفاً و300 مصابٍ، تقدير متوسط، أو 3 آلاف و770 حالة، كتقدير منحفض، وأعطى التقرير نسبة تصل إلى 53 ألفاً و470 حالة، كأعلى تقدير. وفي تلك الفترة، وبالتحديد يوم 23 فبراير، كانت إيران تؤكد أن عدد الإصابات فيها لم يتجاوز 43 حالة، والوفيات ثماني حالات فقط. وبعد ذلك بعدة أيام بدأ المرض في الانتشار والتفشِّي، ورغم أن الرقم الرسمي في إيران حتى نشر تقرير "مسبار" لم يتجاوز 18 ألف حالة، فإن إحصائيات الفريق حذَّرت قبل انتشار الفايروس، وتحتل إيران المركز الثالث بعد الصين وإيطاليا في تفشِّي المرض وعدد المصابين والوفيات.

صورة متعلقة توضيحية

ليست إيران وحدها، بالبحث وجد "مسبار" أن بعض أعضاء الفريق الكندي نفسه قاموا بإعداد ورقة أخرى حول تفشِّي كورونا المستجد في إيطاليا، أُجريت الدراسة في الفترة من 25 إلى 29 فبراير الفائت، ونُشرت على موقع Med Rxiv في 6 مارس/آذار الجاري، وقالت الدراسة إن متوسط الإصابات المتوقعة من جانب مجموعة الباحثين الكنديين بحد أدنى 1552، وبحد أقصى 4533، وكانت الأرقام الرسمية وقتها في إيطاليا، يوم 29 فبراير، 888 إصابة فقط، توفِّي منهم 21 حالة، وبعدها بأيام بدأت إيطاليا في الصعود لتحقق المركز الثاني بعد الصين في حالات الإصابة والموت بفايروس كورونا المستجد.

الدراسة ليست دقيقة، ولم تُنشر في موقع علمي، والفريق البحثي الكندي وضع أرقاماً تقريبية في بحثه، ورغم ذلك، فيجب ألّا تمر توقعاتهم السابقة لدولتين أصبحتا في قمة تفشِّي المرض مرور الكرام. ومن الضروري عرض الدراسة وإتاحة الفرصة للفريق لتوضيح كيف الوصول لتلك التوقعات، ومن الأفضل لوسائل الإعلام قبل استخدام عناوين ينطبق عليها الإثارة، أو نفي دون بحث عن دقةِ المعلومات وسبب وجودها، مناقشة الأرقام التي قد لا تكون الحكومة المصرية على دراية كاملة بها من الأساس.

المصادر: الجزيرة - مصر  -شبكة رصد The Guardian - Isaac Bogoch - Med Rxiv- - Med Rxiv - Declan Walsh 

الأكثر قراءة