يُتابع الأطفال الأخبار مِثل الكِبار ليعرفوا ما يدور حولهم في العالم، ولكن تدوير وإعادة نشر المَعلومات المُضلّلة، مثل الأخبار الزائفة المنشورة عن كوفيد-19، تُصّعب من فهمنا للأحداث والقضايا، وتجعل المشهد ضبابياً.
عمل موقع The Conversation في عام 2017 أول مسح وطنيّ تمثيليّ على الأطفال في أستراليا المتراوحة أعمارهم بين 8 و16 سنة، حَول كيفية تلقيّ الأخبار. وخلصت الدراسة إلى أنّ الأطفال، حتى وهم في عمر الثامنة، يكون لديهم تلك النسبة من الاهتمام بمتابعة الأخبار، مع العلم أنّ هناك منصاتٍ إخباريّة مُخصّصة للأطفال في أستراليا.
وعلى الرغم من أنّ برامج الأطفال الإخباريّة هامّة وآمنة وجذّابة لهم، إلّا أنّهم يتعرضون لأشكالٍ أخرى مختلفة من الأخبار. أظهرت نتائج المسح أنّ 73% من الأطفال يستهلكون مقدار الأخبار نفسه عند والديهم/مقدّمي الرعاية لهم 49% منهم يتابعون الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعيّ، وهذه النسبة تزيد بتقدّم العمر قطعاً. وأظهرت نتائج المسح أيضاً أنّ ثلث الأطفال فقط كانوا قادرين على تمييز الأخبار الحقيقيّة من الزائفة. في هذه المقالة، سنشاركك بثلاثة أمور يمكن استخدامها لتحفيز الأطفال على تفعيل التفكير النقديّ عند قراءة الأخبار.
- ساعدهم في تحديد المصادر المُعتمدة وذات المصداقيّة
حسب الدراسة، اعتبر الأطفال العديد من الأمور أخباراً بما في ذلك برامج الإفطار الصباحيّة وحتى فيديوهات مشاهير اليوتيوب. لمساعدة الأطفال على تحديد ما إذا كان المصدر ذا مصداقيّة، إليك بعض الأسئلة:
- هل واضح بالنسبة لي من أعدّ هذه الأخبار؟ لا يمكنك أن تثق بمصدرٍ لا تعرفه، خصوصاً أنّه لن يكون بإمكانك الاستفسار من الشخص أو المؤسسة حول "كيف؟" و "لماذا؟" أعدّوا القصة.
- هل يعرض المصدر الأخبار مُباشرة كتعداد للحقائق، أم أنّ هناك رأي بين السطور؟ الحقيقة معلومة موضوعيّة ومدعومة بالأدلّة، ويمكن التحقّق منها لفحص ما إذا كانت صحيحة. الآراء أفكار شخصيّة وذاتيّة حول قضيّة معينة ولا يمكن لأحد إثبات صحتها من خطئها. إذا عُرضت الآراء على أنّها حقائق، فهذا يعدُّ تضليلاً للأطفال.
- هل الأشخاص ذوو العلاقة بالقصة موجودون فيها؟ إذا كانت القصة الإخباريّة تتحدث عن منظمات أو مجموعات بعينها، فيجب أن تُعطى لهم المنصة للحديث عن الادّعاءات عنهم، سواء بالنفي أو بالإيجاب.
- ساعدهم على استيعاب فكرة أنّ بعض المؤسسات الإعلامية تستغل المشاعر
في المسح الذي أُجري، أفاد 71% من الأطفال الأستراليّين بأنّ الأخبار غالباً أو أحياناً ما تكون مُثيرة للاستياء، و57% منهم قالوا بأنّها تُشْعرهم بالخوف. ولكن ليست كل النتائج سلبية، فـ 69% منهم قالوا بأنّ الأخبار غالباً أو أحياناً ما تُجعلهم يشعرون بالسّعادة، و48% منهم قالوا بأنّها حفّزتهم للقيام بأمرٍ ما حيال القصص في الأخبار. يساعد النقاش حول كيفية شعور الأطفال تجاه الأخبار على تحديد أيّ البرامج تكون مُناسبة لهم وأيّها غير مناسب.
من الطبيعيّ أن تكون الأخبار عن الأحداث أو القضايا الكُبرى مُسْتَفزّة للمشاعر، وأحياناً يسعى الناس إلى استغلال ردة فعلنا العاطفيّة من أجل مصالحهم. تُظهر الدراسات أنّ للعناوين الإخباريّة الجذّابة والبرّاقة والمستفزة والعاطفيّة فرصة بعددٍ أكبر من الضغطات أكثر من غيرها من العناوين على الإنترنت. قد تستفزّك المنصات الإعلاميّة عاطفيّاً عبر:
- استخدام ادّعاءات وعناوين مثيرة وعاطفيّة غير مدعومة بالحقائق. قد تكون هذه الادّعاءات كالتالي: «العشبة العجيبة لعلاج الكورونا» أو «ينتشر كورونا في بعض الأماكن أسرع من غيرها».
