يمكن لصاحب مشروع الأخبار الزائفة أو المعلومات المضللة إنشاء محتوى من خلال التركيز على كلماتٍ محددة، وهو مدرك أنه عندما يقوم شخص ما بعمليات بحث محددة، سيتم توجيهه إلى صفحة الويب أو الصورة أو الفيديو أو الموضوع الذي أنشأه. ويمكن أن تحتوي الصفحات على بعض الإعلانات أو المحتوى بمقابلٍ مادي. على سبيل المثال، إذا كان شخص يتطلع لشراء شيء محدد، فإن محرك البحث يسجلها ويمكنه توجيه إعلانات حول هذا الشيء إلى الشخص الباحث. على العكس من ذلك، نظرًا لأن النظام يعمل بشكلٍ آلي ويعتمد على الخوارزميات، فإن الشركة التي تشتري المساحة الإعلانية، قد لا تعرف أين ينتهي إعلانها.
ويمكن التربّح من نشر معلوماتٍ زائفة بغرض الخداع والإضرار، من خلال الجهات المعنية بترويج هذه الأخبار مباشرة، أي أنها غالبًا جهود مدفوعة الأجر، وكذلك السخرية أو المحاكاة الساخرة، ربما يكون خادعًا ولكن لا يقصد منه الإضرار، من خلال تضمين السخرية في أنواع المعلومات المضللة، وهو محتوى سريع الانتشار لتفاعل الجمهور معه، وهذا يساهم في تحقيق الربح لصانعي المحتوى من خلال عدد المشاهدات والمشاركات التي تدرّ الكثير من الأموال.
يمكن القول إن أحد أهم دوافع إنتاج الأخبار الزائفة في وسائل التواصل الاجتماعي هو الدافع المالي. الأمر يحتاج فقط إلى الثقة التي ستجعل المتابعين يصدقون القصة الزائفة. لذلك، "سيسيلكوسكي" وهو أحد تجار صناعة المحتوى المزيف بحسب دراسة تناولت صناعة الأخبار المزيفة في مقدونيا، يقترح إنشاء صفحة الفيسبوك أو صفحة الويب قبل أشهر، وتزويدها بالمحتوى ذي الصلة. بمجرد إنشاء الثقة، يمكن للمرء أن يبدأ في نشر المزيد من المحتوى المزيف.
أخبر سيسيلكوسكي الباحثين في مقابلتهم أن النسبة يجب أن تكون "80٪ حقيقة، 20٪ ليست حقيقة". الفكرة من وراء هذه النسبة هي تحقيق التوازن المطلوب فقط. إذا كانت جميع القصص صحيحة، فلن يقدّم موقع الويب أو صفحة الفيسبوك أي قيمة مضافة ولن يولد أي حركة زوّار، مقارنة بوسائل الإعلام العادية. بدلاً من ذلك، إذا كانت جميع القصص خطأ، فحتى القرّاء الذين لديهم معرفة منخفضة بوسائل الإعلام سوف يكتشفون أنه يتم الكذب عليهم ويمتنعون عن النقر فوق الروابط وبالتالي، عندما يتم تغليف الأخبار المزيفة بقصصٍ حقيقية، فإنها تثبت مصداقية الوسيلة وتحافظ عليها. تلك المصداقية هي التي تُغري القرّاء للنقر على قصةٍ مثيرةٍ للاهتمام بشكلٍ لا يصدق والتي لولا ذلك كان من الممكن وصفها بأنها خطأ.
على الرغم من أن تعلم الجوانب الفنية للتسويق الفيروسي مهمةٌ تستغرق وقتًا طويلًا، إلا أنه يمكن إتقانها بالممارسة. كتابة المحتوى أمر مختلف تمامًا، للحصول على استجابة ثانية، لجذب القراء إلى صفحة الويب أو صفحة الفيسبوك أو قناة اليوتيوب، فإن عناوين الفخاخ الاستفزازية مطلوبة لأنها تستغل شهية لا تشبع وفضول دائم بين القرّاء، ويساهم الجمهور في انتشارها عبر المجموعات، وبالتالي يُحقق مروّجوها الأرباح من خلال تضمين الإعلانات بشكلٍ مباشر عبر التربح من المنصات أو غير مباشر من خلال استهداف المعلنين المحليين أو التربح مقابل خدمات يقدمونها لجهات حكومية، وأصحاب المصالح الخاصة وهم الذين يدعمون قضايا وآراء معينة وفق أجندتهم، والباحثين عن الشهرة الذين لديهم هدف وحيد هو الحصول على المزيد من النقرات، وبالتالى الأموال من الإعلانات، أي أنهم يسعون لجذب الزوار لمواقعهم بغض النظر عن صحة أو دقة المحتوى.
