` `

الأخبار الرياضية: بين السبق الصحفي والأخبار الزائفة

وداد السعودي وداد السعودي
رياضة
21 أبريل 2021
الأخبار الرياضية: بين السبق الصحفي والأخبار الزائفة

ليست الرياضة استثناء من ظاهرة الأخبار الكاذبة، بل إنّ عالم الرياضة بجميع قطاعاته هدف للإشاعات، لكن هل تتركز هذه الأخبار الكاذبة في رياضة معينة أو مواسم معينة، وما هي الأسباب التي تزيد من الإشاعات في هذا المجال؟

يقول المدون الرياضي كونور بين Connor Bean، في مدونته "الأخبار المزيفة المرتبطة بانتقال اللاعبين في كرة القدم"، إنّ الصحافيين يُنشئون وينقلون قصص مزيفة حول انضمام لاعبين إلى أندية معينة، مضحيين بالدقة من أجل السرعة، ومعتمدين على مصادر لم يتم التحقق منها أثناء إعداد التقارير في عالم الإنترنت.

وهذا ما أكده مقدم برنامج شيكس تاديوم على منصة الجزيرة o2، المعلق الرياضي محمد علي المعروف بـ"شيكس" في مقابلة له مع "مسبار"، قائلًا إن سباق السرعة والسبق الصحفي ساعد في انتشار الإشاعات والأخبار الكاذبة في عالم الرياضة؛ فالصحافي مطالب دائمًا بأخبار حصرية ليبقى قريبًا من المتابعين؛ ما قد يدفعه لاختيار السرعة على حساب الدقة، وقد يختلق البعض خبرًا ما ليبقى في الواجهة وهذا يحدث في جميع الرياضات لكنه يزداد بشكل أكبر في عالم كرة القدم.

تزداد في مواسم الانتقالات الشتوية والصيفية الأخبار الرياضية الكاذبة 

قال شيكس إنّ الإشاعات تزداد كثيرًا في مواسم معينه مثل فترات الاستعداد للدوري وبدايته، وخلال سوق الانتقالات الصيفية والشتوية وخلال البطولات العالمية.

وأرجع السبب في زيادة الأخبار الكاذبة بشكل كبير في القطاع الرياضي؛ إلى أنّ المتلقي يكون متعطشًا للمعلومة حول ناديه أو لاعبه المفضل، إلى جانب قلة المصادر الرسمية السريعة لإعطاء المعلومة؛ فعند انتشار خبر حول انتقال لاعب إلى نادٍ معين لا تخرج المصادر الرسمية فورًا بتوضيحٍ بل غالبًا ما تتأخر، وخلال فترة التأخير تلك تحديدًا تنتشر الكثير من الإشاعات.

وأشار إلى أنّ الإشاعات في عالم الرياضة تكون أحيانًا مقصودة ومنظمة من قبل النادي أو وكيل الأعمال أو حتى اللاعبين أنفسهم، بهدف خلق حالة من التشويش وتشتييت التركيز عن لاعب معين، ما يؤدي غالبًا إلى إلحاق ضرر مباشر به، أو تكون بهدف زيادة التركيز على لاعب ما خلال فترة الانتقالات، لكي يتمكن اللاعب من تحصيل المكاسب التي يريدها من النادي.

 وذكر أنّ ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى خلق بيئة تنافسية أشرس، فلم يعد يتعين على الصحافيين انتظار نشر الأخبار في الصحف في الوقت الذي يسمح فيه الإنترنت بالنشر الفوري.

 ومما وضع المراسلين الرياضيين تحت ضغط نشر الأخبار بأسرع وقت ممكن، الحاجة إلى أن يكونوا من ينشر الخبر أولًا لضمان تفاعل المتابعين واكتساب متابعين جدد.