- استخدام لغة انفعاليّة (عاطفيّة) وغير إنسانيّة عند الحديث عن البشر (مثل الإشارة إلى طالبي اللجوء على أنّهم «هَمج/حيوانات ضالّة/قفّازون/متخلّفون») أو الإشارة إلى أفكار الآخرين (على أنّها أفكار «غبيّة»).
- استخدام صوراً صادِمة أو معدّلة (مثل تلك التي تشير إلى أنّ فنانة شهيرة صارت حامل، وهي ليست كذلك أو أنّها دخلت في علاقة جديدة، وهي ليست كذلك).
يمكنك أيضاً الحديث للأطفال عن الأسباب التي تحدو بالآخرين لنشر المعلومات الخاطئة مثل:
- التأثير على أصوات الناخبين.
- قد يكونون عنصريّين أو جنسيّين أو مصابون برهاب المثليّة أو أنّهم يسعون إلى تشنيع صورة الأشخاص الذين لا يحبّونهم.
- للتشويه من أفكار شخصٍ أو جماعةٍ ما والترويج لأفكارهم.
- لإنشاء «طُعم نقريّ»، وهي جملة انفعاليّة تصمم بغرض تشجيع الناس للضغط عليها. قد يحقق هذا الأمر لملّاك المواقع رِبحاً إذا احتوت مواقعهم على إعلانات، وبالتالي كلما زاد عدد النقرات على الطُعم النقريّ، زادت قيمة أرباحهم، خصوصاً لو كانت الأرباح Per Click.
- ناقش معهم كيف تتحدث المنصات الإعلاميّة عن الناس باختلافهم وتعدّدهم
في المسح التي أجرته المجلّة، قال 38% من الأطفال إنّ الأخبار لا تتعامل مع الناس متعدّدي الخلفيات الإثنيّة والثقافيّة بمساواة، وأكّد 40% منهم أنّ الأخبار لا تتعامل مع الرجال والنساء على حدٍ سواء. يمكن للأهالي والمُعلّمين أن يساعدوا الأطفالَ للانتباه إلى القصص التي تُمثّل بعض الأشخاص بطريقةٍ مهينة ولا تعرض أفكارهم ولا تعطيهم حقهم. في هذه الحالة، يُفضّل البحث عن مصادر جديدة ومتابعة كيف تعمل هذه المصادر عند سرد القصص.
على سبيل المثال، رُوِّجت المعلومات العنصريّة على أنّها أخبارٌ بما يتعلق بجائحة كورونا حول العالم. ادّعت بعض المواقع إمكانيّة انتقال الفايروس عبر تناول أيّ نوع من الأكل صينيّ، وروّجت مواقع أخرى أنّ الفايروس كان سلاحاً بيولوجياً صُنع في الولايات المتحدّة أو الصين. وشهدنا نحن في المنطقة العربيّة موجات تنمّر عنصريّ على الصينيّين مثلًا، خصوصاً فيما يتعلق بالأكل وثقافة الأكل في الصين.
هذا النوع من المعلومات المُضلّلة يؤدي إلى ويعزّز التفرقة العنصريّة تجاه جماعات أو أشخاص بعينهم. في الصين، تعرض المواطنون ذوو الأصول أو التراث الصينيّ لهجوماتٍ عنصريّة، وتوقف الكثير من الأستراليّين عن الأكل في المطاعم الصينيّة نهائياً. رأينا في الدول العربية، كيف تعامل الناس مع الأشخاص ذوي الملامح الأسيويّة في بعض الأوقات. في الأزمات التي نمر بها، علينا نكون دقيقين وحريصين في اختيار الكلمات والقصص، فلا نعلم من سيتأذى منها.
تُعد الأخبار الموثوقة أمراً هامّاً في المُجتمعات، فهي تساعد الناس على اتخاذ قراراتهم حول التصويت في الانتخابات مثلاً أو حول التخطيط للحياة أو السفر أو الصحة وغيرها. صار تمييز المعلومات المُضلّلة في العصر الرقميّ تحديّاً يواجه الجميع. وبوصفنا نحن عمال وباحثون في حركة التربيّة الإعلاميّة Media Literacy عالمياً، فقد وجدنا أنً الاستماع لخبرات الأطفال نقطة انطلاق حرجة ومهمة؛ لتطوير المواد التي نستخدمها وتطوير التفكير النقديّ عن الأطفال والكبار في الوقت نفسه.
المقالة مترجمة عن موقع The Conversation