تشمل الوسائل التي يعمل فيها المستخدمون المروِّجون للأخبار الزائفة، مواقع الويب التي تُحاكي الميزات الرسمية لمواقع الأخبار الحقيقية والميزات التركيبية للنصوص، حسابات المستخدمين التي تخلق أجواء مؤسسة إخبارية جادة وموثوقة مع اسم المستخدم والشعار وهياكل النص؛ هناك صفحات ويب تعطي انطباعًا عن مؤسسة رسمية أو مرخص لها، ويمكن الاستفادة من أرباح المقالات الفورية التي تُتيحها فيسبوك على منصتها، بعدد المشاهدات، التي تفتح على المنصة ذاتها، بالإضافة إلى المكاسب التي يتم تحقيقها من الإعلانات التي تتضمن المقالات، إما عن طريق صور لإعلانات مباشرة أو عناوين روابط. تقترحها إعلانات برمجية يتم نشرها على نطاق واسع بسبب خوارزميات عمالقة التكنولوجيا مثل غوغل أو AppNexus.
وفكرة الإعلانات البرمجية بشكل عام هي التي تسيطر على سوق الإعلانات الرقمية عالميًا، حيث يتم نشر أكثر من ثلثي الإعلانات الرقمية بهذه الطريقة، وتولد تلك الإعلانات عائدات تتجاوز 84 مليار دولار أميركي في السنة وفق الأرقام المتاحة، واستخدام تلك الأساليب في المواقع المشبوهة يعني استمرار جني الأرباح من الأخبار الكاذبة. من خلال التحايل على الخوارزميات التي لا زالت غير قادرة على التفريق بين الحقيقي والزائف من الأخبار.
في هذا الصدد، فإن بيئة وسائل التواصل الاجتماعي لها نصيب في طمس الحدود بين الأخبار التي هي نتاج العمليات المهنية والمحتوى الشبيه بالأخبار الذي لا يتمتع بهذه الجودة. ويؤدي عدم وضوح هذه الحدود إلى الانتشار السريع والتكاثر للمحتوى بناءًعلى المعلومات المضللة إلى الحد الذي يهز الأطر المرجعية للمستخدمين فيما يتعلق بما يمكن أن يكون صحيحًا وما قد يكون خطأ.
ولا يشارك المستخدمون على منصات التواصل الاجتماعي الأخبار الموجودة فقط، بل ينتجون أيضًا محتوى شبيه بالأخبار، ويمكن أن يصل هذا المحتوى إلى جمهور عريض في وقت قصير مع إبداء الإعجاب وإعادة المشاركة، مما يجعلها مقروءة ومؤثرة، فتضخ على أصحابها الربح من الإعلانات المباشرة وغير المباشرة.
ولفهم انتشار التربّح من المعلومات المضللة، علينا النظر إلى صناعة الأخبار المزيفة في مقدونيا. ففي دراسة إثنوجرافية رائدة حول بلدة فيليس المقدونية، خلصت هيذر هيوز، وايسمل مانور، وغيرهما من الباحثين إلى أن الضائقة الاقتصادية ومعرفة وجود سوق للمعلومات المضللة دفع العديد من الشباب إلى الانخراط في اختلاق أخبارٍ مزيفة ونشرها. وبعبارةٍ أخرى، فإن إدراك وجود سوق خصبة ونهمة هو الذي شجّع هؤلاء الشباب، الذين يبحثون عن الأمن الاقتصادي، على تطوير محتوى من المعلومات الكاذبة والمضللة والترويج لها. ولا شك أن معرفة عدم وجود أي عقوبات جنائية على هذا الفعل يشجع الشباب على الانضمام إلى هذا القطاع. على سبيل المثال، خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، جنى الشباب في مقدونيا عشرات الآلاف من الدولارات من القصص التي أنتجوها عن كل من ترامب وكلينتون. كما تُظهر الدراسة أيضًا أن القوة الدافعة وراء تجارة الأخبار الزائفة في "فيليس" المال وليس السياسة.