وجاء في مقال بعنوان "كيف أصبحت الإشاعات عنوانًا لـ"ميركاتو الانتقالات؟" في موقع دوتشيه فيله، وعلى لسان كاي بسوتا، الصحافي الرياضي والخبير الألماني المختص في تقديم استشارات للاعبين المحترفين، أنه عندما كان صحافيًا كان يعتقد أنه لديه شبكة معلوماتية هائلة تمكنه من التأكد من المعلومات قبل نشرها، وتمده بالسبق الصحفي، لكن مع انتقاله إلى "المعسكر الفاعل" كوكيل أعمال، اكتشف أنّ المعلومات التي كانت تصله لا تغطي سوى 50% من الحقائق، أي أنّ ما يصل إلى الصحافيين سواء من الأندية أو اللاعبين أو الرعاة وغيرهم، يكون متأخرًا عن الواقع على الأقل بمعدل 24 ساعة.

أخبار كاذبة غزت القطاع الرياضي خلال الأشهر الفائتة تحقّق منها "مسبار"

تتبع "مسبار" العديد من الادعاءات المنتشرة حديثًا في الرياضة على المستويين العالمي والعربي، وتحقّق من صحتها فوجدها زائفة أو مضللة، من أهمها التالي:

تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، خبرًا مفاده أنّ نادي الجزيرة الإماراتي أعلن عن إنهاء تعاقده مع اللاعب عمر عبد الرحمن الشهير بـ "عموري"، والسبب أنّ اللاعب قال "أنا يمني"، وهو ما وجده "مسبار" مضللًا.

ونشرت مواقع إعلامية تصريحًا مزيفًا منسوبًا للاعب بايرن ميونيخ الألماني توماس مولر عن محمود كهربا، عقب فوز نادي بايرن ميونيخ على الأهلي المصري ضمن بطولة كأس العالم للأندية، قال فيه "لقد طلب محمود كهربا تبادل القمصان فوافقت كما أفعل دومًا، وتصورت بقميصه بطلب من مسؤول صفحتنا الناطقة بالعربية، ولم أكن أعلم من هو قبل مباراة الأمس"، وهو ما وجده "مسبار" زائفًا. 

ولم  يرسل نادي كريستال بالاس الإنجليزي عرضًا لضم  اللاعب المصري مصطفى محمد، إذ أظهر تحقق "مسبار" أن كريستال بالاس سيتابع مصطفى محمد، عن طريق إرسال كشافيّ النادي لمشاهدة مباريات غلطة سراي، ولم يقدم له عرضًا رسميًا.

وفنّد "مسبار" ادعاءً حول تقديم نادي المريخ السوداني شكوى للاتحاد الأفريقي ضد لاعب نادي الأهلي المصري، محمود كهربا، إذ نفى أحمد مختار عضو مجلس إدارة نادي المريخ الإشاعة.

وتداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي في شهر فبراير/شباط  الفائت، صورتين ادعت أنهما للشخص نفسه، وهو الحكم الألماني توبياس ستيلر، الذي أدار مباراة فريقي ريال مدريد الإسباني وأتلانتا الإيطالي في دوري أبطال أوروبا، والتي انتهت بفوز الريال. وحسب المنشورات، يظهر الحكم في صورة قديمة له مرتديًا قميص ريال مدريد، في إشارة أنه كان منحازًا للفريق خلال المباراة، وهو ما وجده "مسبار" ادعاءً زائفًا، إذ إنّ إحدى الصورتين مفبركة.

وتناقلت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تصريحًا منسوبًا للاعب كرة القدم الفرنسي، كيليان مبابي، يقول فيه "أريد أن أصير مثل رونالدو لأنه من المستحيل أن أصير مثل ميسي". وعندما تحقق "مسبار" من الخبر وجده انتقائي، إذ تجاهل ناشرو الخبر سياق حديث مبابي الذي قال لجريدة لا غازيتا ديلو سبورت، إنه يسعى للاقتداء بمسيرة رونالدو لأنه من غير الممكن أن يصير مثل ميسي الذي لعب لنادٍ واحد طيلة حياته.

وانتشرت أيضًا صورةً ادعى ناشروها أنها تجمع المدرب ولاعب كرة القدم الفرنسي، زين الدين زيدان بابنه، الذي يشبه اللاعب الفرنسي كريم بنزيما في صغره. وعلّق بعض ناشري الخبر على الصورة بقولهم إنها تفسّر إبقاء زيدان على بنزيما في ريال مدريد، رغم ما يراه بعض مشجعي نادي ريال مدريد من مستويات منخفضة لبنزيما. ولكن تحقق "مسبار" بيّن أنّ الصورة مفبركة ومعدلة عبر أحد برامج تعديل الصور.

والادعاء الذي تناقلته صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن صحيفة عكاظ السعودية، أعلنت أن الخطوط الجوية القطرية، قررت رعاية نادي الاتحاد السعودي، وجده "مسبار" زائفًا.

كما لم يُرشح مدرب المنتخب الألماني خواكيم لوف الجزائر للفوز بكأس العالم 2022، ولم تفصل وزارة التعليم العالي محمد صلاح من المعهد العالي للدراسات المتطورة في الهرم، بسبب غيابه عن الحضور وأداء الامتحانات منذ سنوات، ولم ينجُ لاعب المنتخب الزامبي كالوشا من حادث طائرة عام 1993، بسبب رفضه الالتحاق بالمنتخب بل لأنه كان يلعب حينها في فريق آيندهوفن الهولندي وحجز في رحلة طيران أخرى.

ونفت اليابان مزاعم إلغاء أولمبياد طوكيو المقبل 2021 بسبب فايروس كورونا المستجد. ولم يقدم نادي ريال بيتيس الإسباني عرضًا لضم اللاعب المصري محمد الشناوي.

وادعت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أنّ لاعب كرة القدم البرازيلي السابق بيليه، غير عدد أهدافه على "انستغرام" بعدما تخطّاه ميسي وكريستيانو، وهو ما تحقق منه "مسبار" وتبيّن أنه زائف، إذ لم يغيّر بيليه الرقم المكتوب في سيرته الذاتية على حسابه في "انستغرام" مؤخرًا. كما نفى اللاعب البرازيلي السابق الأمر في تغريدة له على "تويتر".

وما يزال اللاعب الأرجنتيني دييغو مارداونا مادةً للأخبار الكاذبة والإشاعات حتى بعد وفاته، إذ تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، قصة عن كيفية شراء نادي نابولي الإيطالي، الذي يعوزه المال، دييغو مارادونا. إذ قال ناشرو القصة إنّ رئيس النادي طلب دعمًا ماليًا من عمدة المدينة لشراء مارادونا ولكنه تردد في الموافقة، ما دعا الجماهير إلى تشكيل صندوق اكتتاب شعبي نجح في إتمام الصفقة مقابل سبعة ملايين جنيه إسترليني. وهو ما أظهر تحقق "مسبار" أنه زائف. 

كما راجت العديد من الأخبار الزائفة حول اللاعب عقب وفاته جمعها "مسبار" لكم في مدونة بعنوان " أخبار زائفة ومضللة انتشرت عقب وفاة مارادونا".

ولم يكن لاعب كمال الأجسام ممدوح السبيعي بيغ رامي أول عربي يحصد لقب مستر أولمبيا عام 2020، بل سبقه اللبناني سمير بنون عام 1983، وفاز بالبطولة نفسها في الوزن المفتوح.

وتداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة ادعت أنها للمصارع الأميركي الراحل جيمي سنوكا، وهو في مرحلة متقدمة من العمر، وبيّن "مسبار"  أنّ الصورة مضللة، إذ إنّها تعود لشخص يُدعى ألفونسو غونزاليس، وهو أقدم خريج في جامعة جنوب كاليفورنيا والذي حصل على درجة بكالوريوس العلوم في علم الحيوان عام 2016، في عمر 96 سنة.

الدقة قبل السرعة في نقل الخبر

شدّد "شيكس" أيضًا على ضرورة أن يتحرى المراسل أو الصحافي الرياضي الحيادية والدقة على حساب السرعة في نشر الأخبار، واعتمادها من مصادرها الرسمية والموثوقة، أو أن يكون ناقلًا للخبر لا مؤكدًا له؛ حتى يحافظ على مصداقيته ولا يقع في شرك الأخبار الكاذبة. 

وفي مبادرة لمواجهة الأخبار الكاذبة حول ناديهم المفضّل، أنشأ مشجعو نادي مانشستر يونايتد مجموعةً على موقع التواصل الاجتماعي ريديت (Reddit) فيها دليلًا لمدى موثوقية بعض الصحافيين الرياضيين في نقل الأخبار.

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة